هل امتلك الأدب أو لنقل الرواية المعاصرة نسقا lt;lt;رسمياًgt;gt; ما، أصبح من الصعب علينا الخروج منه وعليه، وليشكل بذلك مثالا lt;lt;يحتذىgt;gt;، إن لم نتبعه، قد تسقط كل التجارب التي حاولناها فيما مضى؟ بمعنى آخر، هل بات الأدباء يخشون التجريب المستمر حتى يتراجعون في النهاية بشكل من الأشكال عمّا كتبوه، في الماضي، ولينساقوا في أعمالهم الجديدة، لما يريد لهم lt;lt;السوقgt;gt; أو lt;lt;دور النشرgt;gt;، وإلا لن يجدوا قراء محتملين، أو على أقل تعديل، لن يجدوا ناشرين لأعمالهم الجديدة؟
لا شك أن الأدب قد تحول إلى lt;lt;مؤسسةgt;gt; ضخمة، لم تعد معه الأفكار أو الأسلوب المبتكر هي المعيار الوحيد الذي يقودنا إلى قول ما نرغب في قوله، بل أصبحت المؤسسة الاقتصادية، المتمثلة في دار النشر وفي القراء الذين يزيدون عدد النسخ المبيعة من أي عنوان يصدر، هما المرجع الوحيد الذي نحتكم إليه.
أمر، لا بد أن تكون له أثاره السلبية، لأنه سيحد من قوة هذه الطاقة البشرية في الذهاب إلى أماكن قصية من الحلم واللغة والمتخيل والتجريب، التي لولاها، لما كان هناك في الأساس، كل هذا الذي ندعوه فنا، ولنتوقف عند حدود ينبغي أن تكون في الأساس، آخر حدود نفكر فيها.
أفكر بهذا كله، بعد أن بدأت منذ أيام، بقراءة رواية الكاتبة الفرنسية فيرجيني ديبانت الأخيرة، والتي تحمل عنوان lt;lt;باي باي أيتها الشقراءgt;gt;. لأعترف منذ البداية، أنني أحببت كتبها السابقة وبخاصة روايتها lt;lt;ضاجعنيgt;gt; التي أفردت لها مكانا ضمن ركام الروايات الفرنسية التي تصدرها الدور lt;lt;الرسميةgt;gt; الباحثة عن جوائز في مطلع كل موسم أدبي. روايتها هذه، جاءت من مكان يختلف عما يكتب اليوم، إن من حيث لغتها القاسية والفجة التي تحاول أن تعيد صوغ العديد من التعابير العامية الواقعة في قلب عصرنا، أي في قلب حياتنا اليومية، وإن من حيث مناخها العام الذي يمارس قطيعة حقيقية مع أدب الصالونات وأناس المجتمع الذين يتبجحون، في اجتماعاتهم، بمتابعتهم lt;lt;الدقيقة للأدبgt;gt;. رواية أثارت من سنوات، العديد من النقاشات في الساحة الأدبية الفرنسية، التي لم تقف معها، بل حاولت أن تهاجم صاحبتها. لكن الكاتبة يومها عرفت كيف تدافع عن عملها، لدرجة أنها حولته إلى فيلم سينمائي، أثار بدوره العديد من النقاشات.
بعد فترة من الصمت الجزئي، تعود ديبانت برواية جديدة، صحيح أن موضوعها يعالج قصة شابة من lt;lt;البانكgt;gt; تجد أن lt;lt;نهاية التاريخgt;gt; قد تخطتها، لتدخلنا إلى تفاصيل الجنس والمخدرات والعنف والروك، أي أن موضوعها ينتمي إلى الراهن بكل تشعباته، بيد أن الأسلوب، يفترق عن أسلوبها السابق، ليقترب من lt;lt;كلاسيكيةgt;gt; ما، لم نعهدها في أعمالها السابقة. هل هو الخوف من هذه المؤسسة التي تلفظ الكتاب المختلفين عنها إلى خارج الحضور الإعلامي؟
كل شيء ممكن. لكن lt;lt;غير الممكنgt;gt;، أن يتخلى الكاتب عن هذه الفرادة التي حفرت له مكانته، ليلتحق بركب الدور الكبيرة التي تبحث عن أدب lt;lt;مقبولgt;gt;، كل همه أن يترشح إلى الجوائز وأن يكون مقبولا من القراء. من قال أن القراء يصنعون أدبا؟
- آخر تحديث :
التعليقات