الملف النووي في عهدة خامنئي والرئيس لا يغيّر شيئاً
أميركا تفضل فوز نجاد لأن هزيمته سهلة ؟


نجاد يتأرجح في الميزان أمام موسوي وأجندة مثقلة تنتظر الفائز

الصحف الإسرائيلية: تل أبيب تفضل أحمدي نجاد

الناخبون الإيرانيون يقترعون في العراق والإمارات

الإيرانيون يقترعون.. صور

ايران تنتخب

بلال خبيز من لوس أنجلس: يدرك الأميركيون أن إيران لن تحارب أحدا. وأنها تشبه في ما تشبه حديثي النعمة، تسلح جيشها لتتباهى بالسلاح لا أكثر. وثمة رأي منتشر بين الأميركيين، صحافة ورأيا عاماً، يعتبر ان السلاح النووي الإيراني لا يشكل تهديداً لأحد أيضا. وذلك استناداً إلى معطيات حاسمة، أولها ان الخصم الذي تتوعده إيران، وهو إسرائيل، يملك ترسانة نووية كبيرة، تفيض عن حاجة الشرق الأوسط من الدمار. وان نزاعاً مصيرياً بين الطرفين تباح فيه المحرمات كافة لن يكون مطلقاً في مصلحة إيران. وثانيها، ان حيازة سلاح نووي تفرض على النظام نفسه قدراً من التحوط والعناية مما يجعله أكثر حذراً في استخدامه. إذ ماذا بعد حيازة السلاح النووي؟ ذلك ان حيازة السلاح النووي تشبه في ما تشبه الوصول إلى قمة التسلح التي لا قمة بعدها، حيث لا يعود بعدها المجال مفتوحا لتهديد إضافي.

لكن ما تدركه أميركا لا يعطل سياساتها الخارجية. ويبدو الملف الإيراني في حقيبة الدبلوماسية الأميركية منتفخاً وواضحاً للعيان. إذ ان العلاقة مع إيران لا تختصر بالملف النووي فقط، بل تتعداه إلى ملفات أكثر سخونة، من أفغانستان إلى العراق فلبنان وفلسطين وسورية استطراداً. وحيث ان إيران لا تملك في كل هذه الملفات ما تقدمه للمعنيين المباشرين به غير تسليح بعض الجماعات وتدريبها، فإن الولايات المتحدة الأميركية تراهن على سياسة متشابكة حيال هذه الملفات، تبدو للناظر من بعد كما لو أنها تعاكس السياسة الإيرانية جملة وتفصيلاً. فحيث تريد إيران التصعيد ترغب الولايات المتحدة في التهدئة، وحيث تريد إيران التهدئة ترغب الولايات المتحدة في التصعيد. وإذ تدرك الدبلوماسية الأميركية ان السلاح الأوحد الذي في وسع إيران استعماله هو سلاح الفوضى والتصعيد الأمني في أكثر من منطقة، إلا أنها تعلم علم اليقين ان ميدان إيران لا يتعدى في أفضل أحوالها مناطق انتشار الطائفة الشيعية عموماً في قارة آسيا.

لا شك ان بعض أسباب صعود نغمة التقليل من خطورة التسلح النووي الإيراني أميركيا تعود في بعض أسبابها، إلى طبيعة هجوم اوباما السلمي، ورفضه، حتى الآن أي حل عسكري في هذا الملف. وغير خاف ان مثل هذه الحجج ترد في سياق المناقشة والسجال مع الحليف الإسرائيلي، الذي يصر على معالجة هذا الملف سريعاً وبأي طريقة. لكن التقارير التي ترد من إيران، والتحليلات التي أصبحت تظهر أخيراً في أروقة صناع السياسية الأميركية تشير إلى ان إيران لا تخشى هجوما إسرائيليا يدمر منشآتها النووية، بل ربما تفضل مثل هذا الخيار وتسعى إليه، لأن ما يشاع وينقل عن المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، انه يخشى أكثر ما يخشى الثورة المخملية، وليس تهديدات إسرائيل. بل ولو حصل ان قامت إسرائيل بالهجوم على إيران، لاستطاع النظام تحت ضغط الحصار والحرب ان يستنفر حالة العداء لأميركا وإسرائيل مجدداً وان يعيد تمتين جبهته الداخلية التي تتصدع بفعل الرغبة المتعاظمة لدى الشعب الإيراني في العيش في يسر وبحبوحة وطمأنينة وفي ظل بعض الحريات.

