حرب اللافتات والأفكار... أحدث الساحات الطائفية
محمد الذي أصبح بيشوي... زلزال جديد يهزّ مصر
محمد الذي أصبح بيشوي... زلزال جديد يهزّ مصر
نبيل شرف الدين من القاهرة: إنتقلت أجواء الإحتقان الطائفي من ساحة الإعتداءات والإعتصامات، إلى ساحة جديدة هي quot;المعارك الفكريةquot;، وهي نوع لا يقل خطورة عن اللجوء إلى العنف والعنف المضاد، وذلك على خلفية قصة الشاب المصري المثير للجدل محمد أحمد حجازي، الذي أصبح يفضل أن ينادى باسم مسيحي جديد هو (بيشوي)، بعد أن أعلن اعتناقه وزوجته العقيدة المسيحية، وأكدا عزمهما مقاضاة السلطات لتسجيل طفلهما الذي لم يزل جنينًا في بطن أمه، كمسيحي المولد، وأن يدونا في كافة الأوراق الرسمية باعتبارهما مسيحيين.
ولم يكتفِ محمد أو بيشوي بهذا الإعلان الصريح غير المسبوق في مصر، على الرغم من وجود حالات quot;تنصيرquot; أخرى لكن أبطالها لم يقدموا على هذه الخطوة من داخل البلاد، ولا بهذه الطريقة التي لا تخلو من التحدي للسلطة وذائقة المجتمع الذي تهيمن عليه غالبية ساحقة من المسلمين، ووسط أجواء وصل فيها التعصب كثيرًا إلى حد quot;الهوس الدينيquot;، كما يقول علماء الاجتماع السياسي.
المواطنة وحرب اللافتات
لهذا، وامتدادًا لسلسلة الاحتقانات الطائفية التي شهدتها مصر على نحو متواتر خلال الأعوام الأخيرة، والتي وصلت فيها الأمور إلى حد إراقة الدماء من الجانبين المسلم والمسيحي، فقد كان منطقيًا أن تشكل قصة quot;محمد ـ بيشويquot;، زلزالاً يهز الرأي العام، وينشغل به الإعلام، ويستغله المتعصبون من هنا وهناك لتصفية حسابات مزمنة، وإطلاق قذائف المدفعية المضادة للآخر، بينما أصابت الناس حالة ملل من فرط استخدام تعبير quot;المواطنةquot;، سواء على صعيد الساسة أم النخب، بينما ليس هناك من مواطنة ولا من هم يحزنون، فالمثير للدهشة هنا أنه فيما مضى وحتى خمسينات القرن الماضي، لم يكن هناك من يتحدث أو ربما سمع بمصطلح quot;المواطنةquot;، ومع ذلك فقد كانت هناك مواطنة حقيقية، وكان مجرد السؤال عن ديانة المصري مما يعد تجاوزًا لحدود اللياقة، حتى اندلعت الآن في مصر ما يمكن وصفه بـ quot;حرب اللافتاتquot;.
فبعد أن أغرقت شوارع القاهرة ملصقات على آلاف السيارات تحمل عبارات وشعارات دينية، تحدد الهوية على نحو استدعى ردة فعل من قبل المسيحيين، الذين راحوا يضعون الصلبان والأيقونات والملصقات المسيحية بدورهم.
لهذا، وامتدادًا لسلسلة الاحتقانات الطائفية التي شهدتها مصر على نحو متواتر خلال الأعوام الأخيرة، والتي وصلت فيها الأمور إلى حد إراقة الدماء من الجانبين المسلم والمسيحي، فقد كان منطقيًا أن تشكل قصة quot;محمد ـ بيشويquot;، زلزالاً يهز الرأي العام، وينشغل به الإعلام، ويستغله المتعصبون من هنا وهناك لتصفية حسابات مزمنة، وإطلاق قذائف المدفعية المضادة للآخر، بينما أصابت الناس حالة ملل من فرط استخدام تعبير quot;المواطنةquot;، سواء على صعيد الساسة أم النخب، بينما ليس هناك من مواطنة ولا من هم يحزنون، فالمثير للدهشة هنا أنه فيما مضى وحتى خمسينات القرن الماضي، لم يكن هناك من يتحدث أو ربما سمع بمصطلح quot;المواطنةquot;، ومع ذلك فقد كانت هناك مواطنة حقيقية، وكان مجرد السؤال عن ديانة المصري مما يعد تجاوزًا لحدود اللياقة، حتى اندلعت الآن في مصر ما يمكن وصفه بـ quot;حرب اللافتاتquot;.
