نجاحات للأفلام الأوروبية وفشل quot;هوليوديquot; في العراق
السينما عام 2007: حروب وسياسة... وسكر بنات

محمد موسى من امستردام: إنتظرت هوليود ما يقارب العشر سنوات، لتبدأ أفلامها عن حرب الولايات المتحدة الاميركية في فيتنام، الإنتاج الهوليدي عن الحرب تلك بدا مرتبطًا بنهاية الحرب، وقف النار على الأقل، وعودة الجنود الأميركيين إلى بلدهم. قصص الكثير من أفلام تلك الحرب عن العودة لهؤلاء الجنود وقساوة ايجاد التوازن بين الحرب بفظائعها وسلام الحياة الاميركية، وتحولات المجتمع الاميركي من فوز اليمين الاميركي في بداية السبيعنات، وإنتهاء عصر اليسار الأميركي.

حرب العراق لم تأخذ اكثر من 3 سنوات، لتظهر على الشاشات في افلام جدية، لم يحالفها النجاح التجاري في اميركا. إبتعاد الجمهور الأميركي عن افلام حرب العراق، ربما يعود الى المناخ الاعلامي والنفسي اليائس وغير المبالي الذي انتجته الحرب وتفاعلاتها المستمرة في العراق والشرق الأوسط، لا تحظى اخبار الحرب على التلفزيونات بمتابعة شعبية كبيرة في اميركا مثلاً، لم يحن الوقت بعد بنقد الحرب والمسؤولين عنها من الإدارة الاميركية.

من فيلم في وادي ايلاه

المخرج بول هينغس مخرج فيلم quot;في وادي ايلاهquot; صرح مؤخرًا بأن الاميركيين غير مستعدين الآن للتعاطف مع العراقيين، وما احدثته الحرب بهم. لذلك قدم قصة فيها بعض من اللغز لجذب الجمهور الى فيلمه، قصة عن الجندي الشاب الذي يختفي بعد عودته من العراق. فيلم quot;في وادي ايلاهquot; يتشارك مع فيلم quot;غريس رحلتquot; للمخرج الاميركي James C. Strouse (جيمس س ستروس)، باهتمامها بالحرب ونتائجها على الاميركين العادين من وسط اميركا، ابطال الفيلمين السابقين من المؤيدين للحرب، يدفعون الى مواجهة نتائج الحرب والسياسية التي قادت الى الحرب، في quot;غريس رحلتquot; تموت الزوجة الجندية في العراق وتترك العائلة لوحدها، لتواجه ثوابتها. المخرج الكبير برايان دي بالما أخرج فيلمًا عن الحرب نفسها، عن حادثة حقيقية عن اغتصاب وقتل فتاة عراقية قرب بغداد.


افلام اوربية بمزانيات لا تتعدى الخمس ملايين دولار تبهر العالم

مازال الفيلم الألماني quot;حياة الآخرينquot; يعرض لحد الآن في بعض الصالات السينمائية الاوربية، الفيلم الذي بدات عروضه السينمائية قبل اكثر من 8 اشهر حصل على معظم الجوائز العالمية التي أشترك بها، منها افضل فيلم اجنبي لجوائز الاوسكار السينمائية، وجائزة الفيلم الاوربي لافضل فيلم.
مرة اخرى فيلم اول طويل لمخرج جديد وبميزانية لا تتعدى مليونا دولار يدهش العالم، كم تحتاج السينما الى مخرجين من امثال الألماني quot; Florian Henckel von Donnersmarckquot; (فوريان هينكل فون دونريسمارك)، القصة الانسانية والصادقة وغير المتوقعة بين رجل الامن والمسرحي الألماني في المانيا الشرقية الشيوعية قبل سقوط جدار برلين ، تحمل روحًا شديدة التفاؤل - على الرغم من الجو المعتم الذي يغلف الفيلم وموضوعية عن النظام الديكتاتوري وعدائه للثقافة والفن ورغبته في السيطرة على كل شيء -.

من فيلم حياة الآخريين
الفيلم عن رجل الامن الالماني الذي يبدأ بالتجسس على المسرحي الشاب ويسجل كل حركاته. صدق المسرحي الشاب، وطنيته، لحظات ضعفه وحبه، تتسلل الى روح رجل الامن. عالما رجل الامن والمثقف المتضادان المتباعدان يلتقيان في زمن مميز، زمن سبق سقوط جدار quot;برلينquot; وانتهاء حكم الانظمة الشيوعية. الفيلم ربما افضل من اي فيلم الماني سابق عن الحقبة الزمنية نفسها، يقدم روح البلاد قبل ثورتها البطيئة وتهديمها للجدار. الفيلم يضم شخصية نسائية شديدة التاثير، هي الممثلة المسرحية صديقة المخرج المسرحي الشاب، المراة استغلت جنسيًا ونفسيًا من قبل الاجهزة الامنية، الحضور الشديد الحزن، والنهاية المفجعة للممثلة منح الفيلم وجعًا تاريخيًا عالمي، يسهل التعرف عليه والتاثر معه..

