طلال سلامة من روما: اخترع مهندسي النانوتكنولوجيا في سنغافورة عدسات لاصقة تستطيع تحرير جُرع من الدواء - تسيطر على كميتها - لمعالجة أمراض العين مثل الماء الأزرق. وعادة، تأخذ معظم أدوية العين عن طريق القطرات. لكن أغلب الأدوية يتدفّق بسرعة بعيداً عن العين، ليسيل تدريجياً- في أغلب الأحيان - إلى التجويف الأنفي قبل أن يدخل دورة الدم. ولذا، فان قطرات العين تزعج المريض، وتؤدي الى ارتشاح الدواء عدا عن آثاره الجانبية. وتتضمّن التقنية الجديدة خلْط الدواء سلفاً مع سائل البوليمر(مركٌب كيميائي). ثم يُبلمر هذا المزيج ليخلق بالتالي مادّة العدسة اللاصقة الشفّافة. وإذا كان الدواء قابلاً للذوبان في الماء فانه سيُحصر ضمن شبكة من القنوات متناهية الصغر ومليئة بالماء ومرتبطة بعضها ببعض، في المادّة. أما إذا كان الدواء غير قابل للذوبان في الماء عندئذٍ سيُحصر ضمن فراغات نانومترية، في قالب البوليمر، ويُرشّح ببطىء داخل القنوات؛ وعبر الاحتكاك المباشر مع السائل الكائن على مقلة العين، تنفتح هذه القنوات النانومترية لتُصدر الدواء، من العدسة.

وبتغيير محتوى ماء المزيج الأصلي، يمكن للفريق أن يغيّر حجم القنوات مسيطراً هكذا على نسبة تسرٌب الدواء في العين. وأُصيبت المحاولات السابقة لخلق "عدسات لاصقة تُحرٌِر الدواء" بالمشاكل بما فيها منع الأوكسجين الكافي دخول العين من خلالها مما يسبٌب في نمو الأوعية الدموية في القرنية المحرومة من الأوكسجين. لكن الهيكل النانوتكنولوجي للعدسات الجديدة، ذا القنوات النانومترية المرتبطة بينها، يسمح للغازات والأملاح والمواد المغذّية بالانتشار بسهولة عبرها. وحتى الآن، اختبر الفريق استعمال هذه العدسات العصرية باللجوء إما لدواء يذوب في الماء - لمعالجة الماء الأزرق - أو لمضاد حيوي غير قابل للذوبان. وإذن، وجدوا أن بإمكانهم السيطرة على تحرير الأدوية في العين، لمدة بضعة ساعات أو حتى بضعة أيام.

يذكر أن الطرق المُحسَّنة لإدارة الدواء بغية إبطاء تقدم الزٌَرَق هي مطلوبة جداً لأن هذا المرض - يرجع سببه الى ضرر في العصب البصري قد يؤدي إلى العمى - أصاب لحد الآن ما يُقدّر ب60 مليون شخصاً حول العالم. وقد تساعد التقنية أيضاً حاملي العدسات اللاصقة النموذجية الذين يعانون من ظاهرة العيون الجافّة بما أن مادّة العدسة المُحسَّنة يمكن أن تُعدّل لكي تحتوي على مادة مزيٌتة.

وأخيرا، انكب فريق في جامعة فلوريدا على أبحاث تهدف أيضاً الى خلق عدسات مهندسة نانومترياً لتحرير الأدوية. وتكمن نظرتهم في تغليف الأدوية داخل جسيمات نانومترية ومن ثم إضافة هذه الجزيئات إلى مادة العدسة اللاصقة قبل التٌَبَلمر(اتحاد جزيئين أو أكثر من مركٌب ما لتشكيل مركٌب ذي وزن جزيئيٌ أكبر). لكن إذا ما كانت جُرَع الدواء عالية فان ذلك قد يُنتج وضوحاً أقل للعدسة قياساً الى تقنية فريق سنغافورة، الأفضل في مثل هذه الحالة.