كركوك محافظة عراقيه تقع الى الشمال الشرقي من العاصمة بغداد وتبعد عنها بحوالي 250 كيلوا مترا يحدها من الجنوب سلسلة جبال حمرين ومن جنوبها الغربي نهر ديالى ومن الغرب نهر الزاب ومن الشمال سلسلة جبال زاكروس وتعداد نفوسها يتراوح بين النصف مليون الى 750 الف نسمة وهذا التخمين أو التعداد نظم قبل توافد مئات الالاف من المستوطنين الذين تم جلبهم من قبل الميليشيات الكرديه وهم أي المستوطنون هؤلاء وحسب معلومات موثقة أستقيناها من قبل بعض أخواننا الاكراد هم خليط من الاكراد الايرانيين والسوريين والاتراك مع بعض من أكراد شمال العراق منحوا أوراقا ثبوتيه غير قانونيه وتم توطينهم في المقرات الحكوميه والملاعب الرياضيه وفي بيوت بعض الذين هجروا من العرب والتركمان،استباقا لتطبيق الماده 140 من ما يسمى بالدستور والتي تنص على أجراء أستفتاء على المدينه لغرض ضمها الى ما يسمى بأقليم كردستان، هذا الكيان الجديد والذي لا يعترف به غالبية أبناء شعبنا الكردي الذين يعتزون بعراقيتهم لكنهم يخشون البوح بذلك خوفا من الانتقام منهم.

أن ملامح طبيعة هذه المدينة وجمالها وتنوع سكانها وموقعها يشابه الى حد كبير تنوع بغداد العرقي وموقعها الستراتيجي، والامثلة على ذلك واضحة منها على سبيل المثال مرور نهر صغير يسمى نهر الخاصة يشطرها الى نصفين كما هو حال دجلة الذي يمر في بغداد ويقسمها الى كرخ ورصافة، وكركوك تشبه بغداد أيضا من حيث التنوع السكاني الموجود في كلا المدينتين الى حد ما فكلاهما يمثل بحق عراق مصغرا،أضافة الى مرور نهر أخر هو نهر الزاب وهو أحد روافد نهر دجلة المهمة، ويبعد مسافة تقدر بحوالي الخمسين كيلوا مترا من مركزها مما يجعل منها مدينة زراعيه أيضا،وقد تمتعت كركوك وعلى مر كثير من الازمان بتجانس نسيجها الاجتماعي وهم خليط من العرب والتركمان والاكراد والاشوريين ولم تشهد أي نزاع أو توتر عرقي على مدى عقود من الزمن لكنها تأريخيا ونظرا لموقعها الجغرافي فقد شهدت هذه المدينه نزاعات داميه بين الحضارتين الاشورية والبابلية، وفي أوقات متأخره كانت مكانا لمعارك بين الصفويين والعثمانيين.


أزدادت أهمية كركوك وخاصة في بدايات القرن المنصرم عندما تم أكتشاف النفط فيها وبكميات خياليه هذه السلعة الستراتيجية والتي جعلت من هذه المدينة محط أنظار الطامعين والغزاة، فهي تحوي حقول عملاقة ذات نار أزلية دلالة على وجود هذا المعدن النفيس وبكميات كبيره جدا مما جعل أنتاج هذه الحقول يقدر بنصف مليون برميل قابلة للزيادة الى مليون برميل اذا ما توفرت الظروف السياسية والاقتصاديه الملائمة لذلك، هذا كله أدى الى توفر فرص عمل كثيرة في هذه المدينة مما جعلها قبلة لكثير من العراقيين الباحثين عن عمل وخاصه الاكراد الذين يعيشون في محافظات السليمانيه وأربيل والتي كانت فرص العمل في تلك المحافظتين شبه معدومة في بدايات القرن المنصرم،أدى ذلك الى نزوح كثيف منهما بأتجاه كركوك للعمل، مما جعل العراقيين الاكراد يشكلون كثافة لا باس بها أستغلتها فيما بعد الاحزاب الكرديه المناهضة للحكومات العراقيه على مر عصور وأضافت بند جديد الى بنود مطالبهم وهي كركوك، هذه المطالبه الجديدة نبهت الحكومات العراقيه السابقة الى خطر الزحف المبرمج والنزوح الكبير حتى ولو كان تلقائيا أو مسيسا الى التفكير كثيرا في الحد من هذه الظاهرة وأعادة العوائل النازحة الى محل سكناها القديم، رافقه جلب عوائل أخرى ومن مختلف مناطق العراق الى كركوك للحفاظ على عراقية هذه المدينه وتحقيق التوازن الذي أختل كثيرا نتيجة للهجرات التي حدثت من شمال العراق الى كركوك (وهو المصطلح الذين يطلقون عليه بالتعريب).


أما اليوم فتتعرض كركوك الى محاولات لسلبها جمالها ولتدمير نسيجها الجميل ولاختطافها من هدوءها وتسامحها وجمعها لكل قوميات العراق ومذاهبه، وجعلها غير متسامحة، عنصريه تكره أبناء العراق الاخرين وتفرق بينهم، ذات عرق واحد لا تؤمن بالتنوع الذي هو صفة الخلق، وهذا لا نسميه تكريد وأنما من يقوم بهذه الاعمال هم فئة ضالة فرضت على الاكراد وزورت تأريخهم الناصع وهو تاريخ ومجد صلاح الدين الايوبي الكردي في قيادته الامة كلها نحو الفتح المبين.

ولا يخفى على أحد المحاولات المستميته واليائسه التي يبذلها قادة الميليشيات الكرديه في سبيل السيطره على محافظة كركوك العراقيه أكمالا لمشروعهم في أقتطاع أكثر من ثلث مساحة العراق تمهيدا لانفصال مريض، ظنا منهم بأن كركوك سوف توفر لهم مقومات دولة ذات مردود وعائد مادي كبير، متجاهلين كل دعوات الحوار الخيرة التي يطلقها البعض من أصحاب الضمائر الحيه والذين يرون في كركوك حلين لا ثالث لهما أما عراقا مصغرا منصهرا في بوتقة الوطنيه متساميا على كل المسميات وعلى الجراحات وأحداث التاريخ متطلعا الى مستقبل مشرق مزدهر،وأما عراقا متناحرا تسيل فيه الدماء أنهارا ولا يرى أطفاله أي وميض ضوء في عتمة ليل مظلمة حالكة السواد، وعند ذاك لن يستفيد أحد من الثروة التي تحويها ارض تلك المحافظة الوادعة الساكنه لانها ببساطه سوف تكون هذه الثروة هدفا للفئة التي تشعر بأنها قد ظلمت أو همشت. نقول لهم بأن الاحتلال زائل ولا يستطيع أي سياسي أن يتصرف بحاضر العراق ومستقبله أو أن يفرط بأي جزء من ارض العراق فهذا أرث شعب وتاريخ أمة، فالعراق ليس لطائفة ما أو لحزب معين تعقدون معه أتفاقا للابتزاز في ظرف ما، العراق لجميع العراقيين عربا وأكرادا وتركمان وأقليات متأخيه، وسوف يكون كل العراق كركوك أن مسها أي ضرر لا سامح الله.

حيدر مفتن جارالله الساعدي
[email protected]