خاص/مدريد: صدر العدد الجديد من مجلة ألواح الفكرية الثقافية التي يشرف عليها في العاصمة الإسبانية الكاتبان العراقيان محسن الرملي وعبدالهادي سعدون، وقد تم افتتاح هذا العدد بتوجيه دعوة عامة للمثقفين والأدباء للمشاركة في محور العدد القادم الذي سيخصص لطرائف الأدباء وأدب الفكاهة قائلة:" تدعو ألـواح، كل من يشاء من الأدباء والمثقفين، للمشاركة في ملف العدد القادم الذي سوف يتمحور حول جنس ثقافي تدويني يكاد يختفي من صفحات ثقافتنا العربية المعاصرة بينما هو حي وسائد شفاهة في المقاهي والتجمعات واللقاءات الخاصة والشخصية بين المثقفين.. ألا وهو الجانب غير المدون من/عن شخصيات المبدعين، وتحديداً هنا نشير إلى مواقفهم الطريفة التي تأتي على شكل حدث أو قول أو سلوك أو مزحة أو مقلب متعمد، إضافة إلى النصوص التي تعتمد السخرية والتهكم في طرحها عبر الثيمة أو عبر الصورة الأدبية أحياناً أو من خلال اللغة ذاتها.
علماً بأن الحرص على تدوين هذه الجوانب قد كان سائداً في ثقافتنا الكلاسيكية العربية ويعد ركناً من أركان إرثها الذي عرفناه حتى اليوم، لذا تحفل بها المعاجم والنصوص شعراً ونثراً.. بل وحتى الكتب التي تقصد التوثيق التاريخي أو الثقافي.. بل والعلمي أحياناً.. لذا نعثر على هذه الشذرات مبثوثة في أغلب كتب الجاحظ مثلاً وفي (كتاب الأغاني) وفي كتاب (الحمقى والمغفلين) وغيرها الكثير.. مما كان يصنف أيضاً بالرسائل ومما كان يدونه الكتاب الجادون بمثابة استراحة بين عمل جاد وآخر.. وبفضل هذا النوع من التدوين استطعنا، على سبيل المثال، أن نعرف أكثر مناخات اجتماعية ونفسية لمراحل معينة وطبيعة شخصيات مثل أبو نؤاس والجاحظ وغيرهم.
كلنا شهد أو سمع من غيره ومن ثم تناقل حادثاً أو قولاً أو موقفاً طريفاً لمبدع معروف.. لكننا قلما نفكر بتسجيله إلا ما ندر كأن يكون أحياناً بمناسبة احتفائية أو تأبينية بذكرى معينة أو الإشارة إليه في بعض السير الذاتية.. على الرغم من أننا قد نتفق جميعاً على أهمية معرفة هذا الوجه بشكل أفضل. وليس بخاف على أحد الدور الذي لعبته ومازالت تلعبه أحاديثنا الشخصية ولقاءات المقاهي في التكوين المعرفي والثقافي لكل منا.. بل يتعدى هذا التأثير أحياناً إلى طبيعة تكوين الرأي والموقف والذائقة تجاه فهم نتاج مبدع ما.
ونحن هنا في ألـواح إذ ندعو إلى تدوين ذلك إنما نقوم أيضاً بالتنبيه إلى أهميته كنوع من الحث على استعادته كنوع كتابي يؤسفنا ضموره وتناسيه، فيما نجد له في الثقافات الأخرى صيغ تسجيله وتداوله.. وفيما هو ركن حيوي من أركان إرثنا الثقافي الكلاسيكي كما سبقت الإشارة.
الدعوة بالتأكيد عامة للجميع وحرة في طبيعة الصياغة وتناول الحدث أو الموقف أو القول والاسم.. بل نؤكد على ضرورة الإشارة إلى الأسماء وخاصة المعروفة منها.. وللكاتب أن يدون مواقف شهدها أو عاشها بنفسه أو سمعها من غيره كواقعة حقيقية أو إشاعة أو قرأها، وله بالطبع أن يلجأ إلى اللهجة العامية إذا رأى بأنها أنسب للتعبير في فقرة ما.. ويهمنا كل ما يتعلق بهذا الأمر سواء جاء على شكل شهادة أو على شكل دراسة وبحث أو ترجمة وتعليق وغيرها.. كذلك نرحب بالنصوص الأدبية التي تعتمد السخرية والفكاهة في متنها أو صياغتها.
