&
& عبد الناصر فيصل نهار من أبوظبي: لم يكن العام 2003 الذي شارف على وداعنا كغيره من الأعوام السابقة بالنسبة لجميع الدول العربية؛ وبشكل خاص في دولة الإمارات العربية المتحدة التي شهدت قرارات هامة على مستوى بعض الإمارات والدولة ككل، أكدت استمرارية
النجاح الكبير للتجربة الاتحادية وهي تحتفل بعيدها الوطني الثاني والثلاثين.. فضلاً عن التغييرات الهامة في المحيط الإقليمي والجذرية في الشأن العراقي والدور البارز الذي لعبته دولة الإمارات في ذلك سواء بالنسبة لمبادرة الشيخ زايد التي دعت لتنحية الرئيس العراقي المخلوع والمأسور، أو لكون دولة الإمارات أول من اعترف واستقبل مجلس الحكم العراقي بهدف المساعدة لإعادة الاستقرار والأمن لبلد لم يعرف منذ عشرات السنين سوى الحروب والكوارث، واستقبال الإمارات لشخصيات عراقية سابقة.
&
مراسيم أميرية في ولاية العهد
&
&شهدت دولة الإمارات العام الحالي تغييرات أساسية في مناصب الحكم في كل من رأس الخيمة وأبوظبي، ففي يونيو 2003 أصدر حاكم إمارة رأس الخيمة مرسوماً أميرياً يقضي بتعيين الشيخ سعود بن صقر القاسمي (48عاماً) ولياً للعهد في إمارة رأس الخيمة، وذلك&بدلاً من أخيه الشيخ خالد (63 عاماً) الذي شغل المنصب منذ أكثر من أربعين عاماً. ولقي المرسوم دعماً وترحيباً من باقي إمارات الدولة، فيما أكد ولي العهد السابق أنه لن يتوقف عن الاعتراض على قرار عزله داعياً إلى وساطة خليجية للتسوية. ورأس الخيمة هي الإمارة الرابعة من حيث المساحة وعدد السكان بين الإمارات السبع في دولة الإمارات التي تضم أيضاً أبوظبي ودبي والشارقة وأم القيوين وعجمان والفجيرة.
&أما في إمارة أبوظبي كبرى إمارات الدولة فقد أصدر الشيخ زايد رئيس الدولة وبصفته حاكم أبوظبي نهاية نوفمبر الماضي مرسوماً أميرياً يقضي بتعيين الفريق الركن طيار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس أركان القوات المسلحة نائباً لولي عهد أبوظبي وبحيث
&يتولى منصب ولي العهد عند خلوه، وهي الخطوة التي أعرب حاكم دبي عن ارتياحه وتأييده لها، وكذلك باقي حكام الإمارات والمواطنين. ووفقاً للمرسوم الأميري يصبح الشيخ محمد (43 سنة) الرجل الثاني في التسلسل الوراثي لحكم الإمارة بعد أخيه الأكبر ولي العهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. ويحظى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان باحترام وتقدير كبيرين في الدول العربية والأجنبية، حيث تقلد العديد من الأوسمة والميداليات من دولة الإمارات ومملكة البحرين والمملكة المغربية وباكستان والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا، كما استقبله بحفاوة بالغة العديد من زعماء دول العالم كضيف كبير وعزيز. وبالإضافة لمسؤولياته العسكرية، فإن الشيخ محمد بن زايد يقوم بمهام المستشار الرئيسي لرئيس دولة الإمارات في مجالات الأمن القومي، كما أنه مساهم ومشارك دائم في المناقشات السياسية والتشريعية.
وعلى صعيد دولة الإمارات كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة قد أصدر مطلع أكتوبر الماضي مرسوماً بتعيين الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان نائباً لرئيس مجلس الوزراء، وذلك إضافة لمنصبه كوزير للدولة للشؤون الخارجية، وبناءً على اقتراح من الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة حاكم دبي ورئيس مجلس الوزراء، علماً بأن الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان يتولى أيضاً منصب نائب رئيس مجلس الوزراء.

