&
ايلاف - طارق السعدي : مامون صقال لمن لايعرفه مدينة عريقة من الاهتمامات الفنية والابداعية. فهذا السوري الاصل المقيم باميركا يعمل على تحرير الخط العربي من كل البدع ومسحه بالكونية التي التصقت به قبل مجيء أصوليي الحرف وغير الحرف. التقته ايلاف وكان الحوار القصير التالي :

&
- من هو الاستاذ مامون صقال؟
- مهندس معماري وفنان تشكيلي سوري يعيش الان في امريكا, امارس الانتاج في معظم مجالات الفنون التشكيلية والبصرية, بدءا من التصميمات الصغيرة للشعارات وانتهاء بتصميم الابنية الضخمة, ومرورا بتصميم الحروف الطباعية, الاغلفة والمطبوعات, الاعلانات, اللوحات الفنية, اللوحات الخطية الجدارية, والديكور الداخلي. معظم اعمالي ترتكز على دراسات متعمقة في تاريخ وخصائص الفن العربي والاسلامي وتتضمن الكتابة والخط العربي كعنصر اساسي في التعبير الفني.
&
- أنتم من اوائل المبدعين العرب الذين استعملوا الانترنت كوسيلة تواصل واتصال، ما السر وراء هذا التميز؟
- بدأت باستخدام الكمبوتر في نهاية السبعينيات في دراستي العليا عن المقرنصات المعمارية الاسلامية. في ذلك الوقت كنا نثقب برامج الرسوم على مئات البطاقات الورقية المقواة, ثم نطعمها لكمبيوتر كان يحتل صالة كبيرة في مركز الكمبيوتر بجامعة واشنطن لتنفيذ البرامج وانتاج الرسوم والنماذج الفراغية. ولكن خلال سنين قليلة استبدل ذلك الكمبيوتر الضخم باجهزة مكتبية شخصية صغيرة واصبح الكمبيوتر جزءا مهما في عملي سواء في مجال الابحاث او الانتاج الفني . هذه الكمبيوترات الشخصية احدثت ثورة النشر المكتبي في ذلك الوقت, حيث تحول انتاج التصاميم الفنية تدريجيا من الوسائل اليدوية والميكانيكية الى الملفات الرقمية.
&
- لكن ماهي الاسباب التي دعتك لاستخدام الكمبيوتر في اعمالك؟
- يمكن اجمال الأسباب التي شجعتني على استخدام الكمبيوتر في عملي الى أسباب موضوعية و أسباب شخصية. الأسباب الموضوعية تتضمن ثورة النشر المكتبي التي ذكرتها, توزع زبائني على أماكن جغرافية متباعدة, و توزع الجمهور العربي والاسلامي حول العالم كذلك. أما الأسباب الشخصية فتتضمن معرفتي لاستخدام الكمبيوتر في مجالات التصميم المختلفة, ورغبتي في عرض أعمالي الفنية على جمهور واسع, و ادراكي ان بامكاني تسويق أعمالي الفنية والمنتجات الأخرى عبر شبكة الانترنت.
&
- كيف؟
- فمثلا يسمح لي الكمبيوتر بتسويق بطاقات المعايدة المتميزة بالتصاميم الفنية الاسلامية والعربية و مجموعة الرسوم الجاهزة للخطوط العربية في كل أنحاء العالم, وهذا كان بالغ الصعوبة قبل اطلاق موقعي على الانترنت .&
&بعد حصولي على الماجستير في العمارة الاسلامية و افتتاح مكتبي للتصميم في اوائل الثمانينات, لاحظت ان معظم اعمالي المعمارية كانت لزبائن محليين في ولاية واشنطن أما أعمالي الغرافيكية والفنية فكانت لزبائن من مختلف أنحاء شمال أمريكا والشرق الأوسط. هذا النوع الثاني من الاعمال كان يتطلب اتصالات مستمرة عبر البريد السريع والهاتف والفاكس, خصوصا تلك التي تصمم لأحداث ذات مواعيد محددة. فمثلا عندما أقوم بعمل التصاميم اللازمة لمؤتمرات الجمعية الاسلامية لشمال امريكا احتاج لعرض الأفكار الأولية على مسؤولي الجمعية الذين يتوزعون في عدة ولايات أمريكية وفي كندا وأحيانا في الشرق الأوسط. في هذه الحالة أعد صفحة خاصة للمشروع على موقعي حيث أضع هذه التصاميم, وبذلك يتمكن الجميع من رؤيتها واعطاء الرأي أينما كانوا.