فبعد أن أغرقت شوارع القاهرة ملصقات على آلاف السيارات تحمل عبارات وشعارات دينية، تحدد الهوية على نحو استدعى ردة فعل من قبل المسيحيين، الذين راحوا يضعون الصلبان والأيقونات والملصقات المسيحية بدورهم.
وامتدت أجواء حرب اللافتات إلى كل مكان تقريبًا، من أبواب المنازل، وصولاً إلى المساجد والكنائس، مرورًا بظاهرة مترو الأنفاق الذي أصبح ساحة للدعوة والترويج للتعصب الديني، ناهيك عن انتشار النقاب والجلباب ورقعة البرامج والموضوعات الدينية في كافة وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، وبدت حالة الاستقطاب في المجتمع المصري عند أكثر زواياها حدة وانعطافًا.
أجواء الطائفية
وسط هذا المناخ المتوتر، وفي هذه الأجواء المحتقنة، وبينما تستعر معركة حول أحقية العائدين إلى المسيحية بعد اعتناقهم الإسلام، حتى تفجرت قنبلة من العيار الثقيل، بطلها الشاب محمد بيشويquot; الذي يبدو سلوكه مشوباً بقدر من الالتباس والغموض، إذ تنقل في غضون عدة سنوات بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، من الثورية الاشتراكية إلى السلفية الوهابية، حتى استقر به المقام عند إعلان تحوله إلى المسيحية وفق هذا السيناريو الفج، الذي حقق له فيما يبدو ـ وكما قال محاميه القبطي الذي تنحى عن قضيته ـ رغبته في الشهرة وسعيه إليها مما دفع محاميه ممدوح نخلة إلى التخلي عن مباشرة هذه القضية وانسحابه منها، quot;لأنه لا يريد أن يثير الرأي العام في مصرquot;، على حد تعبيره في مؤتمر صحافي عقده خصيصًا لإعلان انسحابه.
وسط هذا المناخ المتوتر، وفي هذه الأجواء المحتقنة، وبينما تستعر معركة حول أحقية العائدين إلى المسيحية بعد اعتناقهم الإسلام، حتى تفجرت قنبلة من العيار الثقيل، بطلها الشاب محمد بيشويquot; الذي يبدو سلوكه مشوباً بقدر من الالتباس والغموض، إذ تنقل في غضون عدة سنوات بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، من الثورية الاشتراكية إلى السلفية الوهابية، حتى استقر به المقام عند إعلان تحوله إلى المسيحية وفق هذا السيناريو الفج، الذي حقق له فيما يبدو ـ وكما قال محاميه القبطي الذي تنحى عن قضيته ـ رغبته في الشهرة وسعيه إليها مما دفع محاميه ممدوح نخلة إلى التخلي عن مباشرة هذه القضية وانسحابه منها، quot;لأنه لا يريد أن يثير الرأي العام في مصرquot;، على حد تعبيره في مؤتمر صحافي عقده خصيصًا لإعلان انسحابه.
كما تأتي هذه القصة بعد تصريحات لمفتي مصر الشيخ علي جمعة الشهر الماضي، قال فيها إن المسلمين بوسعهم تغيير دينهم بما أن هذه quot;مسألة ضميرquot; بين الشخص وربّه، كما نشر على موقع المنتدى المشترك لصحيفة quot;واشنطن بوستquot; ومجلة quot;نيوزويكquot; على شبكة الانترنت، والذي نسب إلى المفتي قوله quot; quot;إذا كان السؤال الرئيس المطروح هو هل يستطيع شخص مسلم أن يختار دينًا آخر؟ والجواب : نعم يستطيعquot;.
