|
quot;ايلافquot; من لندن: كشف مصدر عراقي مطلع عن أن اجتماعا بين الجنرال قاسم سليماني، مسؤول فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، والرئيس جلال طالباني في مدينة السليمانية العراقية الشمالية كان وراء معارضة الرئاسة العراقية لدعوة رئيس الوزراء نوري المالكي تشكيل محكمة دولية ضد سوريا على خلفية ما قال انه دعم تقدمه لبعثيين عراقيين مقيمين على اراضيها كانوا وراء تفجيرات الاربعاء الدامي في بغداد التي قتلت واصابت حوالى 1300 عراقي في التاسع عشر من الشهر الماضي.
وابلغ المصدر quot;ايلافquot; اليوم ان سليماني وهو المسؤول عن الملف العراقي ايرانيا قام مطلع الاسبوع الماضي بزيارة سرية الى مدينة السليمانية الشمالية مقر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني، حيث عقد اجتماعا مع الرئيس العراقي مارس خلاله ضغوطا من اجل الوقوف بوجه مطالب المالكي ومجلس وزرائه بتشكيل المحكمة الدولية ضد سوريا حليفة ايران. كما طلب منه نقل رسالة الى قيادة المجلس الاعلى الاسلامي، بزعامة عمار الحكيم، بضرورة العمل مع القوى السياسية الاخرى الحليفة لتهدئة الازمة مع سوريا والكف عن المطالبة بإنشاء المحكمة.
واشار الى ان طالباني دعا اثر ذلك نائبيه طارق الهاشمي (جبهة التوافق السنية)، وعادل عبد المهدي (المجلس الاعلى الشيعي) الى اجتماع طارئ في منتجع دوكان في محافظة السليمانية حيث اطلعهما على تفاصيل اجتماعه مع سليماني، وابلغهما بتفاصيل الطلب الايراني بضرورة التوقف عن المطالبة بإنشاء المحكمة ضد سوريا ووقف الاتهامات الرسمية الموجهة لها بدعم الارهاب في العراق.
واضاف المصدر ان استياء شعبيا واسعا يسود الشارع العراقي حاليا من الانقسام الذي تشهده مواقف رئاستي الجمهورية والحكومة العراقيتين وبشكل اهتزت معه صورة الوضع السياسي في العراق، خاصة مع تواصل التفجيرات التي تشهدها المدن العراقية والاستعدادات الجارية للانتخابات النيابية العامة منتصف كانون الثاني/يناير المقبل. وقال ان الشارع العراقي يعتقد ايضا ان الموقف الايراني هذا يأتي للضغط على المالكي واضعاف مواقف حكومته من اجل دفعه الى الانضمام الى تشكيلة الائتلاف الشيعي الجديد حليف ايران الذي اعلن مؤخرا والذي يمتنع المالكي عن الانضمام اليه لحد الان ويروج مقربون منه انه سيخوض الانتخابات المقبلة بقائمة منفصلة عن الائتلاف.
واوضح المصدر ان الاوساط السياسية العراقية تطرح تساؤلات اسباب عدم تنفيذ اتفاقات سياسية عليا سابقة تقضي بأن يتخذ المجلس التنفيذي العراقي وهو مايطلق عليه 3+ 1 اي مجلس الرئاسة زائدا رئيس الحكومة القرارات المصيرية والحساسة التي تهم البلاد في اشارة الى قرار طلب تشكيل المحكمة الدولية الذي كان مفترضا ان يتخذه هذا المجلس. وقال ان الشارع العراقي مستغرب من موقف الرئاسة العراقية المفاجئ بعد التزامه الصمت على طلب المحكمة طوال اسبوعين أعقبا التفجيرات الدامية التي ضربت بغداد وأدّت الى مصرع حوالى مائة عراقي واصابة الف و200 اخرين.
واضاف ان معلومات تروج لها الاوساط الحكومية عن علاقة بين منفذي التفجيرات من البعثيين، واوساط تشارك في العملية السياسية الجارية في البلاد مؤكدة ان المالكي ماض بدعوته لتشكيل المحكمة الدولية وان كان موقف الرئاسة قد أثر فيها سلبا.
