الرياض تبوح ببعض اسرارها (2)

الرياض تبوح ببعض اسرارها (1)

طلحة جبريل من الرياض: "هلا والله". "صبحك الله بالخير". "مساك الله بالخير". "شلونك". "سم ... سم الله عدوك". هذه العبارات اضحت أليفة. ثمة لهجة في "الرياض" تختلف عن لهجة "جدة". هذا ليس اكتشافًا، كنت اعرف ذلك كما يعرفه كثيرون. لكن هذه المرة رحت اتأمل بعض مفردات عامية "أهل الرياض". هذه بادية العرب وموطنهم. وانت أيها الفتى جذورك هنا قبل ان يتيه الأجداد في مجاهل افريقيا.

نظمت وزارة الثقافة والاعلام السعودية برنامجًا مفيدًا الى جانب اشغال مؤتمر الارهاب. في العاشرة صباحًا نلتقي مسؤولًا حكوميًا بارزًا في فندق ماريوت. ثم بعد الظهر الى فندق انتركونتننتال حيث جلسات لجان المؤتمر. وفي بداية المساء الايجاز اليومي مع الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي ورؤساء اللجان، وهم بلجيكي واسباني وتركي ... وسوري جاء اليوم الاول فقط ثم اختفى.

كان أول لقاء من اللقاءات الصباحية مع صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وزير الشؤون الاسلامية. كان هذا الوزير جريئًا في طروحاته. أثار قوله إن من حق المرأة السعودية ان تترشح وتنتخب، ضجة. شغل الصحافيين الغربيين حين ألمح الى أن إسامة بن لادن صنيعة "غربية واميركية" وليس "سعودية". لعله تمثل القول المتداول "بضاعتكم ردت اليكم".

لاحظت ان الصحافيين السعوديين لا يحضرون اللقاءات الصباحية مع الوزراء، باستثناء صحافية سعودية سأعود الى جدالها الممتع مع غازي القصيبي وزير العمل. سأدرك في وقت لاحق أن ليل الرياض يتصل بنهارها، وربما كان التوقيت الباكر لعقد اللقاءات مع الوزراء ليس ملائمًا.

كان حديث آل الشيخ حول الذين دفعتهم الظروف الى تبني "الارهاب" مهمًا وعميقًا.
خرجنا من ندوة آل الشيخ، ومن هناك مباشرة الى الحافلات واجراءات التفتيش. مشكلتي كانت دائمًا في علبة التبغ التي أحشو منها الغليون. "تصرخ" حين تمر بالأجهزة وكأن هموم الدنيا تلاحقها. دائمًا وبلغة أهل الرياض "تفشلني".

في الحافلة فكرت في من يسيرون في طريق الارهاب، والذين يقال ظلمًا بانهم من الارهابيين ، وأعني بهؤلاء أصحاب القضايا العادلة التي نزلت عليها أثقال العصر فكادت تطحنها. لكن فرق كبير بينهم وبين هؤلاء التائهين في الماضي بغير عقل والشاردين في المستقبل بغير روح. يعرفون ما لا يريدون لكنهم لا يعرفون ما يريدون.
ذلك اليوم رافقت الزملاء احمد رضا بن شمسي ناشر مجلة " تيل كيل" وهي أسبوعية مغربية مثيرة ، وأنس مزور من أسبوعية " الايام" المغربية واحمد نجيم من يومية " الصحراء المغربية" الى مكتب " إيلاف ".
كان بن شمسي يريد ضمان العودة باكرًا الى الدارالبيضاء، بسبب ارتباطات العمل وموعد إغلاق الاسبوعية ، تكفل زميلنا ناصر الغنيم بالترتيبات. وجه ناصر دعوة لنا بان نتغدى جميعا. اقترح بن شمسي الغداء في مطعم سعودي. انضم الينا الصديق محمد التونسي للدعوة التي جاءت دون ترتيب. قال بن شمسي بما اننا في مطعم سعودي يجب ان نتناول الأكل كما هي العادات السعودية. جلسنا على الأرض في غرفة مفروشة بالسجاد. طلب ناصر جميع الأصناف. كان سخيًا سخاءً جعل الغرفة تطفح بالأكل. حين شرع النادل في وضع الأطباق قال بن شمسي : هذا كثير... كثير جدا.
شخصيًا لم استطع التقاط اسماء الاكلات. لكن تلذذت "الجريش".
ذهبت بعد ذلك الى حيث يعقد مؤتمر الارهاب في فندق انتركونتننتال.
عدنا بعد اللقاء الصحافي اليومي الى فندق " ماريوت". أفرغت ما في جعبتي على جهاز الكمبيوتر قبل الصعود الى الغرفة.
سحبت كتابًا لاقرأ قليلًا. قرأت بعض الصفحات. كانت وجبة الغداء دسمة جدًا. تخمة.
الرغبة في النوم عارمة.
نمت.