تبدأ فعالياتها يوم 24 مارس ونجاحها مرهون بأزمة لبنان
عواصف تلوح في أجواء دمشق قبيل إنعقاد القمة العربية

نبيل شرف الدين من القاهرة: أظهرت التطورات المتلاحقة أخيراً، والتي أحاطت بالأزمة السياسية المزمنة في لبنان، أن آثارها لم تتوقف عند حالة الاستقطاب الداخلي هناك فقط، بل امتدت لتكشف عن خلافات عربية عميقة، ويبدو أنها آخذة في الاتساع، خاصة بين مصر والسعودية من جهة، وسورية من جهة أخرى، حتى وصلت لحد تسريب أنباء لبعض وسائل الإعلام مفادها أن مشاركة العاهل السعودي والرئيس المصري في تلك القمة قد تكون مرهونة بحل الأزمة اللبنانية وانتخاب رئيس جديد للبلاد، خاصة في ظل اتهامات عربية سرية، وأخرى غربية علنية لدمشق، بأنها أمست تشكل بمواقفها حجر عثرة في سبيل التوصل إلى حل توافقي في لبنان .

ولم تقتصر الهواجس المحيطة بأجواء قمة دمشق العربية على الخلافات السياسية العميقة، لكنها تجاوزت ذلك إلى تداعيات أمنية محتملة، أثارتها تسريبات منسوبة لمصادر بالأغلبية النيابية في لبنان، مفادها أن اغتيال القائد العسكري لحزب الله عماد مغنية في دمشق، سيلقي بظلاله على إمكانية عقد القمة العربية هناك، لاسيما في ظل توجس بعض القادة العرب من انفلات أمني مفاجئ، بالنظر إلى أن اغتيال مغنية على هذا النحو المشوب بالغموض، من شأنه أن يترك انطباعا سلبيا عن الإجراءات الأمنية في سورية .

وفي ختام محادثات قمة بين الرئيس المصري والعاهل الأردني أمس في منتجع شرم الشيخ، قال مصدر مصري إن المباحثات ناقشت الموضوعات التي يفترض أن يتضمنها جدول أعمال القمة المقبلة، على النحو الذي يكفل نجاحها، وتفادي الآثار السلبية للخلافات العربية ـ العربية، فيما يتعلق بالملف اللبناني .

وفي تصريح لا يخلو من مغزى، فقد ربط سليمان عواد الناطق باسم الرئاسة المصرية موقف بلاده حيال نجاح تلك القمة بالتوصل لحل للأزمة اللبنانية، وإن كان قد استدرك قائلاً إن quot;الزعيمين لم يناقشا موضوع القمة بالتفصيلquot;، لكنه عاد وشدد على ضرورة أن يكون لبنان ممثلاً برئيسه في القمة، ولن يكون مقبولاً أن يصبح لبنان هو الحاضر الغائب في هكذا قمة .

جدول الأزمات
ويؤكد مراقبو الشؤون العربية والإقليمية أن هناك حزمة من الملفات الملتهبة على جدول أعمال تلك القمة المقرر أن تستضيفها دمشق الشهر القادم، سواء تلك التي يحملها الملف العراقي، أو quot;الصراع الفلسطيني ـ الفلسطينيquot;، فضلاً عن quot;الفلسطيني ـ الإسرائيليquot;، وصولاً إلى الأزمة السياسية في لبنان، وليس انتهاء بمسألة إقليم دارفور السوداني، وحالة الفراغ السياسي والأمني المزمنة في الصومال، خلافاً لقضية أمن الخليج وغيرها من القضايا التي باتت شبه ثابتة على جدول أعمال كافة القمم العربية، من دون إحراز تقدم يذكر، بل على العكس تفاقمت وتصاعدت على نحو كارثي في بعض الأحوال .

وفضلا عن تلك الحزمة من الأزمات العربية المزمنة، فهناك تحديات أخرى تواجه القمة منها الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود والوضع الاقتصادي العربي الذي يزداد تراجعاً وتردياً نتيجة لتراكمات داخلية ولتداعيات دولية على رأسها شبح الركود الاقتصادي العالمي .

وباختصار فإن هناك ألغاماً على طريق نجاح هذه القمة، فكل ملف من تلك الملفات قد يؤدي إلى تفخيخ القمة، فالوضع العربي بلغ حداً من التردي، يبعث على الأسى لدرجة ان أحداً ممن تحدثت معهم (إيلاف) من الدبلوماسيين أو المحللين السياسيين لم يعلق أمالاً كبيرة على القمم العربية، التي نجح القادة العرب في جعلها دورية منتظمة في مارس من كل عام، غير أنه حتى الآن هناك فشل واضح في جعلها مؤثرة، بل ان الشعوب العربية أصبحت تخشى مع كل قمة أن يخرج العرب منها أكثر اختلافا وتشرذماً وتناقضاً .

وحول رؤية الجامعة العربية لمدى تأثير الازمة اللبنانية على نجاح القمة العربية المقبلة، أعرب أمينها العام المساعد أحمد بن حلي، عقب زيارة وفد برئاسته إلى دمشق أخيراً، عن اعتقاده بأن أحد الانجازات العمل العربي المشترك هو الحرص على تنفيذ الملحق الخاص للانعقاد الدوري المنتظم للقمة العربية إضافة إلى أن قمة الرياض الأخيرة أصدرت قرارا بعقد القمة المقبة في دمشق، مؤكدا حرص الجامعة العربية على الوفاء بهذا الالتزام، وانعقاد القمة في موعدهها ومكانها المقررين، وأشار إلى أن القضايا والازمات الأخرى لاينبغى الربط بينها وبين انعقاد القمة باي ازمة مهما كانت درجة حدتهاquot;، حسب تعبيره.
ومضى بن حلي قائلاً إنه quot;لا ينبغى أن نربط القمة بازمة هنا أو ظرف هناكquot;، موضحا أن القمة أصبحت موضع قناعة جميع قادة العرب، وبالتالي فلابد أن تعقد بشكل دورى، وأضاف بن حلي أنه من باب اولى ان تعقد هذه القمة حتى يتداول الرؤساء العرب فى كيفية معالجة هذه الازمات خاصة وان هناك خمس او ست ازمات كبيرة تتسع رقعتها، وان المكان المناسب للنظر فيها والبحث عن حلول لها هو اجتماع القادة العرب لمحاولة حلها ومعالجة ما هو متاح منها .

هذا ومن المقرر أن تبدأ القمة العربية العشرين أولى فعالياتها بدمشق في الرابع والعشرين من آذار (مارس) المقبل، باجتماع على مستوى كبار المسئولين، يعقبه اجتماع لوزراء الاقتصاد العرب، ثم اجتماع لوزراء الخارجية العرب، تمهيدا لعقد قمة الرؤساء والملوك نهاية الشهر المقبل، لكنها هذه المرة وهي تتعرض لتحديات هائلة قد تهدد انعقادها الدوري في دمشق، أو ينسف جدواها حال انعقادها، ومع ذلك فإن دمشق بدأت استعدادتها بتوزيع الدعوات على القادة العرب، وأعلنت أن القمة ستعقد بمن يحضر .