&
إيلاف- نبيل شرف الدين: مع تسلط الأضواء على الأميركيين المسلمين بعد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، أثبت سؤال يبدو أنه سهل صعوبة في الإجابة عليه، هذا السؤال هو: ما هو تعداد الأميركيين المسلمين ؟
وفي أبريل الماضي أصدرت أربع منظمات إسلامية كبيرة دراسة خلصت إلى أن عدد الأميركيين المسلمين يقدر بستة إلى سبعة ملايين مسلم. وبناءً على جزءٍ من هذا التقرير فإن معظم المنظمات الإعلامية والبيت الأبيض ووزارة الخارجية قد قالوا أن هناك على الأقل ستة ملايين مسلم في أميركا.
&
محاولة للتهميش
خرجت دراستان أخيرتان الشهر الماضي واحدة منهما صدرت عن اللجنة اليهودية الأميركية قالت أن مجموع المسلمين أقل من ذلك بكثير: لا يتعدى 3.4 مليون وربما أقل ليصل إلى 1.5 مليون. وقد أدان نهاد عواد، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية الذي اشترك في إعداد التقرير الذي صدر في أبريل - الدراسة التي قدمتها اللجنة اليهودية الأميركية قائلاً أنها جزء من المجهود الذي يبذله المجتمع اليهودي لتهميش المسلمين في أميركا. ويتساءل عواد: "لماذا هم قلقون بشأن عددنا؟ لماذا يثيرهم هذا؟ إننا لم نضخم أبداً من أعدادنا ولم يكن لدينا أية نية في التنافس مع دين آخر أو مجموعة عرقية أخرى" ويقول ديفيد هاريس، المدير التنفيذي للجنة اليهودية الأميركية، أنه ومؤسسته كانوا يشكون طويلاً في تضخيم المجتمع الإسلامي لتعداده السكاني. ويضيف: "ومع توجه الانتباه إلى الإسلام بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر والأرقام الكبيرة التي ظهرت في الإعلام، قررنا أن الوقت قد حان لإجراء تحليل. ولم يكن بشأن الأرقام، لقد كان بشأن الحقيقة والدقة، إذا ظهرت مجموعة من الناس أمس وادعت فجأة أنها 8 مليون، فإن لهذا نتائج اجتماعية، إذا كان ادعاؤهم صحيحاً، ليباركهم الله. وإذا لم يكن فهل يتعين علينا أن نصدق تلك الأرقام؟" يقول جي جوردون ملتون، مدير معهد دراسات الأديان الأميركي في سانت باربرا بكاليفورنيا: "مثل كل جماعات المصالح، تحقق الطوائف الدينية أو تخسر أهدافاً سياسية بناءً على درجة إدراكها وحجمها. وفي حالة الجالية المسلمة الأميركية، يضيف ملتون، ستأخذ جهودها للتأثير على سياسة أميركا في الشرق الأوسط دفعة إذا تم تصويرها على أنها أكبر من سكان أميركا اليهود التي تقدر بستة ملايين. إنه سؤال سياسي: كيف سيؤثر هذا على الانتخابات؟" يقول عواد: "إن اهتمام المجلس بعدد المسلمين الأميركيين يهدف إلى رغبته في التأثير على قضايا محلية مثل الرعاية الصحية والتعليم والجريمة والمخدرات".
أما الدراسات المتضاربة فليست ببساطة مسألة أناس يقومون بدراسة لهم أهداف سياسية مختلفة. فالفجوة الكبيرة في الأرقام تعكس المشاكل التي دائماً ما كان يواجهها المهتمون بإحصاء السكان عندما يريدون تعداد السكان طبقاً لدياناتهم. أما الأرقام الدقيقة فهي لا توجد بسبب منع الإحصاء الأميركي، المسح الأكثر شمولاً للمجتمع الأميركي، من السؤال عن الدين. وعندما تريد المجموعات الدينية عمل بعض الإحصاءات السكانية لمرجع ما فإنها تعتمد على أعداد الأعضاء التي تقررها بنفسها من أماكن العبادة. وحتى في هذه الحالة، فإن تلك الأرقام لا يمكن التأكد منها. فبعض الطوائف تضع في تعدادها كل إنسان حتى الرضع، بينما لا تضع أخرى في تعدادها سوى المعمدين.
