أصواتهم ووجوههم أضحت مألوفة للمستمع والمشاهد للإذاعات الأجنبية الناطقة بالعربية، وبعض فضائياتنا العربية، يتفنون في الدعاية لأفكارهم العنصرية التي تحمل بصمات قرابة ستين عاما من القمع والقتل ..ويروجون لثقافة العنف والإرهاب بحجج سياسية واهية لاتخلو من الدهاء والمكر .. وتحت شعار (ديمقراطية الإعلام) والرأي والرأى الآخر يمررون آراءهم ويقلبون الحقائق خدمة لكيانهم الاستعماري.
لقد صنعت بعض القنوات الإخبارية العربية من المحللين السياسيين الإسرائيليين أمثال فيكتور ناحنياس وإيلي نيسان نجوما في سماء التحليل السياسي والدعاية السوداء للصهيونية بوجهها القبيح والتبرير المنمق لكافة الانتهاكات التي يمارسها جيش الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني الأعزل من مجازر واغتيالات انتقائية وهدم وتجريف للأراضي وحصارات خانقة تندرج تحت بند الإبادة الجماعية.. كما يتفنن هؤلاء في الدفاع عن سياسات حكومة الليكود المتطرفة بلغة عربية ركيكة وبصورة تفتقد إلى آليات التحليل السياسي السليم التي من المفترض أن تكون لصيقة الصلة بمنظري واحة الديمقراطية المزعومة.
ومدعاة الأسف في حقيقة الأمر، ما يقوم به بعض المحاورين عمدا من إلتزام الحيادية في التحاور مع محللي الكيان الصهيوني والتعاطي مع أفكارهم الدعائية، وعدم مناقشة مواقفهم بجدية ومقارعتهم الحجة بالحجة والرأي بالرأي .. الأمر الذي يقوي مواقف هؤلاء المحللين ويكسب قضاياهم بعضا من المصداقية لدى المتلقين غير المتابعين للشأن الفلسطيني عن كثب .. وتكون حجة الإعلامي والمحاور في تلك الحالة هي تحلله من مرجعياته وأفكاره حتي يكون محايدا ويعطي للمتلقين فرصة في إصدار الحكم النهائي.
وقضية الحيادية هنا نسبية وليست مطلقة ، فلا يمكن التعامل بحياد مع أفكار خاطئة أومشوهة تسىء إلى قضايانا الحيوية ، وتتسبب في حالة من الارتباك والتخبط في العقل الجمعي العربي.. في ذات الوقت الذي لا أتصور فيه صحفيا أومحاورا تليفزيونيا يتوخى الحيادية مع أفكار عنصرية استيطانية .. ومبررات واهية لها ..اللهم إلا إذا كان هذا المحاور يفتقد إلى الخلفية الثقافية والتاريخية للصراع العربي ـ الإسرائيلي والتي تجعل منه كائنا عاجزا أمام ما يردده محللو الكيان الصهيوني من أكاذيب .. الأمر الذي قد يؤدي إلى تحويل وسائل إعلامنا إلى مسرح هزلي يجني على الإنسان العربي ولا يخدم قضاياه بل يسىء إليها.
ولا يمكنني أن أنسى في هذا المجال كاتبا مرموقا وصحفي عظيما دخل في حوار مباشر عبر محطة إذاعية مع أحد هؤلاء المروجين لأفكار الكيان الصهيوني ، وقارعه الحجة بالحجة والرأي بالرأي بأفكار سياسية وتاريخية يربط فيها المقدمات بالنتائج بلاتشنج أو تعصب ..حتى كاد المحلل الصهيوني أن يموت كمدا.
وكم يحتاج شباب محاورينا في قنواتنا الفضائية للسير على درب هذا الصحفي الكبير.. في مداخلاتهم مع محللي الأكاذيب العنصرية.