إريتريا تساهم بتصعيد المشكلة في الصومال
السفير الإثيوبي في الرياض: إتفاقية جدة مهمة وجوهرية

روضة الجيزاني من الرياض: نص إتفاق المصالحة الوطنية الصومالية الذي عقد في مدينة جدة في ( السعودية ) بحضور العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والرئيس الصومالي عبدالله يوسف، ودولة رئيس البرلمان أدم محمد نور، ورئيس الوزراء علي محمد جيدي، على اتفاق كل الأطراف، والإلتزام بجميع بنود الإتفاقية، وذلك في خطوة للخروج من الصراع الذي عانى منها الصومال لسنوات عديدة، ورأى بعضهم استقالة رئيس الوزراء جيدي أن من شأنها تصعيد الخلافات بين أطراف الاتفاق والتقليل من فرص نجاحه.

الاتفاقية وجدت ترحيبًا من بعضهم، فيما قرأها بعضهم الآخر إنها مجرد اتفاقية رمزية من شأنها دعم الحكومة الصومالية وأطراف النزاع سياسيًا وماديًا، الأمر الذي قد يعطيها بعدًا آخرًا يتمثل في أن تصبح سياجًا ضد تدخل أي أطراف أخرى استغلت الأوضاع السابقة والاقتتال، وحاولت جعل الصومال موطنًا للجماعات الإرهابية، وجاءت استقالة رئيس الوزراء الصومالي علي جيدي لتطرح العديد من التساؤلات خاصة أنها تزامنت مع وتيرة المظاهرات والاشتباكات بالعاصمة ( مقديشو ) والمطالبة برحيل القوات الأثيوبية من الصومال ؟

مصدر دبلوماسي (عربي) رفض الكشف عن اسمه اعتبر اتفاق المصالحة الذي تم في مدينة جدة مجرد توقيع لمفاوضات شهدتها العاصمة مقديشو، ورأى أن السعودية معنية بأوضاع القرن الإفريقي لأنها مرتبطة بالبحر الأحمر الذي يعتبر جزءًا من الأمن الوطني السعودي ـ إلا انه انتقد الدور السعودي عن عدم متابعته لتلك الاتفاقية، وقال إن متابعة الدور السعودي لأي اتفاقية تتم. يؤكد أن دورها ليس مجرد مادي أو دعائي، وإنما دور سياسي .

وبما أن دولة إثيوبيا تعتبر من جانب بعضهم جزءًا من الصراع الدائر في الصومال ودفعت فاتورة باهظة الثمن تمثلت في خسائر بشرية ومادية، لماذا لم يتم التطرق إلى دورها في تلك الاتفاقية، وما هي المكاسب التي قد توجد من خلال تغييب دورها من الاتفاقية ـ سفير حكومة جمهورية (إثيوبيا) الفدرالية الديمقراطية في (السعودية) يوسف عبدالله سكر تحدث (لإيلاف) موضحًا موقف بلاده من الأزمة قائلاً:

ـ المشاكل في الصومال معقدة إلى درجة أن الصومال كانت من دون حكومة لمدة( 16) عامًا، والاتفاقية تمت بمراحل عديدة، تجهيز الاتفاقية مع القبائل المختلفة والتوجهات المختلفة، وجمع هؤلاء الأطراف تأخذ وقتًا لأنهم جاءوا من أماكن مختلفة، وهذه الاجتماعات استمرت في مقديشو لمدة (45) يومًا، ولا شك أن حكومة السعودية قد تكون ساهمت في الإعدادات في كل المراحل، ولذلك الاتفاقية لم تأتي بين ليلة وضحاهاـ الاتفاقية التي وقعت في جدة برعاية الملك عبدالله هي اتفاقية هامة حقيقية وجوهرية، وليست كما وصفها البعض رمزية، والفاعل السعودي مهم لأن السعودية لها حجمها السياسي في سياسة العالم عمومًا وفي سياسة المنطقة خاصة، وثقلها الاقتصادي يعطيها هذا الشيء.

