إيلاف من القاهرة: قد لا يعلم الملايين من أبناء الجيل الحالي في مصر ودول المغرب العربي أن للسودان الفضل الأكبر في ظهور وإقامة كأس الأمم الإفريقية، وظهور الفكرة إلى النور، ليتوحد أبناء القارة السمراء حول حلم كروي واحد، وفي الوقت المشار إليه كانت السودان قوة كروية عظمى في قارة أفريقيا.

فقد انطلقت كأس إفريقيا لكرة القدم في 10 فبراير (شباط) عام 1957 على الملعب البلدي في العاصمة السودانية الخرطوم، قبل ثلاثة أعوام من النسخة الأولى لكأس أوروبا، بفكرة من الطبيب السوداني عبد الحليم محمد.

اقتصرت المشاركة في بداية الأمر على بعض الدول، بسبب استمرار الاستعمار الأوروبي آنذاك في القارة وحصول دول قليلة على استقلالها.

مع مرور الوقت، اكتسبت البطولة سمعة جيدة وكانت مسرحاً لمواهب كثيرة على غرار الكاميروني روجيه ميلا، مروراً بالنيجيري رشيدي يكيني وصولاً إلى المصري محمد صلاح والجزائري رياض محرز والسنغالي ساديو ماني.

تعود فكرة البطولة إلى 8 يونيو (حزيران) 1956. آنذاك اجتمع في فندق "أفينيدا" في البرتغال خلال مؤتمر الاتحاد الدولي (فيفا) المصريون عبد العزيز سالم، أول رئيس للاتحاد الإفريقي وأول عضو إفريقي في اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي، محمد لطيف ويوسف محمد والسودانيون عبد الحليم محمد وعبد الرحيم شداد وبدوي محمد والجنوب إفريقي فريدريك فيل. ناقشوا فكرة تأسيس الاتحاد الإفريقي وإطلاق مسابقة بين منتخبات القارة.

وكان السوداني عبد الحليم محمد صاحب فكرة إقامة أول بطولة في السودان، وهو أول رئيس للاتحاد السوداني لكرة القدم، كما تولى منصب رئاسة " الاتحاد الإفريقي لكرة القدم - كاف" مرتين عامي (1968-1972) و (1987-1988)، ومنحه الاتحاد الإفريقي للعبة رئاسته الفخرية مدى الحياة تقديراً له، وشغل منصب رئيس اللجنة الطبية بالاتحاد الدولي "فيفا".

بينما رسم مع المهندس المصري سالم خارطة طريق الاتحاد الإفريقي (كاف) بدءاً من العام 1954 مع الأمين العام لـ "فيفا" السويسري كورت غاسمان.

انعقدت الجمعية التأسيسية في 8 فبراير (شباط) 1957 في فندق "غران أوتيل" في الخرطوم بحضور اتحادات مصر وإثيوبيا والسودان وجنوب إفريقيا، قبل يومين من المباراة الافتتاحية للدورة الأولى بين السودان ومصر التي أسفرت عن فوز الأخيرة 2-1.

ونال المصري رأفت عطية لاعب الزمالك شرف تسجيل الهدف الأول في النهائيات من ركلة جزاء.

ضمت الدورة الأولى لأمم إفريقيا منتخبا ثالثاً هو إثيوبيا، بينما استبعدت جنوب إفريقيا بسبب سياسة التمييز العنصري التي كانت تنتهجها وإصرارها على الاكتفاء باستدعاء لاعبين من البشرة البيضاء.

وسجلت مصر اسمها كأول دولة تحرز اللقب، بفوزها على إثيوبيا في النهائي 4-0، سجلها جميعها نجم الاتحاد السكندري محمد دياب العطار الملقب بـ"الديبة".

ظهر العطار مرة ثانية في نهائي نسخة 1968 في إثيوبيا، لكن هذه المرة كحكم في مباراة الكونغو كينشاسا وغانا.

من هو الدكتور عبد الحليم محمد؟
الدكتور عبد الحليم محمد (1910 - 2009) كان طبيباً سودانياً بارزاً، ورائداً في الطب والسياسة وإدارة الرياضة، ويُذكر على نطاق واسع بلقب "أبو الطب في السودان". لعب أدواراً محورية في حركة الاستقلال السودانية وكان أحد مؤسسي الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف).

الطب والإنجازات الأكاديمية
- كان أول طبيب سوداني يصبح عضواً في الكلية الملكية للأطباء بلندن عام 1948، وزميلاً بها عام 1962.
- شغل منصب طبيب وزارة الصحة الأول لعقد من الزمان تقريباً.
- كان مديراً لمستشفى أم درمان، وثم أول مدير مستشفى الخرطوم التعليمي.
- كان أستاذاً ممتحناً زائراً في جامعة الزقازيق بمصر، وحصل على دكتوراه فخرية في الطب من جامعة الخرطوم عام 1965.
السياسة والخدمة العامة
كان أحد مؤسسي مؤتمر الخريجين العام، الذي قاد النضال السلمي من أجل استقلال السودان عن الحكم الأنجلو-مصري.
شغل منصب عمدة الخرطوم من عام 1956 إلى 1960.
عمل عضواً في مجلس السيادة السوداني (هيئة رئاسة الدولة) من عام 1964 إلى 1965.

الإدارة الرياضية
- يُعد العقل المدبر وراء فكرة تأسيس بطولة كأس الأمم الأفريقية.
كان أول رئيس للاتحاد السوداني لكرة القدم.
- شغل منصب رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف) مرتين: من 1968 إلى 1972 ومن 1987 إلى 1988.
- كان عضواً في اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ورئيساً للجنة الطبية فيه.
- كان عضواً في اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) من عام 1968 إلى 1982، ثم عضواً فخرياً مدى الحياة.