وسيم الدندشي من الرياض: لم يلحظ كثيرون ما رافق الأمر الملكي الذي صدر يوم الجمعة الماضي، وهو يوم العطلة الرسمية، والذي كان يتعلق بتعيين الأميرة الدكتورة الجوهرة آل سعود على رأس الهرم لجامعة البنات في الرياض، من أن الأمر الملكي صدر أيضاً بخصوص اسم شاب آخر، له أن يكون انطلاقة التغيير الجذري في هيكلية النظام القضائي في المملكة العربية السعودية.

حيث تضمن الأمر الملكي تعيين الشيخ الدكتور محمد بن عبد العزيز العيسى على وظيفة نائب رئيس بدرجة رئيس محكمة تمييز، على أن ينفذ رئيس ديوان المظالم هذا الأمر من تاريخه، ويستند الأمر الملكي إلى المواد (الثانية والثالثة والثانية عشرة) من نظام ديوان المظالم.
الشقيق الأصغر
الدكتور العيسى (الشاب) الذي لم تتناقل خدمة الجوال الإخبارية العاجلةالتابعة لمختلف القنوات الإخباريةخبر تعيينهبدأ أولى مهماته بتصريح حازم لإحدى وسائل الإعلام المحلية، من أن ما يقرره ديوان المظالم من أحكام لابد من تنفيذها، وأن أي إخلال بذلك ستتم متابعته، في رسالة واضحة بأن لديوان المظالم ـ الشقيق الأصغر لمجلس القضاء الأعلى ـ سلطة سيتم من الآن تفعيلها بشكل أكبر، بانتظار القادم من القرارات.
العهد القديم
فيما جاء مواكبا لذلك خبر وفاة عميد ومؤسس القضاء السعودي الشيخ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ وزير العدل الأسبق عن عمر يناهز ثمانية وثمانين عاما إثر مرض عانى منه طويلا.
وقد سبق أن عمل عضوا في هيئة كبار العلماء ورئيسا لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد كما كلف برئاسة مجلس القضاء الأعلى، حيث صدر بيان من الديوان الملكي ينعيه، وصلى عليه ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز.
الشيخ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، هو الابن الثاني لمفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم، وهو سليل الأسرة الحليفة للأسرة المالكة، والتي تسيطر منذ نشأة الدولة على مجمل المناصب الدينية في البلاد. وينظر للشيخ إبراهيم بن محمد في المملكة العربية السعودية على أنه واحد من أهم رجالات المؤسسة الشرعية والقضائية البارزين الذين أسهموا في صنعها.
وقد تم تعيينه مسؤولاً ومشرفاً على عدد من الإدارات إلى أن صدر القرار بتعيينه نائبا لوالده المفتي العام الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، ثم بعيد وفاة والده عين رئيساً لإدارات البحوث العلمية والإفتاء إثر تحولها من دار الإفتاء ليكون أول رئيس لها في تاريخها.
وفي عام 1975م صدر القرار الملكي بإسناد وزارة العدل إلى الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ. كما كان رئيساً لمجلس القضاء الأعلى في الوكالة سنوات أخرى بعيد وفاة رئيسه الشيخ عبد الله بن حميد عام 1981 .
أيضا .. العهد القديم
اسم آخر يعتبر ومنذ عام 1992م المتنفذ الأول في مجلس القضاء الأعلى، أبرز وأعلى هيئة قضائية في السعودية، والذي له الاستقلالية المطلقة كاستثناء يستلزمه المنصب، بالتعيين والفصل حسبما يرى هو وحده. ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالفكر القضائي المؤسس، وذلك من خلال عمله سكرتيراً خاصاً للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية السابق.
الشيخ صالح بن محمد اللحيدان، اسم ارتبط بالقضاء السعودي، ولد في مدينة البكيرية في منطقة القصيم عام 1931 وقد تخرجفي كلية الشريعة في الرياض عام 1959، وعمل سكرتيرا للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله مفتي الديار السعودية السابق في الإفتاء بعد تخرجه ، إلى أن عين عام 1963 مساعدا لرئيس المحكمة الكبرى في الرياض، ثم صار رئيسا للمحكمة عام 1964.
وقد حصل على رسالة الماجستير من المعهد العالي للقضاء عام 1969 واستمر رئيسا للمحكمة الكبرى إلى أن عين عام 1970 قاضي تمييز وعضوا في الهيئة القضائية العليا.
وفي عام 1982 عين رئيسا للهيئة الدائمة في مجلس القضاء الأعلى، واستمر في ذلك نائبا لرئيس المجلس في غيابه إلى أن عين عام 1992 رئيسا للمجلس في الهيئة العامة والدائمة. وهو أيضا عضوا في هيئة كبار العلماء منذ إنشائها عام 1971.
مواجهات وتطمينات
كثيراً ما كان ولا زال الشيخ اللحيدان طرفاً أساسياً في مواجهات عدة مع مستشارين قضائيين، وأعضاء من هيئة كبار العلماء بسبب اختلافهم حول اجتهاد ما، في قضية معينة. يبرز بين الحين والآخر إلى السطح شيء من تفاصيلها.
من أبرز ذلك مواجهات متكررة مع عضو مجلس الشورى والمستشار القضائي الدكتور عبدالمحسن العبيكان، الذي كثيرا ما طالب بتطوير القضاء، وإحداث تغيير جذري في هيكله وأنظمته، وصل به الأمر إلى التصريح بأن فساداً ما من نوع ما بدأ يستشري في الجهاز القضائي، مما جعله مراراً عرضة لاتصالات هاتفية معاتبة من مسؤولين بارزين، يرافقها تطمينات باقتراب تغيير ما.
أما ما يتعلق بالخلاف حول قضية فقهية بحتة، لها ارتباط بالاختصاص القضائي، فإنها مواجهة يتيمة يتذكرها الإعلام السعودي عند اقتراب شهر رمضان، بالخلاف الشهير حول إثبات دخول الشهر بالطرق التقليدية التي لا يرتضي الشيخ اللحيدان غيرها وهي الرؤية بالعين المجردة.
فيما ينتظر عضو هيئة كبار العلماء الدكتور عبدالله بن منيع الموعد ليصدر دراسة تعتمد في إثبات دخول الشهر ونهايته على النظر الفلكي، الذي بإهماله وعدم اعتباره إهمال لنظريات رياضية متخصصة، فضلا عن علم مستقل له نظرياته وقوانينه.
قرارات وتحولات
في الأفق القريب، وكما تفردت quot;إيلافquot; منذ عدة أسابيع، وأكد ذلك مؤخراً عضو مجلس الشورى العبيكان يوم الأربعاء الماضي أن نظام القضاء الجديد سيقر من قبل المجلس خلال الأسبوع المقبل.
يأتي في مقدمة ما هو منتظر قرار يتعلق بإعادة هيكلة مجلس القضاء الأعلى، بحيث يتم إلغاء صلاحيات المجلس في ما يتعلق بالنظر القضائي، على أن يكون المجلس الأعلى للقضاء ـ كما يعتزم أن يسمى ـ متخصصًا في سنِّ السياسات القضائية العامة، وإقرار المبادئ القضائية، كما هو جار في مختلف بلدان العالم، وكما هو متعارف عليه قضائيًا.