فيلم quot;3 أشهر quot; الروماني الذي فاز بجائزة مهرجان كان السينمائي، ثم عرض في العديد من المهرجانات العالمية منها مهرجانات عربية، مثل دمشق ودبي السينمائين، هو ايضًا الفيلم الطويل الاول لمخرجه الروماني quot; Cristian Mungiuquot; (كريستيان مونغوي)، الفيلم هو واحد من اكثر الافلام الاوربية قوة وصعوبة في المشاهدة والتي عرضت العام الفائت. قصة الطالبيتن الجامعتين اللتين يتعاونا للتخلص من حمل احدهما، لا تحمل فقط منحي اجتماعي نسائي ضد الاجهاض واسئلته الدينية والأخلاقية، الفيلم يقدم القصة ضمن اطار اعمق، عن السلطة الفاسدة التي تتسلل ببطء لكن بحزم الى الناس، والتشوهات التي تحملها هذه السلطة.

من الافلام الاوربية الاخرى التي حصلت على الكثير من النجاح هذه العام، فيلم quot;التعويضquot; عن رواية بالاسم نفسهللكاتب quot; Ian McEwanquot; (اين مكوين)، والفيلم الفرنسي quot;حياة وردةquot;، عن حياة المغنية الفرنسية الراحلة quot;اديث بيافquot;.
السينما الاوربية فقدت في عام 2007 اثنين من اعظم مخرجيها، المخرج السويدي الكبير quot;أنغمار بريغمانquot; والايطالي quot; ميكائيل انجلو انطونيونيquot;. السينما الاوربية التي تستمع بنجاحات فنية وتجارية كبيرة، مدينة الى مخرجيين اوربيين من امثال المخرجيين الراحلين. وجهدهم الذي امتد الى اكثر من نصف قرن في التمسك بالشروط الفنية العالية لسينما مختلفة ذاتية.


فيلم المملكة، هل صالحت هوليود العرب!؟

استقبل الكثير من المهتمين فيلم quot;المملكةquot; الذي عرض في خريف عام 2007، باعتباره بداية لزمن جديد لعلاقة منصفة بين هوليود و العرب والمسلمين،الكثيرون من العرب وغيرهم اعتبروا الفيلمعادلا كثيرًا تجاه الظروف التاريخية والاجتماعية التي تحيط بظاهرة الارهاب المسلم في العالم، وموقف الكثير من العرب والمسلمين منه.لم يكن الجميع في العالم العربي سعيدًا مع الفيلم، فالفيلم منع عرضه في عدد من الدول العربية منها البحرين والكويت.

من فيلم المملكة
الفيلم يروي قصة غير حقيقية عن عملية مشتركة اميركية سعودية لمواجهة ارهاب مجموعة ارهابية سعودية مسلمة في المملكة العربية السعودية، لا يعيب الفيلم الجهد الذي بذله صانعوه في بحثهم في ظاهرة الارهاب والمسلمين، الزمن تغير ايضًا،لم يعد ممكنًا على استديو سينمائي كبير في هوليود ، ومع هذا التطاحن الاعلامي ان يجاحف الحقائق تماما. في فيلم quot;المملكةquot;، هناك اشارة الى فضائية الجزيرة وخوف الدبلوماسين الاميركين من تقاريرها التلفزيونية، هذا الخوف من الأعلام العربي بين دبلوماسي السفارة الاميركية في السعودية هو خوف صانعي الفيلم ايضًا والذي ظهر جليًا في الفيلم.
من الصعب التكهنبالانطباع الذي يتركه فيلم مثل quot;المملكةquot; عند الذين يشاهدونه من الاميركيين (الفيلم موجه إليهم بالاساس)، لا يمكن الجزم بالاثر النهائي الذي سوف يتركه الفيلم على الاميركي العادي، وهل يمكن عزل أو الفصل بين الاشارات العنصرية الخطرة التي تضمنها الفيلم وبين بعض الحقائق المنصفة التي تناولها. هل سوف تهمين النهاية العاطفية المضخمة وتفوق فريق صغير من الاميركيين مكون من 4 اشخاص في كشف مجموعة ارهابية تعجز دولة كاملة عن اكتشافها،على الاشياء الاخرى في الفيلم؟
بعيدًا عن الموضوع الحساس، لا قيمة فنية كبيرة للفيلم،هو بالنهاية فيلم هوليودي آخر، ينجر الى تعظيم القدرات الخاصة لابطاله الامريكيين، مع منظومة العواطف والقيم الاخلاقية الشائعة. الفيلم اطلق مع ظروف صعبة للغاية كانت تواجها القوات الاميركية في العراق وافغانستان، لم تنجح مئات الآلف من القوات الاميركية في وقف الارهاب في البلدين السابقين، هوليود عوضت كثيرًا، وأعادت الهيبة الى فرق العمليات الاميركية الصغيرة التي تقوم بالمعجزات!!!

