وزراء يتبادلون اتهامات بتسريب معلومات للصحف
تكهنات رائجة في مصر بشأن تعديل وزاري وشيك

كتب ـ نبيل شرف الدين: وسط أجواء من الترقب، الذي لا يخلو من مسحة quot;تفكير بالتمنيquot; ، وبينما تروج في الشارع السياسي المصري منذ أيام تكهنات وشائعات عن قرب إجراء تغيير وزاري وشيك، فقد استقبل الرئيس المصري حسني مبارك اليوم الاثنين كلاً من رئيس مجلس الوزراء أحمد نظيف، وفتحي سرور رئيس مجلس الشعب ( البرلمان ) في مقابلتين منفصلتين، لم يفصح ـ رسمياً ـ عما شهدتهما من مناقشات .

وتفاوتت التقديرات حول التعديل الوزاري المتوقع بين فريقين : أحدهما يعتقد أن التغيير سيكون موسعاً، وآخر يرجح أنه سيكون محدودا يقتصر على بعض الوزراء الذين شابت أداءهم أزمات أو قصور، كما تحدث مراقبون آخرون عن استحداث حقيبة وزارية جديدة تتولى الإشراف على المشروع النووي المدني الذي تعتزم الحكومة المصرية الإقدام على تنفيذه، كما اعلن الرئيس مبارك ذلك أخيراً .

في هذه الأثناء احتدم أخيراً صراع مكتوم بين الوزراء المصريين، وذلك إثر أنباء عن تبادلهم اتهامات بتعمد تشويه السمعة أمام القيادة السياسية، فضلاً عن التسريبات الصحافية، فقد انقسم مجلس الوزراء إلى فريقين يتبادلان الاتهامات، وقالت مصادر صحافية إن يوسف بطرس غالي وزير المالية، ورشيد محمد رشيد وزير الصناعة، ومحمود محيي الدين وزير الاستثمار متهمون بتسريب شائعة خروج سامح فهمي وزير البترول وحبيب العادلي من التشكيل الوزاري المزعوم، الذي تروج على نحو واسع في مصر تكهنات بقرب إجرائه .

تكهنات وتفكير بالتمني
كما أشارت المصادر ذاتها إلى أن الكلمة التي ألقاها وزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد خلال حفل غرفة التجارة المصرية ـ الألمانية أخيراً، ساهمت بشكل كبير في ترجيح شائعات حول التشكيل الوزاري الجديد، حيث بدا كأنه يهدف بهذه المقدمة إلى تقديم كشف حساب عن إنجازات الحكومة .

وتواترت التكهنات في مصر عن إمكانية استبعاد عدد من الوزراء في مقدمتهم وزير العدل ممدوح مرعي الذي ارتبط اسمه بالصدام مع القضاة منذ توليه منصبه ووزير، ووزير النقل والمواصلات محمد منصور، ووزير الثقافة فاروق حسني (المرشح لرئاسة منظمة اليونسكو) بالإضافة إلى وزير الري محمود أبوزيد، ووزير التضامن الاجتماعي علي المصيلحي، نظرا لإثارة أزمة الخبز التي تخضع لإشراف وزارته بين حين وآخر، ووزيرة القوى العاملة عائشة عبد الهادي التي شهدت مدة ولايتها أكبر وأوسع الاحتجاجات العمالية في البلاد، فضلاً عن وزيري التربية والتعليم يسرى الجمل، والتعليم العالي هاني هلال، وذلك على خلفية ما يوصف بالتخبط في مناهج التعليم وسياساته طوال الأعوام المنصرمة .

