القاهرة -ايلاف:لا يلجأ الناس إلى الخرافة، ويتعلقون بأوهامها إلا حين تضيق في وجوههم أبواب الأمل، وتحاصرهم الشدائد، وهو ما كشفت عنه دراسة علمية ميدانية أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر، لافتة إلى ان نصف السيدات المصريات يعتقدن& بالسحر والشعوذة، وان هناك أعداداً متزايدة من الدجالين ليصل الأمر بحسبة بسيطة إلى معدل دجال لكل مائة وعشرين مصري، كما أشارت الدراسة أيضاً إلى أن ممارسي السحر يخلطون بين السحر والدين، ويزعمون قدرتهم على علاج الأمراض بالكتب السماوية.
الشعوذة في أرقام
وخلصت الدراسة التي أعدها الباحث المصري د. محمد عبدالعظيم بمركز البحوث الجنائية إلى ان هناك نحو ثلاثمائة ألف شخص في مصر يدعون علاج الأمراض بتحضير الارواح وعدداً مثلهم يزعمون علاج المرضي بالقرآن والكتاب المقدس، إضافة لوجود اكثر من ربع مليون دجال يمارسون أنشطة الشعوذة في مصر، أي بمعدل دجال لكل مائة وعشرين مواطنا تقريباً.
كما كشفت الدراسة أيضاً عن إن المصريين ينفقون نحو عشرة مليارات جنيه سنويا علي السحر والشعوذة وأن نصف نساء مصر يعتقدن في الخرافات والخزعبلات، ويترددن على المشعوذين سراً وعلانية.ورصدت الدراسة نحو مائتين وأربعة وسبعين خرافة تتحكم في سلوك المصريين سواء في الريف أو المدن وان اكبر عدد من الدجالين وهم مجرمون محتملون يتركز في القاهرة والمدن الكبري، ورسم الباحث خريطة للدجل احتلت فيها العاصمة النسبة الكبرى، تلتها الجيزة ثم الاسكندرية التي ينتشر بها عدد لابأس به من الدجالين "بعضهم يدعي النبوة" ثم البحيرة فالقليوبية واسيوط والفيوم وجاءت سيناء في المرتبة الأخيرة.
وتتفاوت أجور الدجالين في مصر بين مبالغ بسيطة لا تتجاوز عشرة جنيهات، لتصل إلى عشرة آلاف جنيه لدى المشهورين منهم، الذين لا يقصدهم المصريون فحسب، بل يتردد عليهم بعض أثرياء السعودية والخليج أيضاً.
ويرسم احصاء لمصلحة الامن العام المصرية ما يمكن وصفه بخريطة تفصيلية لحجم وجود الدجالين واماكن انتشارهم في العاصمة المصرية، وذلك استناداً إلى البلاغات التي تتلقاها اقسام الشرطة، حيث تشير الاحصائيات إلى ان منطقة عشوائية فقيرة مثل حي الشرابية تنفرد بالنسبة الكبرى من الدجالين وتستأثر بنحو ثلث دجالي القاهرة بنسبة 32% ، يليها حي السيدة زينب بنسبة 10.79% ، ثم حي المطرية 9.35% ثم حدائق القبة 7.19% وتتساوي معها شبرا 7.19% ايضا ومصر القديمة 6.47% والجمالية 5.67% وأخيراً تأتي ضاحية مصر الجديدة بنسبة لا تتجاوز4.43%، بينما تكاد نعدم النسبة في الزمالك وجاردن سيتي.
قرية الدجالين
ومن القاهرة إلى الريف حيث تبرز حالة نموذجية على تفشي ظاهرة الشعوذة، في قرية (طناح) التي تبعد نحو150 كلم الى الشمال من القاهرة, حيث تزدهر فيها كافة فروع الدجل والشعوذة سواء كانت قراءة الفنجان, او عمل الاحجبة او طرد الارواح الشريرة او التداوي بالقران الى جانب جلسات فتح المندل التي يزعم ممارسوها قدرتهم على كشف أمور تحدث في اماكن اخرى عن طريق التحديق والتركيز في بقعة زيت على مرآة من نوع خاص.
ولا احد يعلم كيف اصبحت هذه القرية على مر العقود الماضية مركزا للسحرة والدجالين، لكن الاهالي يرشدون دائما الوافدين الى القرية الى المتخصص في علاج حالتهم وان كان الامر يتوقف اساسا على ما تحويه حافظة النقود لان استشارة الدجال تتراوح كلفتها ما بين عشرة جنيهات (دولاران) الى ألف دولار. ويقول الأهالي ان (الشيخ ابراهيم لا يستقبل سوى النجوم اللامعة ومواطني دول الخليج وتكلف زيارته على الاقل ألف دولار في المرة الواحدة"، ويؤكد بعضهم انهم شاهدوا "طائرات مروحية تحط على سطح منزله".