قد يبدو أن هناك فارق فى الموضوع بين الرسوم المسية التى أعيد نشرها فى 18 صحيفة دانماركية وبين ما قالته الدكتورة وفاء سلطان فى حلقة الإتجاه المعاكس نقدا فى التعاليم الإسلامية أيا كان مصدرها. ولكن فى الحقيقة والواقع أن نشر الرسوم وإعادة نشرها وماقالته الدكتورة وفاء سلطان أبعد من ذلك، ولكن يتماشى مع ذات الخط، ما سبق وأعلنه بابا روما من أن الإسلام إنتشر بحد السيف وأن جيده ليس جديد وجديده ليس جيدا...بل أن ما يمكن تتبع آثاره سابقا من مدونات على الإنترنت ومناقشات تقترب من جد السباب بما فى ذلك ما دونه عامر كريم فى مدونته والتى تسببت فى حبسه لأربع سنوات لازال يقضيها فى محبسه... كل ذلك يجرى ويصب فى ذات الهدف والذى كنا قد فصلناه سابقا فى مقال تفضلت إيلاف بنشره فى 23 أكتوبر 2006 تحت عنوان quot;ترويض الوحش..quot;*.

ذكرنا فى ذلك المقال أن جموع المسلمين يتعرضون لعملية ترويض جماعية خصوصا من بعد الهجمات التى أظهرت وجها شرسا لبعض التفسيرات الإسلامية فى عمليات سبتمبر وتفجيرات مدريد وبالى ولندن والعراق.. قولنا أن غرض عملية الترويض تلك هو توجيه من لم يزل يؤمن بالقتل والسحل والقطع والإرهاب من المسلمين إلى تبنى قم الإنسانية والحداثة من إلى حرية الإختيار والتعبير وإحترام حقوق الإنسان بغض النظر عن لونه ودينه وجنسه... وقلنا أيضا أن الإستثارة الجارية بين وقت والآخر هى خطوات معروفة فى علم الترويض، بالإضافة طبعا لنظرية العصا والجزرة...

وقلنا أيضا أن ردة الفعل الحادة التى حدثت لدى نشر حديث بابا روما ونشر الرسوم الدانماركية، قلنا أن ردة الفعل تلك ستآكل حتى لو تكررت ذات الإنتقادات أو زيد منها.. ولست فى واقع التأكيد على صحة ذلك الإستشراق، فهاهى الدانمارك بالذات تعيد نشر الرسوم المسيئة ليس فى صحيفة واحدة بل فى ثمانية عشر منها فى وقت واحد، وكان قد سبق ذلك إعادة نشرها فى عدة بلدان أوروبية وقام الإعلام العربى ولازال يقوم بالتغطية على ذلك النشر وأشر منه يحدث بين كل وقت والآخر... والأسوأ من ذلك أن مواطنا أوربيا أنتج فيلما يمس قدسية القرآن الكريم وينتقى ما فيه من آيات تحض على الكراهية والقتل ويعمل على نشرها، وآخر يدعى أن القرآن يجب أن يحظر تدواله تماما مثل كتاب quot;كفاحىquot; لهتلر... وهم طبعا لم يفطنوا لملايين (نعم ملايين) الكتب التى تحض على القتل والإرهاب وقتل المخالفين أيا وأينما كانوا وعلى فتح روما ووو إلى آخر تلك الترهات.

بالطبع لا يمكن أن يلقى مليار ونيف نسمة بعبادتهم فى البحر (كما تساءل متعجبا أستاذنا نبيل شرف الدين). ولكن الحل موجود وعلى كل غيور على الإسلام أن يعمل من أجل كشفه ووضعه موضع التنفيذ. الحل هو أن يقوم فلاسفة الإسلام المحدثين وليس أهل قال فلان عن علان منذ ألف عام أو يزيد كذا وكذا... أن يقوم فلاسفة الإسلام برفع الغطاء عن إسلام رقيق إنسانى لا يصدم بالآخر ولا يحاربه حتى لا يحاربه ذلك الآخر دفاعا عن ذاته ووجوده وقيمه التى يؤمن بها..


قلنا سابقا أن كتب التنوير وفتاوى الرحمة والمودة بمرجعية إسلامية موجودة وقد إستحدثها كتاب ثقاة متنورون وأغلبهم من خريجى الأزهر فيمتنع الطعن على تدينهم وتمكنهم.. المشكلة كلها فى الإرادة السياسية ومن بعدها الإعلام الرسمى والأهلى وهذا الأخير هو الأهم والأكثر تأثيرا. على المؤتمر الإسلامى بدلا من أن يبحث كيف يدمر ويحرق ويؤسلم، عليه أن يدعو الدول الإسلامية لتبنى الخطاب الإسلامى الإنسانى وأن يجرم غيره من الخطابات وينزل على أى دعوة إرهابية عقوبات مغلظة حتى لو نشرت فى مكان مغلق... عليه أيضا أن يدعو دوله إلى تنقية التعليم والإعلام وتوجيههما بصرامة تامة بدون تجريح إلى وجهة إنسانية ترفع عن الإسلام تلك الصورة التى أوحت لرسام الرسوم المسيئة رسمه.
باختصار وكما ذكرت الدكتورة وفاء على المسلمين تحسين الأصل لتتحسن الصورة من تلقاء ذاتها.

عادل حزين
نيويورك