&
نستحضر نحن الاميركيين في اذهاننا، رؤية محددة للارهابيين، فهم مسلمون داكنو اللون، محدقون بانشداه، ويتمتمون باسم الله بطريقة متعصبة، بحيث اننا ننسى التهديد الآتي من مجانين بلادنا، من اشخاص مثل ديفيد بيرغيرت.
كانت لدى بيرغيرت، البالغ 38 عاما، والذي كان، آخر مرة، يعيش على تأجير السيارات التي تسير على الثلج هنا، في هذا المكان الجميل الأخاذ من شمال غرب مونتانا، خطة ارهابية جعلت خطة اسامة بن لادن تبدو متواضعة. فميليشيا بيرغيرت، التي تضم تسعة اعضاء، والتي لم تكن مقتنعة بمجرد قتل آلاف عدة من الاشخاص، كانت قد خططت للقيام بثورة عنفية، وشن حرب اهلية للاطاحة بحكومة الولايات المتحدة بأسرها.
وتضمنت الخطة، وفقا لعمدة المدينة جيمس دوبونت، استخدام الميليشيا الرشاشات، وقنابل الانابيت، والعتاد الذي يبلغ 30 ألف طلقة لاغتيال 26 من المسؤولين المحليين (بينهم دوبونت)، ثم ابادة الحرس الوطني عندما يصل الى موقع الحادث. وبعد ان تكون السلطات المذعورة قد ارسلت قوات من الناتو، يظهر الوطنيون الاميركيون الحقيقيون، وتندلع حرب ضارية، وتنتهي الولايات المتحدة الى العودة الى أيادي المسيحيين البيض.
ويقول دوبونت، الذي يدير سلطة القانون هنا في مقاطعة فلاتهيد، وهي اكبر من كل كونكتيكوت، وفيها عدد اكبر من ذوي اللحى البيضاء، يقول "إن الشيء الجيد هو ان معظم الأشخاص الذين يفترض تنفيذهم الخطة هم من الحماقة بحيث أنهم سيقتلون انفسهم أولا".
غير ان دعاء خطط الميليشيا المحلية، وهي الخطط الفاشلة، لم يزل يتمتع بالخطورة. ففي ميشيغان خطط افراد الميليشيا لتفجير بنايتين حكوميتين، وفي ميسوري خططوا لشن هجوم على قواعد عسكرية اميركية، مبتدئين بقاعدة فورت هود بتكساس، في يوم فتحت فيه لعشرات الألوف من الزوار. وفي كاليفورنيا خطط افراد الميليشيا لتفجير مستودع لغاز البروبان. اما الاكثر اثارة للاعصاب، فهو خطة ميليشيا فلوريدا لتدمير مشروع طاقة نووية.
ولو كان هؤلاء مسلمين شكلوا ميليشيات وتبادلوا المعلومات السرية لصنع غاز الاعصاب، لكنا قد ألقينا بهم في السجن حالا. غير ان انظارنا تنصرف بسبب نمط تفكيرنا المقلوب، لنتوجه الى البحث عن الارهابيين المسلمين في غابات الفلبين وضواحي ديترويت، وننسى ان هناك، ايضا، مفجري قنابل مجانين من ذوي الشعر الأشقر والعيون الزرقاء. لقد ارتكبنا بالتحديد خطأ بصرفنا الانظار عن متعصبي العنف باعتبارهم حمقى.
والحق ان افراد الميليشيات وافراد القاعدة متماثلون على نحو لافت للنظر. فكلاهما يحركهم التطرف الديني (ميليشيات اميركا تتوافق مع حركة "الهوية المسيحية" التي تعظ بأن اليهود هم ابناء الشيطان، وان الناس الملونين هم اشباه بشر). وكلاهما ينظر الى حكومة الولايات المتحدة باعتبارها شرا بكل ما في الكلمة من معنى. وكلاهما يتمتعان بسلطة ثورة المعلومات التي تمكنهما من خلق شبكات، وتجنيد اتباع، وشراء وصفات للاسلحة البيولوجية والكيماوية.
وسيكون من الخطأ الاعتقاد بأن الميليشيات عاجزة وغير كفوءة على الدوام. فقد كتبت جيسكا شتيرن، من جامعة هارفارد، مقالة حول احد الناشطين ضد الحكومة واسمه جيمس دالتون بيل، وقد حصل على درجة علمية في الكيمياء من معهد التكنولوجيا في ماساشوسيتس، وهو شخص متقد الذكاء على نحو لا يرقى اليه الشك. ويقول في عمر الرابعة عشرة: "كنت ادرس تحويل جزيئات البنزيل تيوسيانيت الى ايسو سيانيت".
