إيلاف تنشر ملخصات لقاءات أف بي آي مع الرئيس في سجنه (1)
صدام: رفاقي في القيادة.. رفضوا التعددية الحزبية!
صدام خلال احدى جلسات محاكمته
زيد بنيامين_ ايلاف: أكد الرئيس العراقي السابق صدام حسين أنه كان من مؤيدي التعددية الحزبية في العراق لكن quot;رفاقه في القيادةquot; منعوه من تحقيق ذلك مرتين، وذلك في عامي 1989 و 2002، جاء ذلك في أول لقاء أجرته الأف بي آي مع الرئيس العراقي بعد إلقاء القبض عليه من خلال جورج بيرو الذي سبق له نشر مذكراته quot;ذي تيرويست وتشquot; ونشرتها صحيفة إيلاف تحت عنوان quot;كنت صديقاً لصدام في المعتقلquot; وحصلت على ردود أفعال واسعة وقت نشرها.
وأضاف صدام حسين في المقابلة الأولى من ضمن جملة من ملخصات المقابلات التي أجريت معه والتي نشرها أرشيف الأمن القومي الأميركي ضمن قانون حرية المعلومات quot;أن الحياة لا تقبل فكرة واحدة، الحياة تقبل إلهاً واحداً فقطquot;. وأشار صدام حسين خلال ملخص المقابلة أن 30 مليون أميركي هم تحت خط الفقر، وهو ما لا يسمح بحصوله للشعب العراقي، مستعرضاً الانجازات التي حققها قبل وخلال رئاسته للعراق والتي دامت بين عامي 1979 و2003.
وبحسب ملخص المقابلة فقد اشار صدام حسين الى اهمية ما سيفكر به جيل المستقبل بعد 500 او 1000 عام من الان، كما تحدث عن الجبهة الوطنية التقدمية، واكد ان quot;الخوف لا يصنع القادة، وان الخوف لا يصنع محبة الشعب للقادة، وان المحبة تأتي عن طريق التواصلquot;. ونظراً لاهمية هذه الوثائق التاريخية تنشرها ايلاف تباعاً وتبدأ اليوم من المقابلة الاولى:
مركز عمليات بغداد
التاريخ 7 فبراير 2004
رقم اللقاء مع صدام حسين: 1
تم اللقاء عبر: جورج ال بيرو، وجرى اللقاء مع صدام حسين (سجين بأهمية عالية رقم 1) بتاريخ 7 فبراير 2004 في مركز احتجاز عسكري في مطار بغداد الدولي في بغداد، العراق، وقد قدم حسين المعلومات التالية.
قال صدام حسين انه خدم الشعب العراقي لفترة طويلة جداً، ويعتبر ان اهم ما حققه هو البرامج الاجتماعية للمواطن العراقي وتطوير المناحي الاقتصادية كافة بضمنها التعليم، نظام العناية الصحية، الصناعة، الزراعة، وبقية المساحات التي اثرتفي حياة العراقيين.
في 1968 كان الشعب العراقي quot;بالكاد يملك شيئاًquot; حيث عانى من قلة الغذاء سواء في القرى او المدن الكبرى، وتم اهمال الاراضي الزراعية، وكانت الطرق الزراعية بدائية، وكان الاقتصاد العراقي يعتمد بالمجمل على انتاج النفط، الذي كان يصدر الى الخارج عبر شركات اجنبية لا تسيطر عليها الحكومة. وبما ان القطر العراقي لم يكن قادراً على انتاج بضائعه بنفسه، فقد اعتمد كلياً على التصدير، وكان نظام الرعاية الصحية بدائياً، ونسبة الوفيات عالية جداً وخصوصاً بين الفقراء.
كما ارتفعت نسبة الوفيات بين الاطفال وتتراوح بين 40 و 50%، معظم الوفيات تحدث خلال الحمل او الولادة، فيما بلغت نسبة الامية حوالي 72%، فيما كان من يوصفون بغير الاميين غير قادرين على الحصول على الخبرة الكافية لصقل مهاراتهم.
الطرق كانت تقريباً غير موجودة في المناطق الزراعية وكانت سيئة في المدن الرئيسة في العراق، فرص التعليم كانت محدودة على المستوى الجامعي، حتى في بغداد، معظم المدن العراقية كانت بلا كليات او جامعات. بصورة عامة كان الاغنياء هم القادرون وحدهم على ايصال ابنائهم الى الجامعات. حسين طور كل هذه القطاعات التي تمت الاشارة اليها، ويعتقد انها اكبر انجازاته وانه quot;خدمquot; الشعب العراقي.
