أثارها نائب مستقل مؤكداً أن كافة قراراتها باطلة
أزمة دستورية تهدد استمرار الحكومة المصرية

نبيل شرف الدين من القاهرة : فجأة تفجرت أزمة خطيرة داخل مجلس الشعب (البرلمان) المصري، في مستهل جلسات دورته الجديدة، تتعلق بمدى دستورية الحكومة الحالية، التي يرأسها أحمد نظيف، رئيس الوزراء المصري. وأثار النائب المستقل كمال أحمد هذه الأزمة، مستندًاا فيها إلى رؤية قانونية مفادها، quot;أن التعديلات الدستورية التي جرى إقرارها أخيرًا تقضي في المادة رقم 133 من الدستور، على أن يقدم رئيس مجلس الوزراء برنامج حكومته للمجلس خلال ستين يومًا من تشكيلها، وإذا لم يوافق المجلس على البرنامج تستقيلquot;. وتساءل النائب كمال أحمد قائلاً: quot;لماذا لم تتقدم الحكومة ببيانها للمجلس في أول جلساته بعد بدء دورته البرلمانية كما ينص الدستور، وشكك في دستورية الحكومة الحالية، لأنها لم تتقدم ببرنامجهاquot;.

ومضى قائلاً إن التعديل الدستوري بدأ يوم 27 آذار (مارس) الماضي وكان يستوجب تعديل الحكومة ببيانها للمجلس في أول جلساته بعد بدء دورته البرلمانية كما ينص الدستور، وشكك في دستورية الحكومة الحالية لأنها لم تتقدم ببرنامجها. وأضاف ان التعديل الدستوري بدأ يوم 27 آذار/مارس الماضي، وكان يقتضي تعديل الحكومة لتتقدم ببرنامجها كي تحوز على ثقة المجلس .. وأكد أن هذه الحكومة منعدمة الدستورية، وبالتالي فإن أي طعن قضائي في قراراتها أمام المحكمة الدستورية سيكون صحيحًا.

الأساس الدستوري

وبعد ذلك الجدل الدستوري والقانوني الذي شهدته قاعة البرلمان، تدخل فتحي سرور رئيس مجلس الشعب (البرلمان) ، ليكلف اللجنة الدستورية والتشريعية بمناقشة مدى دستورية الحكومة الحالية، وطلب إعداد تقرير على وجه السرعة يناقشة المجلس الأسبوع بعد القادم، غير أنه استدرك موضحاً أن هذه الحكومة مشكلة وفقًا لأساس دستوري يختلف عن الأساس الدستوري القائم في التعديل ويتفق رجال القانون على أن تغيير الأساس لا يؤثر على صحة مشروعية التشكيل، لانه ليس هناك تغيير بأثر رجعي، وطالب اللجنة أن تكون حرة في مناقشاتها، وألا يأتي تقريرها نمطيًا، بل يتطرق إلى مناقشة جميع الاتجاهات ويعرض وجهات النظر المختلفة .

وبالتالي فإنه يتعين على هذه اللجنة ـ التي يسيطر عليها نواب الحزب الحاكم ـ أن تبحث الأساس الدستوري لتشكيل الحكومة الحالية قبل تعديل الدستور، وهل يتغير الوضع بعد هذا التعديل، وهو الذي يشترط ثقة المجلس على تعيين الحكومة أم أن الحكومة تستند إلى أساس سليم، ومن ثم يجب أن تستمر لأن رئيس الجمهورية هو الذي يشكل الحكومة أو يقبل استقالتها .

دفاع حكومي

ورد مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، بالتأكيد على أن هذه المادة لها اثر فوري في التطبيق على كل حكومة تشكل بعد 26 مارس أي بعد نفاذ الدستور وهذه الحكومة لم تؤلف بعد ذلك فلا يطبق عليها التعديل وبذلك لا يكون هناك إلزام دستوري ولا قانوني لتطبيق هذه المادة المعدلة .

