بعد فيلمه الأخير "ما تريده النساء" مع الممثلة البريطانية هيلين هينت والممثلة الاميركية ماريسا توماي، اجرت مجلة "بريميير" الفرنسية حديثا مطولا مع الممثل الاسترالي ميل غبسون، ننشر هنا مقاطع من المقابلة.
لقطة من فيلم : ما تريده النساء
ألا&تعتقد&بأنك أهملت الكوميديات الرومانطيقية؟
لـمْ أحس أبداً بهذا كحاجة ضرورية، ولكن فكرة القيام بشيء يخرج شيئا ما من العادي تثيرني. حيث إنه لا يوجد سوى القليل من الكوميديات الرومانطيقية. ولا أتلقى كثيرا من الإقتراحات في هذا المجال. وبما أني لست من النوع الذي يقوم بضرب الأجراس والنواقيس، فقد اكتفيت بالإنتظار.
هل تحس، في حياتك اليومية، بالفعل الذي تحدثه على النساء؟
ليس حقيقة. إنه أمر يثير الإطراء والزهو، ولكني وصلت إلى مستوى أقول فيه: "آه، لقد بلغت سن الخامسة والأربعين. يكفيني هذا. لقد أتى وقت التعقل والنضج، والبدء في ابتلاع الفياغرا"
هل أنت كما شخصياتك ملهم للتخمين بأفكار الآخرين؟
ليس عى الإطلاق. لا أملك أي موهبة في هذا المجال. حينما كنت صغيراً وأعزب، كانت توجد كثير من النساء اللواتي كنت أعشقهن، ولكن اللواتي كنت أعتقد أنه لا حظ لي معهن. وبعدها بعشر سنوات، قلْن لي بأنني كنت أعجبهن جيداً في تلك الفترة... إنني، حقيقةً، سيء جدا في هذا اللعب. وربما هذا جيد لـي. لا أعتقد أن الرجال يعادلون النساء في القوة. وأحس بالإفتتان حينما أرى إلى أي درجة هن قادرات على التخمين بكثير من الأشياء، مباشرةً من النظرة الأولـى.
كيف كنت تحس، وأنت محاط بالنساء، اثناء تصوير "ما تريده النساء"؟ الأجواء مختلفةً عن المناخات الذكورية في فيلم "سلاح مميت".
لقد عاملنني كواحدة منهن. لقد استطعت أن أراقبهن كثيراً، وهو أمر مسل دائماً. إن المناخ هو، بصفة كاملة، النقيض لما نجده عادةً في منصات تصوير المشاهد السينمائية، ولكنه أعجبني.

هيلين هينت
كيف اشتغلْت مع الممثلة هيلين هينت؟
إنها متعة وبهجة. إنها تمتلك نهدين جميلين! أنا آسف، إنني لم أصمد أمام فكرة أن أكون خنزيراً خلال بعض اللحظات. إنها تمتلك كل قواعد المهنة، وحين تصل إلى مكان التصوير السينمائي، يتم الإحساس بها. إنها على استعداد للتصوير.. فعالةً،
ومهنية. إنها واثقة جدا من نفسها إلى حد أنها تسمح لنفسها بأن تكون كريمة وتعطيك قيمتك، وهذا شيء رائع. هذا بالإضافة إلى أنها تُقَبِّلْ (تبوس) جيدا.إن عملها لم يكن في الحقيقة سهلاً حينما نفكر فيه. وكيف يمكن القيام بكل هذه الأدوار حيث نتصور أنها فكرت فيها؟ لقد نجحت في القيام بها مع تشكيلة من الإختلافات الطفيفة وكثير من الرزانة، ما عدا حين يقتضي الأمر الإرتخاء. لقد كان الأمر يشبه الكمال. إن لدينا الإنطباع بحضورها في كل الفيلم بينما هي لا تحضر سوى في ربْع المشاهد. إنني معجب بها بشكل كبير. ماريسا توماي أيضاً،&انها ممثلة مدهشة،&عندها حس بإيقاع رائع ولا تخشى شيئاً. إنها تقتلني في المشهد الذي نتواجد فيه معاً في السرير، حين يجب عليها أن تضحك وتبكي في نفس الآن، تحت تأثير المشاعر ما بعد الممارسة الجنسية.

