صالح العامر: وأخيرًا وبعد إنتظار دام 46 أسبوعًا، إنتخب العرب بطل الغناء في العالم العربي... حوالي 3 مليون و 700 ألف شخص صوتوا في الحلقة الأخيرة. وعندما سُئل أحد أعضاء لجنة الحكم عن رأيه قال على الهواء مباشرة " هذه هي الديمقراطية ، لقد حان دور الحكام العرب" ..نعم، ديمقراطية! حسناً لنبدأ من حيث خلص ذلك الحكم .. من الديمقراطية .
ما هو تعريف الديمقراطية ؟ الديمقراطية كلمة مشتقّة من الكلمتين اليونانيتين ""Demos والتي تعني الناس أو الشعب و "Kratos" و التي تعني السلطة أو القوة. أي أن الديمقراطية تعني "سلطة الشعب". التعريف الأكاديمي للديمقراطية هو: الديمقراطية هي الحكومة التي يقوم الشعب فيها بتقرير مصيره عن طريق انتخاب أعضاء يمثلونهم ويقومون بتشكيل حكومة و دستور. قد يُطبق هذا النوع من الديمقراطية على أي تجمع، قد يكون جمعية، أو مؤسسة أو دولة. هناك نوعان من الديمقراطية: ديمقراطية مباشرة و ديمقراطية عبر مندوبين يتم إنتخابهم.
الديمقراطية المباشرة هي الديمقراطية التي مارسها اليونان وهي أولى أشكال الديمقراطية. هذا النوع الذي يتم ممارسته مباشرة حيث يشارك الشعب في تقرير مصيره حيث كان يجتمع حوالي 5000 أو 6000 شخص و يقومون بالتصويت على أمور الدولة المختلفة و يمكن تطبيقه في الجمعيات الصغيرة المحدودة الأعضاء. النوع الآخر هو المشهور و المُطبق على نطاق الحكومات حالياً حيث يقوم الشعب أو العامة بإنتخاب مندوبين أو مرشحين لتمثيلهم رسمياً و تشكيل حكومة و وضع الدستور و إدارة دفة البلاد.

كان ذلك التعريف القاموسي للديمقراطية ... تعتبر الولايات المتحدة علماً من أعلام الديمقراطية ،رغم بعض تحفظاتي على ذلك، لذلك سنرى تعريف وزارة الخارجية الأميركية للديمقراطية. أولاً "الحكومة الديمقراطية هي التي تُمارس فيها السلطة و المسؤوليات المدنية بواسطة كل المواطنين بصورة مباشرة أو عبر مندوبين عنهم يتم إنتخابهم بحرية". و ثانياً "الديمقراطية هي مجموعة من المبادئ و الممارسات التي تحمي حرية الإنسان: أي أنها بمعنى آخر مؤسسة الحرية"
وأخيراً، أركان الديمقراطية هي:
* الحكومة تتشكل حسب رغبة المحكومين.
*الأغلبية تحكم (في حال التصويت).
*المحافظة على حقوق الأقلية.
* ضمان حقوق الإنسان.
*إنتخابات حرة و عادلة.
* المساواة أمام القانون.
* حكومة ذات دستور.
* تلتزم التجمعات الديمقراطية بقيم التسامح، و التعاون و التوصل للحلول الوسط.
* تتنوع نظم الحكم الديمقراطية بما يعكس الحياة الاجتماعية والاقتصادية و
السياسية.

هل هذه هي الديمقراطية النموذجية مُطبقة في الولايات المتحدة أم لا؟ هل تُطبق الولايات المتحدة هذه الديمقراطية في الخارج )العراق و خليج غوانتانامو) أم لا؟ هذه أسئلة أخرى لسنا بصدد مناقشتها الآن. حسب تعريف أو تعريفات الديمقراطية السابقة: هل التصويت لإختيار أفضل مغنّ في العالم العربي يُعتبر نوعاً من أنواع الديمقراطية؟؟ طبعاً نعم ... ولكن السؤال هنا: هل هذه الديمقراطية هي ما نحتاجه في الوقت الحالي؟؟ قطعاً لا ... نحن نحتاج إلى ديمقراطية تكون أهم أهدافها الرقي بفكر و عقول هؤلاء الـ 3 مليون و 700 ألف عربي.

حسناً هل بإمكان هؤلاء الناخبين تقرير مصير أمة ؟ أو هل هم على مستوى من النضج و العقلانية كي ينتخبوا من يقرر مصيرهم؟ قبل أن نسعى إلى إقحام الديمقراطية في مجتمعاتنا (و قد أثبتت تجربة العراق الأخيرة الفشل الذريع لهذه الطريقة) يجب علينا أن نعي المفهوم الحقيقي للديمقراطية فالديمقراطية أسلوب حياة قبل أن يكون نوع من أنواع الحكومات. يجب أن تُطبق الديمقراطية على المستوى الشخصي أولاً في المنازل وفي الحوارات والنقاشات. عندما تتحول الديمقراطية إلى عادة يمكننا البدء بالمطالبة بتطبيق الديمقراطية على مستوى أعلى.
لا نستطيع إقحام النموذج الأميركي للديمقراطية أو البريطاني أو الإيطالي أو الإسباني أو الهندي (الذي يُعتبر أكبر ديمقراطية في العالم) ...فالنموذج الأمثل هو الذي ينبع من المجتمع نفسه.