150صفحة أشعلت التكهنات والاحتمالات:
إسرائيل تناقش الأجزاء السرية من تقرير فينوغراد

أسامة العيسة من القدس :تثير الأجزاء السرية من تقرير لجنة فينوغراد، التي فحصت إخفاقات إسرائيل في حرب لبنان الأخيرة، اهتمام المتابعين، وتقع هذه الأجزاء في نحو 150 صفحة، لم تكشف عنها اللجنة التي حمّلت ايهود اولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي المسؤولية عما أسمته الفشل في تلك الحرب.والتأم المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، قبل ظهر اليوم، لمناقشة الجزء السري من تقرير فينوغراد، الذي احدث ما اعتبر زلزالا في إسرائيل.واقتصار مناقشة التقرير السري على المجلس الوزاري المصغر، وهو مجلس أمني، يعني أن ليس كل الوزراء في الحكومة الإسرائيلية سيطلعون على كامل تقرير لجنة فينوغراد، بالاضافة إلى حجبه عن باقي الجمهور الإسرائيلي، مما يجعل فحوى التقرير السري عرضة للتكهنات والاحتمالات.

وتقدر أوساط حزب الله اللبناني، أن الأجزاء السرية من تقرير فينوغراد، يتضمن معلومات عن أدوار لجهات لبنانية في الحرب، سيشكل الكشف عنها، إحراجا لهذه الجهات، في حين تحدث السيد حسن نصر الله، عن أن التقرير السري يتحدث على أن قرار الحرب على لبنان، كان في الأصل قرارا أميركيا، نفذته إسرائيل، في سعي الأولى إلى ترتيب الشرق الأوسط كما تراه.

المحلل العسكري العميد يوسف الشرقاوي، يعتقد أن جزءا من التقرير السري عبارة عن تلخيص لدراسة استراتيجية أعدها باحث عسكري اسمه رون طيرة, وهو طيار حربي, وقائد كبير في الإستخبارات العسكرية, وقائد في الوحدات الخاصة الإسرائيلية, وهو ركن أساسي في وحدة التخطيط العسكري, في سلاح الجو الإسرائيلي, وكل ذلك كان في السابق، أما الان فيحمل صفة ضابط احتياط.

الدراسة التي أعدها طيرة، قدمت إلى معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب, وبينت هذه الدراسة, التي سرب جزء منها إلى وسائل الإعلام، بدقة حال الجيش الإسرائيلي, خلال حرب تموز (يوليو) الماضي.

وعن أهم ما حوته هذه الدراسة تحدث الشرقاوي لمراسلنا قائلا quot;أقر الباحث بان الجيش الإسرائيلي, عاجز عن خوض حرب تقليدية, وانه ليس بإمكان هذا الجيش رغم تفوقه الطاغي إلا أن يستخدم النار عن بعد فقط, وبأنه لن يتمكن من حسم المعركة, بالمواجهة, وقارن الباحث بين حرب تموز وبين حرب أميركا في فيتنام وحربها في العراق, وحرب حلف الناتو في يوغوسلافيا سابقا, وتطرق كذلك إلى حرب أكتوبر عام 1973, بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا وبمشاركة جيوش بعض الدول العربية, وبيّن كذلك فشل عقيدة القتال الإسرائيلية الحديثة, المبنية على (الصدمة والترويع) والأرض المحروقة أي حرق الأرض بالنيران عن بعد, والحرب النفسية, لإجبار العدو على الإنهيار والإستسلام, وأكد أن الجيش الإسرائيلي غير قادر على المواجهة, لأن هذه المواجهة, سوف تحمله خسائر لا طاقة له بهاquot;.

الباحث الاستراتيجي الإسرائيلي تطرق أيضا إلى قدرات حزب الله، وبين كيف أن هذا الحزب استطاع أن يبني بنجاح منقطع النظير، بناء صامتا, لقدراته العسكرية, واللوجستية, والتعبئة النفسية العقيديةquot;.

ويرى الشرقاوي ان التعبئة النفسية العقيدية هي quot;العامل الأهم في كسب الحرب على الأرضquot;.

ورصد الباحث الإسرائيلي quot;بناء حزب الله لمنظومة دفاعية متماسكة, وغير ظاهرة فوق الأرض، والتي شكلت المفاجأة الكبرى والأساسية, لفخر الصناعات العسكرية الإسرائيلية, المتمثلة في دبابة الجيل الرابع من الميركافاةquot;.

وحسب الشرقاوي فان الخبراء في إسرائيل توقفوا مطولا أمام نجاح حزب الله في بناء الوحدات المدفعية الصاروخية, التي طالت العمق الإسرائيلي, واستطاعت الاستمرار بالقصف الصاروخي حتى آخر يوم في المعركة, وأثبت رماة المدفعية أنهم قادرون على إدارة النيران حسب الحاجة وعند الحاجة.

