تحميل حماس المسؤولية
ترقب فلسطيني من إجتياح إسرائيلي لغزة في الربيع القادم
نجلاء عبد ربه من غزة: quot;جاءت الفكرة وذهبت السكرةquot; هذا ما قاله الكاتب والإعلامي تامر المصري بعدما انتهت فترة النقاهة في غزة، والتي يقصد بها فتح الحدود بين قطاع غزة وجمهورية مصر العربية بقرار من الرئيس المصري حسني مبارك لدواع إنسانية، خاصة بعد النحيب الإعلامي الطويل حول الحصار الخانق على قرابة مليون ونصف المليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة الذي لا تتجاوز مساحته عن 365 كيلو مترا مربعا.
وبعد أن تبضع الغزيون من المدن المصرية القريبة من الحدود معهم، تم إغلاق الحدود بالكامل، وعاد التخوف سيد الموقف في الشارع الفلسطيني، لاسيما في ظل التهديد المستمر للاحتلال الإسرائيلي، مرة بتصفية قادة حماس، وأخرى باجتياح شامل للقطاع وضرب البنية التحتية له، وهو ما زاد من ترقب واضح للشارع السياسي في غزة والذي انعكس على حرية حركة قادة الفصيلين المستهدفين بالنسبة إلى الإحتلال الإسرائيلي، وهما حركتا حماس والجهاد الإسلامي.
يرد الكاتب والمحلل العسكري الدكتور مازن حمدونة حول سؤال quot;إيلافquot; له، ماذا لو اجتاحت قوات الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة ؟، قائلاً quot;على حركة حماس كونها الآن تسيطر على غزة أن تتحمل مسؤولياتها والإقرار بمسؤوليتها عن إنتاج أزمة خطرة جدا على الساحة الداخلية الفلسطينية، فالشعب الفلسطيني تحول لدروع بشرية، كما أن واقع الحال من تفتيت النسيج الاجتماعي على خلفية الانقلاب الأخير ظهرت بوادر الشر منه مباشرة بأن قطعت أواصر الترابط بين غزة والضفة سياسياquot;.
وأضاف الدكتور حمدونة quot;دون أدنى شك إسرائيل ستخسر المعركة القادمة رغم حجم الدمار، وستعرض العمق الإسرائيلي إلى خسائر كبيرة لاسيما انه مجتمع فسيفسائي نتيجة تلقيه ضربات موجعة، واحتمال تعرضه لواقع سيغير مسار المعارك، ولكن ستكون خسائر الشعب الفلسطيني فادحة جدا نتيجة عدم قيام حكومة حماس في غزة إلى تفويت الفرص على إسرائيل بإعادة استدراك الواقع ومعالجة نتائج الحسم العسكري الوهمي حتى اللحظة. فهذا الواقع رغم منافعه الحزبية الخاصة إلا أن له آثاره وترسباته الخطرة على مكونات المجتمع من مداخل عديدةquot;، منوهاً بضرورة إعادة حركة حماس تقويم كل هذا الواقع.
في المقابل فإن المطبخ السياسي الإسرائيلي وحتى العسكري لم يقررا خطة واضحة في التصرف حيال قطاع غزة الذي أصبح بحسب قادة في الجيش الإسرائيلي مستودعاً للذخائر والأسلحة.
وقد طالب العديد من القادة الإسرائيليين بعودة سياسة الاغتيالات في غزة، في الوقت ذاته حذروا من دفع الكيان الإسرائيلي الثمن غاليا، فيما قال وزير الحرب الإسرائيلي quot;أيهود براكquot; إن على إسرائيل أن تواصل الاستعداد لحملة عسكرية كبيرة في القطاع، ولكن حذار أن تتسرع فيها.
هذا ويستكمل الجيش الإسرائيلي استعداداته لإمكانية اجتياح كبير في غزة، وهو ما أشار إليه رئيس الأركان quot;غابي اشكنازيquot;.
وشدد براك على الحاجة لإبداء quot;التفكر وبرودة الأعصابquot;، وذلك في رده على الوزير المتطرف quot;مائير شطريتquot; والتي دعا فيها إلى هدم حي بالكامل في مدينة غزة بعد إخلائه من سكانه، وقطع مكثف لتوريد الكهرباء، كرد مباشر على الصواريخ الفلسطينية المحلية الصنع التي تُطلق على المستوطنات المحاذية لقطاع غزة.