وألـواح إذ تؤكد على ثراء وجدية أهمية هذه الموضوعة الثقافية والأدبية.. ترى فيها أيضاً، ومن وجه آخر، كنوع من استراحة روحية وذهنية ونفسية، أمر نحن بحاجة إليه بين الحين والآخر ولو بمثابة فسحة صغيرة من الضحك وسط هذا الأسى والحزن الذي يهيمن على وضعنا العربي العام وعلى منتجنا الثقافي والأدبي الذي درج على المأساوي والمبكي والمتجهم إجباراً أو اختياراً بحكم ضغط ومرارة تركيبة مناخنا السائد بجل تفاصيله.. ونعتقد بأنه إذا كان يُنظر إلى هذا النتاج القائم على المبكي كنوع من الضرورة الجادة في المعالجة والمواجهة فإن الفكاهة والسخرية لا تقل فاعلية وجدية عن التجهم في أهداف المعالجة والمواجهة.. بل أنها قد تكون أمضى منها أحياناً وأيسر تسللاً إلى ذهنية وعقلية المتلقي.
ختاماً بقي أن نشير، وكنوع من الاستكمال لمحور العدد القادم، بأننا ندعو، أيضاً، فناني الكاريكاتير لتزويدنا بنماذج من رسومهم التي تتعلق بشؤون الثقافة والمثقفين".
هذا وقد تضمن العدد الجديد 18، باباً للشهادات كتب فيه كل من: كريم عبد عن (مدن وأيام.. وأشياء أخرى كثيرة)، فرناندو آغريدا عن (الحنين لزمن فائق حسين)، اغناطيوس غوتيريث ترجم مقاطع من (رحلة علي باي العباسي إلى المغرب)، سمير طاهر عن مشاهد من طفولته بعنوان ( شرطة وحرامية)، و الشاعر طالب عبدالعزيز عن (الروح والجسد). فيما كتب في أراء أبوالقاسم المشاي عن (أزمة النص بين خضوع الكتابة وغياب القارئ) والدكتورة وجدان الصائغ دراسة مطلولة عن (النافذة وانزياحاتها في شعر عبدالعزيز المقالح)، والدكتور تيسير الناشف عن (الانتماء إلى الحضارة والعيش في ظلها).
أما باب الشعر فقد جاء في قسمين: أحدهما لشعراء شباب عرب وآخر لشعراء شباب من إسبانيا وكولومبيا، وساهم في القسم العربي كل من: محمد المغربي، أحمد الكعبي، فادي سعد، حمد الدوخي، ميلود حميدة، قاسم السنجري، عصام رجب، موفق السواد، سيف محاسنة، خالد المغربي، نجيب مبارك، نضال نجار، عذاب الركابي، أحمد الحلواني، رقية كنعان، عبدالرحيم الخصار، عبدالوهاب الملوح، محمد عبدالجيد، جمال بن عمار، ناجي رحيم.
أما الملف الخاص: 5 شعراء شباب من أسبانيا وكولومبيا، فقد ضم قصائد مترجمة لكل من: بنيتو ردوندو، روبين سانشيث، جون كازانوفا، آندريا كوتي، جوليما ثوليتا.
وفي باب القصص ضم العدد ثمان قصص عراقية جديدة، أغلبها لأسماء جديدة، سبع منها من الداخل تصور جوانب عديدة من الوضع في العراق الآن، والقصص لكل من: حميد المختار، حسين علي عبد، نائل علي، فهد الدوخي، يحيى صديق يحيى، محمد بيدر تجرة، أسامة عطية حسن وعدنان حسين أحمد.
هذا إضافة إلى ثلاث قصص عربية من مصر والمغرب لكل من: محمد عبدالحليم غنيم، وائل وجدي وهشام بن الشاوي.
أما في باب فنون فقد كتب عبداللطيف عدنان دراسة مهمة عن (نجيب محفوظ في السينما المكسيكية)، يليها نص مسرحي جديد لشريف هزاع شريف.
وختمت المجلة عددها بثمان صفحات من الأخبار الثقافية، هذا فيما زينت الغلاف والصفحات الداخلية رسوم وتخطيطات لفنان العدد محسن الرملي. ويمكن الاطلاع على المزيد من التفاصيل عبر موقع ألواح على الانترنيت www.alwah.com