يقول ان نحو 30 مليون شخص يعيشون في فقر في الولايات المتحدة الاميركية، وان الشعب الاميركي لا يعتبر ذلك quot;جريمةquot;، وقال حسين انه لن يقبل ذلك على شعب العراق. حينما سأل من يجري المقابلة صدام حسين عن اخطائه تسأل quot;هل تعتقد انني ساقول لاعدائي ان قمت بعمل خاطئ؟quot;، وقد قال حسين انه لن يقوم بتحديد اخطائه لعدو مثل اميركا، وقال انه لا يعتبر من يجري المقابلة عدواً، وكذلك لا يعتبر الشعب الاميركي عدواً، ولكنه يعتبر ذلك في حالة النظام الحكومي الاميركي.
قال صدام حسين انه ليس من الضروري ما يفكر به الناس عنه الان، بل ما سيفكرون به عنه في المستقبل، بعد 500 او 1000 سنة من الان، الاهم من كل ذلك هو ما يفكر به الله تجاه انسان معين، فإن كان الله مقتنعا بشيء فإنه سيقنع الناس من اجل الايمان به، وان لم يوافق الله عليه، لن يهم ما يفكر به الناس. صدام قال ان الخونة قد ادلوا بمعلومات حول مكانه لاعتقاله، وباعتباري quot;ضيفاًquot; عليه في المكان، وباعتباره عراقياً، كان عليه عدم الاستسلام امام القوات الاميركية، احفاد هذا الخائن سوف يحملونه المسؤولية وسيقولون ذلك لاجيال المستقبل.
في المستقبل، يعتقد صدام حسين انه سوف يعرف بين الاجيال لانصافه وعدله وانه quot;واجه القمعquot;. وما سيعتقده العراقيون عائدا لهم. حسين قال ان العراقيين لن يقارنوا قادة ما قبل ظهور الدين الاسلامي بالقادة الذين ظهروا زمن الدولة الاسلامية.
صدام حسين يعتقد ان العراقيين كانوا قادرين على ممارسة حقوقهم من خلال الحكم الذاتي بحسب الدستور الموقت الصادر عام 1990، وان هذا حصل لان الشعب كان لديه قائد وحكومة تقوده.
يعتقد صدام حسين ان العراق quot;لن يموتquot;، وان العراق امة عظيمة الان كما كان حاله في جميع الاوقات خلال التاريخ. الامم quot;تصعد الى القمةquot; مرة واحدة، العراق هو البلد الوحيد الذي صعد الى القمة مرات عديدة قبل وبعد الاسلام. العراق هو البلد الوحيد الذي نجح في ذلك في تاريخ العالم، وان هذه quot;الهديةquot; قدمت للشعب العراقي من قبل الله، حينما يسقط الشعب العراقي ينهض من جديد، ويعتقد حسين ان الشعب العراقي quot;سيستلم زمام اموره بيدهquot; ليحكم نفسه، وبمشيئة الله سوف يقرر ما هو صحيح. ويأمل حسين ان يتقدم العراق في جميع المجالات سواء المالية او الدينية الخ، وباعتباره محباً للخير والانسانية فأنه يأمل ذلك نفسه للشعب الاميركي.
اورد صدام حسين فقرة من رواية (زبيبة والملك) والذي يقال انه هو من كتبها حيث تقول الفقرة quot;عاشت زبيبة، عاش الشعب، عاش الجيشquot; لكن النواب لا يصيحون quot;عاش الملكquot;. وقد سئل حسين ان كان الشعب العراقي سينسى السقوط ويهتف له حيث رد بالنفي، قال quot;الامر بيد اللهquot;، مؤكداً ان الملك ليس الموضوع الاساسي للكتاب، بل الشعب. قال ان الله يأتي في المرتبة الاولى، ثم الشعب، مضيفاً ان السيد المسيح كان يعتبر quot;من الشعبquot; كما هو حال مريم العذراء، وقد عاش المسيح بين الناس.
ان تكون على ايمان هو افضل شيء في الحياة، اما ان تكون خائناً فهو الاسوأ في الحياة. قال حسين quot;الله اراد ان يخبرنا كي لا نتفاجأ حينما يكون من بين الناس خونة لكquot;، وقد انهى حسين هذا الجزء من النقاش بالقول quot;السجين لا يمكن له ان يفعل اي شيء من اجل الشعبquot;، وقال انه ما يزال يؤمن بالله وكرر قوله ان quot;الامر بيد اللهquot;.
