القمة تصدر في قراراتها بنداً quot;فارغاًquot; عن هذه quot;العقدةquot; العاهل السعودي والرئيس اللبناني
قضية لبنان تتراجع والعلاقة بسورية تتقدم
إيلي الحاج من بيروت: بدا واضحاً من مجمل المواقف والخطب والإتصالات في الرياض أن الملف اللبناني تراجع في سلم اهتمامات القمة العربية المنعقدة الى مراتب متأخرة وخطوط خلفية، وما عاد متوقعاً أن تصدر عنها قرارات ومبادرات نوعية تتعلق بالوضع في لبنان، بل توصيات ومواقف عامة وحذرة تأخذ في الاعتبار الانقسامات والتوازنات اللبنانية الداخلية التي أفرغت بيان القمة في شقه اللبناني من أي مضمون نوعي وعملي.
وسجل في السياق هذا تغيّر في طبيعة التعامل السعودي مع الملف اللبناني، إذ بات يغلب عليه الحذر والتريث، في موازاة التراجع في زخم المساعي والاتصالات . ومن المتوقع ان تقوم المملكة السعودية بمراجعة شاملة للمرحلة السابقة وما اعتراها من ثغر وشوائب لتحديد أسباب المراوحة ومصادر quot;التعطيل والعرقلةquot; في لبنان ، وما يمكن ان يشكل طريقة جديدة وناجحة في ادارة هذا الملف من أجل ايصاله الى ضفة الحلول. فما كان قبل القمة العربية من زخم وقوة دفع ووتيرة مكثفة من التدخل، لا يتوقع له ان يستمر على هذا المنوال بعد القمة خصوصا في ظل وضع اقليمي على قدر عالٍ من quot;الضبابية والتوتر والأفق السياسي المسدودquot;.
وتتوقع أوساط قريبة من دمشق في بيروت رفع وتيرة التنسيق والتعاون السعوديين مع سورية في شأن الوضع اللبناني، والاستعانة بما لدى دمشق في لبنان من قوة نفوذ وتأثير سياسية لا تزال تحتفظ بها رغم انسحابها العسكري منه، لدفع مشاريع الحلول والتسويات الى الأمام وترسيخ حال الاستقرار في لبنان . كذلك تتوقع هذه الأوساط ان تشهد العلاقة السوري- السعودية تحسنا بعد القمة العربية وإن ببطء وتدرج . وهذا المنحى كان بدأ قبل القمة مع مبادرة الرياض الى ملاقاة دمشق في نصف الطريق في طريقة مقاربة مختلفة لقضايا وملفات المنطقة من العراق الى فلسطين مرورا بلبنان، وعلى قاعدةquot; وأد الفتنة quot;.
وقد تجلى تغيير السياسة السعودية في اتجاه التخلي عن التحفظ والحذر حيال قضايا المنطقة من خلال رعاية اتفاق مكة الفلسطيني بينquot; فتحquot; وquot;حماسquot;، و quot;التوسطquot; بين طرفي النزاع في لبنان مع ما عناه هذان التدخلان من اعتراف ب ldquo;حماسquot; واحتضان لها، ومن الانفتاح على quot;حزب اللهquot; بعد مرحلة توتر ابان حرب تموز/يوليو بينه وبين إسرائيل.
وجاءت القمة العربية لتكرس واقع التقارب بين دمشق والرياض وتطوي صفحة الجفاء والانقطاع التي فتحت لأشهر، إذ كان خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبد العزيز حريصا على استقبال الرئيس السوري بشار الأسد بحفاوة، وعلى عقد لقاء ثنائي معه قبل افتتاح أعمال القمة، تميّز ب quot;المكاشفةquot; .
لكن الأوساط المعارضة لسورية في لبنان تقول ان السعودية مستعدة لتحسين علاقاتها مع النظام السوري وحتى لإعطائه ضمانات، ولكن ليس بأي ثمن وليس على حساب لبنان. واذا كانت السعودية هي التي بادرت الى المصالحة، فإن مسؤولية تكريس المصالحة واعادة بناء الثقة، تقع على عاتق سورية التي عليها ان تدخل تغييرات جوهرية حقيقية وملموسة على سياساتها وتوجهاتها تشمل خصوصا الاعتراف السوري بلبنان المستقل، والتوقف عن التدخل السلبي في شؤونه ودعم الجهود السعودية والعربية لمعالجة الأزمة على أساس صيغة quot;لا غالب ولا مغلوبquot;، كما تشمل الموافقة على تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري، اضافة الى دعم quot;اتفاق مكةquot; فعلياً والمساهمة في تحقيق أمن العراق واستقراره والتخلي عن كل ما يقوي التطرف ويضعف الأنظمة العربية المعتدلة،واتباع سياسة تنسجم مع متطلبات الأمن والاستقرار في المنطقة ومع المصالح العربية العليا. ويبقى السؤال: هل أن سورية التي امتنعت عن إعطاء الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ستعطي الملك عبدالله بن عبد العزيز؟ أو أنها لا تزال تفضل التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة؟ وهل باتت سورية مستعدة لتغيير سياستها quot;جذرياquot; وأخذ مسافة من ايران في مقابل العودة إلى quot;الصف العربيquot; مع مصر والمملكة والعربية السعودية؟
التعليقات