يعيد استئناف المفاوضات الفنية بين العراق وهيئة الأمم المتحدة الأمور إلى نصابها ويبطل ذريعة الولايات المتحدة حيال ضرب العراق لرفضه عودة لجان التفتيش الدولية، كما تعطي موافقة بغداد الأخيرة على عودة المفتشين مصداقية تفند تشكيك بعض الأطراف في صدق نوايا القيادة العراقية إزاء حل الأزمة.
ويبدو أن لا عوائق حتى الآن تحول دون الإجراءات التقنية لعودة المفتشين مع اعتراف رئيس فريق التفتيش هانس بليكس بموافقة بغداد على منح المفتشين حرية التنقل الكاملة داخل العراق في سياق بحثهم عن أسلحة الدمار الشامل.
لكن ما مدى الحاجة لقرار دولي جديد يصدر من مجلس الأمن طالما وافقت بغداد على استئناف عملية التفتيش بحرية مطلقة..؟ إلا إذا كان هذا المشروع الجديد يهدف لنسف الجهود الدبلوماسية المبذولة حاليا، ودفع العراق لرفض القرار القادم لما يحتويه من شروط يستحيل تنفيذها في سياق تبرير الضربة العسكرية المفترضة.
تعكس لنا الأحداث، المفارقة بين ما تنادي به واشنطن ولندن من شعارات تدعو لتجريد العراق من أسلحة الدمار المزعومة، ودعوة العالم للموافقة على شن حرب واسعة في المنطقة من جهة، والإجراءات العملية التي أخذت مسارها في الأمم المتحدة والتي تمثل بداية حل سلمي للأزمة من جهة ثانية.
إن السعي المحموم للولايات المتحدة وبريطانيا لاستصدار القرار يعكس إفلاسا سياسيا واضحا وغيابا لمبررات الضربة. وإلا لماذا تحاول واشنطن الالتفاف على ما كانت تطالب به سابقا من عودة المفتشين وحرية وصولهم للمواقع المشبوهة، وتعود للمطالبة باستصدار قرار يرفع سقف المطالب بدون مسوغ مقنع.
وعلى أي حال فإن التسهيلات التي تقدمها بغداد للمفتشين وسعيها للحيلولة دون وقوع صدام مع لجان التفتيش سوف يزيد مهمة البيت الأبيض صعوبة، وسيكون حملته لحشد تأييد تحالف دولي للحرب على العراق ضربا من المستحيل.
التعليقات