&
منذُ أن غادر القصيمي مسقط رأسه " خب الحلوة" الواقع في غرب بريدة بمنطقة نجد بالسعودية، في العاشرة من عمره لم يعد إلى السعودية إلا مرةً واحدة كانت لأداء فريضة الحج، حدث له فيها موقف في مكة المكرمة يرويه بالتفصيل لـ" إيلاف" المؤرخ السعودي عبدالرحمن الرويشد(80عاماً)، الذي كان شاهداً على الموقف، وذلك في شهادته التي قدمها لـ"إيلاف". |
"إيلاف" طرحت سؤالاً على كل من ألتقهم من أصدقاء القصيمي عن حنين القصيمي لموطنه وموقفه منه ومن قياداته، ففي الوقت الذي أشار فيه المحامي المصري إبراهيم عبدالرحمن أنه لم يلحظ على القصيمي من خلال صحبة دامت حوالي خمسين عاماً أية حنين أو شوق إلى مسقط رأسه السعودية، بل كان يحنُ إلى بيروت التي وجد فيها متنفساً للنشر والكتابة، إلا أن السفير اليمني حسن السحولي يؤكد على أن القصيمي كان كثير الحنين إلى السعودية، وأكد ذلك اللواء عبدالله جزيلان قائلاً: لا يوجد هناك من لا يحنُ لمسقط رأسه والقصيمي كان يحن للسعودية!.
وعن موقفه من بلاده السعودية قال المحامي إبراهيم عبدالرحمن أنه لم تكن هناك علاقة رسمية بينه وبين الحكومة السعودية، إلا أن الاحترام والتقدير كان متبادلاً بينهما، وكانت الحكومة السعودية تجري له مكافأة شهرية عن طريق السفارة السعودية، وكانت له علاقة بالعديد من أعيان ووجهاء السعودية من أمثال الأمير طلال بن عبدالعزيز الذي تكفل بكامل علاجه بالولايات المتحدة الأمريكية.
واعتبر المحامي إبراهيم موقف الحكومة السعودية من أبنائه موقفاً ممتازاً عندما قررت الحكومة السعودية ابتعاث جميع الطلبة الذين كانوا يدرسون في مصر إلى الغرب أوروبا وأمريكيا، للدراسة بد أن ساءت العلاقة بين مصر والسعودية، إذ قررت الحكومة السعودية ضم أبنيه فيصل ومحمد إلى البعثة السعودية لدراسة الطب، رغم أنهما ليسا من ضمن البعثة، وهو موقف يدل على احترام السعودية للشيخ عبدالله القصيمي، وذكر المحامي أن القصيمي على علاقة وطيدة بعدد من رجال الفكر السعوديين الذين يزورونه في القاهرة ويجلسون معه لساعات طويلة وكان بعضهم يفضل ألا يعرف أحد بذلك، وذكر أن من المسؤولين الذين كانت لهم علاقة جيدة جداً مع القصيمي معالي الشيخ حسن آل الشيخ وزير التربية والتعليم بالسعودية، فقد كان يُجلُ الأستاذ القصيمي، وكانت بينهما لقاءات عندما كان القصيمي مقيماً في بيروت، وقد قابلتُ الشيخ حسن آل الشيخ في الرياض عام 1977م وكنتُ أحمل إليه رسالة من الشيخ القصيمي، فرحّب بي أشد الترحيب، بل وبالغ في ذلك وأعرب عن تقديره وحبه العميق جداً للشيخ القصيمي، وحملني رسالة رداً على رسالة القصيمي له، وذكر المحامي أن من أصدقائه السعوديين الشيخ حمد الجاسر والشيخ عبدالعزيز التويجري، وقد ذكر الأستاذ جاسر الجاسر في صحيفة "الشرق الأوسط" الصادرة بتاريخ 11يناير 1996م أن ممن عايشوا القصيمي في بداياته وتابعوا تبدلاته حمد الجاسر وعبدالكريم الجهيمان وعبدالعزيز التويجري.
ويقول المحامي إبراهيم عبدالرحمن أن فيصل بن عبدالله القصيمي عندما ذهب إلى الرياض لاستكمال أوراق ابتعاثه استدعي إلى الطائف وقابل ولي العهد آنذاك الأمير فهد بن عبدالعزيز، الذي رحب بالابن فيصل وقال له نحن نحترم والدك وأنت اليوم في بلدك السعودية .
ويضيف المحامي إبراهيم أن القصيمي كان يحترم بلده ويحترم الملك عبدالعزيز، لأنه نقل بلاده ومجتمعه من غياهب التخلف ووضعها على عتبات التقدم والرقي، كما كان يحترم الملك فيصل ويقدره، وقد سمى ابنه فيصل تيمناً بالملك فيصل بن عبدالعزيز.
أما السفير اليمني حسن السحولي فقال: كان القصيمي يحترم السعودية ويرفض أن يتحدث عن السعودية بأي شكل يسئ لها، وكان لايفضل الحديث عنها أبداً، وقد أدركنا فيما بعد لماذا رفض الجواز الدبلوماسي الذي قدمته له من اليمن!! كان يحترم بلده وعندما قدمنا له الجواز كانت العلاقة بين السعودية واليمن متأزمة، فرفض أن يكون هذا استغلالاً له من قبلنا ضد السعودية، والشيء نفسه فعله مع سوريا عندما عرضت عليه الانتقال والبقاء فيها وحمايته يوم أن كان في بيروت، فرفض لأن العلاقة كانت هي الأخرى متأزمة مع السعودية، ومواقفه هذه تدل على احترامه الكبير لبلده السعودية، ويضيف السفير قائلاً: رحمه الله كان متوازناً مع نفسه ومع الآخرين!!.
ومما يدلل على ما كان يكنه القصيمي لبلده السعودية، ما ذكره الشيخ حمد الجاسر قبل وفاته، يقول: كنتُ في القاهرة قبل أكثر من ستين عاماً ونشرت مجلة" الدعوة" الناطقة باسم الإخوان المسلمين، والتي كان يرأس تحريرها الأستاذ حسن البنا مقالة عن الملك عبدالعزيز، لم تعجب القصيمي، يقول : جاء القصيمي لي متأثراً وطلب مني الذهاب معه إلى مقر المجلة لتوبيخهم عن الموضوع الذي نشروه ضد إمام المسلمين عبدالعزيز، يقول الجاسر: ذهبنا ووجدنا سكرتير التحرير محمد الغزالي، وكان شاباً وقتها، فاستقبلنا وقال: أهلاً بالشيوخ النجديين، ورحب بنا ثم سأل، فأجابه القصيمي: بأنكم هاجمتم غمام المسلمين! فطلب منه الغزالي أن يرد وأعطاه ورقة وقلم، فقال القصيمي: هذه لا تكفي، فكتب أربع ورقات ودفعها إليه وقال الغزالي: سننشرها الأثنين القادم، ولكن لم ينشر المقال كما وعد الغزالي، فجاء لي القصيمي مرةً ثانية منفعلاً يقول: لم ينشروا المقال، هيا بنا إلى فوزان السابق نشتكيهم عليه! فاعتذرت منه لأني كنتُ وقتها مشغولاً، ولا أدري ما الذي حدث بعد ذلك؟!.
&ومما يؤكد على ما يكنه القصيمي لبلده وقادته من حبٍ واحترام، تلك المقالة التي نشرها القصيمي في مجلة" الكتاب" الجزء الرابع، صفر1365هـ، الموافق فبراير1946هـ، وهي مجلة شهرية تصدر عن دار المعارف المصرية، ويرأس تحريرها آنذاك الأستاذ عادل الغضبان، يقول القصيمي في مقالته تلك ( .. والملك عبدالعزيز أول من سُمي من آل سعود ملكاً بالمعنى المعروف القانوني، وكان آباؤه من قبل يسمون بالأئمة، ويرون أن هذه التسمية أكثر انطباقاً عليهم وأصدق معنى، لأنهم إنما يقومون بوظيفة الأئمة من الإصلاح الديني ومن محاربة الفساد والباطل المحسوب ديناً، وجلالته أول من وحد هذه المملكة الواسعة المترامية الأطراف، المكونة من الحجاز ونجد وعسير والأحساء والقطيف وتوابع ذلك، وأول من عمل على استخراج الثروة الطبيعية المخبوءة في أرجاء المملكة.. أما مبدأ أمر جلالته ومبدأ الفكرة عنده في إيجاد هذه المملكة فما أشبه ذلك بالقصص الروائية، على أنه الحقيقة الرائعة الواقعة المعاصرة التي لا تمكن المماراة فيها، ويختتم القصيمي مقالته الطويلة، قائلاً ( يظن كثير من الناس أنه هذا الملك يحكم بلاده وشعبه حكماً مطلقاً، ولكن لا يجب الذهاب مع هذا الظن، فإن جلالته قد قيد نفسه بقانون رضيه هو وآمن به، ورضيه شعبه وآمن به، هذا القانون هو الشريعة الإسلامية، وهو لا يتدخل فيه، غنما يعمل على حمايته، وإذا كان يُسمى ملكاً دستورياً مَن كان مقيداً بدستور وضعه الناس، لهم أن يغيروه أو يبدلوه أو يبطلوه، فماذا يسمى من قيّد نفسه بدستورٍ وضعه الله؟! يرى أنه لا يصح أن يبدل ولا أن يُغير ولا أن يُبطل! إننا أمام أحد رجال التاريخ الحقيقيين الذين سيظل التاريخ يذكرهم كلما ذكر الأعمال الخالدة والرجال الخالدين، وإننا لا نحتاج أن نرجع إلى الوراء لننقب في زوايا تاريخنا عن العظمة الحقة في رجالنا، وما علينا إلا أن نلتفت إلى هذه العظمة المعاصرة، لنقول: إننا رأيناها بأبصارنا ...).
&ويذكر المؤرخ السعودي عبدالرحمن الرويشد أنه لم يكتب أحد مدافعاً عن الملك عبدالعزيز كما كتب القصيمي في وقته.&
وعن موقفه من بلاده السعودية قال المحامي إبراهيم عبدالرحمن أنه لم تكن هناك علاقة رسمية بينه وبين الحكومة السعودية، إلا أن الاحترام والتقدير كان متبادلاً بينهما، وكانت الحكومة السعودية تجري له مكافأة شهرية عن طريق السفارة السعودية، وكانت له علاقة بالعديد من أعيان ووجهاء السعودية من أمثال الأمير طلال بن عبدالعزيز الذي تكفل بكامل علاجه بالولايات المتحدة الأمريكية.
واعتبر المحامي إبراهيم موقف الحكومة السعودية من أبنائه موقفاً ممتازاً عندما قررت الحكومة السعودية ابتعاث جميع الطلبة الذين كانوا يدرسون في مصر إلى الغرب أوروبا وأمريكيا، للدراسة بد أن ساءت العلاقة بين مصر والسعودية، إذ قررت الحكومة السعودية ضم أبنيه فيصل ومحمد إلى البعثة السعودية لدراسة الطب، رغم أنهما ليسا من ضمن البعثة، وهو موقف يدل على احترام السعودية للشيخ عبدالله القصيمي، وذكر المحامي أن القصيمي على علاقة وطيدة بعدد من رجال الفكر السعوديين الذين يزورونه في القاهرة ويجلسون معه لساعات طويلة وكان بعضهم يفضل ألا يعرف أحد بذلك، وذكر أن من المسؤولين الذين كانت لهم علاقة جيدة جداً مع القصيمي معالي الشيخ حسن آل الشيخ وزير التربية والتعليم بالسعودية، فقد كان يُجلُ الأستاذ القصيمي، وكانت بينهما لقاءات عندما كان القصيمي مقيماً في بيروت، وقد قابلتُ الشيخ حسن آل الشيخ في الرياض عام 1977م وكنتُ أحمل إليه رسالة من الشيخ القصيمي، فرحّب بي أشد الترحيب، بل وبالغ في ذلك وأعرب عن تقديره وحبه العميق جداً للشيخ القصيمي، وحملني رسالة رداً على رسالة القصيمي له، وذكر المحامي أن من أصدقائه السعوديين الشيخ حمد الجاسر والشيخ عبدالعزيز التويجري، وقد ذكر الأستاذ جاسر الجاسر في صحيفة "الشرق الأوسط" الصادرة بتاريخ 11يناير 1996م أن ممن عايشوا القصيمي في بداياته وتابعوا تبدلاته حمد الجاسر وعبدالكريم الجهيمان وعبدالعزيز التويجري.
ويقول المحامي إبراهيم عبدالرحمن أن فيصل بن عبدالله القصيمي عندما ذهب إلى الرياض لاستكمال أوراق ابتعاثه استدعي إلى الطائف وقابل ولي العهد آنذاك الأمير فهد بن عبدالعزيز، الذي رحب بالابن فيصل وقال له نحن نحترم والدك وأنت اليوم في بلدك السعودية .
ويضيف المحامي إبراهيم أن القصيمي كان يحترم بلده ويحترم الملك عبدالعزيز، لأنه نقل بلاده ومجتمعه من غياهب التخلف ووضعها على عتبات التقدم والرقي، كما كان يحترم الملك فيصل ويقدره، وقد سمى ابنه فيصل تيمناً بالملك فيصل بن عبدالعزيز.
أما السفير اليمني حسن السحولي فقال: كان القصيمي يحترم السعودية ويرفض أن يتحدث عن السعودية بأي شكل يسئ لها، وكان لايفضل الحديث عنها أبداً، وقد أدركنا فيما بعد لماذا رفض الجواز الدبلوماسي الذي قدمته له من اليمن!! كان يحترم بلده وعندما قدمنا له الجواز كانت العلاقة بين السعودية واليمن متأزمة، فرفض أن يكون هذا استغلالاً له من قبلنا ضد السعودية، والشيء نفسه فعله مع سوريا عندما عرضت عليه الانتقال والبقاء فيها وحمايته يوم أن كان في بيروت، فرفض لأن العلاقة كانت هي الأخرى متأزمة مع السعودية، ومواقفه هذه تدل على احترامه الكبير لبلده السعودية، ويضيف السفير قائلاً: رحمه الله كان متوازناً مع نفسه ومع الآخرين!!.
ومما يدلل على ما كان يكنه القصيمي لبلده السعودية، ما ذكره الشيخ حمد الجاسر قبل وفاته، يقول: كنتُ في القاهرة قبل أكثر من ستين عاماً ونشرت مجلة" الدعوة" الناطقة باسم الإخوان المسلمين، والتي كان يرأس تحريرها الأستاذ حسن البنا مقالة عن الملك عبدالعزيز، لم تعجب القصيمي، يقول : جاء القصيمي لي متأثراً وطلب مني الذهاب معه إلى مقر المجلة لتوبيخهم عن الموضوع الذي نشروه ضد إمام المسلمين عبدالعزيز، يقول الجاسر: ذهبنا ووجدنا سكرتير التحرير محمد الغزالي، وكان شاباً وقتها، فاستقبلنا وقال: أهلاً بالشيوخ النجديين، ورحب بنا ثم سأل، فأجابه القصيمي: بأنكم هاجمتم غمام المسلمين! فطلب منه الغزالي أن يرد وأعطاه ورقة وقلم، فقال القصيمي: هذه لا تكفي، فكتب أربع ورقات ودفعها إليه وقال الغزالي: سننشرها الأثنين القادم، ولكن لم ينشر المقال كما وعد الغزالي، فجاء لي القصيمي مرةً ثانية منفعلاً يقول: لم ينشروا المقال، هيا بنا إلى فوزان السابق نشتكيهم عليه! فاعتذرت منه لأني كنتُ وقتها مشغولاً، ولا أدري ما الذي حدث بعد ذلك؟!.
&ومما يؤكد على ما يكنه القصيمي لبلده وقادته من حبٍ واحترام، تلك المقالة التي نشرها القصيمي في مجلة" الكتاب" الجزء الرابع، صفر1365هـ، الموافق فبراير1946هـ، وهي مجلة شهرية تصدر عن دار المعارف المصرية، ويرأس تحريرها آنذاك الأستاذ عادل الغضبان، يقول القصيمي في مقالته تلك ( .. والملك عبدالعزيز أول من سُمي من آل سعود ملكاً بالمعنى المعروف القانوني، وكان آباؤه من قبل يسمون بالأئمة، ويرون أن هذه التسمية أكثر انطباقاً عليهم وأصدق معنى، لأنهم إنما يقومون بوظيفة الأئمة من الإصلاح الديني ومن محاربة الفساد والباطل المحسوب ديناً، وجلالته أول من وحد هذه المملكة الواسعة المترامية الأطراف، المكونة من الحجاز ونجد وعسير والأحساء والقطيف وتوابع ذلك، وأول من عمل على استخراج الثروة الطبيعية المخبوءة في أرجاء المملكة.. أما مبدأ أمر جلالته ومبدأ الفكرة عنده في إيجاد هذه المملكة فما أشبه ذلك بالقصص الروائية، على أنه الحقيقة الرائعة الواقعة المعاصرة التي لا تمكن المماراة فيها، ويختتم القصيمي مقالته الطويلة، قائلاً ( يظن كثير من الناس أنه هذا الملك يحكم بلاده وشعبه حكماً مطلقاً، ولكن لا يجب الذهاب مع هذا الظن، فإن جلالته قد قيد نفسه بقانون رضيه هو وآمن به، ورضيه شعبه وآمن به، هذا القانون هو الشريعة الإسلامية، وهو لا يتدخل فيه، غنما يعمل على حمايته، وإذا كان يُسمى ملكاً دستورياً مَن كان مقيداً بدستور وضعه الناس، لهم أن يغيروه أو يبدلوه أو يبطلوه، فماذا يسمى من قيّد نفسه بدستورٍ وضعه الله؟! يرى أنه لا يصح أن يبدل ولا أن يُغير ولا أن يُبطل! إننا أمام أحد رجال التاريخ الحقيقيين الذين سيظل التاريخ يذكرهم كلما ذكر الأعمال الخالدة والرجال الخالدين، وإننا لا نحتاج أن نرجع إلى الوراء لننقب في زوايا تاريخنا عن العظمة الحقة في رجالنا، وما علينا إلا أن نلتفت إلى هذه العظمة المعاصرة، لنقول: إننا رأيناها بأبصارنا ...).
&ويذكر المؤرخ السعودي عبدالرحمن الرويشد أنه لم يكتب أحد مدافعاً عن الملك عبدالعزيز كما كتب القصيمي في وقته.&
التعليقات