866

احتفالية الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان) بتنصيب جلال الطالباني رئيسا للجمهورية العراقية في يوم 7 نيسان 2005كانتجزءا أو بداية حقيقية لعملية سياسية كبرى تضع العراق في طريق الديمقراطية والمؤسسات الدستورية. وقد حدد رئيس الجمهورية العراقية المنتخب في خطابه بعد أداء القسم القانوني ملامح الطريق الديمقراطي بعقلانية مؤكدا علىأنتشارك في صنعه جميع الأحزاب الوطنية والديمقراطية التي تشكل في المرحلة الراهنة منظومة عمل حثيثة وواسعة تدور حول مركزها العراق الموحد وفق جاذبيتها الديمقراطية.
بدأت سفينة الديمقراطية العراقية، اليوم السابع من نيسان، بمسح ضوئي شفاف بتحديد أولويات العملية السياسية في المرحلة القادمة التي تدور حول مهمة توفير الأمن والأمان لشعبنا وبضرورة تطويق ومداهمة القوى الإرهابية، البعثية والوافدة من خارج الوطن، للبدء بإعادة تشييد البنى التحتية المخربة بحروب الدكتاتور صدام حسين، والعمل سياسيا ودبلوماسيا من أجل أن يعود العراق كوكبا متحركا في سماء العلاقات مع الدول العربية والإسلامية والعالمية. بعد ظهر اليوم أصغيت لمكالمة تلفونية من فتاة كوردية أسمها (بسمة عمر محمد)ولدت في مدينة السليمانية بكردستان العراق يوم 7 نيسان وكانت طوال سنوات عمرها الفتي ترفض الاحتفال به عيداً لميلادها حين كانت تلميذة في مدارس كردستان، لأن هذا التاريخ مقترن سمعته بأبشع الذكريات السياسية في العراق حيث هو ذكرى "ميلاد" حزب البعث العربي الاشتراكي الذي تاق خلال 35 عاما تحت قيادة الهمجي صدام حسين لممارسة أساليب تعذيب الناس وقتلهم وحرقهم بالجملة في مسالخ التعذيب وفي القرى الكردية والأهوار الجنوبية . وقد أخبرتني الفتاة الكردية (بسمة) أنهاتحتفل اليوم لأول مرة مع صديقاتها في المدرسة الهولندية بالذكرى السنوية لعيد ميلادها في 7 نيسان بعد أن أصبح هذا اليوم رمزاً عراقيا أصيلا احتفاليا بانتخاب أول رئيس لجمهورية العراق وهي سعيدة اليوم إلى أقصى حدود السعادة.
ظهر اليوم أيضاً أصغيت لمكالمة الصديق محمد صابر الحامد من لندن أرجع فيه بعض حديثه معي إلى خطاب الرئيس العراقي السيد جلال الطالباني الذي ألقاه ظهر اليوم في اجتماع الجمعية الوطنية الرابع . أشاد صديقي بالحدث العراقي الكبيركما أشاد بخطاب الرئيس الطالباني فهو في جوهره وتفاصيله قد حمل الآمال الكبرى للعراقيين جميعا من أقصى قرية في كردستان إلى أنأى قرية في مدينة الفاو وليس لدى الصديق محمد صابر أي خلاف مع برنامج الرئيس خلال ولايته البادئة هذا اليوم ..
لكن ، كما قال الصديق في مكالمته، شيئاً قفز كالضوء بل بسرعة الضوء إلى ذهنه حين وجه الرئيس الطالباني تحيات التقييم والبشرى إلى ضحايا الشعب العراقي وشهدائه العظام بداية من الشيخ محمود الحفيد وانتهاء بالشهيد الصدر فقد كان وفاء من الرئيس للذين ضحوا بحياتهم كي يأتي هذا اليوم السعيد إلى جماهير الشعب العراقي .
وقد لاحظ صديقي بأسف بالغ أن الرئيس الطالباني قد نسى أن يذكر في خطابه الجليل رموزا عظيمة كبرى من شهداء النضال في سبيل قضية الشعب العراقي من الذين أصبحوا ثوابت عراقية لامعة في البطولة والشهادة في الوطن العراقي حيث كان يوسف سلمان يوسف أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق وحين سجل سلام عادل أسطورة الصبر والصمود في عذابات قصر النهاية وحين أصبحت شهادة عبد الجبار وهبي وصباح الدرة وصفاء الحافظرمزا لتضحيات المثقفين العراقيين وحين أصبح إعدام كريم قاسم عنوانا لكفاح الضباط الوطنيين الأحرار من أجل إنقاذ الشعب العراقي وحين كان استشهاد جمال الحيدري رمزا للتحالف العربي الكردي ..وحين كان استشهاد عايدة ياسين رمزا لكفاح المرأة العراقية.. و ..و آلاف الشهداء ممن سقطوا على ثرى كردستان وعشرات الشعراء والمثقفين العراقيين الذين استشهدوا في منافيهم .
قال صاحبي: ربما كانت شحنات العمل المتواصل الذي قام به السيد الرئيس خلال اليومين الماضيين لم تتح له الوقت الكافي لتذكر أسماء الشهداء في بلد الشهداء الذي ما زال حتى هذه الساعة يقدم المزيد من كواكب الشهادة .

إنه مجرد عتاب للرئيس الطالباني فالكواكب المضيئة لا تنسى ..!!

بصرة لاهاي