طلال سلامة من روما: خُصّصت جائزة النوبل الأخيرة في الطب إلى العلماء الذين كشفوا النقاب عن دور البروتيوزوما Proteosoma وهو تركيب خلوي "يفرم اللحم البشري" ويعمل على إزالة النفايات منها، مستعيداً هكذا كل ما هو مفيد. وإذن، لا شيء يذهب هدراً في الخلية البشرية. ولكن هناك نوع من الورم يستغل هذا التركيب الخلوي لإصابة الخلايا السالمة معطلاً بالتالي دفاعها ومستعملاً إياها، في الوقت ذاته، للتكاثر في الكائن الحي. ويدعى هذا الورم الميولوما المتعدّد Multiple Myeloma. ووصف هذا الورم بالداء العضال لتلك الفئات العمرية حتى سقف ال15 سنة. لكنه تحول اليوم الى نوع من المرض الجدي المزمن المراقب، لا يعيق نوعية جيدة من الحياة. وفي هذا الصدد، سيسوٌق في إيطاليا اعتباراً من الشهر المقبل دواء "ذكي"، صُدّق عليه عام 2003 في الولايات المتحدة الأميركية وأقرٌت به وكالة الأدوية الأوروبية في أبريل(نيسان) المنصرم؛ ولا يستهدف الدواء إبادة خلايا الورم الخبيث إنما صُمٌم لإعاقة تطوٌرها. كما هو مؤلف من جزئيات مسماة بورتسوميب Bortezomib تنشط فقط عندما يبدأ الورم غزو الخلايا السالمة، وذلك بسد وتعطيل الProteosoma.

وقد ولٌد هدف الدواء "المعيّن" انطباعاً إيجابياً عند الأطباء الذين يقارنون انتشار الورم بعملية الاستخبارات؛ فلا بد من ورم الميولوما أن ينجح أولاً في تعطيل مناعة الخلايا السالمة كي يستطيع التكاثر. ولذا، يرسل جاسوساً إلى داخل الخلية بغية تدمير بروتين البروتيوزوما الدفاعي. وعادة، تعتبر كل الجزيئات القديمة أو الهزيلة "قابلة للإزالة" ويعلٌم كل منها بوساطة طابع أزرق يدعى أوبيكويتينا Ubiquitina. وهكذا، تخضع كل جزئية مميٌزة بعلامة Ubiquitina للفرم. لكن جاسوس الورم يهاجم الUbiquitina داخل البروتين الذي يخدم لإيقاف الورم، مبدلاً في ميزاتها. وبذلك، تصبح الخلية السالمة آلية تكاثر للورم وتعمل "عدائياً" بحرية لأن دفاع الكائن الحي لا يستطيع تمييزها كخلية "عدوة".

وبسد البروتيوزوما، يكتشف الدواء الجديد خطة ورم الميولوما العدوانية. لكن المشكلة تكمن في عدم استطاعة سد هذا البروتين لوقت طويل لأنه، في الحقيقة، آلية حيوية للخلية وقد تكون الأضرار الناتجة عن تعطيله قاتلة. ولذا يجب أن يعالج المريض عبر عدة مراحل كما يجب تعليق العلاج في اللحظة المناسبة. على أية حال، استنتجت الدراسات السريرية مراحل العلاج الزمنية وآلية الدواء الذي يأخذ عبر الحقن، رسمياً. وتظهر نتائج الاختبارات الأولية الإيطالية أن معدل البقاء على قيد الحياة، عقب الإصابة بهذا الورم، ارتفع من 28 شهراً إلى 60 شهراً. وفي %75 من الحالات المسجٌلة، لم يكن المرض قاتلاً بل أصبح مزمناً مع تحسٌن في نوعية الحياة. وفي الولايات المتحدة، يمارس المرضى المصابين به حياة عملية واجتماعية هادئة نسبياً.

وأخيراً، يعتبر التشخيص المبكّر مسألة جوهرية لأن مرض الميولوما المتعدد يصيب العظم، في بادئ الأمر، مؤدياً في مرحلة تفشيه الأولى إلى آلام قوية في الظهر أو التهاب في المفاصل(المض).