&
- لكن كيف تصلون بنجاح الى هذا التمازج المنسجم بين الحديث التكنولوجي والتاريخ العربي القديم؟
- هاجس استمرار الثقافة التشكيلية العربية والاسلامية في وقتنا الحاضر هو جزء اساسي من حياتي ومؤثر مهم في كل الأعمال التي أقوم بها. من ناحية أولى دعاني هذا الى عمل دراسات متعمقة عن الفن والخط والعمارة العربية والاسلامية منذ بداياتهما وحتى الان. ومن ناحية أخرى فانني أحاول باستمرار فهم طبيعة حياتنا المعاصرة وكيف يمكن لتراثنا الفني أن يستمر ويتطور ليلعب دوره في خدمة هذه الحياة. لقد بدأت حياتي الابداعية كفنان معاصر يمارس الرسم على الطريقة الأوربية, ودرست الرسم والحفر والنحت في مركز الفنون التشكيلية بحلب لسنوات عديدة. الا أن بحثي عن فن محلي يمكن أن يرتبط ويستجيب لحياة أوسع قاعدة من الجمهور قادني لتعلم الخط العربي اذ وجدت أنه كان باستمرار أهم وسيلة تعبير فني للعرب والمسلمين. كذلك درست اسس تصميم الزخارف العربية والاسلامية حتى أصبح بامكاني استخدامها في أعمالي بشكل طبيعي ومعبر ومستجيب لظروف واحتياجات كل مشروع أقوم به. في هذه العملية اكتشفت غنى تراثنا التشكيلي, و ملكته تدريجيا حتى اصبح جزءا من شخصيتي الفنية. لذلك فان استخدامي لعناصر التراث تنسجم مع الاسس العميقة لهذا التراث وتستجيب في الوقت نفسه لمتطلبات التعبير المعاصر, سواء تلك المتعلقة بطبيعة المشروع الذي أنتجه أو تلك المتعلقة بطريقة تقبل الجمهور لهذا المشروع.
&
- وكيف جاءت الفكرة الاولى: انشاء الموقع؟
موقع www.sakkal.com بدأ كموقع تجريبي لمعرفة جدوى وفائدة موقع فني على الانترنت. كان الهدف معرفة مدى اهتمام الجمهور بموقع يعرض موادا تثقيفية عن الخط العربي, ويسوق أعمالا فنية تستخدم الخط العربي. نتيجة هذه التجربة كانت مشجعة جدا. من ناحية أولى, اتضح أن الموقع يؤدي خدمة هامة لزبائني بتسهيل الاتصالات اللازمة لاستعراض المشاريع التي اقوم بتنفيذها لهم, و من ناحية ثانية اتضح أن هناك حاجة واضحة لدى الجمهور لمثل هذا الموقع بدليل عدد الزوار المتزايد كل سنة.
&
- كم عددهم؟
- أطلقت الموقع في ربيع عام 1997 وتلقى في الأشهر التسعة الأولى واحدا وستون الف زائر للصفحات المختلفة (تسعة الاف زائر للصفحة الأولى و ثلاثمائة وخمسة عشر الف طلب Hit) . في السنة الثانية أصبح عدد الزوار للصفحات المختلفة في الموقع حوالي ثلاثمائة الف زائر , وتزايد عدد الزوار بمعدل ثلاثين بالمائة في السنوات التالية حتى زاد عن أربعمائة ألف زائر في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام. هذا الاقبال حوَل الموقع التجريبي الى موقع دائم.

&
- هل من طاقم وراء الموقع؟ ام تشتغل بشكل منفرد؟
- أقوم بتصميم وصيانة الموقع بمفردي. ان جزءا من العمل اللازم لاعداد المواد للعرض على الموقع يتم من خلال عملي على مشاريع التصميم والأعمال الفنية. اذ أنني أستعمل الموقع لتبادل المعلومات عن المشروع في صفحات خاصة, وبعد انتهاء المشروع أختار جزءا من العمل لربطه بالموقع العام حيث يتمكن الجمهور من رؤيته. كذلك فان معظم المقالات التي أكتبها أو تكتب عن أعمالي تعد الان بشكل الكتروني يسهل تحويلها للعرض على الانترنت. فمثلا قمت بتدريس استخدام البرمجة لدراسة العمارة الاسلامية في جامعة واشنطن في العام الماضي حيث أعدت مشاريع الطلاب بشكل الكتروني. لذلك استطعت أن أنشر صفحة على الموقع عن هندسة الأشكال المنتظمة في العمارة الاسلامية بشكل سريع لأن أكثر المواد كانت معدة بشكل الكتروني مسبقا. باختصار فانني أحاول دائما أن أعد أعمالي بشكل ملائم للنشر على الانترنت بدون الحاجة لصرف وقت طويل لاعادة تصميمها مرة اخرى.