نسرين عزالدين : كما الفتيات كذلك الشبان .. الجميع بات يشبه بعضه البعض . نمط شكلي واحد وُزّع على الجميع فتحولوا إلى وجه واحد ، يتكرر على أجساد مختلفة في تفاصيلها ومتشابهة بشكلها العام . فالفتيات إستسلمن إلى "هوس " تكبير كل شيء وبما أنه وعلى ما يبدو لا مكان للتفنن في التكبير إستنسخت الملامح ووزعت هنا وهناك على وجوه وأجساد أشبه "بأكياس" متحركة من السيليكون . الفرق الوحيد الذي قد تجده بين هذه أو تلك هو شفاه أكثر انتفاخا أو حاجبين مرسومين بلون مختلف . وهكذا فإن الصورة المتعمدة هي كالتالي ، شفاه منتفخة وخدود حقنت حتى برزت فضاعفت " الشدّ " في منطقة الحنك ، والنتيجة إبتسامة دائمة غير مقصودة وإنما لعدم القدرة على "زم " الشفتين .وإضافة إلى هذه السعادة الدائمة تفرض الدهشة نفسها على هذه الوجوه ، فالحواجب تم نزعها وإستبدلت بأخرى مرسومة مع حقن الجبين لتفادي أي تجاعيد مستقبلية . فتباعد الحاجبان وأرغم الجبين على التصلب . حسنا ، سعادة ودهشة ..تعبيران قلما تجدهما في الوقت نفسه .
وإنطلاقًا من الأساس الثابت - أي الدهشة والسعادة - يمكن إضافة تعابير أخرى قد تتنوع وفقا للمناسبات المختلفة . ففي حالة الحزن أو لو تواجدت صاحبته في مأتم ما على سبيل المثال يمكن إضافة الدموع على الوجه المبتسم والمندهش وإنما لا يمكن إضافة تعابير الحزن أو حتى الغضب . وقد تتمكن صاحبة الوجه من إيصال رسالتها عبر نبرة حزينة أو غاضبة وإنما مع وجه مبتسم ومندهش .
وبعيدا عن مأزق " إظهار" المشاعر ، قد تجد نفسك في مأزق من نوع آخر ، فتخلتط الملامح وتلتبس عليك الاسماء .. فيتكررالسؤال " هل أعرف هذه الفتاة ".. لتعود وتستدرك أنك رأيت ما يشبهها منذ دقائق وأنه من المرجح أنك سترى ما يشبهها خلال الدقائق المقبلة .
وخلافا للفتيات " الباربي " يبرز الشاب " الجغل". وصفة الجغل تستدعي نمطا موحدا من تسريحة الشعر والملابس والإكسسوارت وطريقة المشي والنطق . فيتخلى الشاب عن تسريحة شعره التقليدية ليستبدلها بأخرى تتنوع بين الشعر القصير الأشبه بأشواك قصيرة تنتصب من رأسه بعد إضافة كميات هائلة من الجل .. قصة السبايكي ، أو الشعر الطويل الذي قد يتطلب أشهر عديدة من " اللاجغولية" بانتظار الطول المنشود.وما يتعبها بالضرورة من "أناقة" لا غبار عليها ، فوداعا للباس العادي من سروال طبيعي وقميص أو تيشرت ، فالموضة ضرورة قصوى للجغل . من هنا كان الجينز الضيق والتيشرت بلا أكمام مع سلسلة حول الرقبة .. قد ترمزهذه السلسلة إلى أمر ما وقد لا ترمز ،إنما يفضل أن يخترع صاحبها رمز ما لزيادة الغموض المحيط به . إذن وبعد استكمال عناصر الشكل الخارجي تبدأ عملية إعادة تأهيل الشخصية والتدرب على طريقة سير معينة . هذه الطريقة هي عبارة عن نفخ للصدر ، وإبعاد الذراعين قليلا عن الجسد مع نظرة "استهزاء" يوزعها على المتواجدين معه في المكان نفسه . وفي حال تواجد " جغلين " في المكان نفسه ، وقررا الحديث في الوقت عينه فيمكنك وببساطة التركيز على شخص واحد فقط ، اذ أن الجمل والتشبيهات نفسها ستتكرر ناهيك عن نغمة الصوت و"قفلة " الجمل المماثلة . وإن كان التعبير المتدوال " يا جغل ما يهزك ريح" ، فإنه وعلى ما يبدو باتوا يتكاثرون بشكل كبير ما يهدد "عدم هزه بريح" .ففي حال نجح أحدهم في إلقاء سحره على إحداهن، فمن المحتمل أن يلقي أي شبيه له سحره عليها و قد لا تتمكن من تمييزه عن غيره في حال عادت إلى المكان نفسه بغية لقائه " صدفة" كما حدث في المرة الأولى .
وبين فتيات الباربي والشاب الجغل .. معضلة مثيرة للسخرية .فالفتاة نفخت نفسها بغية جذبه ، وهو تحول إلى " جغل" من أجلها . ففي الحالة الأولى وضعت الفتاة معاييرها الجمالية التي وجدها هو منفرة ، وفي الثانية رسخ تقاليده الجغولية التي تجدها معظم الفتيات تافهة وفارغة .
حسنا .. من سيجذب من في هذه الحالة ؟
- آخر تحديث :
التعليقات