ويقول الشرقاوي quot;استطاع الحزب اللبناني بفعل صلابة مقاتليه, أن يستوعب قوة النار الإسرائيلية الهائلة, وتفريغها من محتواها الفعّال, واستطاع مواصلة الصمود, والتعرض الناجح لهجمات العدو في الجبهة وفي العمق, وأفشل انزالات العدو المجوقلة, والبحرية, في الساحل (الشبريحا) والإنزالات بالعمق, إنزال ( بعلبك) لخطف قادة الحزب, ليثبت أن قوة ردعه ما زالت قائمة, إذ استطاعت تشكيلات الحزب العسكرية أن تكسر قوة الردع الإسرائيليةquot;.

الباحث الإسرائيلي طيرة يقول، حسب تسريبات وسائل الإعلام الإسرائيلية quot;صحيح أن حزب الله مبني على أساس جهاز عسكري متكامل, لكن هذا البناء حسب عقيدة حرب عصابات, من طراز جديد, مختلط ما بين البناء النظامي, والبناء العصابي, مبني كتشكيل, وليس له عمليا مفاصل حساسة, أو نقاط ضعف قاتلة, ومتماسك أمنيا, وهنا يكمن السبب في فشل الجيش الإسرائيلي الأمني والإستخباريquot;.

ويعلق الشرقاوي على ذلك بالقول quot;إن حزب الله بنى على أساس جهاز عسكري/ تنظيمي, بكل ما

للكلمة من معنى, لذلك استطاع أن يبدع مقاتلوه في ميدان القتالquot;.

ومن أهم ما تضمنه تقرير الباحث الإسرائيلي، معتمدا على تقارير جهات محايدة, سفراء أجانب، وملحقين عسكريين, عرب وأجانب في تل أبيب وبيروت, أن الجيش الإسرائيلي, أطلق ما يلي على مسرح العمليات في لبنان في حرب تموز (يوليو) الماضي:

*200,000 قذيفة مدفعية من مختلف العيارات.

*18,000 _20,000 غارة جوية.

*1,500000 قنبلة عنقودية.

*1000 ساعة إبحار للقطع البحرية الإسرائيلية.

*3500 قذيفة بحرية.

*مجموع قوة النار الإسرائيلية لم تستطع تدمير اكثر من 40 هدفا عالي القيمة من الأهداف العسكرية للحزب اللبناني, وتمكنت إسرائيل من قتل نحو 300 مقاتل من أفراد الحزب, في حين استطاع الحزب أن يعطب أكثر من بارجة حربية إسرائيلية, وأن يسقط طائرات مروحية, وأن يدمر نحو150 دبابة ميركافاة من كافة الأجيال.

يؤكد الشرقاوي أن حزب الله quot;استطاع أن يفشل الجيش الإسرائيلي على المستوى الإستراتيجي, والعملياني, والتكتيكي, واستطاع أن يخرج من المعركة سالم الرأس, والجسم, والأطراف, بفعل الإبداع العسكري الميداني, لكافة المستويات القيادية, وبفعل العقيدة الإيمانية, بحتمية النصر, من خلال الإعداد, والتحضير, والاستعداد, لحرب من هذا النوع, واستحضار كل عوامل النصر والنجاح, لأبعد حد لتحقيق النصر, من خلال العمل الميداني الخلاّق, والمقدرة, والصلابة, والشجاعة, والانضباط, وحب التضحية, والثقة الراسخة بالقيادة, وقوة العقيدة والإيمان, من خلال تبني فلسفة بسيطة ولكنها عميقة, في الجوهر, مبنية على كسر نظرية تفوق العدو في الميدان, والإصرار على عدم تمكينه من إحراز النصر, من خلال توجيهه للنار عن بعد, واستبعاد ثقافة الهزيمة, واستحضار كل عوامل النصر والنجاح في الميدانquot;.

وفي حين أن الاهتمام الإعلامي في إسرائيل كبير بتقرير لجنة فينوغراد، إلا أنها تراقب باهتمام ما يجري على صعيد حزب الله، ووفقا للقناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي التي تلعب مع قناة المنار التابعة لحزب الله ما يمكن تسميته (لعبة القط والفار) فان الحزب اللبناني، استخلص العبر من الحرب، واجرى تقويما شاملا، وعزل بعض المسؤولين عن الاخفاقات، واعاد تنظيم صفوفه، مستبعدا كل الفاشلين، وان كان لا يعلن عن ذلك.

ودأب تلفزيون المنار استخدام ما يقوله صحافيو المحطة الإسرائيلية في الكليبات التعبوية التي يبثها، وتعيد القناة العاشرة بثها والتعليق عليها بشكل يمزج من السخرية والجد، وإبداء الانطباعات حول جودة كليبات المنار، وتوجيه النصائح لاخراجها بشكل افضل.

ومن جانب أخر، يتوقع أن تنشر اليوم لجنة فينوغراد إفادات ثلاثي حرب تموز الكبار: رئيس الوزراء إيهود أولمرت، ووزير الدفاع عمير بيرتس، ورئيس الأركان السابق الجنرال دان حالوتس.

وقررت اللجنة نشر مضمون هذه الإفادات قبل حلول الموعد الأخير الذي حددته محكمة العدل العليا لذلك، وستحذف من هذه الإفادات مقتطفات تتناول مواضيع سرية لم تسمح الرقابة العسكرية بنشرها.

ومن المتوقع أن يجدد نشر هذه الإفادات، النقاش ويزيده سخونة حول تقرير لجنة فينوغراد.