ومسألة الاستقرار والأمن يتطلبان معالجة الأمور بالحكمة والهدوء من الجانب السياسي ،كذلك هناك أمور أخرى متعلقة بمكافحة الفقر وتعزيز التنمية من الجانب الاقتصادي، والسعودية تملك كل هذه المتطلبات.

كيف تنظر دولة إثيوبيا إلى الاتفاقية في مجملها، وهل ترى ذلك بداية لعهد جديد قادم في الصومال؟


ـ في أول الأمر يجب التوضيح أن النزاع في الصومال هو في الأساس صومالي صومالي أي بين الصوماليين أنفسهم، ومن حيث المبدأ أثيوبيا لا تعتبر نفسها طرفًا في هذا النزاع، والمصالحة والاتفاقية التي تمت، لا بد من أن تكون اتفاقية بين الصوماليين ونحن في إثيوبيا ندعم أي طرف يتقدم، ويسهل إتمام هذه الاتفاقية، ولأن إثيوبيا ليست طرفًا في هذا النزاع والاتفاقية التي تمت في جدة لا تشملها، بل تشمل الأطراف المختلفة بين الصوماليين، ونحن نرحب بهذا الاتفاق ونقدر ما قام به خادم الحرمين الشريفين، وحكومة المملكة العربية السعودية.

ولكنه لم يتم التطرق إلى دور أثيوبيا في الاتفاقية أو الإشارة لها؟

ــ كما أشرت سابقًا نحن لسنا طرفًا في هذا النزاع، ولذلك لن نكون طرفًا في الاتفاق، ولكن ما يحصل في الصومال يعنينا في افتتاحيات جلسات المصالحة في مقديشو في تموز/يوليو الماضي والتي أدت إلى هذا الاتفاق، وكان لأثيوبيا حضورًا كاملاً. كما كان حضورًا للأطراف المعنية الأخرى: مثل منظمة الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، ومجموعة إيجاد وممثل رئيس جمهورية غانا التي تترأس الاتحاد الأفريقي، وحكومة كينيا التي تترأس مجموعة إيجاد، والاتحاد الأوروبي وفي خطاب بعض الزعماء الصوماليين أمام الملك عبدالله في اتفاقية جدة كان هناك إشارة لبلدان الجوار التي قدمت الدعم العسكري والمعنوي وهذا يشمل إثيوبيا.

ولكن هل تنظر إثيوبيا إلى الاتفاقية نظرة ايجابية؟

ــ دولة إثيوبيا تنظر إلى هذه الاتفاقية نظرة ايجابية لأن الأطراف المتفقة تشمل كثيرًا من القبائل والفصائل السياسية المختلفة، فالشعب الصومالي عان الكثير بسبب هذه الحروب ولديه رغبة في إتمام السلام في الصومال كذلك المجتمع الدولي ـ هناك إجماع على هذه الاتفاقية من اجل تحقيق السلام، والاستقرار في الصومال ويسمح لأهل المنطقة أن يركزوا على المسائل الاقتصادية، ومكافحة الفقر والمعارضة الصغيرة في الصومال، والتي تتكون من فئات صغيرة لا تجد دعمًا دوليًا، لكنها تجد دعمًا من دولة (ايرتيريا) التي أصبحت جزءًا كبيرًا في تصعيد الأزمات في الصومال وليس جزءًا في إتمام الحل!

هذا يقودنا إلى سؤال مهم ـ هل تشكل الأحداث الأخيرة الصادرة من الجارة ايرتيريا نقطة خطر على الاتفاقية وما هو دور أطراف الصراع من ذلك. خاصة بعد استضافة ايرتيريا مجموعة من المحاكم الإسلامية، وعقد اجتماع معهم؟

- هذا صحيح هناك فئات معارضة صغيرة لا تجد دعمًا دوليًا بشكل عام، (واريتريا) تدعم هذه الفئات الصغيرة، والمتابع للشأن الاريتري يجد أن( ارتيريا) أصبحت الآن معزولة سياسيًا، وكما يعلم الجميع أن (رتيريا) تؤدي دورًا سلبيًا في هذه المنطقة، وهذا هو تاريخ ارتيريا فمنذ تأسيسها كدولة عام1991)ـ 1993) في تاريخها القصير كدولة، اريتريا وقعت بصدام مع كل جيرانها بسبب أو بآخر، مثل: السودان، واليمن، كما قامت بغزو جزر الحنيش في اليمن بمبرر أنها ملكًا لها، وكما يعلم الجميع أن المحكمة الدولية أعطت القضاء آنذاك أن جزر حنيش جزء لا يتجزأ من اليمن ، ثم خلقت مشاكل مع جيبوتي ،ومع إثيوبيا ،كما أنها قامت بهجوم مفاجأ وغير مبرر على إثيوبيا في أيار/مايو عام (1998) واستولت على رقعة كبيرة من الأراضي الأثيوبية واتبع ذلك من خسائر بشرية ومادية .

هل تريد القول إن (ايرتيريا) تستخدم ثقافة العنف في المنطقة ؟


ــ نعم لديها ثقافة استخدام العنف، وخلق الأزمات لفرض إرادتها في المنطقة، وهي تعتبر نفسها قوة إقليمية كبيرة في منطقة القرن الأفريقي، وتحاول أن تكون هي محور الاهتمام ! على الرغم منأن عدد سكانها( 4) مليون نسمة، ومقومات البلد ضئيلة جدًا ـ تريد أن تفرض إرادتها على إثيوبيا والسودان والصومال وجيبوتي الذي يبلغ تعدادهم بأكثر من(140) مليون نسمة، ويلاحظ أن الزعماء الاريتريين يقارنون أنفسهم بدولة شرق أوسطية صغيرة من حيث السكان كما يزعم أنها تفرض إرادتها على البلدان العربية في الشرق الأوسط !

والمتابع لتصرفات (اريتريا) في هذه المنطقة عليه أن يقرأ الخطاب الذي وجهته اريتريا للأمين العام للأمم المتحدة مؤخرًا بأنها ستستخدم أي وسيلة عسكرية لفرض موقعها عبر الحدود الأثيوبية الاريترية، وأظهرت ذلك عمليًا، وطبقًا لما ورد في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في(18) يوليو2007) ) قامت مؤخرًا بتحصين مواقع دفاعية جديدة داخل المنطقة الآمنة الموقتة بين البلدين، واحتلت رقعة كبيرة منها بآلاف من المسلحين، وهؤلاء مسلحون بأسلحة هجومية، كما قامت بنشر ما لا يقل عن 8 آلاف مدني في الجبهة الجنوبية داخل المنطقة الآمنة يعضهم مسلحون، كذلك القيام باستفزازات، وتدخلات خطرة في أنشطة المراقبة الروتينية التي تقوم بها قوات حفظ السلام الدولية المتمركزة في المنطقة الآمنة بين البلدين كما أعلنت مجموعة المراقبة الدولية التابعة للأمم المتحدة في تقرير أصدرته.

وكل هذا يدل على أن اريتريا غير مهتمة بإقرار السلام والهدوء بالمنطقة وتسعى إلى إبقاء حالة الزعزعة والفوضى لدى دول الجوار لتفرض إرادتها الاقتصادية عن طريق الاستفزاز! وحسب تقرير الأمم المتحدة الذي صدر ـ في تموز/يوليو الماضي اريتريا أرسلت أعدادًا هائلة من الأسلحة إلى الصومال، وهناك أدلة واضحة أيضًا تثبت قيام اريتريا بتدريب وتسليح مجموعات إرهابية، وإرسالها إلى داخل إثيوبيا لزعزعة الأمن والاستقرار، ونحن قبضنا على مقاتلين اريتريين من ضمن تلك المجموعات، والسلام والتوافق في الصومال يقضي على هذه الجماعات المتطرفة في الصومال، وهذا غير مقبول من قبل اريتريا لأن هذا لا يعطيها المجال لخلق الزعزعة في إثيوبيا!

اختلاف الرئيس الصومالي عبدالله يوسف ودولة رئيس الوزراء علي محمد جيدي اعتبره محللين على انه بداية نزاع قادم، وانه قد يشكل نقطة اختلاف دائمة في صدر الاتفاقية كيف تعلقون على ذلك؟

ــ في ما يتعلق باستقالة رئيس الوزراء علي جيدي تمت الاستقالة بتوافق بين الفصائل المختلفة عن طريق المؤسسات، والبرلمان، وهذا لا يعني أن الاتفاقية قد انهارت، فالصومال مكون من عدة فصائل، وليس من المستبعد أن يكون خلاف بين الأطراف كما يحدث في كثير من الدول، خاصة أن الصومال ظلت لفترة طويلة بلا حكومة، وشهد خلافات عديدة ولكن الأمور الآن وصلت إلى درجة أن الصوماليون أنفسهم لا يريدون الاقتتال، وإنما الحوار وكل الأطراف المعنية الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، وبلدان الجوار يشجعون الحوار والحل السلمي، وموقف حكومة الصومال وحكومة إثيوبيا كان وما زال هو الحوار مع كل الأطراف المعارضة التي تتخلى عن استخدام القوة العسكرية، وهذا هو موقف المجتمع الدولي، وأنا أجد أن تعيين رئيس الوزراء الجديد سيتم بين بالتوافق بين الفصائل المختلفة عن طريق المؤسسات والبرلمان كما حدث في استقالة الرئيس السابق

ــ لذلك الحكومة الصومالية ونحن نعلم أن موقف المعارضة الصومالية وموقف اريتريا مرفوض من قبل المجتمع الدولي ومؤتمر المصالحة الذي عقد في مدينة جدة يؤكد على ذلك.

هناك صراع سياسي داخل الصومال، وهناك أيضًا مطالبة برحيل القوات الإثيوبية من الصومال .. كيف تعلقون على ذلك؟

ــ قد يكون هناك قبائل وفصائل، ومعارضة تعارض وجود الحكومة الانتقالية ـ ووجود الجيش (الإثيوبي) في الصومال، لكن الجيش الإثيوبي في الصومال جاء بدعوة من الحكومة الصومالية، ويجد قبولاً في المجتمع الدولي، وهو مستعد للخروج من الصومال في حال وجود الاستقرار وتواجد قوات بديلة، نحن نشجع دول أخرى للتواجد في الصومال للمساهمة في فرض الأمن، ونرحب بل ونناشد بوجود جيوش عربية .

في ظل كل هذه المتغيرات المتلاحقة ـ كيف تقرأ مستقبل الصومال ؟

ــ هذه ليست حلقة نهائية، ولكن حلقة لبداية النهاية. ما حدث في مؤتمر المصالحة بجدة، والعديد من المفاوضات والاجتماعات ليست حلقة نهائية لكنها أعطت قوة للحكومة الانتقالية لدى المجتمع الدولي وأصبح لديه اهتمام بهذه القضية وهذا من شأنه أن يفرز نهائيًا عن إيجاد حل دائم، ولكن كي تستقر الأمور في الصومال يجب أن يكون حد لتدخل الدولة الاريتيرية في المعارضة في الصومال ،ومنهم الأفراد المطلوبة في الإرهاب من قبل منظمة الأمم المتحدة، هناك مجموعات تستضيفها اريتريا وتقوم بتدريبها وتزويدها بالسلاح، والمعاني الأخير هو شعب الصومال، لذا نطلب من المجتمع الدولي أن يضغط على (اريتريا) لإيقاف مثل هذه التدخلات، والمغامرة بأرواح الصوماليين وممارسة سياسة الزعزعة التي لا تحمل الخير لأهل المنطقة، وللشعب الاريتري بالذات.