وعلى الجانب السياسي واصل رئيس الحكومة الإسرائيلي أيهود اولمرت صد الضغوط من جانب وزراء في الحكومة لتغيير سياسة إسرائيل تجاه نار صواريخ القسام من قطاع غزة قائلا quot;تجري نشاطات عديدة ضد صواريخ القسام، ولكن لا يوجد سبيل لوقف (الإرهاب) بشكل مطلق بضربة واحدة أو بقصف واحد، حتى بعد السور الواقي في الضفة الغربية استمر (الارهاب)، على حسب قوله .
ويتباهى أولمرت أمام وزرائه بقتل 500 فلسطيني، وقال quot;في قطاع غزة تجري حرب لأشهر طويلة، نحن نجري مداولات مستمرة في موضوع غزة بل وستعقد مداولات كهذه أيضاً. في العام 2007 قتلنا 500 في غزة، إذن فالقول إننا لا نفعل شيئا هو تجاهل للواقعquot;.
quot;إيلافquot; رصدت تخوف المواطنين بجانب المحللين بعد هذا التصعيد غير المسبوق إعلامياً من قبل الجيش الإسرائيلي، ففي بيت حانون شمال قطاع غزة يسكن المواطن مروان أبو النصر الذي فقد صديقا له إثر قصف إسرائيلي على المنطقة قبل أقل من شهر، يقول quot; من المؤكد أن اقتحام قطاع غزة لن يكون نزهة للجيش الإسرائيلي، ورغم أننا لا نملك سلاحا رادعا فعالاً لمجابهة السلاح الإسرائيلي، إلا أن عزيمتنا تتفوق دائما على جنود الإحتلال، فهذه أرضنا وهم الغزاة عليناquot;.
الطالبة في إحدى جامعات غزة رانية خميس تقول لإيلاف quot;لا أظن أن إسرائيل ستشن حربا برية ، وخاصة بعد فشلها في جنوب لبنان، ربما تقوم بهجمات جوية على مراكز وأهداف في القطاع وتقوم باغتيال شخصيات مهمة، وأما حرب برية فلا أظن ،لأن إسرائيل تتعلم من الأخطاء عكسنا تماماquot;.
وتقول الحاجة أم خليل quot;لقد حول الإحتلال حياتنا إلى جحيم لا يطاق، فكل يوم يموت منا العديد جراء قصفهم لبيوتنا، لقد دمروا بيوتنا، ومزارعنا أصبحت صحراء قاحلة ، غير الأراضي الزراعية المتاخمة للشريط الحدودي، فهي أصبحت من الماضيquot;.
محمد أبو عاذرة، في العقد الثلاثين من عمره، ويعيش في بلدة القرارة وسط قطاع غزة، quot;يقول نحن أول من يعرف إذا هناك اجتياح أم لا، ترى الجدار الذي يفصلنا عن أراضي الــ 48، وفي الليل نشاهد بوضوح تحرك الدبابات الإسرائيلية ونسمعها جيدا من بيوتنا، وحتى الآن لم نلاحظ ما يدل على تحرك بري إسرائيلي لاجتياح موسع. وإذا وقعت حرب قريبة في ظل ما نحن فيه من حصار لا نقول غير لا حول ولا قوة إلا بالله، فالناس هذه الأيام يحرصون على شراء الطحين والمواد التموينية وهذه المواد قليلة في الأسواق وغالية الثمن، فإذا شعر المواطنون بحرب قادمة أكيد، سيحدث تزاحما كبيرا على شراء السلع الضرورية وارتفاعا لأسعارها، فإسرائيل تقصد دوما أن تجعلنا نشعر بتهديدها كي تزرع الرعب والخوف في قلوبناquot;.
قد يكون السبب الوحيد الذي يمنع القيادة السياسة الإسرائيلية عن إعطاء ضوء اخضر لجيشهم باجتياح غزة، ترتبط بحالة الطقس والرغبة في تجنيد وتبرير العدوان المحتمل للأسرة الدولية.. ومع هذا فقطاع غزة يعيش في حالة ترقب هذه الأيام، وينتظر الموت لا الدفء، فالطائرات الحربية الإسرائيلية رغم سوء الأحوال الجوية لم تغادر سماء القطاع منذ فترة والقصف مع الرعد.. وبات الفلسطينيون في غزة لا يفرقون بينهما، ينتظرون الصباح كي يسمعوا نشرة الأخبار ويرصدون في ذاكرتهم الضحايا والخسائر، كما حدث إبان الإحتلال الأول في العام 1967م.
التعليقات