تصاعد حدة الاتهامات المتبادلة بين القاهرة والاتحاد الأوروبي
مصر تلغي المشاركة بمحادثات أوروبية بسبب الملف الحقوقي

نبيل شرف الدين من القاهرة: في وقت احتدمت فيه الخلافات، وتصاعدت لهجة البيانات المتبادلة بين مصر والاتحاد الأوروبي، على خلفية القرار المثير للجدل الذي أصدره البرلمان الأوروبي، وانتقد فيه ملف مصر الحقوقي، فقد وصل إلى القاهرة وفد من quot;الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسانquot;، في زيارة يجتمع خلالها مع عدد من المسؤولين المصريين وصفت من قبل مصدر بالوفد، بأنها تسعى إلى quot;الوقوف على أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، ومناقشة مدى إمكانية عقد اجتماع المكتب الدولي للفيدرالية في القاهرة خلال شهر آذار (مارس) المقبلquot; .
وأعلنت وزارة الخارجية المصرية اليوم السبت إلغاء محادثات سياسية مع مسؤولين في الاتحاد الاوروبي، وقالت في بيان لها quot;في ضوء رد الفعل السلبي الذي أحدثه قرار البرلمان الاوروبي الأخير بشأن مصر، وما أفرزه من أجواء متوترة، فقد أخطر الجانب المصري المفوضية الأوروبية بأن انعقاد اللجنة الفرعية للمشاورات السياسية بين الجانبين في المرحلة الحالية ليس ملائماquot;، وفق ما ورد في البيان الرسمي .

وخلال جلسته التي عقدها اليوم السبت، أدان مجلس الشورى المصري قرار البرلمان الأوروبي بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وكرر ما أدلى به مسؤولون في الخارجية من تصريحات وصفوا فيها تقرير البرلمان الأوروبي، بأنه quot;يمثل تدخلاً صريحاً سافراً في الشؤون الداخلية لمصرquot; .
ردود فعل غاضبة

وتصاعدت لهجة بيانات الإدانة في مصر ضد قرار البرلمان الأوروبي، فأدانت الحكومة القرار وقال مفيد شهاب وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية، أمام مجلس الشورى إن قرار البرلمان الأوروبي الأخير الخاص بحالة حقوق الإنسان في مصر يتضمن مغالطات وادعاءات ويتسم بضعف الحجةquot;، على حد تعبيره .

ومضى الوزير المصري قائلاً : quot;إن أي مجتمع يشهد حالة تطوير دائم لمنظومة حقوق الإنسان فيه وتطوير لتعامله مع قضايا حقوق الإنسان سعيا لصون حقوق مواطنيه وحرياتهم، وأن مصر ليست استثناء من ذلك، بل إن السنوات الأخيرة شهدت العديد من الخطوات والتعديلات التشريعية التي استهدفت جمعيها دفع منظومة حقوق الانسان في مصر إلى الأمام .

وربط شهاب بين التقرير الأوروبي، وقضايا سياسية إقليمية، قائلاً : quot;إنه في حين تجاهل واضعو القرار الخطوات الإصلاحية التي أقدمت عليها الحكومة المصرية خلال الأعوام الماضية، والتي هدفت إلى الارتقاء بمستوى معيشة المواطن المصري، فإنهم رأوا الاشارة الى الدور المصري في عملية السلام في الشرق الأوسط، والترحيب بالجهد المبذول لضبط الحدود المصرية مع قطاع غزة ووقف عمليات التهريب عبر الانفاق، الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل حول مغزى القرار ودوافعه والأغراض التي أرادها واضعوهquot;، في إشارة مبطنة إلى دور إسرائيل في التحريض ضد مصر .

كما أعلن مجلس الشورى المصري في بيان أصدره بهذا الصدد : quot;إن مصر لم ولن تقبل أي تدخلات في شؤونها الداخلية من أي طرف حتى لو كان صديقا لمصرquot;، وأضاف quot;إن القرار خرج بطريقة سافرة عن لغة التعامل والحوار البرلماني واستخدم أسلوباً استعلائياً متعجرفاً، وهو أمر مرفوض تماماquot;، وفق ما ورد في بيان المجلس .

