&
&

تضمن التعديل الوزاري الأخير تغييرات في بعض الحقائب الوزارية‏,‏ من بينها تعيين الدكتور ممدوح رياض تادرس وزيرا للدولة لشئون البيئة‏,‏ خلفا للسيدة نادية مكرم عبيد التي كانت أول من تولي هذا المنصب بعد أن أصبح للبيئة وزارة مستقلة‏,‏ وتشريع قانوني خاص للحفاظ علي البيئة تمشيا مع التطورات العالمية‏.‏
وخلال أكثر من أربع سنوات قضتها الوزيرة في هذا المنصب الشائك‏,‏ بسبب ما يتصدي له من مشكلات وقضايا تنموية وسلوكية واجتماعية معقدة تعتبر جديدة علي اهتمامات الحكومة والرأي العام‏,‏ نجحت نادية مكرم عبيد في أن تثير وعي المجتمع بطبقاته المختلفة الي أهمية التصدي لمشاكل البيئة والتلوث‏,‏ وأن تحرك كثيرا من المياه الراكدة في دهاليز الحكومة والبيروقراطية وفي دوائر الصناعة والمشروعات السياحية والمرافق العامة‏,‏ لخلق وعي عام بضرورة التعاون والمشاركة في حل المشكلات البيئية المعقدة‏,‏ التي تؤثر علي حياة الناس وصحتهم وقدرتهم علي الانتاج والاستثمار والتنمية الحقيقية ذات العائد الطويل المدي‏.‏
ولأن الحديث عن مشكلات البيئة في بلادنا لم يكن أمرا مألوفا‏,‏ وظلت الحكومات قبل صدور التشريع الخاص بها تعالجها باعتبارها من الأمور الكمالية او الجمالية التي يمكن التغاضي عنها‏,‏ فقد كانت المواجهة حادة في بعض الأحيان‏,‏ ومازالت هناك عقليات متخلفة لاتستوعب حقائق العصر هي التي تضع مشكلات البيئة‏:‏ من القمامة الي عوادم السيارات الي حرق قش الأرز الي تلويث مياه النيل الي المخلفات الصناعية والنفايات السامة ونفايات المستشفيات‏,‏ وغيرها‏,‏ في أسفل قائمة الأولويات التي يمكن الاستغناء عنها اذا دعت الضرورة‏.‏
ويحسب للوزيرة السابقة أنها واجهت هذه العقبات بشجاعة وحزم واصرار‏,‏ خصوصا وأنها كوزارة دولة ليست لديها سلطات تنفيذية قاطعة باستثناء سلطة القانون‏,‏ الذي كثيرا في بلادنا ما يجري تجاهله إن لم يكن العبث به‏,‏ وبالأخص من الوزارات القوية ذات النفوذ السياسي والحكومي‏..‏ والتي لاتريد أن يقول لها أحد أنها هي لمسئولة عن التلوث او أنها تتحمل نصيبا كبيرا في مشكلات بيئية حادة يشكو منها المجتمع‏.‏
ونحن لانتوقف كثيرا عند التساؤل عن أسباب تغيير وزير ناجح‏,‏ ولكننا في الوقت نفسه نتمني أن يكمل الوزير الجديد الدكتور ممدوح رياض المشوار بنفس القوة والاصرار‏..‏ ولديه من الخلفية العلمية والخبرة الزراعية ما يضمن له النجاح والانجاز‏,‏ في وقت لم تعد فيه مشكلات البيئة من الكماليات و الترف الاجتماعي‏,‏ ولم تعد تقتصر علي مشكلة واحدة بل حزمة من المشاكل المتراكمة في مجتمع يحتاج الي ايقاظ وعيه بصفة مستمرة‏.‏(الأهرام المصرية)