ترشيح جميل السيّد مزحة و انتخابه لا يكسبه الحصانة النيابية
الأسد استقبل شاهداً ضده في المحكمة الدولية
إيلاف ديجتيال - إيلي الحاج : كل شيء انتخابات في اليوميات اللبنانية هذه الأيام ، باستثناء حدثين سياسيين يرتبط أحدهما مباشرة بالمحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري والآخر مداورة . الأول هوحديث متصاعد عن فكرة طرحها حليف رئيسي لسورية هو الوزير السابق سليمان فرنجية قبل أيام في حديث تلفزيوني وبدت للوهلة الأولى أشبه بمزحة لكنها أخذت مدى أبعاداً تقارب الواقع مع الوقت، هي فكرة ترشيح quot;حزب اللهquot; على لائحته في منطقة بعلبك ndash; الهرمل اللواء الركن المتقاعد جميل السيّد المدير العام السابق للأمن العام الموقوف في قضية اغتيال الحريري بتوصية من لجنة التحقيق الدولية والمنتظر نقله مع رفاقه الضباط الأمنيين الثلاثة إلى زنزانات معدة لهم ولآخرين في مقر المحكمة الدولية في لاهاي.

أما الحدث الثاني فهو زيارة وزير الدفاع الياس المر لدمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد في منزله . وكتب كثير في بيروت عن نتائج الزيارة في بيروت قبل حدوثها وبعده من زاوية أنها ستسهل تطبيق إتفاقات سابقة تتعلق بضبط الحدود والمعابر بين البلدين ومنع التهريب والتنسيق الأمني وقمع أعمال تسلل الإرهابيين ، وذهب بعضهم إلى حديث عن انعكاسات للزيارة على الإنتخابات النيابية، خصوصاً في البيئة المسيحية وبالتحديد في منطقة المتن الشمالي حيث يهدد تحالف شبه معلن ونهائي بين والد وزير الدفاع النائب ميشال المر والرئيس السابق أمين الجميّل بقفل تلك الدائرة الكبيرة في وجه مرشحي النائب الجنرال ميشال عون وإعدام حظوظهم بعدما كان نواب المتن الثمانية في تكتله. إلا أن هذه مقاربة تبقى بعيدة عن الواقع وتخيلية باعتبار أن الممسك بملف الإنتخابات في المتن من عائلة المر هو الأب وليس الإبن، وموضوع كهذا لا يعالج في مستوى لقاء بين الرئيس الأسد ووزير الدفاع اللبناني، علماً أن علاقة متينة وبلاأحرى ضاغطة كانت تربط بين النائب ميشال المر والقيادة السورية، وكان لهذه العلاقة تأثير مباشر في حمل النائب المر على تغيير رأيه قبل ثلاثة أيام من الإنتخاب الفرعي في المتن الشمالي إثر اغتيال الوزير والنائب السابق بيار الجميّل فانخرط بقوة إلى جانب الجنرال عون مع حلفائه الأرمن مما أدى إلى نجاح مرشح الجنرال بفارق 400 صوت تقريبا عن الرئيس الجميّل. وصرح النائب المر بعد ذلك أنه أعطى عون 16700 صوت من أصل 39 ألفاً نالها مرشحه بينما أعطاه حزب الطاشناق الأرمني نحو 10 آلاف صوت. مما يفسر أن شعور العونيين بخطر بالغ من تحالف الرجلين القويين في مواجهة الجنرال في المتن هو في محله.

لكن الفارق في وضع النائب المر الذي يبدو مصمما على تلقين عون درساً بسبب إهانات متلاحقة لحقت به عندما كان عضوا في تكتله ، وذلك من أول يوم عندما ضرب عون بيده على طاولة الإجتماع قائلاً : quot;هناك دولة رئيس واحد حول هذه الطاولةquot;... هو أن المر أصبح صاحب الدعوة إلى قيام quot;كتلة وسطيةquot; أو كتلة مستقلين تدعم توجه رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي كان قائداً للجيش عند حصول الإنتخاب الفرعي، وكان المر أول من اقترح في لبنان انتخابه رئيساً واختلف بقوة بسبب طرحه ذاك وسعيه غلى تحقيقه مع رئيس تكتله سابقاً الجنرال عون.

قبل زيارة وزير الدفاع المحسوب من حصة رئيس الجمهورية في الحكومة لدمشق ، قامت في وجهه حملة من وسائل إعلام مرئية ومسموعة ومكتوبة تابعة لحلفاء سورية في لبنان تحضه على تلبية الدعوة لزيارتها على غرار ما فعل قبله وزير الداخلية زياد بارود وقائد الجيش العماد جان قهوجي، لكنه أرجأ وماطل في تحديد موعد الزيارة إلى أن تأكد أنه لن يلتقي خلالها الرئيس السابق للإستخبارات السورية في لبنان اللواء رستم غزالة الذي أصبح رئيساً لجهاز الأمن في دمشق وريف دمشق. وأكد المر لمن التقاهم بعد عودته أن الأحاديث سواء مع الرئيس السوري أم معاونيه لم تتناول إلا المواضيع المحضرة مسبقاً ولم يتخللها أي كلام على السياسة، وأن اللقاءات كانت رسمية ولكن غير جافة أبداً. الأمر الذي يعني أن الرئيس بشار الأسد اراد كسر حاجز العداء بينه وبين الوزير المر الذي سيكون شاهداً في المحكمة الدولية بعدما كان أدلى بإفادة شاملة عن ممارسات الإستخبارات السورية في لبنان وهيمنة القيادة السورية على الكبيرة والصغيرة في لبنان أيام سيطرتها عليه وحتى سحب جيشها بين أراضيه.
وكانت إفادة الوزير المر كلفته غالياً جداً إذ كادت أن تفقده حياته بسيارة ملغومة نجا منها بمعجزة مثلما حصل للوزير السابق مروان حمادة والإعلامية مي شدياق ، بينما كانت الضحايا الأخرى اقل حظاً. ولا شك أن الوزير المر لن يستطيع التراجع عن إفادته أمام المحكمة لكنه يستطيع أن يخفف من قسوتها من خلال quot;إيضاحات وتصحيحاتquot; لقاء تطبيع في علاقاته المستقبلية بدمشق وحلفائها، وهذا أقصى ما يمكن أن يطلبه الرئيس الأسد وإن ضمناً وإيحاءً. أما مسالة ترشيح اللواء السجين فلا تزال في دائرة quot;المزحةquot; لأن quot;حزب اللهquot; مهما تعاطف معه لن يصل إلى حد ربط صورته وصيته بمتهم قد تدينه المحكمة وقد تبرئه. وبالتأكيد لن يفيده انتخابه نائباً وهو وراء القضبان لأنه ( وفق تأكيد مرجع قانوني سألته quot;إيلاف) لن ينال الحصانة النيابية ما دام موقوفاً في قضية قبل انتخابه ، المضمون إذا أراد الحزب وجمهوره الذي لا يسأل.

إيلاف ديجتيال ليوم السبت 31 يناير 2009