وكان مجلس الرئاسة العراقي قد دعا عقب اجتماعه في دوكان في السابع من الشهر الحالي إلى quot;تطويق الموقف مع الجارة سوريا والتعاون بين البلدين لحل المشاكل العالقة عن طريق الحوار والقنوات السياسية و الدبلوماسيةquot; مشددا على ضرورة العمل لما فيه مصلحة الدولتين ومنع quot;العناصر المعاديةquot; من استغلال أي ظرف للعمل ضد البلد الآخر.
وقال المجلس في بيان صحافي إن quot;الدعوة لاعتبار العمليات الإرهابية جرائم ضد الإنسانية وتشكيل محكمة دولية لهذا الغرض لا تقصد به سوريا بل ملف الإرهابquot;، مشيرا إلى أنه قرر كتابة رسالة إلى رئيس الوزراء نوري المالكي تتضمن موقف المجلس الذي يصر على أهمية استشارته وأخذ موافقته في القضايا الرئيسة والأساسية.
وعلى الفور وجه حزب الدعوة الاسلامية الذي يتزعمه المالكي انتقادات لاذعة إلى مجلس الرئاسة العراقي، ووصف كمال الساعدي القيادي في الحزب في تصريح صحافي موقف الرئاسة بأنه quot;فضيحة سياسيةquot;، وقال quot;كان الأجدر بأعضاء هيئة الرئاسة أن يبحثوا موضوع الأزمة مع دمشق في اطار جلسة خاصة مع رئيس الحكومة وألا يلجأوا إلى إلقاء اللوم عليه علناً من خلال رسالة نشرت عبر وسائل الإعلامquot; معتبرا أن ذلك quot;لا يفسر سوى أنه يأتي من أجل إضعاف موقف حكومة رئيس الوزراءquot; المالكي.
واشار الساعدي الى ان quot;الموقف الرئاسي هذا يعبر عن فضيحة سياسية ويكشف عن حدة الأزمة الداخلية في المشهد السياسي العراقي التي تحركها مصالح حزبية وانتخابية لدى البعض من القوى السياسية المحسوبة على هذا المشهد، وليس المصلحة الوطنية التي تقتضي المطالبة بحقوق الضحايا العراقيين الذين ذبحوا في تفجيرات بغداد الشهر الماضيquot;.
وقد شهدت القاهرة خلال الايام الثلاثة الاخيرة اجتماعا رباعيا بين وزراء خارجية العراق هوشيار زيباري، وسوريا وليد المعلم، وتركيا احمد داود اوغلو، والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى اعلن اثره المعلم عن اتفاق عراقي سوري يقضي باعادة السفيرين العراقي والسوري الى العاصمتين بغداد ودمشق ووقف الحملات الاعلامية بين الجانبين.
من ناحيته أكد زيباري أنه تم الاتفاق على خطوات دبلوماسية لمعالجة الازمة مع سوريا خلال الاجتماع الرباعي، وقال إنه تم الاتفاق على خطوات دبلوماسية وفنية وطلبنا معالجة جذرية للمشكلات التي تعوق تطور العلاقات بين العراق وسوريا.
وتبادل البلدان سحب السفراء الشهر الماضي بعد أن اتهمت بغداد دمشق بتوفير المأوى لبعثيين يتهمهم العراق بالمسؤولية عن سلسلة تفجيرات في الاراضي العراقية. وأثارت التفجيرات خلافا دبلوماسيا بين الجارين اللذين كانا قد بدآ في الاونة الاخيرة فقط في تحسين علاقاتهما المتوترة منذ الايام الاولى لحكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وطالب العراق سوريا بتسليم اثنين يتهمهما بتدبير التفجيرات وهو ما رفضته دمشق.
كما طلب المالكي رسميا من مجلس الامن الدولي اجراء تحقيق في التفجيرات، في حين قال الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ إن خيار المحكمة الدولية يظل ساريا الى أن يرى العراق ارادة سورية واضحة للتعاون وحينئذ سيطالب العراق بوقف قضية المحكمة الدولية، في اشارة الى طلب التحقيق الذي يأمل البعض أن يؤدي الى اجراء محاكمة خاصة لمقاضاة مسؤولين سوريين بتهمة توفير المأوى للمتشددين.
ووصف الرئيس السوري بشار الاسد الاتهامات العراقية بأنها quot;غير اخلاقيةquot; وطالب بغداد بتقديم دليل يدعم هذه الاتهامات، لكن المالكي رد قائلا ان أدلة كثيرة أرسلت بالفعل الى المسؤولين السوريين.
التعليقات