&
بيروت ـ من وسام ابو حرفوش: اطمأن اللبنانيون نهار امس الى "وقف النار" بين رأسي السلطة التنفيذية مع نجاح مساعي الليل في نزع فتيل الانفجار، وشاهدوا بـ "ام العين" رئيسي الجمهورية اميل لحود والحكومة رفيق الحريري ينتقلان من المواجهة "وجهاً لوجه"، الى الوقوف جنباً الى جنب في استقبال الرئيس الاوكراني ليونيد كوتشما، الذي بدآ امس زيارة رسمية، هي الاولى لرئيس اوكراني للبنان منذ اقامة العلاقات الديبلوماسية في 14 يناير 1992، في هدنة افضت اليها "اطفائية" شريكهما، رئيس البرلمان نبيه بري, ويسود الانطباع في بيروت انها لن تكون اكثر من "استراحة" في حرب "القلوب المليانة" و"رماناتها" الحاضرة على الدوام.
فالصورة التي جمعت "الترويكا" في مطار بيروت الدولي (لحود، بري والحريري)، كانت كافية لاعلان نهاية "المعركة البروتوكولية" التي دارت بين لحود والحريري، بعدما كان اشترط الاول ان يكون وحيداً على ارض المطار في استقبال نظيره الاوكراني على ان ينتظر بري والحريري على "باب" صالون الشرف، الامر الذي دفع الحريري الى اعلان عزوفه عن الذهاب الى المطار، فتحرك بري ليلاً وكانت "الهدنة الاوكرانية".
وهذا الفصل من القتال بـ "البروتوكول" بين لحود والحريري، لم يكن الاول على هذا المستوى، لكنه كان ينذر بـ "انفجار" الود المفقود بين الرجلين، فالمشكلة نفسها قفزت الى الصدارة مع الخلاف على استقبال الزعماء العرب في المطار خلال قمة بيروت، ولم تؤد "تفاهمات" الرئيس السوري بشار الاسد مع "الترويكا" في بيروت الى منع تجددها مع المباحثات التي اجراها وزير الخارجية الاميركي كولن باول في العاصمة اللبنانية، وها هي كادت ان تسقط "ورقة التوت" في العلاقة المأزومة بين اهل السلطة، وفي مقدمهم لحود والحريري.
واذا كانت "الصورة" التي حطت في مطار بيروت، كشفت عن تسوية اخر الليل، فانها لم تحجب التوتر العميق بين رأسي السلطة التنفيذية، الذي خرج الى العلن في وضح نهار اول من امس مع رمايات الحريري المباشرة في اتجاه لحود في مشهد جعل العلاقة بينهما ,,, على الطاولة.
تحت الطاولة كان يدور عراك طاول في شكل اساسي زيارة الحريري لواشنطن والملف الاداري ـ الاقتصادي، وامتد ليشمل سائر القضايا "الكبيرة والصغيرة" في غفلة عن عاصفة التحولات التي تهب على المنطقة انطلاقاً من التطورات في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى تخوم جنوب لبنان.
وثمة من يقول، ان لحود طلب من الحريري الاعتذار عن مواعيده في واشنطن، فأصر الاخير، الامر الذي دفع فريق رئيس الجمهورية الى الترويج لمعلومات تتحدث عن ان الزيارة هي لـ "الموفد السعودي" رفيق الحريري، تحضيراً لزيارة ولي العهد السعودي الامير عبدالله بن عبد العزيز لواشنطن وليست لرئيس الوزراء اللبناني.
وفي محادثات باول في بيروت، اصر لحود على اقتصارها عليه وحيداً في القصر الجمهوري، طالباً من الحريري الغاء الموعد المضروب لباول في السرايا الحكومية، فرفض رئيس الحكومة، ولم يشأ الوزير الاميركي تغيير سير تحركه البيروتي.
وتتهم اوساط الحريري فريق لحود بـ "القصف" على زيارته الاميركية بالملف الاداري ـ الاقتصادي الذي "احضر" على عجل الى القصر الجمهوري وسط دعوة الى عقد "خلوة"بعدما بلغت الامور المستوى الاسوأ على هذا الصعيد، وربطت تغريم الفلسطينيين الذين اطلقوا صواريخ عبر "الخط الازرق" بمئة الف ليرة (67 دولاراً)، بمحاولة احراجه خلال المباحثات مع المسؤولين الاميركيين.
وهكذا تبدو "الكيمياء" مفقودة بين الرجلين المختلفين على كل "شاردة وواردة" في علاقة بدأت محكومة بـ "الود الملغوم" وتطايرت شظاياها مع كل الاتجاهات البروتوكولية، السياسية، الدستورية، الاقتصادية والى اخر المطاف، وغالباً ما تكون هذه "المساكنة" الاضطرارية محكومة بنصائح سورية وتحت وطأة الخوف من الانهيار المالي ـ الاقتصادي.
وكان الحريري قرر "فتح النار" اول من امس عندما قال "ان رئيس الحكومة ليس مسؤولاً امام رئيس الجمهورية وهو الذي يحدد تحركاته ولا احد يحاسبه سوى البرلمان".
على هذا النحو من الشكوك المتبادلة ترتسم صورة العلاقة بين اهل السلطة في لبنان، وهي صورة ملبدة بالكثير من التفاصيل ,,, الساخنة.(الرأي العام الكويتية)