سببان لغيابه... أحدهما منذ أعوام
إسرائيل وأزمة العيد وراء إختفاء الشيكل في قطاع غزة


نجلاء عبد ربه من غزة: بات الأسبوعان الآخران من شهر رمضان في كل عام يشكلان أزمة حقيقية في الشارع الفلسطيني. فالغريب أن العملة المحلية المتداولة quot;الشيكلquot; تختفي تمامًا من بين أيدي التجار والمواطنين، وحتى سائقي سيارات الأجرة. وتقف هديل عبد الحميد، طالبة جامعية لأكثر من ساعة أمام موقف السيارات لتتجه إلى جامعتها في غزة. وتقول إن سائقي السيارات يشترطون على الركاب ان تكون معهم quot;فكّةquot;. وتضيف هديل لـ quot;إيلافquot;: quot;تلك الأزمة أعاني منها منذ سنتين، أي منذ أن بدأت في دراستي الجامعية، خاصة فترة ما قبل العيد، فالجميع يحجز الشواكل عنده، ولا أحد يتبرع بصرف 50 شيكلاً أو حتى عشرون شيكلاً لأحدquot;.

ويتداول الفلسطينيون الشيكل الإسرائيلي كحد أدنى من العملة المحلية في غياب العملة الفلسطينية الأساسية quot;الجنية الفلسطينيquot;. وبدأت إسرائيل بضخ عملتها الجديدة من فئة 2 شيكل وهناك الـ 5 والـ 10 من النقود المعدنية، بينما يتم التداول بـ 20 والـ 50 والـ 100 وتنتهي تلك العملة بـ 200 شيكل من فئة الورق.

ويحتاج المواطن الفلسطيني للتنقل بين مدينة وأخرى لعدد من الشواكل، الأمر الذي شكل له عبئًا في ظل تخزين التجار الفلسطينيين لتلك الشواكل لفترة البيع الجيد إستعدادًا لعيد الفطر، فضلاً عن مماطلة إسرائيل في ضخ عملتها إلى بنوك قطاع غزة. ولم تكن بنوك غزة أفضل حالاً من الشارع الغزي، فقد شهدت هي الأخرى أزمة في توفير عملة الشيكل، واضطرت لصرف رواتب عدد من الموظفين الفلسطينيين بالدولار الأميركي كبديل عن العملة الإسرائيلية المتداولة.

من ناحيته قال مأمون أبو شهلا مدير بنك فلسطين في غزة أن أزمة الشيكل بدأت منذ صرف رواتب الشهر الماضي للعسكريين. وأضاف quot;كان مطلوب منا صرف (140مليون) شيكل وكل ما لدينا (70مليونًا) لذا اضطررنا للصرف بعض رواتب الموظفين بالدولارquot;. وأكد أبو شهلا أن إسرائيل معنية بجعل حياة سكان قطاع غزة تزداد صعوبة، لافتًا إلى أن البنوك الإسرائيلية أبلغت بنوك القطاع في العام الماضي أنها قطعت علاقتها معها. وقال quot;التجارة بيننا وبين الجانب الإسرائيلي كانت تصل لأكثر من 3 مليارات شيكلquot;، لافتًا إلى أن الشاحنات التي تدخل قطاع غزة، والتي وصلت الشهر الماضي لـ 216 شاحنة، تم تسديد ثمنها نقدًا من سيولة الشيكل الموجودة في قطاع غزة.

وإزدادت مشكلة الشيكل عند الفلسطينيين مع الحركة السوقية النشطة في شهر رمضان، حيث تكتظ الأسواق المختلفة بالمواطنين لشراء من يلزمهم على مائدة الإفطار أو السحور. ويقول خالد السميري، صاحب بسطة خضروات quot;أحتاج يومياً إلى أكثر من 200 شيكل من فئة الشواكل كـ فكّة، كي أستطيع أن أدبر أمري مع الزبائن، وهو أمر في غاية الصعوبة هذه الأيامquot;.

وأضاف لإيلاف quot;المشكلة أن عشرات الزبائن تشتري بشيكلين أو ثلاثة، لكنها تعطيني 50 شيكلاً من فئة الورق، فأضطر لأن أفُك هذا المبلغ لأبيعه مما عنديquot;. ويقول إبراهيم أبو شعبان، صاحب محل صرافة، أن تلك الأزمة تعودنا عليها منذ سنوات. وأضاف لإيلاف quot;أضطر في كثير من الأحيان عدم التعاطي مع الزبائن وعدم صرف الأموال الأجنبية للعملة الإسرائيلية المحلية، وهو ما يعني خسارة أتكبدها في هذا الشهر الفضيلquot;.

ويستغرب أبو شعبان من أمر إنفراج تلك الأزمة مع صباح اليوم الأول من عيد الفطر المبارك. ويقول quot;بمجرد صباح يوم العيد فإن تلك الأزمة تنتهي ولا يكون لها أثر بتاتاً، وكأن تجار غزة كان معتقلين الشيكل الإسرائيلي، وأفرجوا عنه صباح العيدquot;. وضغطت الأمم المتحدة ممثلة في أمينها العام بان كي مون على إسرائيل لضخ عملتها إلى البنوك في قطاع غزة، إلا أن إسرائيل تماطل في ذلك. وكانت الأخيرة قد ضخت الشهر الماضي 70 مليون شيكل لفك أزمة البنوك في قطاع غزة وصرف رواتب الموظفين، لكن هذا الشهر لا تزال تمنع معاودة ضخ الشيكل في غزة من جديد.

ويضر الطالب أو الطالبة في غزة لشراء ما لا يلزمه، كي يتوفر في يده أعداد من الشواكل quot;الفكةquot;، ليستطيع أن يكرب سيارة أجرة ويصل بها إلى جامعته. وقالت فداء منصور لـ quot;إيلافquot; quot;أتعمد شراء أرخص الأشياء، في الحقيقة أنا لا أكون في حاجة إليها، بقدر ما أكون في حاجة للفكّةquot;.