قال صدام حسين ان الجبهة الوطنية التقدمية وهي حزب سياسي، وجدت في المرة الاولى باعتبارها الجبهة الوطنية في الفترة بين 1970 و 1974 وقد تضمنت الجبهة الحزب الديمقراطي الكردستاني، الحزب الشيوعي، وحزب البعث، وكانت هذه الاحزاب تمثل مختلف توجهات العراقيين السياسية كما يحدث في بقية دول العالم، بعض المجموعات وبضمنهم الاكراد لم يؤمنوا بالاشتراكية على الخط الذي انتهجه حزب البعث. في عام 1991 لم تستطع الجبهة الوطنية التقدمية ان تثبت تواجدها بسبب الاخفاق في تمرير الدستور بسبب حرب الخليج الاولى.
حسين اعتبر ان اي شخص كان مخلصاً للعراق وللشعب كان جزءًا من حزب البعث، وان البعث يتحمل وزر النجاحات والاخطاء. في عام 1989 و مرة اخرى في 2002، حاول حسين دون ان ينجح في اقناع رفاقه حول حاجة العراق للتعددية الحزبية، وبرأي حسين فأن حزباً واحداً لم يكن جيداً للعراق، ويقول quot;ان الحياة لا تقبل فكرة واحدة، الحياة تقبل الهاً واحداً فقطquot;.
وواصل صدام حسين قوله ان النظام المشابه للنظام الاميركي حيث الاحزاب المتعددة سيسبب quot;هياجاً شديداًquot; للشعب العراقي، وان عليهم قبوله، واضاف صدام quot;كنت اتمنى ان يكون هناك احزاب اخرى غير البعثquot;. يقول صدام ان الاختلاف بين افراد العائلة الواحدة الى الشعب حول الحكومة امر جيد، وقد انهى صدام حسين هذا الجزء من النقاش quot;في الوقت الحالي فإن الاحزاب الوحيدة الموجودة على الساحة العراقية هي التي تحمل السلاحquot;.
قام صدام حسين بالاستشهاد بمقطع اخر من (الزبيبة والملك) والتي تقول quot;انا قائد عظيم، عليكم اطاعتي، وليس ذلك فقط، عليكم ان تحبوني ايضاًquot;.. وتم سؤال صدام حسين ان كان القائد يتلقى امتنان شعبه نظير انجازات ذلك القائد او من خلال اخافة شعبه، رد صدام ان الخوف لا يصنع القادة، وان الخوف لا يصنع محبة الشعب للقادة، وان المحبة تأتي عن طريق التواصل. مؤلف الكتاب يقارن الملك للملوك السابقين، ولم يحاول تشجيع او الدفاع عن فكرة الملكية للشعب كما قام المؤلف في (الزبيبة والملك) وبالتالي مات الملك وعاشت زبيبة باعتبارها رمزاً للشعب.
يعتقد صدام حسين ان الشعب سيحبه اكثر حينما يموت اكثر مما يحبه الان، الشعب يقاوم احتلال العراق الان وسابقاً، تحت شعارات رفعها صدام حسين، اما الان فأن صدام حسين ليس في السلطة، وهو في السجن.
يقول صدام حسين ان الشعب يحب شخصاً معيناً نظير الانجازات التي قام بها، وخلال رئاسته للعراق وقبلها ، حقق الكثير للعراق، حيث وقع اتفاقية سلام مع البرازني (الاكراد) في الشمال عام 1970، كما امم حسين النفط في 1972، وقد دعم الحرب على اسرائيل مع سوريا ومصر في 1973، وقد نجح العراق في الخروج من حرب دامت ثماني سنوات مع ايران بين 1980 و 1988 وكذلك حرب الخليج الاولى التي جاءت بعد فترة قصيرة من حرب ايران، والعراق عاش خلال 13 الى 14 سنة من الحصار، وسأل صدام حسين ان كان الحصار مازال قائماً واجبته بالنفي، ورغم كل الصعوبات التي مر بها العراق فقد صوت له العراقيون بنسبة 100% في اخر انتخابات جرت، وبرأي حسين فأن الشعب العراقي مازال يدعم قائده.
التعليقات