ووصف صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى المصري قرار البرلمان الأوروبي بأنه quot;يعتبر خروجاً على التقاليد البرلمانية المتعارف عليها وتجاوزا لأعراف استقرت عليها علاقات الدول بالمنظمات الدولية، وخرقا واضحا للمبادئ الحاكمة للعلاقات الدولية، وانتهاكا بينا لميثاق الأمم المتحدة، وأحد أهم مبادئه حول حظر التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، بل ويعد نكوصا على أحد القرارات التي صدرت عن الاتحاد البرلماني الأوروبي ذاته في دورته الأخيرة والمنعقدة في بالي في أندونيسيا، والذي قضى برفض تدخلات الدول في الشؤون الداخلية لغيرها .
اتهامات متبادلة

وأعلنت وزارة الخارجية المصرية عن إلغاء محادثات سياسية كانت مقررة يومي الأربعاء والخميس المقبلين مع مسؤولين كبار في الاتحاد الاوروبي في إطار لجنة أوروبية ـ مصرية مشتركة للشؤون السياسية، كان مقرراً أن تعقد في القاهرة تنفيذا لاتفاقية الجوار الجديدة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، وذلك بعد أن أدرج موضوع حقوق الإنسان على جدول أعمال اجتماع تلك اللجنة .

ودعا البرلمان الاوروبي في قرار أصدره الخميس الماضي الحكومة المصرية إلى quot;إنهاء جميع أشكال المضايقات بما في ذلك كل الإجراءات القضائية الخاصة باحتجاز العاملين في وسائل الاعلام، وبشكل أكثر عمومية المضايقات ضد المدافعين عن حقوق الانسان والنشطاءquot; .

كما دعا القرار إلى الإفراج فوراً عن السجين المعارض أيمن نور، المحكوم عليه في (ديسمبر) كانون الأول 2005 بالسجن خمس سنوات بعد إدانته بتهمة تزوير وثائق الحزب، وطالب بتغيير القوانين الخاصة بالمحاكم العسكرية في مصر، ووضع حد لكافة quot;أعمال التعذيب وسوء المعاملةquot;، وطالب بتغيير القوانين الخاصة بالمحاكم العسكرية التي استخدمتها السلطات المصرية أحياناً ضد المعارضين السياسيين، كما اعتبر أن quot;الأقليات الدينية في مصر لا يزالون يعانون بشكل مؤسف الإبعاد لأسباب طائفيةquot; .

وتشير معلومات رائجة في القاهرة إلى أن الحكومة المصرية استاءت بشكل محدد من إشارة قرار البرلمان الأوروبي إلى أنفاق تستخدم في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، واعتبرت الخارجية المصرية في بيانها أن مجرد الإشارة لهذا الأمر في القرار من شأنه أن يلقي بظلال كثيفة من الريبة حول دوافع تحريك المشروع، في إشارة إلى أن أنصار إسرائيل ربما يقفون وراء الانتقادات الموجهة إلى مصر .

وقبل أيام استدعى وزير الخارجية المصري سفراء دول الاتحاد الأوروبي، وأبلغهم رسميا رفض بلاده للقرار، كما هدد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب (البرلمان) بمقاطعة البرلمان الأوروبي احتجاجاً على قراره المذكور، أما جماعة quot;الإخوان المسلمينquot;، فقد رحبت ـ جزئياً ـ بقرار البرلمان الأوروبي، وقال متحدث باسم الكتلة البرلمانية للجماعة، إنهم يرفضون مبدأ قطع العلاقات مع البرلمان الأوروبي، مضيفاً quot;إن حقوق الإنسان أصبحت لغة عالمية مع خصوصية كل دولة، وحينما يتحدث البرلمان الأوروبي عن وجود تعذيب في مصر فهذا حقيقي، وحينما يتحدث عن إحالة مدنيين للمحاكمة العسكرية فهذا أمر قائم أيضاً، وهذا ما ينبغي التحاور بشأنه بطريقة شفافة وموضوعيةquot; .