ورغم اتفاق المراقبين على صعوبة التنبؤ مع القيادة السياسية المصرية خاصة في مسألة التعديلات الوزارية، حيث اعتادت مباغتة الشارع السياسي بأسماء وخيارات لا تخطر ببال أحد، غير أن هذا لم يقف حائلاً دون فتح بورصة التكهنات على مصراعيها، ولم تلعب الحملات الصحافية دوراً يذكر في هذا السياق، فمثلاُ منذ تكليف رئيس الوزراء السابق عاطف عييد برئاسة الحكومة المصرية في تشرين الأول (أكتوبر) 1999 ظل يتعرض لحملات صحافية شرسة, على خلفية اتهامات له ولحكومته من قبل المعارضة بسوء الأداء والفساد، والتسبب في تنامي الأعباء الحياتية التي يواجهها المصريون، لكن كل هذه الحملات لم يكن لها أي مردود في الإطاحة به التي جرت بعد انتهاء مهمته تماماً .

نظيف وجمال
وخلال الفترة الماضية راجت شائعات حول إجراء تغيير وزاري موسع في حكومة أحمد نظيف، ذهب البعض إلى حد التوقع بأن يطال معظم وزرائها، بمن فيهم رئيس الحكومة شخصياً، وربطت التكهنات هذا الأمر بالتسريبات التي تحدثت عن وجود خلافات حادة بين أحمد نظيف، وأمانة السياسات في الحزب الحاكم التي يرأسها نجل الرئيس المصري جمال مبارك، وقالوا إن أمانة السياسات ترغب في تصعيد أحد أعضائها البارزين ليرأس التشكيل الحكومي الجديد المتوقع .

كما ذهبت أيضاً تكهنات أخرى إلى إمكانية ترشيح وزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد لتشكيل الحكومة الجديدة، نظرا لكونه موضع ثقة سواء من قبل مبارك الأب أو الابن، فضلاً عن إشادة الرئيس الأميركي جورج بوش به في تصريح شهير له أخيراً .

وأشارت توقعات فريق من المراقبين للشأن الداخلي في مصر إلى رئيس البنك المركزي فاروق العقدة ربما يكلف بتشكيل الحكومة وكان لافتا أن عدة صحف حكومية وجهت انتقادات حادة لنظيف، ظناً من القائمين عليها بقرب انتهاء ولايته، غير أن تلك الحملة توقفت فجأة بشكل قاطع، بعد إشارات تلقاها نظيف من الرئيس مبارك، وكان لافتا أن الصحف الحكومية التي هاجمت نظيف تراجعت عن حملتها وبادرت إلى الإشادة بنظيف وحكومته مجدداً .

غير أنه في مقابل تلك التكهنات، فقد علمت (إيلاف) من مصادر حسنة الاطلاع في القاهرة، أن أحمد نظيف مرشح للاستمرار في موقعه رئيساً للوزراء، وبالتالي سيجري تكليفه باجراء أي تشكيل وزاري قد يعن للقيادة السياسية، وأنه في هذه الحالة سيكون تغييرا محدوداً سيشمل عدداً من وزراء المجموعة الخدمية وربما لن يشمل أياً من الوزارات السيادية (الدفاع ـ الداخلية ـ الخارجية)، كما أنه سيكون التشكيل الوزاري الثالث لنظيف حال استمراره بالفعل في موقعه رئيساً للحكومة .

ويبقى في النهاية القول إن قراءة مضمون تلك التكهنات تشير إلى حقيقة مفادها أن المحرك الأكثر فعالية في أي تغيير وزاري محتمل، هو أمانة السياسات بالحزب الوطني (الحاكم) التي يرأسها نجل الرئيس جمال مبارك، كما كان لافتاً أيضاً أن هناك انقساماً واضحاً في آراء المراقبين بشأن وضعية وزير الإعلام أنس الفقي، إذ يرى المراقبون أن التكهنات التي تحدثت عن احتمال تكليفه بشؤون ديوان رئاسة الجمهورية، محل رجلها الحديدي زكريا عزمي، لا تعدو أن تكون مجرد quot;ترهاتquot; وquot;خيال غير علميquot;، لا يصمد أمام أي منطق سليم، يتفهم جيداً طبيعة البيئة السياسية المصرية وطريقة تفكير القيادة القابضة على كافة الخيوط .