اسماعيل روحي من الدار البيضاء: انتشرت في الآونة الأخيرة في الحقل الثقافي المغربي ظاهرة كتاب القصة القصيرة جدا (الأقصوصة) كجنس أدبي يحاول أن يبحث لنفسه عن موقع بين الأجناس الأدبية الأخرى سواء على الصفحات الثقافية للصحف أو في المجلات الأدبية المتخصصة.

ويقول يعض النقاد المغاربة إن كتابة القصة القصيرة جدا كجنس أدبي مستقل لم يعد اختيارا لدى كاتب معين بذاته بل أصبح يشكل ظاهرة إبداعية ملفتة للنظر تستحق التأمل والبحث العميق.
والقصة القصيرة جدا كجنس أدبي تتقاطع مع القصة القصيرة في وحدة الأثر الفني الذي يهدف دائما إلى التعبير عن فكرة أو مجموعة من الأفكار المجنونة في غالب الأحيان التي تؤرق الكاتب عن عالم اليوم. لكنهما تختلفان في الوقت نفسه في تقنية الكتابة عندما تتحول كتابة القصة القصيرة جدا من تقنيات الملء المعتمدة في القصة القصيرة إلى تقنية الإفراغ أو تقطير الكلمات للوصول إلى التعبير عن الأفكار و نحت الحكاية بأقل عدد ممكن من الكلمات.

وتختلف دوافع كتابة القصة القصيرة جدا حسب النقاد وتتوزع بين عوامل موضوعية وأخرى الذاتية. أما الموضوعية فالقصر الشديد للقصة القصيرة جدا يضمن لها الانسياب وسهولة النشر في الصفحات الثقافية للصحف و المجلات ويتجاوز تأفف القراء من القصة القصيرة التي باتت تبدوللبعض طويلة جدا.

أما العوامل الذاتية فهي ربما تعبر عن فشل إبداعي مبكر لدى الكتاب الجدد أو شكلا من التنويع وجنس جديد يستحق عناء المغامرة والتجربة بالنسبة لمحترفي الكتابة. أو ربما حتى نكاية في تهمة القصر التي باتت ملتصقة بالقصة القصيرة.

وانطلاقا من تجارب كثير من كتاب القصة القصيرة جدا داخل نادي القصة القصيرة بالمغرب الذي يشرف عليه القاص والكاتب المغربي أحمد بوزفور من أمثال "سعيد بوكرامي" و"مصطفى الجباري" و"جمال بوطيب" وغيرهم، فكتابات هؤلاء وإبداعاتهم الأدبية أصبحت تتم انطلاقا من رؤية غير محايدة لعالم متقلب وواقع ثقافي مشتت وعجز حقيقي عن التحكم في حركية العالم لأن عالم اليوم حسب هؤلاء لم يعد قابلا للحكي ، والإيهام لم يعد مجديا بل أصبح مقرفا.

فالحكي في مثل هذه الظروف الصعبة أصبح في حاجة إلى تصفية أو بعبارة أصح إلى تنقيته من نفسه.

ولا نعرف حتى الآن ما إذا كانت القصة القصيرة جدا كجنس أدبي موضة أدبية عابرة أم تجربة ستأصل لنفسها داخل الحقل الثقافي المغربي مع تراكم التجارب.

وبالرغم من معارضة عدد من الكتاب المغاربة م لتجربة القصة القصيرة جدا التي يرى فيها البعض "مؤامرة" ومحاولة "لاغتيال" القصة القصيرة فإن هذه الأخيرة تشكل ظاهرة أدبية وفنية تعد باكتشاف مواهب أدبية شابة تملأ الفراغ الذي تعرفه الساحة الثقافية المغربية.