بين ام كلثوم ومنيرة المهدية

رياض ابوعواد من القاهرة : عرض المخرج التونسي مصطفى حسناوي فيلما وثائقيا بعنوان "عندما تغني المرأة" انتجته شركة مصر العالمية بالتعاون مع "يوروميد" التابعة للاتحاد الاوروبي، وهو يظهر نموذجا رائدا لتحرر المرأة من خلال ام كلثوم ومنيرة المهدية. ورد المخرج التونسي على سؤال حول سبب اختياره للمطربتين الراحلتين في فيلمه كنموذج لانطلاقة المراة وتحررها قائلا ان "كل من ام كلثوم ومنيرة المهدية بدأتا من لا شيء، وعبر الغناء والشهرة، تحولتا الى رمزين لتحرر المرأة حتى ان تاثيرهما وصل الى عالم السلطة، ونحن نعرف الان مع مرور الزمن عن علاقة كل منهما بالشخصيات البارزة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا".
والفيلم الذي يعرض ضمن بانورما السينما الاوروبية التي تنظمها شركة مصر العالمية بالتعاون مع جهات رسمية مصرية وفرنسية، لم يكتف بالتركيز على حياة المطربتين عبر تسجيل قديم مصور لمنيرة المهدية وعدد من اللقطات لام كلثوم مع رواية عن حياتها، بل ركز ايضا على الحركة الغنائية في مصر. وركز ايضا على دور الاغنية في الصراع الاجتماعي والسياسي الذي كان قائما في تلك الفترة، مثل الصراع حول قانون يحرم زواج القاصرات، ودور الغناء في دعم او رفض هذه الفكرة مثل اغنية عبد اللطيف البنا الشهيرة "ابوها راضي وانا راضي ومالك ومالنا يا قاضي" التي عارض فيها القانون الجديد.
ويؤكد الحسناوي ان "الحركة الغنائية في العشرينات والثلاثينات كانت تتناول الحياة اليومية للناس بما فيها الحياة الجنسية وكانت اكثر تحررا واكثر قبولا للحياة منها اليوم، واننا نستطيع عبر مقارنة بسيطة بين الماضي والحاضر على صعيد الاغنية، ان نلمس الفرق الكبير في الدور الاجتماعي والسياسي للاغنية". وتابع "استفادت الاغنية في سنوات الماضي من الحرية اذ لم تفرض اية قيود عليها، بما في ذلك الاغاني التي تعرف بالاباحية، ويحضرني هنا اغنية لرتيبة احمد +يخلصني منك+ تعترض فيها على الزواج باثنتين وتطالب بالانفصال مع ترك ابنائها لزوجها".
وكذلك أغنية منيرة المهدية lt;يا بلح زغلولgt; التي كانت تجذب الجمهور كله وتجعله يقف مصفقا لها، وكان لها دور في تاكيد مكانتها كسلطانة للطرب، حتى ان ام كلثوم نفسها غنت اغنية مماثلة، الا ان الشاعر احمد رامي الغاها وقام بتغيير مقدمتها لتنسجم مع الصورة المحافظة التي رآها لام كلثوم". ومن جهته، قال الروائي جمال الغيطاني بعد مشاهدته الفيلم "لا شكك ان الفيلم تطرق في مضمونه الى اكثر من موضوع، وخاصة حرية المراة، اذ بدأ من المحاكم في قضايا الطلاق والعذابات الظاهرة على وجوه النساء".
ولكنه وفي نفس الوقت "ركز على فترة منيرة المهدية عبر اكثر من عصر، خصوصا في العشرينات حين كانت مصر اكثر حرية من الفترات التي حلت في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد وعشرين، الى جانب تسليطه الضوء على +ايقاع التاريخ+، مثل لقطته البارعة اذ ينتقل عبر ام كلثوم من الملكية الى محمد نجيب وزمن عبد الناصر كتعاقب للازمنة".
وابدى اعجابه "بمثابرة الحسناوي للحصول على مادة ارشيفية، خصوصا وانه لا توجد ذاكرة سينمائية وتلفزيونية، فحصوله على شريط لمحمد نجيب بالصورة والصوت هو معجزة لان كثيرين لم يسمعوا صوته، وانا منهم، عند اعلانه انتصار الثورة، بالاضافة الى اقتناص المخرج الحوار النادر بين منيرة المهدية واماني ناشد الذي ركز عليه الفيلم".
واضاف "كل ذلك يعكس الماما واسعا بالمادة التوثيقية المستخدمة والجانب التاريخي للفيلم، الى جانب براعة مركب الفيلم (مونتاج). كما وان النهاية المباغتة والغير متوقعة تعكس تلك البراعة، عندما اقفل في لقطة نادرة للزعيم المصري جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر خلال حضورهما حفلة لام كلثوم".

انقر على ما يهمك:
عالم الأدب
الفن السابع
المسرح
شعر
قص

ملف قصيدة النثر
مكتبة إيلاف