طبعوا صوره على حسابهم الشخصي
فلسطينيون يائسون يحيون ذكرى إعدام صدام

أسامة العيسة من حلحول: أحيت مدينة حلحول، شمال مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية، الذكرى الأولى لإعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، على طريقتها الخاصة. وعبر شبان من المدينة عن حزنهم على حسين، وذلك بتوزيع مئات الصور المختلفة للرئيس العراقي السابق الذي رأوا فيه رمزا لما أسموه quot; الكرامة العربية المهدورة quot;. ويخترق المدينة شارع القدس - الخليل التاريخي، وهذا ما وفر لمحبي صدام من شبانها، فرصة النزول إلى الشارع وإيقاف السيارات واعطاء صور صدام للسائقين والركاب. وقال أحد الشبان بأنهم طبعوا صور صدام في مطبعة محلية على حسابهم الشخصي، وانهم وزعوا الافا منها على عابري الشارع. ووقف آخرون على الشارع وهم يحملون يافطات تذكر الفلسطينيين بما أسموه استشهاد صدام حسين، فيما هتف غيرهم بحرقة بحياة حسين.

ويحظى حسين بشعبية ليس فقط في هذه المدينة ولكن في قرى وبلدات جبل الخليل، حيث يعلى من شأن ما يطلق عليه السكان الرجولة والنخوة والشهامة، وتختلط التقاليد والعادات العشائرية مع الثقافة المحلية المحافظة.وقال سائق عمومي لمراسلنا وهو من مدينة حلحول أيضا quot;لدي تسعة أبناء، وكنت أتمنى لو انهم ماتوا جميعا فداء لصدام، ولكي يبقى حياquot;. واضاف بزفرة حسرة واضحة quot;اشعر أحيانا بأننا كفلسطينيين السبب في مصير صدام، لان أي شخص يقف معنا، تقدم أميركا وإسرائيل على قتلهquot;.

ويذكر هذا السائق باعتزاز، إطلاق صدام حسين بضعة صواريخ على إسرائيل خلال حرب الخليج الثانية، وقال quot;لقد منع صدام التجول في تل أبيب، ويكفيه هذاquot;، في اشارة الى نزول الاسرائيليين الى الملاجيء بعد اطلاق الصواريخ التي تبين لاحقا بانها لم تشكل تهديدا حقيقيا على الاسرائيليين، ولم تحدث تدميرا في المباني التي سقطت عليها.

وتحاصر السلطات الإسرائيلية مدينة حلحول، وتغلق مداخلها الرئيسية، بالأتربة، وتركت للسكان طريقا ملتوية تمر عبر جبل النبي يونس، الذي يرتفع اكثر من ألف متر عن سطح البحر، وهو أعلى نقطة في فلسطين التاريخية. وتقيم إسرائيل عدة مستوطنات على أراض المدينة، التي أخذت اسمها من حلول النبي يونس فيها حولا كاملا، وفقا للميثولوجيا المحلية.

ويوجد ضريح النبي يونس في مسجد يحمل اسمه في المدينة، لا يحظى بأية قداسة لدى السكان، والذين حاولوا هدمه لدى تجديد المسجد القديم الذي يعود لزمن الأيوبيين، إلا أن السلطات الإسرائيلية تدخلت ومنعتهم من ذلك، ويصل بين وقت واخر مستوطنون يهودا الى داخل المسجد ويقيمون الصلاة داخله قرب ضريح النبي يونس. وتظهر في المدينة بقايا بنايات حجرية متهاوية، هي كل ما تبقى من البلدة القديمة في حلحول، التي هدمتها سلطات الاحتلال في سنوات الاحتلال الاولى، كي لا يختبئ فيها الفدائيين الفلسطينيين.

ويوجد في المدينة مركز للشرطة الفلسطينية، وعلى بعد 100 متر يوجد برج حراسة إسرائيلي، قتل جنوده عددا من الفلسطينيين خلال السنوات السابقة.
واعلن شبان المدينة بأنهم سيقيمون مهرجانا كبيرا غدا الاثنين، لتأبين صدام، ودعوا السائقين والركاب للمشاركة فيه. وقالوا بأنهم لا ينتمون لأي فصيل فلسطيني، وان ما يفعلونه من اجل صدام هو إحياء لذكرى شخص وقف مع فلسطين.

ويوجد في فلسطين فرع لحزب البعث بالإضافة إلى جبهة التحرير الفلسطينية، المتماثلة معه، وهي مشاركة في منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن لا يعتبر الحزب أو الجبهة من الفصائل أو التنظيمات الجماهيرية، وتقتصر نشاطات الجهتين على اصدار البيانات في المناسبات.

وليس كل الفلسطينيين مثل شبان حلحول المتحمسين لصدام، وقال أحد شبان المدينة quot;لا نستطيع القول بان صدام يتمتع بشعبية كبيرة وسط الفلسطينيين، واعتقد بان ما يفعله البعض مثل توزيع صوره، هو نوع من تعزية النفس، على الوضع المأساوي الذي يعيشه الفلسطينيونquot;. واضاف quot;انهم لا يبكون صدام، بعد عام على وفاته، ولكنه يبكون أنفسهم، واخفاقات القيادات الفلسطينية المتناحرة، والتي لا يهمها الشعب الفلسطيني أبداquot;.

عدسة ايلاف