أندرو وماريو
وبدا أن quot;محمد ـ بيشويquot; عاقد العزم على المضي في تحديه حتى النهاية فأعلن أنه اتفق مع زوجته ـ وهي مسلمة اعتنقت المسيحية كذلك وهي حامل ـ على أن يُسجل طفلهما كمسيحي في شهادة ميلاده، وأوضح أنه عقد قرانه وسجله رسميًا وفقًا لقواعد الشريعة الإسلامية لأن ديانته وديانة زوجته في بطاقات هويتهما هي الإسلام، غير أنهما عادا وتزوجا بعد ذلك في الكنيسة، وفق طقوسها كمسيحيين أرثوذكسيين
وعلى الرغم من خلو القانون المصري من أي نصوص تتحدث عن الردة أو تؤثمها، إلا أن آلاف المسيحيين المصريين الذين أشهروا إسلامهم لأسباب اجتماعية غالباً، (كالرغبة في الزواج من مسلمة، أو في الطلاق الذي تحظره الكنيسة القبطية بشكل صارم)، وباتوا برغبون في العودة الى دينهم المسيحي يواجهون مشكلات إدارية جمة، إذ ترفض السلطات تغيير ديانتهم في بطاقة الهوية أو في أي أوراق رسمية، مما خلق لهؤلاء مشكلات لا حصر لها، ووصلت في بعض الحالات إلى مفارقات مثيرة كما في حالة الطفلين الشقيقين ماريو وأندرو اللذين اعتنق والدهما الإسلام، وسجلهما باسمين إسلاميين، لكن الطفلين رفضا أن يعترفا بكونهما مسلمين، كما رفضا أيضًا دخول امتحان مادة الدين الإسلامي في المدرسة، وكتب احدهما في ورقة الإجابة عبارة واحدة هي : quot;أنا مسيحيquot;.
وبدا أن quot;محمد ـ بيشويquot; عاقد العزم على المضي في تحديه حتى النهاية فأعلن أنه اتفق مع زوجته ـ وهي مسلمة اعتنقت المسيحية كذلك وهي حامل ـ على أن يُسجل طفلهما كمسيحي في شهادة ميلاده، وأوضح أنه عقد قرانه وسجله رسميًا وفقًا لقواعد الشريعة الإسلامية لأن ديانته وديانة زوجته في بطاقات هويتهما هي الإسلام، غير أنهما عادا وتزوجا بعد ذلك في الكنيسة، وفق طقوسها كمسيحيين أرثوذكسيين
وعلى الرغم من خلو القانون المصري من أي نصوص تتحدث عن الردة أو تؤثمها، إلا أن آلاف المسيحيين المصريين الذين أشهروا إسلامهم لأسباب اجتماعية غالباً، (كالرغبة في الزواج من مسلمة، أو في الطلاق الذي تحظره الكنيسة القبطية بشكل صارم)، وباتوا برغبون في العودة الى دينهم المسيحي يواجهون مشكلات إدارية جمة، إذ ترفض السلطات تغيير ديانتهم في بطاقة الهوية أو في أي أوراق رسمية، مما خلق لهؤلاء مشكلات لا حصر لها، ووصلت في بعض الحالات إلى مفارقات مثيرة كما في حالة الطفلين الشقيقين ماريو وأندرو اللذين اعتنق والدهما الإسلام، وسجلهما باسمين إسلاميين، لكن الطفلين رفضا أن يعترفا بكونهما مسلمين، كما رفضا أيضًا دخول امتحان مادة الدين الإسلامي في المدرسة، وكتب احدهما في ورقة الإجابة عبارة واحدة هي : quot;أنا مسيحيquot;.
وكانت المحكمة الإدارية العليا في مصر وافقت في الثاني من تموز (يوليو) الماضي على بحث طعن مقدم من مجموعة تضم 12 قبطيًا يطالبون بحق العودة إلى دينهم الأصلي بعد أن سبق وأشهروا إسلامهم، وقررت المحكمة بدء نظر الطعن والاستماع إلى الطرفين في الأول من شهر أيلول (سبتمبر) المقبل، بعد انتهاء الإجازة السنوية للقضاة.
التعليقات