سكر بنات اللبناني حدث العام العربي

منذ عرضه في مهرجان كان السينمائي الأخير وفيلم quot;سكر بناتquot; اللبناني يدور على معظم مهرجانات العالم، يحصد غالبًا جوائز الجمهور فيها. فيلم نادين لبكي عن بيروت والشخصيات النسائية فيه، يكسر اتجاهًا لبنانيًا سائدًا منذ اكثر من عشرين عامًا بصناعة افلام عن الحرب اللبنانية. quot;سكر بناتquot; لا يخلو ابدًا من السياسية، فقصص الفيلم وشخصياته وسعيها للنجاة والحياة، من ظروف اجتماعية واقتصادية، هي جزء من تيار فكري لبناني موجود ضمن تيارات الحياة الفكرية والسياسية اللبنانية المعقدة، ربما لهذا حصد الفيلم الكثير من النجاح في العالم، ربما بسبب ان الفيلم يقدم لبنان الذي نريد ان نراه على الشاشات، وليس لبنان المنقسم بعمق الآن.

نادين لبكي من فيلم سكر بنات
نادين لبكي في اول تجاربها السينمائية الطويله، جرئية، شجاعة، لم تنجر الى اساليب معتادة، وقدمت معالجات بصرية موفقة للحياة الداخلية لبطلاتها.
مع فيلم سكر بنات، قدم المخرجين اللبنانين اكثر من خمسة اربعة افلام طويلة، اهمها فيلم quot;على الارض السماءquot; للمخرج quot;شادي زين الدينquot;، الفيلم الاول للمخرج الشاب، كان احد الافلام المهمة التي قدمها مهرجان دبي السينمائي، فيلم ذاتي مؤثر عن الحرب اللبنانية، على الرغم من أن الفيلم يفتقد القصة الواضحة، إلا أن الشخصيات التي قدمت تثير التعاطف كثيرًا، هناك تاثيرات واضحة للمخرج الروسي الكبير تاركوفسكي على المخرج اللبناني، الذي لا يخفيها، في احد مشاهد الفيلم، نشاهد الممثل اللبناني الكبير رفيق علي احمد وهو يقرأ كتاب سيرة تاركوفكسي، استعادة الزمن (زمن الحرب هنا) هوه بالاساس مشروع تاركوفسكي الكبير.
المخرج برهان علوية قدم ايضًا في العام الماضي فيلمه الذي يشتغل عليه منذ اعوام، فيلم quot;خلصquot; هو فيلم جديد عن الحرب اللبنانية، برهان علوية ينتمي الى جيل من المثقفين اللبنانين ممن آمنوا بالحرب اللبنانية، كبداية الى تغيير لبنان، العالم العربي والعالم. الحرب اللبنانية ومسارها اللاحق مثلت انكسار كبير لمخرج ومثقف مثل برهان عليوية. شخصيات فيلم quot;خلصquot; لم تعود الى ماكنت عليه بعد الحرب، تتعرقل وتفشل في محاولاتها لايجاد ذواتها.
من مصر قدم المخرج محمد خان واحد من افضل افلامه منذ سنوات، فيلم quot;شقة مصر الجديدةquot; انجاز سينمائي كبير في بلد تكاد تخنق صناعته السينمائية، الاتجاه التجاري والفكري السائد، من مصر قدم المخرج الكبير يوسف شاهين بالتعاون مع المخرج خالد يوسف فيلم quot;هي فوضىquot;، الفيلم الذي حقق ايرادات غير مسبوقة لسينما يوسف شاهين السابقة، تأثر كثيرًا بالحالة الصحية للمخرج التي يبدو انها اعاقت تنفيذ الكثير من الطموحات الاصليةللفيلم.