غير ان السلطات تعتقد ان بيل، الذي يقضي ايامه في السجن حاليا، قام بتصنيع السارين، وهو غاز اعصاب، في قبوه. وقد قاد هجوما كيماويا على دائرة الدخل الداخلي، وكتب كتابا على الانترنت سماه "قضايا الاغتيال" يحدد خطة ذكية جدا للدفع، مقابل عمليات قتل متعاقد عليها لمسؤولين فيدراليين، بالنقد الرقمي بطريقة تحافظ على مجهولية الطرفين المتعاقدين. وهناك ايضا دليل على ان بيل تحدث "افتراضيا" عن تسميم امدادات المدينة من المياه.
ومن الاشياء التي يكتشفها المرء في مونتانا انه وفقا لافراد الميليشيا هنا، فإن الهجمات على مركز التجارة العالمي كانت خطة من الحكومة الفيدرالية لاعلان حالة الطوارئ والغاء قانون الحقوق، وان اطلاق الرصاص على طالبات مدرسة كان اختبارا فيدراليا للتكنولوجيا الجديدة التي يتحكم بها العقل. وتظهر خارطة على علبة للحبوب مناطق الاحتلال التي سيساق اليها الاميركيون عندما تتولى الأمم المتحدة الأمر.
ويتعرف المرء ايضا على شيء آخر هنا، هو كيفية التعامل مع ذوي اللحى البيضاء. لا تركزوا انظاركم على ظبي يقف بعيدا بطريقة تجعلكم تتغاضون عن دب يقف خلفكم. واذا ما شن هجوما مفاجئا عليكم، احتفظوا بموقعكم الى ان يصبح على بعد عشرة اقدام، ثم اقذفوا برذاذ الفلفل على عينيه، وتنحوا جانبا بصورة سريعة جدا.
اخشى ان تكون ادارة بوش مركزة انظارها حتى الآن على الظبي البعيد بحيث تغفل عن ذوي اللحى البيضاء المحليين من امثال ديفيد بيرغيرت ممن يتجهون نحونا زاحفين.
كانت لدى بيرغيرت، البالغ 38 عاما، والذي كان، آخر مرة، يعيش على تأجير السيارات التي تسير على الثلج هنا، في هذا المكان الجميل الأخاذ من شمال غرب مونتانا، خطة ارهابية جعلت خطة اسامة بن لادن تبدو متواضعة. فميليشيا بيرغيرت، التي تضم تسعة اعضاء، والتي لم تكن مقتنعة بمجرد قتل آلاف عدة من الاشخاص، كانت قد خططت للقيام بثورة عنفية، وشن حرب اهلية للاطاحة بحكومة الولايات المتحدة بأسرها.
وتضمنت الخطة، وفقا لعمدة المدينة جيمس دوبونت، استخدام الميليشيا الرشاشات، وقنابل الانابيت، والعتاد الذي يبلغ 30 ألف طلقة لاغتيال 26 من المسؤولين المحليين (بينهم دوبونت)، ثم ابادة الحرس الوطني عندما يصل الى موقع الحادث. وبعد ان تكون السلطات المذعورة قد ارسلت قوات من الناتو، يظهر الوطنيون الاميركيون الحقيقيون، وتندلع حرب ضارية، وتنتهي الولايات المتحدة الى العودة الى أيادي المسيحيين البيض.
ويقول دوبونت، الذي يدير سلطة القانون هنا في مقاطعة فلاتهيد، وهي اكبر من كل كونكتيكوت، وفيها عدد اكبر من ذوي اللحى البيضاء، يقول "إن الشيء الجيد هو ان معظم الأشخاص الذين يفترض تنفيذهم الخطة هم من الحماقة بحيث أنهم سيقتلون انفسهم أولا".
غير ان دعاء خطط الميليشيا المحلية، وهي الخطط الفاشلة، لم يزل يتمتع بالخطورة. ففي ميشيغان خطط افراد الميليشيا لتفجير بنايتين حكوميتين، وفي ميسوري خططوا لشن هجوم على قواعد عسكرية اميركية، مبتدئين بقاعدة فورت هود بتكساس، في يوم فتحت فيه لعشرات الألوف من الزوار. وفي كاليفورنيا خطط افراد الميليشيا لتفجير مستودع لغاز البروبان. اما الاكثر اثارة للاعصاب، فهو خطة ميليشيا فلوريدا لتدمير مشروع طاقة نووية.
