محمد العوفي من الرياض:لم تقتصر الأضرار المترتبة على الغزو العراقي لدولة الكويت في أغسطس 1992 على الآثار النفسية والمعنوية والاجتماعية على الكويتيين بل امتداد إلى الأوضاع الاقتصادية والبيئة النفطية وموارد البلاد بمختلف أنواعها ومصادرها. فقد قدرت الأمم المتحدة أضرار الغزو العراقي للكويت، بما يفوق 23 مليار دولار أمريكي، وأشارت إلى تقرير صادر عنها أن مرافق الكهرباء، والاتصالات الهاتفية، والنقل العام، قد خُربت. كما أن مباني الحكومة والمؤسسات العامة، قد دُمرت إلى حدٍّ كبير. والسجلات الرسمية، والأجهزة، قد نُهبت. واستخلص التقرير عدة نتائج، في مقدمتها، أن البنية التحتية، قد أصبحت غير صالحة. أما في قطاع النفط، فإن المؤسسات وحقول الإنتاج، قد دُمرت إلى حدٍّ لا يوصف ، وأن الدمار كان مقصوداً، ولم يكن نتاج المعارك الحربية. إذ دُمرت خمس محطات لإنتاج الكهرباء، وأُعطبت اثنتان أخريان. كما أن ثلاثاً من كل أربع مقطرات للمياه، أصابها التدمير والتخريب. وأمست الطرق غير صالحة، بسبب تحركات الآليات المدرعة والدبابات عليها. كذلك، نُهب أو دُمر 50% من مركبات ومعدات النقل والخدمات. وتشير بعض المصادر الاقتصادية الرسمية وغير الرسمية أن الكويت استخدم ما يقارب 50 مليار دولار لمواجهة تبعات الغزو العراقي وهذا المبلغ يفوق أكثر 50 في المئة من الأموال الكويتية الموظفة في الخارج


ملخص خسائر قطاع النفط
فقد ذكر التقرير متخصص حول (الإضرار النفطية المرتبة على الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت أن هناك أضرارا متعددة لحقت بالنفط أولها الإضرار في حقول شركة نفط الكويت حيث قام النظام العراقي بإشعال النيران في 696 بئرا وتدمير رؤوس 54 بئرا في حقول الشركة مما أدى تحويلها إلى آبار نازفة وقدرت كميات النفط المتسربة بحوالي 23 مليون برميل.وبين التقرير إن ثمانية مراكز تجميع تعرضت للتدمير التام وأما مراكز التجميع الأخرى البالغ عددها 18 مركزا فقد تعرض بعضها لتدمير كامل في مرافقها والبعض الآخر لتدمير جزئي، مشيراً إلى أن مرافق التخزين والنقل والشحن أن مرافق تخزين النفط الخام تعرضت إلى إصابة الحظائر بإضرار بالغة حيث دمر 21 خزانا بلغت طاقتها الإجمالية حوالي سبعة ملايين برميل. وكانت قبل 2 أغسطس 1990 حظيرتين لتخزين النفط الخام تعملان بطاقة إجمالية تبلغ 15 مليون برميل وتعرضتا لاحقا بإضرار بالغة وقال التقرير أن خطوط بعض مرافق النقل تعرضت إلى إضرار مختلفة من جراء العدوان وجرى إصلاحها وترميمها خلال مرحلة إعادة أعمار مرافق ومنشات النفط بعد التحرير.وذكر التقرير أن مرافق الشحن والتصدير لم تسلم أيضا فقد تسبب العدوان في دمار الجزيرة الاصطناعية لشحن النفط التي كانت تقع على مسافة عشرة أميال من الشاطئ بميناء الأحمدي.


وعن الأضرار والخسائر التي لحقت بشركة صناعات الكيماويات البترولية بين التقرير أن مرافقها تعرضت للسرقة والنهب بالرغم من عدم تأثر وحدات الشركة الإنتاجية بشكل مباشر من جراء العدوان حيث تم نهب وسرقة ما يعادل 80 في المئة من قطع الغيار والمواد المختلفة مثل المواد الكيماوية والعوامل الحفازة والمعدات المتحركة والثابتة وأجهزة القياس والمعدات والأدوات المختبرية ومعدات وأدوات الأمن والسلامة وغيرها.
وعن الآثار المترتبة على الغزو العراقي الخاصة بالكارثة البيئية أفاد التقرير انه تم إحراق وتدمير أكثر من 700 بئر من آبار النفط مما أدى إلى تسرب النفط وتكون بحيرات يقدر عددها بحوالي 300 بحيرة وهي ذات مساحات وأعماق متفاوتة نسبيا تبعا لتضاريس الأرض وتقدر مساحتها بحوالي 50 كيلومترا مربعا.