قوائم عضوية
يمثل الإسلام تحدياً من نوع خاص لأن المساجد لا تحتفظ بقوائم عضوية. أما التقرير الذي صدر في أبريل واشترك في رعايته مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية، وكان عنوانه "الجامع في أميركا: بورتريه وطني"، فكان الجزء الذي يختص بالجانب الإسلامي من أكبر مسح للطوائف الأميركية على الإطلاق. وقد ساهم في هذا المشروع معهد هارتفورد لبحوث الأديان. واتصل الباحثون بالمساجد الـ 1.209 المعروفة في أميركا. وأجروا مقابلات مع زعماء في 416 فقط، وقد دعي هؤلاء الناس لتقدير عدد الناس الذين ينخرطون في أي نشاط يخص المسجد، كانت متوسط الإجابة 1.625 مشترك، وبضرب هذا الرقم في عدد المساجد المعروفة والمذكور آنفاً توصل الباحث إحسان رجبي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة شو في رولي بولاية نورث كارولينا، إلى أن هناك 2 مليون مسلم يذهبون إلى المساجد في أميركا. ثم قام رجبي بعد ذلك بضرب هذا الرقم في ثلاثة ليحسب عدد الذين يعدون أنفسهم مسلمين إلا أنهم قد لا يشتركون في أنشطة المساجد، ويدي رجبي أن هذه الطريقة تخمين تعليمي بناءً على سنين من متابعة المجتمع الإسلامي، وقد حلل بول إم بيرل، مساعد باحث في مركز البحث التطبيقي بجامعة جورج تاون، البيانات التي قدمها رجبي وكتب مسودة تمهيدية عن التقرير، إلا أن بيرل يقول أنه لم ير الطبعة الأخيرة قبل النشر بما في ذلك تقدير رجبي الذي يتراوح بين 6 إلى سبعة مليون ويضيف: "لا أعتقد أن هناك طريقة سهلة لتقرير عدد المسلمين في أميركا انطلاقاً من عدد مرتادي المساجد ومتوسط العدد الذي استخدمه رجبي في تقريره كان بناء على تقديرات ربما يكون مبالغاً فيها. فقد كان هناك إمامان قدرا مرتادي مسجديهما بخمسين ألف شخص وقال كارل إس دودلي، المدير المشارك لمشروع الطوائف في هارتفورد: "ليس من الشائع أن يتم ضرب عدد مرتادي المؤسسات الدينية في ثلاثة أو خمسة أو سبعة للحصول على العدد الإجمالي لطائفة دينية. فالموضوع كله غامض." وعند سؤال عواد، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية، لماذا استخدمت مؤسستكم في إصداراتها الصحفية الرقم 7 ملايين بدلاً من ستة وهو الرقم الذي استخدمه رجبي، قال: "لقد درجنا على قول أننا ستة منذ ست سنوات. وإذا استخدمناه الآن، سيتعجب الناس كيف أنهم لم يزيدوا"، لكن اللجنة اليهودية الأميركية فتزعم أن الرقم خطأ ولهذا فقد استأجرت توم سميث، مدير المسح الاجتماعي العام في بمركز بحوث الرأي القومية بجامعة شيكاغو.
ثلاث دراسات
حلل سميث 45 وثيقة وورقة، وتضمنت تلك الوثائق مسحا للرأي العام ودراسات تقديرات حضور المناسبات الدينية وإحصاءات الهجرة، وتوصل إلى نتيجة مفادها أن أفضل مسح للمسلمين الأميركيين هو 1.9 مليون إلا أنه سمح أن يتراوح الرقم بين 1.5 إلى 3.4 مليون مسلم. أما هاريس المدير التنفيذي للجنة اليهودية الأميركية فقال أنه كان يعرف أنه سيتم انتقاد مؤسسته لأنها ندبت سميث للقيام بالدراسة. فقد كان سميث معروفاً بتشكيكه في رقم الستة ملايين مسلم. في العام الماضي قال سميث لصحيفة لوس أنجلوس تايمز أن الرقم غير صحيح تماماً وأن الجماعات الإسلامية تخترع هذا التقدير، وقال هاريس: "إذا كان سميث قد قال يا إلهي لقد ارتكبت خطأ وأن الرقم عشرة ملايين، بالطبع كما سننشر ذلك." وقال سميث أنه كان يبحث في المسألة الإسلامية منذ 1995 وكان يخطط لنشر تقرير على نهاية هذا العام حتى قبل أن تستشيره اللجنة. وفي 24 أكتوبر، بعد يوم واحد من نشر تقرير اللجنة اليهودية الأميركية، أصدر مركز الخريجين بجامعة نيويورك التقرير الديني الأميركي. كانت الدراسة بناءً على مكالمات تليفونية عشوائية. وقد تم سؤال أكثر من 50 ألفا من الأسر - العينة أكبر 25 أو 50 مرة من معظم الدراسات القومية - "ما هو دينك؟" وقد تعامل الباحثون مع الأرقام للتغلب على عوامل كعدم مشاركة المهاجرين الذين لا يتكلمون الإنجليزية أو امتنعوا عن الإجابة لأنهم أتوا من بلاد قد يسبب فيها الإعلان عن الدين أعمالاً انتقامية. وقد خلص باحثو تلك الدراسة إلى اعتبار عدد المسلمين 2.8 مليون مسلم. أما ديفيد بي باريه، عالم الإحصاء الذي يزود فريقه تقديرات أميركية سنوية عن الدين في العالم لموسوعة بريتانيكا وعشرين كتاباً سنوياً آخر، فقد قدر عدد المسلمين في أميركا العام الماضي بـ 4.1 مليون. يقول باريه أن لديه تحفظات على الثلاث دراسات السابقة، "دراسة سميث لم تؤثر علي كثيراً لأنها تعتمد على مواد قديمة، أما الدراسة التي أجريت بالهاتف وحتى إن كانت كبيرة كتلك التي أجرتها جامعة نيويورك فقد افتقدت الناس الذين ليس عندهم هاتف أو أنها لا تضع في اعتبارها الشباب الذين لهم ديانة مختلفة عن آبائهم، أما الدراسة التي أجريت بمساعدة المسجد فهي تعتمد على أرقام شخصية، أما دراسة باريه فهي تعتمد على تحليل بيانات من مصادر متعددة.
بما في ذلك تقارير الأمم المتحدة، ففي حالة المسلمين في أميركا، فالكثير منهم مهاجرون ولذا فهو ينظر في نسب الشيعة والسنة والطوائف الأخرى في البلاد التي أتوا منها ويعمل ذلك على السكان المهاجرين هنا. يقول براين تي فرويل، المدير التنفيذي بمركز بحوث جورج تاون - والذي دعي لتحليل الأرقام في تقرير رجبي "تدعو الفجوات الكبيرة بين التقارير المختلفة إلى إجراء المزيد من البحوث وأن يستفيد علماء الإحصاء من المعلومات والعوامل الأخرى الخاصة بالمجتمع المسلم". ويقول رجبي عن تقرير جامعة نيويورك: "ما فعلته دراستهم أنها أجبرتنا على النظر بحرص في المشكلة والبحث عن طرق جديدة. كل ما آمله ألا تكون القضية لها أبعاد سياسية معقدة.