&
الشأن العراقي
&
ومع نهاية هذا العام يتذكر العرب اليوم المبادرة الشجاعة التي تقدم بها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة، والتي طالب من خلالها القمة العربية التي عقدت فبراير الماضي في شرم الشيخ بمصر، بتنحية الرئيس العراقي السابق صدام حسين لتجنيب العراق والمنطقة مخاطر وويلات حرب جديدة. وقد كان الشيخ زايد الزعيم العربي الوحيد الذي طالب بذلك، لكن المبادرة لم تلقَ النقاش في مؤتمر القمة العربي المذكور فيما أصمّ نظام الرئيس العراقي المخلوع آذانه لتندلع الحرب على العراق بعد أقل من شهر على إطلاق المبادرة، وليتحسر معظم العرب على تلك المبادرة التاريخية التي كانت ستجنبهم الذل والمهانة التي تعرضوا لها جراء احتلال العراق والقبض على صدام حسين، وقبل كل ذلك لحافظت على أرواح الأبرياء الذين سقطوا ضحية للحرب، وذلك وفقاً لما صرّح به وزير الإعلام الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان الذي قال إن العرب لن يعرفوا قيمة مبادرة الشيخ زايد إلا بعد أن يستباح العراق وتحتل أراضيه.
وقد أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة في كافة المحافل الإقليمية والدولية رفضها شن حرب على العراق ونادت بحل الأزمة دبلوماسياً، وفور سقوط بغداد في إبريل الماضي سارعت إلى مد يد العون والمساعدة للشعب العراقي لتخفيف المعاناة عنه.
وكانت دولة الإمارات في مقدمة الدول التي رحبت بتشكيل مجلس الحكم الانتقالي في العراق وساهمت بثقل ملحوظ في إقناع الدول العربية بمشاركة المجلس فى اجتماعات مجلس الجامعة التي عقدت في القاهرة في سبتمبر الماضي، كما قام وفد من مجلس الحكم الانتقالي إغسطس الماضي برئاسة إبراهيم الجعفري رئيس المجلس الدوري حينئذ بزيارة لدولة الإمارات في مستهل جولة عربية له، أعرب خلالها عن شكر الشعب العراقي لرئيس الدولة وحكومة وشعب دولة الإمارات على دعمهم غير المحدود للعراق.
وتستضيف الإمارات اليوم على أراضيها بعض المسؤولين العراقيين السابقين وغير المدانين بأي جرائم ضد الشعب العراقي حتى اللحظة، وفي مقدمتهم الصحاف وزير الإعلام السابق، ومندوب العراق السابق لدى الأمم المتحدة محمد الدوري.

&
محاربة الإرهاب
&
وأكدت دولة الإمارات في الكثير من المناسبات إدانتها للإرهاب بكل صوره وأشكاله، وعبرت عن بالغ أسفها للهجوم الإجرامي الذي وقع على مقر الأمم المتحدة وسفارة الأردن في بغداد ومسجد الإمام علي في النجف الذي نجم عنه مقتل الإمام محمد باقر الحكيم وعدد من الضحايا الأبرياء، كما أكدت الإمارات وقوفها إلى جانب الدول التي تعرضت لهجمات إرهابية إجرامية ولا سيما المملكة العربية السعودية.
وكانت الإمارات أعلنت نهاية العام الماضي أنها تمكنت من القبض على عبدالرحيم النشيري السعودي الجنسية والملقب بـ"أمير البحر" ومسئول العمليات البحرية في تنظيم القاعدة، الذي كان يعد لتفجير عدة أهداف اقتصادية حيوية داخل الإمارات، بهدف إيقاع أكبر عدد من الإصابات في الأرواح والممتلكات. وذُكر أن النشيري كان يتابع دروساً في قيادة الطائرات في إمارة أم القيوين قرب الطرق البحرية التي تسلكها ناقلات النفط الكبيرة في مضيق هرمز حيث اعتقل، وهو ما يرجح أن شبكة أسامة بن لادن كانت تعد لهجمات جديدة بواسطة الطائرات.

&
الجزر المحتلة
&
وتبقى قضية الجزر الإماراتية المحتلة بلا حل لعام جديد، فخلال عام 2003 أكدت دولة الامارات ومن خلال المحافل الإقليمية والدولية التزامها بالنهج السياسي المتوازن الذي اعتمدته منذ قيامها عام 1971، والذي يتسم بالاعتدال ويستند إلى أسلوب الحوار والتفاهم واحترام المواثيق والقوانين الدولية والالتزام بميثاق الأمم المتحدة، وعدم التدخل في الشئون الداخلية ومراعاة قواعد حسن الجوار وسيادة الدول ووحدة أراضيها وحلّ النزاعات بالطرق السلمية، وهذا ما شدّدت عليه من خلال دعوة الجارة إيران للتجاوب مع مبادرات دولة الإمارات السلمية الداعية إلى إيجاد حل لقضية احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث /طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى/ عن طريق المفاوضات المباشرة، أو إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية باعتبارها الجهة الدولية المنوط بها حل النزاعات بين الدول. وقد أكدت دولة الإمارات ذلك في كلمتها أمام الأمم المتحدة في 26 سبتمبر الماضي، ومن خلال البيان الختامي لقمة دول مجلس التعاون الخليجي التي اختتمت أعمالها مؤخراً في دولة الكويت.
يذكر بأن دولة الإمارات تتمتع بعلاقات دبلوماسية جيدة مع جميع دول العالم، وحتى إيران، باستثناء إسرائيل، وخلال العام 2003 ارتفع عدد الدول التي تقيم معها دولة الإمارات العربية المتحدة علاقات دبلوماسية على مستوى السفراء عام 2003 ليصل إلى 146 دولة من أصل 191 دولة في العالم، وكانت إيسلندا آخر دولة تقيم دولة الإمارات علاقات معها بدءاً من سبتمبر الماضي. وقد ارتفع عدد السفارات المقيمة لدى الدولة إلى 73 سفارة مقابل ثلاث سفارات في عام 1971 لبريطانيا وباكستان والولايات المتحدة، كما بلغ عدد القنصليات في دبي 54 قنصلية، فضلاً عن وجود خمسة مكاتب لبرامج إقليمية ودولية ومنظمات مقيمة بالدولة، كذلك بلغ عدد السفارات غير المقيمة لدى الدولة 35 سفارة، وارتفع عدد سفارات الإمارات في دول العالم إلى 46 سفارة، فيما توجد بعثتان دائمتان للدولة في كل من نيويورك وجنيف إضافة إلى سبع قنصليات عامة.