وأوضح التقرير أن هذه البحيرات تحوى أكثر من 23 مليون برميل من النفط إضافة إلى الأضرار البيئية، الناجمة عن تلوث الهواء، وحجب أشعة الشمس، وتكوين بحيرات نفطية، تفسد التربة، وإفساد البيئة البحرية، بتسرب كميات كبيرة من النفط في مياه البحر. وكذلك، تدمير الجزيرة الصناعية برّمتها، والرصيفين، الشمالي والجنوبي، لميناء الأحمدي، والرصيف الجنوبي لميناء عبدالله. كما دُمرت خطوط الأنابيب، التي تربط رؤوس الآبار بمحطات التجميع والخزانات وموانئ التصدير ومحطات التكرير. إضافة إلى إصابة المصافي ومحطات التكرير وتعطيلها.


خسائر قطاع الصناعات التحويلية
تعرضت الصناعات التحويلية لأكثر من 50% من عمليات التخريب والنهب. وتجاوزت خسائرها عدة مليارات من الدولارات الأمريكية. وهو ما أدى إلى فقدان أصحابها دخولهم المباشرة، إضافة إلى فقدانها أسواقها، داخل الكويت وخارجها. خسائر قطاع العِمارة بلغ عدد سكان الكويت، في منتصف عام 1990، مليونَين ومائتي ألف نسمة من بينهم 73% غير كويتيين. وتمثل هذه النسبة قوة شرائية كبيرة، وتشكل فئة المستأجرين الأساسية في البلاد. وبعد الغزو، انخفض عدد الوافدين إلى الكويت، وتراجع نشاط القطاع العقاري، وكذلك قطاع الإنشاءات.


خسائر قطاع التجارة
كان قطاع التجارة مصدر دخل رئيسياً لعدد كبير من العائلات الكويتية. ونتيجة للاحتلال، نُهبت مخازن التجار، من المواد والسلع والبضائع المستوردة، والمخصصة للبيع في دولة الكويت. وانعكس تراجع قطاع التجارة، على قطاعات أخرى، مثل القطاع المصرفي، الذي يعتمد على اعتمادات التجار لتمويل الاستيراد.


الموازنة العامة
خلال السنة المالية 1991/1992، أي بعد الحرب مباشرة، سجلت الميزانية الكويتية عجزاً، قدره 5.3 مليارات دينار كويتي (17.7 مليار دولار أمريكي). وبعد أن استطاعت الكويت تحسين قدرتها الإنتاجية، في قطاع النفط، تمكنت، في السنة المالية التالية، أن تخفض العجز إلى 1.8 مليار دينار (6 مليارات دولار أميركي). ومما لا شك فيه، أن العجز، في السنة الأولى بعد التحرير، قد نتج من الأعمال غير الاعتيادية، التي خصص لها مبالغ، ضمن الإنفاق العام، والتي تتعلق بنفقات التحرير، فضلاً عن إعادة بناء بعض المنشآت الأساسية، وإعادة بناء القوات المسلحة. أضف إلى ذلك، انخفاض الإيرادات النفطية، والاستثمارات الخارجية. كما اضطرت دولة الكويت إلى الاستدانة من الأسواق المالية العالمية، فاقترضت 5 مليارات دولار، لمدة 5 سنوات. زد التعويضات، التي دفعتها الحكومة إلى المواطنين، الناجمة عن القروض من المصارف التجارية وشركة التسهيلات التجارية وبيت التمويل الكويتي.


المؤشرات الاقتصادية لدولة الكويت
- إنتاج النفط توقف منذ أغسطس 1990، حتى نهاية أغسطس 1991؛ إذ بدأ الإنتاج النفطي مرة ثانية، بداية محدودة، في سبتمبر 1991، وبلغ 460 ألف برميل/يوم. ثم تزايد تزايداً تدريجياً، بين عامَي 1992 و1995، ليصبح، على التوالي، 1060، ثم 1690، ثم 1870، ثم 2043 ألف برميل/يوم.
-تإجمالي الناتج المحلي، تأثر بازدياد إنتاج النفط وتصديره، فارتفعت عائداته، عام 1992، إلى 18.82 مليار دولار، بدلاً من 10.81 مليارات، عام 1991. وازداد ارتفاعاً، عام 1993، فبلغت 23.65 مليار دولار، فإلى 24.24 مليار دولار، عام 1994.
- عجز الميزانية، استمر، خلال الأزمة، ووصل عام 1991، إلى 18.89 مليار دولار. ثم بدأ يتناقص، فانخفض، عام 1992، إلى 6.2 مليارات دولار، ثم 5.78 مليارات دولار عام 1993، حتى قارب 540 مليون دولار، عام 1995.