أزمات تعصف بمجلس التعاون
هل يكون هذا هو المؤتمر الخليجي الأخير!؟

قادة 4 من دول مجلس التعاون الخليجي

سيف الصانع من دبي: توافقت آراء ومعلومات اكثر من شخصية خليجية التقتها إيلاف قبل أقل من ثلاثة اسابيع على القمة الخليجية التي تنعقد في الدوحة الاسبوع الاول من الشهر المقبل، على ان قمة التعاون تعقد والعمل الخليجي في أضعف حالاته وسط غياب واضح للحماسة التي كانت تتسم بها معظم لقاءات القمم السابقة.

وأجمعت شخصيات خليجية نافذة التقتها إيلاف على فترات متباعدة في غير عاصمة خليجية على ان الوضع الذي يمر به العمل الخليجي حاليا سيئ جدا ووتيرة التفاعل الرسمي تراجعت فيما يتكرس نوع من الاحباط في صفوف المواطنين الخليجيين من بطء مسيرة العمل الخليجي والتردد في تنفيذ الكثير من القرارات والاتفاقيات التي ابرمتها دول المجلس دون اعتبار لما يخلفه ذلك التردد من نتائج على مصداقية عمل المجلس وعلى مدى الالتفاف حوله كمنظمة اقليمية قادرة على دفع التعاون بين دول الخليج وتوفير مظلة سياسية تحفظ لهذه الدول مكانتها الاقليمية.

و كمثل ومظهر لتباطؤ وتيرة العمل المشترك، أشارت المصادر الخليجية الى التراجع عن موعد استحقاق إطلاق العملة الخليجية الموحدة الذي كان مقررا في الاول من كانون الثاني (يناير) من عام 2010 بعد ان اعلنت عمان انها لن تكون قادرة على الانضمام للعملة الموحدة وبعد ان أبدت دول خليجية اخرى رغبة في مد أجل الاستحقاق الى أبعد من الموعد المتفق عليه ، اضافة الى ظهور خلافات الى العلن عن مقر المصرف المركزي الخليجي الذي سيتولى اصدار العملة الموحدة .

وتقول المصادر الخليجية ان التراجع عن موعد العملة الموحدة ndash; ان لم يكن التراجع عن الفكرة أساسا ndash; ليس هو الحالة الوحيدة التي تشير الى تعثر العمل الخليجي المشترك واضطرار قافلته للسير بسرعة العربة الابطأ فيه . فقد سبق ان تعثر الاتفاق على موعد قيام الاتحاد الجمركي الذي يشكل أساسا لقيام السوق الخليجية المشتركة ، بل ان المصدر الخليجي يقول ان الشكوك لا تزال تحيط بتطبيق التعرفة الجمركية الموحدة على الرغم من القول انه سيتم الاعلان عن بدء التطبيق في القمة المقبلة .

وتشير المصادر الخليجية الى انه لم يتم الى الآن الاتفاق على الصندوق المشترك الخاص بحصيلة الجمارك والآلية التي ستعمل بها نقاط الاستيراد المختلفة باعتبار ان هذه النقاط هي منفذ جمركي واحد لجميع دول المجلس .

وحسب مصدر خليجي رافق مسيرة المجلس منذ فترة طويلة فإن تعثر عمل المجلس يعود الى الطريقة التي تتخذ بها القرارات فيه والتي يتعين ان تكون قرارات اجماعية حتى يمكن البدء بتنفيذها وتطبيقها الامر الذي كان يعيق تطور عمل المجلس انتظارا لنضوج الاوضاع في الدول التي لاتتمكن لسبب وآخر ان تطبق ما يتفق عليه او ما يطرح عليها من مشاريع .

وأشار المصدر الى ان الكويت كانت قد اقترحت مبدأ الاغلبية في اتخاذ القرارات وفي المباشرة بالتنفيذ على ان يظل الباب متاحا للحاق الدول غير المستعدة بالمسيرة عندما تكون مستعدة ، بل ان هناك مقترحات بقيام دول المجلس بمساعدة الدول غير القادرة وغير المستعدة لتذليل العقبات التي تعترضها او تبطئ من سيرها لكن هذا الاستعداد لم يؤد الى تراجع بعض الدول الاعضاء عن مبدأ الاجماع في القرارات ليظل الاجماع عقبة تعطل الكثير من الخطوات التي لاتحتاج الى كل هذا الوقت وكل هذا الجدل .

وأوضح المصدر الخليجي ان مشكلة العملة الموحدة التي اعترضت عليها سلطنة عمان كان يمكن ان تحل على الطريقة الاوروبية وذلك بالابقاء على الريال العماني خارج الوحدة النقدية كما بقي الجنيه الاسترليني خارج منطقة اليورو فيما انطلقت العملة الاوروبية لتحتل مكانها كمكون أساسي من مكونات الاقتصاد العالمي .

وأشار المصدر الى ان دول مجلس التعاون نفسها كانت لها تجارب تعاون ثنائية ناجحة عندما فشلت جهودها في الاتفاق على صيغ للتعاون الجماعي . وذكر في هذا الصدد اتفاق بعض دول التعاون على الانتقال بالهوية وهو الامر الذي اثبت فعاليته وحسّن حركة السفر البينية مع ما يعنيه ذلك من تحسن على صعيد التدفق الاستثماري والتجاري .

وأعرب المصدر الخليجي عن اعتقاده أن اطلاق العمل الخليجي من عقال التردد والضعف يحتاج الى مبادرات من الدول الاعضاء وخاصة السعودية التي تعد بحكم موقعها ومسؤولياتها أكثر تأثيرا داخل المجلس . واضاف أن مثل هذه المبادرات يمكن أن تشكل ضغوطا على الدول التي تعمل بقصد او من دون قصد على عرقلة العمل الخليجي . واوضح ان الدول الاوروبية التي نجحت في إقامة وحدة بين مكونات عرقية ولغوية مختلفة وبين مستويات اقتصادية متباينة اعتمدت آلية يمكن اتباعها بين دول التعاون وهي ان تبدأ دول المجلس القادرة بالتنفيذ على ان يتم تأهيل الدول غير القادرة وتوفير المستلزمات المادية والادارية اللازمة للتنفيذ . وترى المصادر الخليجية ان هناك تفاوتا واضحا في حماسة دول مجلس التعاون إزاء العمل المشترك ويشيرون في هذا الصدد الى ان سلطنة عمان وقطر هما الدولتان الاكثر ترددا في هذا المجال . فسلطنة عمان تتلفع باتزان مبالغ به فيما تفضل قطر في العادة التغريد الدائم خارج السرب حتى لو بدا هذا التغريد نشازا .