هذه بعض الأسباب التي تجعل التعامل الأميركي مع ملف الانتخابات الرئاسية الإيرانية حذراً إلى هذا الحد. فالأميركيون يدركون ان دعمهم لمرشح دون الآخر سيف ذو حدين. بل قد يكون سبباً في فشله. لكنهم يدركون ان الرئيس الإيراني، كائناً من كان، ليس في وسعه تغيير التوجهات الإيرانية العامة. فالملف النووي في عهدة المرشد الأعلى للثورة، السيد علي خامنئي، والمجلس الأعلى للأمن القومي، الذي يكون الرئيس واحداً من أعضائه. وكذلك أمر الملفات الأخرى الأساسية. وليس في وسع الرئيس ان يغير شيئاً أو يقرر شيئاً في هذا المجال. بل ربما تكون ثمة رغبة أميركية فعلية في إعادة انتخاب احمدي نجاد لولاية جديدة، ذلك انه يفيد الإدارة الأميركية أيما إفادة. ويجعل موقف أميركا حيال الملف الإيراني أقوى مما قد يكون عليه في حالة انتخاب رئيس إصلاحي منفتح، قد يلجأ إلى عقلنة الخطاب الإيراني الرسمي، مما يفقد أعداء إيران وخصومها حججاً لا تحصى كان الرئيس الإيراني يقدمها لخصومه على طبق من ذهب.

الناظر إلى الانتخابات الإيرانية من أميركا يجد انها لن تغير شيئاً، وان أفضل ما قام به احمدي نجاد هو إعطاء أميركا حججاً إضافية لإدامة الحصار وإقناع بعض الأطراف الدولية المترددة به. في حين، ان اليهود الإيرانيين، بحسب التقارير الصحافية يفضلون إعادة انتخاب نجاد، لأنه لم يفعل غير إطلاق التصريحات المستفزة، في وقت لم يغير في أوضاع اليهود الإيرانيين ولم يعرضهم للأسوأ. وهذا الرأي يكاد يلخص السبب الذي يدعو الإدارة الأميركية إلى التصرف بحذر حيال إعلان موقف من الانتخابات الإيرانية قد يساهم في تقوية مرشح على آخر.

محسن رضائي وهو قائد الحرس الثوري السابق الذي يحكم إيران اليوم، والمرشح منافساً لنجاد، قال في حديث تلفزيوني منذ بضعة أشهر ان احمدي نجاد أضر بصورة إيران وعلاقاتها الخارجية، بسبب من طيشه في إطلاق المواقف التي لا سبب يدعو إلى إطلاقها. لكن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي، لا يزال يدعم نجاد ويفضله على غيره. والأرجح ان السبب في هذا التفضيل، ما ينقل عن خامنئي انه يخشى اشد ما يخشى انهيار النظام بفعل انطلاق ثورة مخملية في الداخل، مما يجعل بقاء احمدي نجاد في منصبه مفيدا جداً، لاستنفار الشعور القومي الإيراني من الداخل بسبب عداوة الخارج. فالرجل لم يفعل سوى إطلاق التصريحات التي تستلزم ردوداً عنيفة من قادة العالم، وهذا في حد ذاته يعيد شحذ سكين النظام الصدئة على حجر العداء الخارجي.

أميركا أوباما يناسبها خصم من طينة احمدي نجاد لأنها تستطيع هزيمته بسهولة. الإيرانيون يعرفون ذلك، لكن من قال ان إيران اليوم تريد الانتصار على أميركا؟ الأرجح انها تريد استمرار السجال حامياً بين الطرفين لتبقي الداخل الإيراني متماسكاً أمام الخصوم الداخليين. وأمام تعفن الثورة وتآكلها من الداخل، ربما يحسب قادة إيران ومرشدها الأعلى في مقدمهم، ان استجداء هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية قد يكون من حسن الفطن.