ولو كان هؤلاء مسلمين شكلوا ميليشيات وتبادلوا المعلومات السرية لصنع غاز الاعصاب، لكنا قد ألقينا بهم في السجن حالا. غير ان انظارنا تنصرف بسبب نمط تفكيرنا المقلوب، لنتوجه الى البحث عن الارهابيين المسلمين في غابات الفلبين وضواحي ديترويت، وننسى ان هناك، ايضا، مفجري قنابل مجانين من ذوي الشعر الأشقر والعيون الزرقاء. لقد ارتكبنا بالتحديد خطأ بصرفنا الانظار عن متعصبي العنف باعتبارهم حمقى.
والحق ان افراد الميليشيات وافراد القاعدة متماثلون على نحو لافت للنظر. فكلاهما يحركهم التطرف الديني (ميليشيات اميركا تتوافق مع حركة "الهوية المسيحية" التي تعظ بأن اليهود هم ابناء الشيطان، وان الناس الملونين هم اشباه بشر). وكلاهما ينظر الى حكومة الولايات المتحدة باعتبارها شرا بكل ما في الكلمة من معنى. وكلاهما يتمتعان بسلطة ثورة المعلومات التي تمكنهما من خلق شبكات، وتجنيد اتباع، وشراء وصفات للاسلحة البيولوجية والكيماوية.
وسيكون من الخطأ الاعتقاد بأن الميليشيات عاجزة وغير كفوءة على الدوام. فقد كتبت جيسكا شتيرن، من جامعة هارفارد، مقالة حول احد الناشطين ضد الحكومة واسمه جيمس دالتون بيل، وقد حصل على درجة علمية في الكيمياء من معهد التكنولوجيا في ماساشوسيتس، وهو شخص متقد الذكاء على نحو لا يرقى اليه الشك. ويقول في عمر الرابعة عشرة: "كنت ادرس تحويل جزيئات البنزيل تيوسيانيت الى ايسو سيانيت".
غير ان السلطات تعتقد ان بيل، الذي يقضي ايامه في السجن حاليا، قام بتصنيع السارين، وهو غاز اعصاب، في قبوه. وقد قاد هجوما كيماويا على دائرة الدخل الداخلي، وكتب كتابا على الانترنت سماه "قضايا الاغتيال" يحدد خطة ذكية جدا للدفع، مقابل عمليات قتل متعاقد عليها لمسؤولين فيدراليين، بالنقد الرقمي بطريقة تحافظ على مجهولية الطرفين المتعاقدين. وهناك ايضا دليل على ان بيل تحدث "افتراضيا" عن تسميم امدادات المدينة من المياه.
ومن الاشياء التي يكتشفها المرء في مونتانا انه وفقا لافراد الميليشيا هنا، فإن الهجمات على مركز التجارة العالمي كانت خطة من الحكومة الفيدرالية لاعلان حالة الطوارئ والغاء قانون الحقوق، وان اطلاق الرصاص على طالبات مدرسة كان اختبارا فيدراليا للتكنولوجيا الجديدة التي يتحكم بها العقل. وتظهر خارطة على علبة للحبوب مناطق الاحتلال التي سيساق اليها الاميركيون عندما تتولى الأمم المتحدة الأمر.
ويتعرف المرء ايضا على شيء آخر هنا، هو كيفية التعامل مع ذوي اللحى البيضاء. لا تركزوا انظاركم على ظبي يقف بعيدا بطريقة تجعلكم تتغاضون عن دب يقف خلفكم. واذا ما شن هجوما مفاجئا عليكم، احتفظوا بموقعكم الى ان يصبح على بعد عشرة اقدام، ثم اقذفوا برذاذ الفلفل على عينيه، وتنحوا جانبا بصورة سريعة جدا.
اخشى ان تكون ادارة بوش مركزة انظارها حتى الآن على الظبي البعيد بحيث تغفل عن ذوي اللحى البيضاء المحليين من امثال ديفيد بيرغيرت ممن يتجهون نحونا زاحفين.
* كاتب أميركي ـ خدمة "نيويورك تايمز" ـ خاص بـ "الشرق الأوسط"
التعليقات