ارنا اليهودية

عزيزتي ارنا : اكتب اليك من رام الله ، مدينة الشتاءات العبقرية ، والليل الهائج، البارحة رايت فلم ابنك جوليانو عن اطفال ارنا، اطفالك يا ارنا ايتها اليهودية العجوز الخارجة عن تعاليم القبيلة المريضة، اطفال مخيم جنين، اطفال الفقر و الحب والغضب، الذين علمتيهم المسرح، والايمان بالفن، من اين تاتيك كل هذه القوة يا ارنا؟ قوة رفض ذاكرتك ورميها في وادي النسيان، واستبدالها بذاكرة اخرى: ذاكرة الانسان، الم الانسان وفرحه وكرامته، الانسان اينما كان هو هدفك يا ارنا، كنت ذات يوم صهيونية وشاركت في طرد بدو فلسطين واشتغلت سائقة لغاندي الصهيوني، و كنت جميلة جدا ، ولكن حلم وروح الانسان فيك كان اقوى من احلام افكارهم الضيقة، فخلعت ذاكرتك ونصائح اجدادك المتوغلة في الحقد والعزلة والمرض وهربت الى الانسان فيك، هربت الى الله،الى الكون الى الحب، وكنت جميلة جدا بشعرك الذهبي المجنون وهو يركض امامك وانت فوق الحصان، هاربة الى ضميرك وروعتك، وكانوا هم يلاحقونك بالشتائم والاحصنة المعاقة و العمياء،
ارنا
ايتها اليهودية العجوز التي علمت اطفال بلادي الفن والحب والرغبة في الحياة، واعطت البشرية كلها دروسا يعرفون من خلالها ان الهوية القومية اذا تعارضت مع هوية الانسان فينا فقدت شرعيتها وانها معرضة للعار والتصدع و للدمار
، ارنا: ايتها الشقراء الجميلة:
التي نزلت عن الحصان ومشت الى قبرها وحيدة وسعيدة،
اهديك كل ما املك اليوم من رغبة شتوية عظيمة في عناق العالم
وتنشق العشب المندهش
والتمرغ في طفولة الريح المبلول
يا ابنة العالم يا حفيدة الريح
اهديك ضحكات الصف الرابع في مدرستي الصغيرة
اهديك
اغنياتهم وكتاباتهم عن الغيوم الهامسة والمعلقة حول اعناقهم
كتعويذة ومشنقة في ان




مايا الفلسطينية

اراك وحيدة دائما تاكلين المنعطفات بقدميك، من انت؟ حين قرات روايتك لاعرف من انت - فالروايات هي اصفى المرايا واجمل الخائنات - احسست انك اسيرة زمن جميل عشتيه وانك تجاهدين لتخرجي الى العالم، الى الكون
وفي لحظة ما عرفت اني مخطيء و احسست انك تعيشين في وطن الكون بالضبط،
وان الكون نفسه يعيش على اطراف لهاثك وانت تمضين وحيدة الى اماكن بعيدة، الى البيت؟ ام الى السؤال؟ ام الى الكتابة؟
وحين قرات انعكاس الانتفاضة عليك وعرفت انه هو ذلك الرائع الميت انعكاسها وهو الانتفاضة نفسها، هاج في راسي سؤال:،
لماذا هو الكون بهذه الطواعية ليرضى بنا ويستسلم حين نسلبه روحه ونلصقها في شخص واحد او مدينة واحدة؟
؟ليذهب سؤال الفن الى الحجيم: لماذاعلى الكاتب ان يحول الخاص الى عام؟
على العالم كله ان يعرف ان االخاص عنده هو عام عندي
اليس هذا ما تؤكده - حبات السكر- وجمال صاحبتها الغامض والصامت وهي تمضي انيقة ومشاغبة الى امكنة لا نراها
مايا
انظري حولك ثمة دهشة بريئة ترقبك من زاوية شارع
لا تبتسمي فقط انظري

بلقيس العراقية

بلقيس يا صديقتي العراقية المنفية في برد العالم، لماذا بكيت حين وصلك مني غصنا زيتونة بالغا الخضرة والرقص، قطفتهما لك من شجرة عجوز خلف سور بيت في رام الله التي تحبك

صديقتي
اخبرتني نيبال انك بكيت طويلا وانت تتفحصين الغصنين باصابعك ، كانك تتحسسين دماء شهداء فلسطين والعراق
فقد قلت لنيبال ان تخبرك ان احد هذين الغصنين هو للسلام في فلسطين وان الاخر للسلام في العراق
سياتي السلام الى بلادك وبلادي يا بلقيس سياتي ذات نهار ناعم، فهيا ننتظره هناك اعلى تلة، انا وانت والله واطفال العالم
فالموت يضجر من مهماته ويرغب هو الاخر في الاستراحة
يا ابنة الناصرية، يا ابنة الشيخ الشاعر،
ايتها المناضلة في منظة التحرير في بيروت: بلغت سلامك لكل الرفاق وقلت لهم: احسان العراقية وهو اسمك هناك تهديكم حنينها وشوقها لفلسطين ولكم وللعراق، علقت قصائدك عن فلسطين والعراق على جدران الصف الثامن وسالت طلابي:: مالذي بين االعراق وفلسطين من تشابه وروابط؟؟ لنكتب نحن عنهم ويكتبون هم عنا؟
بهذه الحرارة بهذا الحب الغريب؟ وهذا االتوتر المشترك،؟
كتب احد الطلاب اجابته على شكل قصة فحواها باختصار : هو طفل ميت بقسوة في مكان ما ، وحوله جنود وانتقاض بيوت وشمس غائبة
وجرافات وطائرات تحوم ونساء يبكين من بالشرفات

وحين سالته : من هذا الطفل؟ واين يعيش؟ في العراق ام في فلسطين؟
اجاب الطالب؟ يعيش في مخيم جنين وفي الفلوجة
في ا لمكانين معا
فهو طفل واحد طفل واحد، يا استاذي.
بلقيس:

ايتها العراقية المنفية هناك في برد العالم
وصل غصن نخلتك العراقية ، اتدرين اين هو الان؟ لقد
الصقته مكان غصني الزيتونة الذين ارسلتهما لك
استغرب سكان رام الله من هذا التداخل العجيب بين شجرة زيتون وبين غصن نخلة
ايهما هو الاصل؟ ايهما البداية؟ لم يعرف الاجابة احد

لكني لم استغرب، ولم يهمني سؤال البداية والاصل
كنت خبيثا ابتسم وارقص وحدي وانتظرك على التلة.

[email protected]
[email protected]