وأضاف ان الدستور قبل التعديل كان ينص على أن تتقدم الحكومة ببرنامجها لمجلس الشعب كل دورة انعقاد جديدة ليوافق المجلس على البرنامج لكن هذه المادة الغيت والزم الدستور الحكومة بتقديم برنامجها فور تشكيلها ويمكن للمجلس أن يدعو رئيس الوزراء والوزراء بعد ذلك لتقديم بيانات أو الرد على أية استفسارات يطلبها المجلس، وقد قامت الحكومة بذلك في الماضي بالفعل، وستقوم به في أي وقت يطلبه المجلس .
وأكد شهاب أن الحكومة الحالية ليست ملزمة بأن تقدم بيانا عن برنامجها لتنال به ثقة المجلس وفقا للتعديلات الدستورية الأخيرة لأن المجلس وافق على بيانها سابقا ولم يتم اعادة تشكيلها أو تشكيل حكومة جديدة وهذا أمر يختص به رئيس الجمهورية وفقا للدستور.

لكن هذا الكلام لم يوافق عليه محمود أباظة رئيس حزب الوفد وقال ان الدستور كان لا يشترط ثقة المجالس لأداء الحكومة دورها ولكن بعد التعديل اشترط الدستور هذه الثقة لتمارس الحكومة دورها أي أن استمرار الحكومة مرهون بتعيينها من قبل الرئيس وثقة المجلس وهذه الحكومة ينقصها شرط الثقة ومن ثم يجب أن تستوفيه ولن تجد صعوبة في ذلك نظرا لتوافر أغلبية كبيرة لها.. ودعا الحكومة إلى تنفيذ هذه الشروط .
وقال النائب أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة أنه مع رأي الحكومة بدستورية الحكومة الحالية ودلل على ذلك بأن الدستور لو كان حدد نظاما انتخابيا بالقائمة مثلا فهل معني هذا أن تشكيل المجلس سيكون باطلا.. مؤكدا أنه لا يتصور ذلك .

معركة قانونية

أما النائب والوزير السابق كمال الشاذلي، فقد أدلى بدلوه في الأمر قائلاً quot;إنه طالما يوجد بشأن هذا الأمر رأيان ولايوجد هناك رأي قاطع بشأنه، فمن المستحسن أن تأتي الحكومة ببيان وبرنامج جديد للمجلس لمناقشتهquot;، وأضاف قائلاً : quot;إن المادة تنص على أن الحكومة تتقدم ببيانها بعد تشكيلها، واذا لم تشكل حكومة جديدة خلال السنوات القادمة فهل سيكون برنامج العام الماضي الذي وافقنا عليه هو البرنامج الذي سيحاسبها المجلس عليه، وقال ان هناك مستجدات اقتصادية وسياسية واجتماعية تحدث يوميًا تتطلب أن تبدي الحكومة رأيها فيها، ولذلك يجب أن يكون هناك برنامج جديد للحكومة .

وعاد مفيد شهاب ليؤكد مجددًا أنه لا اجتهاد مع النص ولا تفسير لما ليس في حاجة لتفسير فالتعديل الدستوري لا ينطبق على الحكومة الحالية وإنما على أي حكومة تشكل بعد نفاذ هذا التعديل، وقال إن القانون لا يعرف quot;الضمنيةquot; مطلقًا ولا يترتب عليها أي حكم كما يقول النائب كمال أحمد من أن الحكومة تكون مستقيلة ضمنيًا بعد التعديلات الدستورية .

غير أن النائب زكريا عزمي ـ رئيس ديوان رئاسة الجمهورية ـ حسم المناقشة قائلاً quot;إن هذا الموضوع حساس ولن نستطيع القطع برأي فيه، وطالب بإحالته على اللجنة التشريعية لدراسته وعرض تقرير بشأنه لحسم الأمور .

وتساءل عدد من النواب هل هذا التعديل يعني أن الحكومة تقدم برنامجها فور تشكيلها لتحصل على ثقة المجلس ولو استمرت خمس سنوات مثلا فهذا هو برنامجها لا تعديل عليه .

وفي ختام المناقشة قرر سرور إحالة الأمر على اللجنة الدستورية... وقال ان اللجنة يجب أن تبحث هل تغير الوضع الدستوري للحكومة بعد تعديل الدستور وهي التي شكلت وفق نص دستوري سابق سليم وما هو الأساس لاستمرارها .