النجمتان عبلة كامل وسمية خشاب

محمد عبد الرحمن من القاهرة: يمكن القول أن نجاح مسلسل "ريا وسكينة " المعروض حاليا على شاشة mbc خلال شهر رمضان يشكل مفاجأة لمتابعي ونقاد الدراما التليفزيونية على اعتبار أن المسلسل يقدم حكاية يعرف الجميع تفاصيلها وهي عن أشهر مجرمتين في النصف الأول من القرن العشرين واللتان قدمتهما الدراما من قبل سينمائيا ومسرحيا في أعمال شهيرة لازالت تلقى اهتمام الجمهور جيل بعد جيل خصوصا المسرحية التي أعيد عرضها الآف المرات من بطولة سهير البابلي وشادية وعبد المنعم مدبولي وأحمد بدير .
انتظر المشاهدون الحلقة الأولى من المسلسل لكي يقارنوا بين العملين وبين آداء عبلة كامل من ناحية والقدير شادية من ناحية أخرى ،ويعرفوا هل ستقلد سمية الخشاب سهير البابلي في دور سكينة أم كيف ستقدمه ، ومن ستقوم بدور زوجة الأب التي كانت بداية جرائم الشقيقتين بالمسرحية ، وكيف سيكون سامي العدل هو البديل لمدبولي ونفس الكلام عن رياض الخولي وأحمد بدير ، إلا أن كل هذه التوقعات خابت ووجد المشاهدون والنقاد أيضا أنفسهم أمام مسلسل مختلف وأنهم يرون حكاية ريا وسكينة للمرة الأولى ، والقصة ببساطة أن المسلسل مأخوذ عن كتاب لصلاح عيسى يروي الوقائع الحقيقية من بدايتها ويقدم لنا تفاصيل اجتماعية وقانونية جديدة لم نسمع عنها من قبل ، فلأول مرة نعرف كيف وصلت الشقيقتين إلى الأسكندرية وكيف واجهتهما ظروف أدت بها للتفكير في هذا النوع البشع من الجرائم ، فلم يكن المصريون في ذلك الوقت يتخيلون أن سيدتين سيكون لديهما القدرة على خنق الفتيات ودفنهن في منزلهما بعد الاستيلاء على مشغولاتهن الذهبية ، ومن خلال المسلسل عرف الناس أن لريا وسكينة أم وليست زوجة أب كما بررت المسرحية ، وأن حسب الله زوج ريا كان قائدا وليس تابعا كما حدث مع مدبولي، وأن عبد العال زوج سكينة تزوجها بعد رجلين سبقاه ولم يكن رجل شرطة كما كان أحمد بدير بالمسرحية ، وكانت المفاجأة الأكبر أن سكينة باعت نفسها بكل الوسائل لتحصل على المال بسبب الفقر وادمان الخمور وهي ملامح لم تظهر من قبل في شخصية سهير البابلي بالمسرحية التي قدمتهما بشكل يثير تعاطف الجمهور إلى حد كبير .
باختصار وجد الناس نفسهم أمام قصة مختلفة لها أصول تاريخية تغري بالمتابعة وسط عشرات من المسلسلات الاجتماعية التي قد تتشابه مع بعضها البعض ، وتتراجع هنا المقارنة بين المسلسل والمسرحية ، لنستدعي من الذاكرة الفيلم الذي سيبرز لنا سبب مهما لنجاح ريا وسكينة 2005 .
الفيلم انتاج 1955 وهو الأول الذي تناول الجريمة واعتمد فيه مخرجه صلاح أبو سيف على الاخبار التي نشرتها الصحف حول الحادث ، ولأن البطل هو أنور وجدي فقد اختلفت الأمور إلى حد كبير ،لاننا تابعنا كيف يحاول الضابط كشف الملعوب ، وبرعت نجمة ابراهيم وزوزو حمدي الحكيم في تقديم الشخصية للناس ، لتظل ملامح ريا ملتصقة بنجمة ابراهيم تحديدا في أعمالها الأخرى بعد ذلك ، بل أنهما ظهرتا بنفس الشخصيات في فيلم كوميدي بعنوان "اسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة " لكن عندما نسأل أي ناقد عن التمثيل للسينما في بداياته داخل مصر سيقول أن المبالغة كان سمة أساسية للممثلين الكبار –الا قليلا- سواء عن طريق رفع الحواجب أو تخشين الصوت وخلافه ، وهو أمر لم يكن ليدركه الجمهور إلا بعد مشاهدة الاجيال اللاحقة من الممثلين ، وهنا يأتي السبب المهم ، الممثلون ، فالمسلسل –بقيادة المخرج جمال عبد الحميد – يشهد يوميا مباراة تمثيلية رائعة تحرز من خلالها البديعة عبلة كامل أهدافا مؤثرة لدى الناس مع سامي العدل ورياض الخولى ، وجاء الدور فرصة عمر لسمية الخشاب لتثبت أنها ليست فقط ممثلة جميلة تؤدي ادوار متنوعة وخفيفة ، وان كانت تتأثر حتى الآن بالملامح الخارجية للشخصية

فقط ، بعكس عبلة التى تمثل بكل جوارحها والتي تقنعنا بنظرة عين مدى المعاناة التي قادتها للجريمة ، وانطلق بوضوح من ريا وسكينة الممثل الكوميدي محمد شرف في دور الشقيق الذي نراه أيضا لأول مرة ، حيث نجح في التمسك بملامح وأداء مختلف جذب إليه الأنظار رغم عمله بالفن منذ 10 سنوات على الأقل .
والآن اذا أردت أن تضحك على حكاية ريا وسكينة فأمامك المسرحية – ماعدا الفصل الثالث- ولكن دون التركيز في التفاصيل ، وللتعرف على دور الشرطة يمكن الرجوع للفيلم ، أمام الحكاية الحقيقية من البداية للنهاية فمتوفرة على شاشة mbc طوال شهر رمضان .

[email protected]