وسيكون البديل لمجلس القضاء الأعلى من الناحية القضائية المباشرة ما سيعرف بالمحكمة العليا، التي ستندرج تحتها جميع المحاكم الجديدة والتي ستنشأ بناءً على أوامر ملكية، وذلك بهدف تطوير القضاء، كالمحاكم العمالية والمحاكم التجارية، وغيرها.

علمًا أن هناك العديد من الأنظمة قيد الصدور عاجلاً كمدونة أحكام الأسرة، ونظام الشركات، ونظام العقار، ممّا يتطلب تطويرًا شاملا في القضاء، والقضاء الإداري في الدولة (أي ديوان المظالم)، ليكون أكثر ديناميكية ومواكبة للخطوات المتسارعة باتجاه التفاعل مع أنظمة وقيود منظمة التجارة العالمية، وما يقتضيه الإعلان الرسمي الأخير من أن التعاملات الحكومية الإلكترونية ستكون سيدة الموقف في عام 2008.

على أن تتم تغييرات شاملة في أعضاء مجلس القضاء الأعلى من بينها إعفاء رئيس المجلس الحالي الشيخ صالح اللحيدان من منصبه نظرًا لحالته الصحية المتردية إثر وعكة ألمت به بعد مناسك الحج العام الماضي، ألزمته البقاء أيامًا في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض.