&
علي امتداد الأيام الأخيرة, كان هناك سؤال يلح علي كل إنسان عربي ونحن نتابع ما يجري حولنا.. هل أخطأنا في حساباتنا, وعلينا الآن أن ندفع جميعا ثمن هذه الأخطاء, كان ياسر عرفات الزعيم العربي ورمز القضية الفلسطينية مسجونا في غرفتين, وكانت الدبابات الإسرائيلية ترتع في كل مكان في الأرض الفلسطينية.. وكانت الغطرسة الإسرائيلية حديث العالم كله شرقا وغربا.. وقبل هذا كله كان الموقف الأمريكي الغريب والمريب في وقت واحد.. ووسط هذا كله إحساس بالحزن والكآبة في كل بيت عربي لما وصل إليه حالنا, فقد هانت علينا أنفسنا.. فكانت علي الناس أهون.. أو بمعني آخر كانت علي شارون أهون..
وسط دوامات الحزن دار في رأسي سؤال لا أشك لحظة في أنه كان حديثنا جميعا مع أنفسنا, قبل أن يصبح حوارا بيننا وبين الآخرين..
وسط دوامات الحزن دار في رأسي سؤال لا أشك لحظة في أنه كان حديثنا جميعا مع أنفسنا, قبل أن يصبح حوارا بيننا وبين الآخرين..
لقد كانت أحاديث السلام والأمن والاستقرار هي الحلم الذي عاش عليه جيل كامل من شبابنا.. حاولنا في السنوات الأخيرة أن نقنع أنفسنا ونقنع أبناءنا بأن الحروب انتهت, وأن السلام هو الخيار الاستراتيجي الذي اختاره العرب طريقا بعد سنوات من الصراع العربي ـ الإسرائيلي..
ولم يكن غريبا أن تتغير مفاهيم كثيرة.. وتتبدل مواقف وتتغير أساليب.. كان هذا كله نتيجة طبيعية لمقدمات ربما اكتشفنا الآن أنها جميعا كانت خاطئة..
ولم يكن غريبا أن تتغير مفاهيم كثيرة.. وتتبدل مواقف وتتغير أساليب.. كان هذا كله نتيجة طبيعية لمقدمات ربما اكتشفنا الآن أنها جميعا كانت خاطئة..
فهل أخطأ العرب عندما اختاروا السلام طريقا سواء من وقع اتفاقيات سلام, أو من تفاوض من أجله, أو من سعي إليه ولو علي استحياء.. هناك دول عربية وقعت اتفاقيات سلام مع إسرائيل هي مصر والأردن.. وهناك السلطة الفلسطينية تفاوضت في أوسلو ومدريد وكامب ديفيد, ووقعت اتفاقيات مبدئية في مسيرة السلام وقعها عرفات مع رابين.
وما بين الأحلام والحقيقة, كانت هناك ظلال كثيفة تحولت مع الوقت والتحايل والمناورات من جانب إسرائيل, إلي دخان كثيف بطعم البارود ولون الموت وأشباح الدمار.. فهل تجاوز العرب في أحلامهم أم أخطأوا في حساباتهم؟
وما بين الأحلام والحقيقة, كانت هناك ظلال كثيفة تحولت مع الوقت والتحايل والمناورات من جانب إسرائيل, إلي دخان كثيف بطعم البارود ولون الموت وأشباح الدمار.. فهل تجاوز العرب في أحلامهم أم أخطأوا في حساباتهم؟
* هل أخطأنا عندما فتحنا أسواقنا للسلع الإسرائيلية في العالم العربي, سواء كان ذلك في السر أو العلن, وبدأنا نتحدث عن تعاون مشترك وشرق أوسطية.. وسياسة تطبيع.. وتعاون في الإنتاج والتصدير.. وأفواج سياحية.. سواء كانت سياحية أو تجسسية.. الله أعلم.. كانت هناك مؤتمرات في المغرب وفي الدوحة حول التعاون المشترك بين العرب وإسرائيل في ظل السلام القادم.. وكانت هناك مكاتب تجارية تعقد الصفقات وتخطط لمستقبل أوسع من التعاون.. فهل كانت هذه المكاتب مراكز تجارة حقا؟.. وهل جاء السياح إلي بلاد العرب ليشاهدوا آثارها أم ليرصدوا أشياء أخري أهم وأخطر.. ومن أين جاءتنا كل هذه الثقة لكي نغلق كل صفحات الدم والعداء والحرب والكراهية لنفتح صفحات جديدة للتعاون المشترك والسلام العادل.. هل كان ذلك ضلال أحلام.. أم خطايا حسابات أم ثقة في غير أهلها؟.
* هل أخطأنا عندما تصورنا أن كل أوراق اللعبة في يد أمريكا, وتخيلنا أن هناك بلدين مختلفين هما إسرائيل وأمريكا, ثم اكتشفنا أننا أمام كيان واحد لا نعرف من منهما يحرك الآخر, وأن الفرق في الأساليب أو الحيل أو ادعاء الصداقة؟..
* هل أخطأنا عندما تصورنا أن كل أوراق اللعبة في يد أمريكا, وتخيلنا أن هناك بلدين مختلفين هما إسرائيل وأمريكا, ثم اكتشفنا أننا أمام كيان واحد لا نعرف من منهما يحرك الآخر, وأن الفرق في الأساليب أو الحيل أو ادعاء الصداقة؟..
هل أخطأ العرب عندما فتحوا بلادهم للقوات الأمريكية, التي جاءت ولم تخرج, رغم أنها جاءت تحت دعاوي الأمن والحماية.. وهل كان من الصعب علينا أن ندرك أن الفرق بين أمريكا وإسرائيل شيء رسمناه في خيالنا وصدقناه.. إن القوات الأمريكية الآن في أكثر من بلد عربي.. فهل أدركنا خطورة ذلك.. وهل تصورنا يوما أن قرار المجيء ربما كان سهلا.. وأن قرار الخروج هو المستحيل.. فهل كان ذلك من باب الأخطاء أم كان سوءا في التقدير؟.
* هل أخطأنا عندما فتحنا الباب لأطراف أخري لكي تتدخل في شئوننا أمام صراعاتنا التي لا تنتهي, والتي وصلت بهذه الأمة الي ما هي فيه الآن.. كانت حرب العراق وإيران بابا للتدخل.. وكان اجتياح العراق للكويت فرصة للتدخل.. وكانت مذابح لبنان غنيمة لأطراف كثيرة.. وكانت مجاعات الصومال فرصة ذهبية.. وكانت مأساة جنوب السودان لعبة دولية.. ثم جاء مسلسل العقوبات الدولية علي العراق وليبيا والصومال والسودان.. ولم يتعلم أحد من رأس الذئب الطائر.. لم تكن الخسارة في ذلك كله خسارة قرار أو سيادة, بل هي أموال شعوب نزفت بالبلايين وملأت خزائن الآخرين وتركت الفقر والجوع لشعوبنا.
* هل أخطأنا عندما فتحنا الباب لأطراف أخري لكي تتدخل في شئوننا أمام صراعاتنا التي لا تنتهي, والتي وصلت بهذه الأمة الي ما هي فيه الآن.. كانت حرب العراق وإيران بابا للتدخل.. وكان اجتياح العراق للكويت فرصة للتدخل.. وكانت مذابح لبنان غنيمة لأطراف كثيرة.. وكانت مجاعات الصومال فرصة ذهبية.. وكانت مأساة جنوب السودان لعبة دولية.. ثم جاء مسلسل العقوبات الدولية علي العراق وليبيا والصومال والسودان.. ولم يتعلم أحد من رأس الذئب الطائر.. لم تكن الخسارة في ذلك كله خسارة قرار أو سيادة, بل هي أموال شعوب نزفت بالبلايين وملأت خزائن الآخرين وتركت الفقر والجوع لشعوبنا.
* هل أخطأنا عندما أهملنا مشروعات الوحدة الاقتصادية والتنمية العربية وسربنا أموالنا ومدخراتنا إلي بنوك الغرب, وبلادنا أحوج ما تكون لكل دولار منها.. هذه الأموال التي كانت كل يوم تتناقص أمام أسعار العملات الدولية ارتفاعا أو هبوطا.. وكانت تتقلص في البورصات العالمية أمام الكوارث الكبري ابتداء بكارثة دول شرق آسيا منذ سنوات, وانتهاء بأحداث سبتمبر الدامية.. ألم يكن الأولي أن تبقي أموالنا في بلادنا تشارك في تنميتها ومواجهة مشكلاتها وتشغيل شبابها وزيادة إنتاجها.. وقبل هذا كله حرية قرارها؟.
* هل أخطأنا عندما شغلنا أنفسنا بصراعات شكلية وقضايا سطحية, وتركنا أهم قضايا العصر وهي تحديث الفكر والإنتاج والإرادة.. إن ما حدث في الصين والهند ودول شرق آسيا, يؤكد أننا اخترنا الطريق الخطأ, فقد كان الأولي بنا أن نسعي إلي تحديث صناعاتنا والاكتفاء بانتاجنا, وبدلا من أن نصبح سوقا لإنتاج الآخرين كان ينبغي أن نضع برامج متكاملة للبناء والتطوير.. إن دول شرق آسيا حتي الصغيرة منها وعلي رأسها كوريا, تنافس الدول الكبري في إنتاج السلاح والتكنولوجيا الحديثة.. فهل كانت أمة المائتين وخمسين مليونا أقل من كوريا حتي لا تؤمن احتياجاتها من الطعام والدواء والأمن.
* هل أخطأنا عندما شغلنا أنفسنا بصراعات شكلية وقضايا سطحية, وتركنا أهم قضايا العصر وهي تحديث الفكر والإنتاج والإرادة.. إن ما حدث في الصين والهند ودول شرق آسيا, يؤكد أننا اخترنا الطريق الخطأ, فقد كان الأولي بنا أن نسعي إلي تحديث صناعاتنا والاكتفاء بانتاجنا, وبدلا من أن نصبح سوقا لإنتاج الآخرين كان ينبغي أن نضع برامج متكاملة للبناء والتطوير.. إن دول شرق آسيا حتي الصغيرة منها وعلي رأسها كوريا, تنافس الدول الكبري في إنتاج السلاح والتكنولوجيا الحديثة.. فهل كانت أمة المائتين وخمسين مليونا أقل من كوريا حتي لا تؤمن احتياجاتها من الطعام والدواء والأمن.
* هل أخطأنا عندما تركنا شباب هذه الأمة بلا قضية, غير أن نردد له أغنيات السلام وأحلامه وتركناه ضائعا بين أفلام مادونا وأغاني جاكسون والمخدرات والشم وأفلام الدعارة الأمريكية.. وسقط شبابنا ما بين الانحلال والتطرف, ولم نستطع أن نوفر له المناخ المناسب في الثقافة والفكر والتعليم فكانت كارثة الإرهاب التي شوهت أجيالنا في الداخل وشوهت صورتنا في الخارج.. لقد سقطت معظم القضايا العظيمة في وجدان الشباب العربي ابتداء بقضايا الانتماء وانتهاء بقضايا الثقافة والمعرفة والتاريخ.. إن هذه الأجيال هي التي ستحمل مسئولية الغد حربا أو سلاما.. فهل وضعناها علي الطريق الصحيح في هذا أو ذاك؟
إن صورة الأجيال العربية الجديدة تحتاج الي دراسة لكل ظواهر الخلل التي يعاني منها واقعنا الجديد.. فكر ضائع.. وفهم مشوه للدين.. وفنون ساقطة.. وسلوكيات غريبة.. وإذا سألت يقال لك إنها أثواب الحضارة.. وما هي بحضارة لكنها أمراض أصابت شبابنا في الأخلاق والسلوك والفكر!.
إن صورة الأجيال العربية الجديدة تحتاج الي دراسة لكل ظواهر الخلل التي يعاني منها واقعنا الجديد.. فكر ضائع.. وفهم مشوه للدين.. وفنون ساقطة.. وسلوكيات غريبة.. وإذا سألت يقال لك إنها أثواب الحضارة.. وما هي بحضارة لكنها أمراض أصابت شبابنا في الأخلاق والسلوك والفكر!.
* هل أخطأنا عندما تصورنا أن السلام قادم, فكان دعاة السلام في كوبنهاجن.. ومحاولات التطبيع التي سعت إليها بعض مواكب المثقفين واتهمنا كل من كان يدعو للفهم والتروي وعدم الهرولة بأنه لا يفهم في السياسة وقراءة المستقبل.. لقد سارعت مواكب كثيرة وغنت للسلام وحلمت به.. فهل أخطأنا في ذلك حيث كان ينبغي أن ندرك أننا نتعامل مع عصابة عنصرية استعمارية وأننا وقعنا في هذا الخطأ من خلال أطراف كثيرة رسمية وغير رسمية.. وأن علينا أن نعيد الحسابات ونراجع المواقف.
* هل أخطأنا عندما انقسمت صفوفنا وتشرذمت قضايانا, ووجدنا أنفسنا حينا نقود مواكب يسارية.. وأخري رجعية.. وثالثة أصولية.. ورابعة للعولمة, ونسينا وسط هذا كله أن ثقافتنا مستهدفة وأن جذورنا التاريخية والحضارية تواجه مؤامرة كبري يقودها إعلام جبار.. وتكنولوجيا متقدمة, وأن الهدف من ذلك كله هو تشويه هويتنا وقطع جذورنا حتي يجد الطاغوت فرصته في أي لحظة للانقضاض علينا بثقافاته الطاغية وسلوكياته الغريبة وأفكاره السامة.
* هل أخطأنا عندما انقسمت صفوفنا وتشرذمت قضايانا, ووجدنا أنفسنا حينا نقود مواكب يسارية.. وأخري رجعية.. وثالثة أصولية.. ورابعة للعولمة, ونسينا وسط هذا كله أن ثقافتنا مستهدفة وأن جذورنا التاريخية والحضارية تواجه مؤامرة كبري يقودها إعلام جبار.. وتكنولوجيا متقدمة, وأن الهدف من ذلك كله هو تشويه هويتنا وقطع جذورنا حتي يجد الطاغوت فرصته في أي لحظة للانقضاض علينا بثقافاته الطاغية وسلوكياته الغريبة وأفكاره السامة.
إن المعارك التي دارت بيننا في الفكر والثقافة كانت جميعها أبعد ما تكون عن واقعنا الحقيقي, فهل كان المطلوب هو شغل الناس بالتفاهات حتي يسهل اقتلاع الجذور الحقيقية, والوصول إلي الغاية المنشودة والهدف المرسوم؟.
* هل أخطأنا عندما نسينا في ظل الخيار الاستراتيجي للسلام, عمليات التنسيق والتعاون في قضية الأمن القومي العربي.. منذ سنوات بعيدة لم تجتمع اللجان التي كانت تقوم بهذا الدور, ولم نعد نشهد تعاونا في هذه المجالات الحساسة.. وربما يكون ما حدث أخيرا دافعا قويا إلي ضرورة الحديث مرة أخري عن شيء قديم اسمه الأمن القومي العربي, هذا اذا كنا مازلنا نذكر هذا الاسم وندرك معناه, يدخل في ذلك كله تفاصيل كثيرة عن التعاون والتنسيق العسكري إنتاجا ودفاعا وسلامة أوطان.
* هل أخطأنا عندما نسينا في ظل الخيار الاستراتيجي للسلام, عمليات التنسيق والتعاون في قضية الأمن القومي العربي.. منذ سنوات بعيدة لم تجتمع اللجان التي كانت تقوم بهذا الدور, ولم نعد نشهد تعاونا في هذه المجالات الحساسة.. وربما يكون ما حدث أخيرا دافعا قويا إلي ضرورة الحديث مرة أخري عن شيء قديم اسمه الأمن القومي العربي, هذا اذا كنا مازلنا نذكر هذا الاسم وندرك معناه, يدخل في ذلك كله تفاصيل كثيرة عن التعاون والتنسيق العسكري إنتاجا ودفاعا وسلامة أوطان.
خذه النقاط العشر أو الخطايا العشر, دارت في رأسي منذ شاهدت ياسر عرفات الرئيس العربي والمغامر الذي اختار السلام طريقا ودفع ثمنا غاليا أمام عصابة عنصرية.. ها هو عرفات يعود كما كان يوما مقاتلا من أجل أرضه ووطنه وقضيته.. إن الدماء الطاهرة التي تتدفق الآن علي أرض فلسطين يجب أن تكون صيحة تهز الوجدان العربي شعوبا وحكومات, لكي نراجع أنفسنا ونعيد حساباتنا.. وإذا كنا قد اخترنا السلام طريقا.. فإن السلام في كل الحالات يحتاج لقوة تحميه.. ويكفي أن الأمة العربية الحزينة في هذه الأيام, قد تركت الثعبان يكبر ويكبر ويكبر, وتصورنا مستقبلا آمنا معه.. وفجأة خرج الثعبان وقد استفحل وتضخم وانقض علي الجميع.
وإذا كانت قمة بيروت قد أعلنت خطة سلام بين العرب وإسرائيل.. فيجب أن تكون هناك قمة أخري لوضع برنامج جديد لاستعادة القوة العربية والإرادة العربية لكي نحمي هذا السلام, لأن أسوأ الأشياء أن نسعي لسلام عاجز.
وإذا كانت قمة بيروت قد أعلنت خطة سلام بين العرب وإسرائيل.. فيجب أن تكون هناك قمة أخري لوضع برنامج جديد لاستعادة القوة العربية والإرادة العربية لكي نحمي هذا السلام, لأن أسوأ الأشياء أن نسعي لسلام عاجز.
إن ما حدث أخيرا يجب أن يكون صرخة مدوية في ضمائرنا, لأن ما حدث في فلسطين في الأسبوع الماضي لن يكون نهاية المطاف!.(الأهرام المصرية)














التعليقات