إصرار دولي على منع الفراغ والتقسيم في لبنان
الرئيس الجديد في جعبة صفير وبري والحريري
ولكن الوقت لا يتسع لفتح كل هذه الملفات حالياً ويحتاج الى إعادة إحياء طاولة الحوار الوطني، وربما تكون هي نفسها طاولة مجلس الوزراء الذي سينشأ بعد انتخابات رئاسة الجمهورية، ومن الطبيعي أن قوى المعارضة لا تقبل بأن تكون أقل من حكومة وحدة وطنية ، وهذه معضلة أخرى ، فلقاء أي ثمن تقبل الغالبية في العهد الجديد ما رفضته في أواخر عهد إميل لحود ؟
أيا يكن الأمر ، انفتح الاسبوع السياسي اللبناني على سلسلة لقاءات محورها مقر البطريرك الماروني نصرالله صفير في بكركي ، وتركزت اللقاءات فيه على الحؤول دون الوصول إلى فراغ في كرسي الرئاسة يوم 24 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل لأن هذا الفراغ سيجر على الأرجح الى قيام حكومتين وربما رئيسين ويدخل لبنان في المجهول والشرذمة والتقاسم ولاحقا ربما التقسيم.
وبينما تتلاحق المساعي لإنجاح مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري في ضوء رد قوى الغالبية عليها وانتظار الثغرة التي يمكن النفاد منها الى الحوار ، وفي موازاة سلسلة الاتصالات العربية والدولية التي تجري بعيدا من الاضواء مع القيادات اللبنانية، تتوجه الانظار السياسية والشعبية الى البطريرك صفير الذي يكرر يومياً أن الدستور ينص على وجوب توافر نصاب الثلثين في جلسة انتخاب الرئيس العتيد للمباشرة بعد ذلك بانتخاب الرئيس الذي يمكن ان يفوز بالدورة الاولى اذا نال ثلثي عدد اصوات اعضاء المجلس النيابي والا فيمكنه الفوز في الدورة الثانية بغالبية النصف زائدا واحدا.
وتبرز ثلاث محطات اساسية مرشحة الحصول في بكركي من شأنها ان تؤشر الى مسار هذا الاستحقاق ومنحى آلية انجازه.الأولى، بيان مجلس المطارنة الموارنة الشهري ( الأربعاء) يتضمن النداء الثامن وهو يركز بشكل اساسي على موضوع الاستحقاق استنادا الى الثوابت المعلنة التي اطلقها البطريرك صفير، ودعوة المعنيين الى التوافق على الرئيس العتيد والتحذير من مقاطعة جلسة الانتخاب نظرا للسلبيات التي يمكن ان تتركها مثل هذه الخطوة على الوضع الداخلي ككل وعلى المستويات كافة وفي شتى المجالات.
الثانية، لقاء رئيس quot;تيار المستقبلquot; النائب سعد الحريري والبطريرك صفير. وقد اتصل به الحريري أمس مهنئا بسلامة العودة من الفاتيكان واوفد اليه مستشاره الدكتور داود الصايغ لترتيب الموعد ومواضيع البحث. ذلك ان الحريري وبحسب المصدر اعلن وقوفه وراء البطريرك صفير في موضوع الاستحقاق وهو عند رأي حلفائه من مسيحيي قوى 14 آذار/ مارس خصوصا ان هناك 3 مرشحين من صفوف الغالبية، بما يستوجب التوافق اولا على مرشح واحد من صفوفها في مقابل مرشح وحيد من الجانب الآخر هو الجنرال ميشال عون.
اما المحطة الثالثة والأهم، فهو اللقاء المنتظر بين البطريرك صفير والرئيس بري . ويقال إن كلا منهما يحمل في جعبته عددا من الاقتراحات نتيجة سلسلة المشاورات واللقاءات التي اجراها في المدة الاخيرة مع قيادات محلية وسفراء معتمدين في لبنان، يمثلون دولا معنية مباشرة او غير مباشرة بهذه المحطة الدستورية، اضافة الى شخصيات دولية استقبلها البطريرك صفير اثناء وجوده في الفاتيكان في الأيام الماضية .
والمتوقع بعد جلسة طويلة تجمع بين صفير وبري وضع العناوين العريضة للمواصفات الرئاسية المطلوبة داخليا اولا وخارجيا ثانيا من اجل تعميمها على المعنيين لتأخذ طريقها موقفا داعما لمن تنطبق عليه هذه المواصفات أكثر من غيره تحت عناوين المرحلة الحالية.
وينتظر أن تتم زيارتا كل من بري والحريري لبكركي قبل 23 من الشهر الجاري، علما ان جلسة 25 منه التي دعا إليها بري لن تنعقد على الأرجح لتعذر التفاهم في الوقت القصير المتبقي على شخص الرئيس وآلية الانتخاب . ويتردد ان الجلسة الثانية التي سيدعو اليها الرئيس بري لن تكون قبل موعد بدء الدورة العادية للمجلس أي في اول ثلثاء يلي 15 من تشرين الاول/ أكتوبر، مع العلم ان في استطاعته الدعوة في اي تاريخ بعد 25 من الجاري الى عقد جلسة او أكثر لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ويعود إعطاء رئيس المجلس مهلة شهر تقريبا للجلسة الثانية لانتخاب رئيس للجمهورية لمعرفته مسبقا بالوقت الذي يستوجبه التشاور والحوار والتفاوض من أجل التوصل الى حسم هذا الموضوع، خصوصا ان هناك سلسلة مواقف دولية تتعلق بالاستحقاق لن تظهر قبل نهاية الشهر الجاري او مطلع الشهر المقبل، اضافة الى حركة اتصالات اقليمية ودولية في اتجاه سورية بدءا من اعادة ترتيب العلاقات السعودية - السورية وصولا الى اللقاء المرتقب بين وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير ونظيره السوري وليد المعلم على هامش أعمال الدورة العادية للجمعية العمومية للامم المتحدة في نيويورك، خصوصا ان فرنسا ربطت تسهيل سورية إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان بانفتاح فرنسي واوروبي كبير على دمشق يساهم في فك عزلتها وانفتاح المجتمع الدولي مجددا عليها.
ويثق مراقبون لتطور المسار المفضي إلى الإنتخاب ان الحركة الداخلية التي ستواكبها حركة عربية ودولية عبر السفراء المعتمدين لدى لبنان لن تذهب سدى بل هي حتما ستقود الى حصول الاستحقاق الرئاسي ضمن المواقيت الدستورية، في ضوء إصرار المجتمع الدولي على وجوب حصول هذا الاستحقاق، ويبقى على اللبنانيين إيجاد الطريقة المناسبة في ما بينهم والافضل توافقيا.
التعليقات