ميل غبسون وماريسا توماي
تبدو على أحسن ما يرام في الفيلم. فهل تطلب الأمر منك كثيراً من التمارين؟
أكره الرياضة ومناخ قاعات الرياضة. أكتفي بالقيام ببعض التمارين الخفيفة تقريباً مرة في الأسبوع. المهم هو الإنتباه لما نأكله، وأن نأخذ الفيتامينات، والحوامض الدهنية الأساسية...لقد درست القضية شيئا ما. ولا توجد الحاجة لنكون فئران رياضة إذا ما أردنا أن نتغذى على وجه صحيح.
كيف كان استعدادك وتهييئك لمشهد الرقص؟
لقد درست الرقص الكلاسيكي والحديث، منذ خمس وعشرين سنة، وخلال ثلاث سنوات في إطار دروس الفن المسرحي.
هل كان لك حوار مع ابنتك مشابهاً للحوار الذي جرى بين الشخصية التي قمت بتمثيلها وبين البنت بخصوص الأطفال؟
حينما كان عمر ابنتي 13 سنة. بدأتْ تطرح علي أسئلة؛ فاعتقدت أن الوقت قد حان لأعطيها أجوبة. إن شخصية نيك في الفيلم، لا تهتم بشكل كبير جدا. ما أردت تمريره هو أن الأولاد والبنات لا ينظرون إلى الأشياء بنفس الطريقة، وخصوصا حينما يكونون صغاراً، ويكون على البنات أن يكن أكثر وضوحاً في نواياهن كي لا يدفعن الأولاد إلى الخطأ، لأن الأولاد أقل تطوراً شيئاً ما من البنات...
وأنت هل كانت له محادثات مماثلة مع أبيك؟
نعم. لقد كان رائعاً. لقد كان رائعاً في هذا الميدان. لقد كان عمري 12 أو 13 سنة، حين قام بإلقاء محاضرة، علي، خلال ثلاث ساعات مبتدئاً من الإغريق وروما القديمة. أنا لا أمزح. لقد استثمر كل الإمكانيات، ولم يتركْ أي شيء من التفاصيل. وفي النهاية سألني إن كانت عندي أسئلة. لم تكن عندي أية أسئلة.
هذا المناخ الإرجاعي الذي يبدو مثل مرجعية إلى كلاسيكيات الكوميديا الرومانطيقية. فهل أنت الذي أردت هذا؟
نعم في جزء منها. هذه الأفلام المرحة والمؤثرة، والجريئة بالنسبة للعصر، والتي كان لها شيء ما تقوله. أعتقد أن هذا ما كانت تريده المخرجة.
هل تعتقد أنه كان توجد معرفة في هذه الأفلام، ثم ضاعت منذ تلك الفترة؟
بالتأكيد. لقد كانت مقارباتها أكثر اصطناعاً وتكلفاً من مقاربات معظم الأفلام الحالية. أنا لست ضد السخرية البذيئة. ومن شدة ما هي منفرة ومثيرة فهي في الغالب مسلية. ولكن هذا الطابع العام يتجه بل ويكاد أن يصبح معادلةً، لأن هذا هو الرائج في هذا الوقت.
إذا أردْت أن تنصحنا ببعض العناوين..
"البعض يفضلهن ساخنات" للمخرج بيلي ويلدر والذي أحبه و Indiscretions لجورج كيوكر و"ذي شوب اراوند ذي كورنر" للمخرج لوبيتش و"امرأة السنة" لـلمخرج جورج ستيفنس. يوجد الكثير من الأفلام، كل أفلام فرانك كابرا. أحب كثيرا فيلم "رجل الشارع" الذي يمتلك الكثير من السحر والجاذبية.
ما هي وضعية "آيكون"Icon شركة الانتاج الخاصة بك؟
جيدة. إنها سريعة التكاثر. ولدينا دائما انشغالات. إننا لسنا أغنى شركة في العالم، ولا حتى في لوس أنجيلس. ولسنا الشركة التي حققت أكبر نجاح. ولكني أعتقد أننا الشركة الأكثر حذرا. لقد كان التطور بطيئاً، ولكننا لسنا في عجلة من أمرنا. ولا نبحث على وضع اليد على كل مصادر التمويل الأجنبية الممكنة والمتخيلة. والكل يقوم بهذا اليوم للإغتناء السريع، ولكن هذا يبدو لـي غامض وملتبس. أحس بأن كثيرا من الناس سينتهون في السجون...إننا نفضل أن نتطور وفق ايقاعنا، وفي نفس الوقت القيام بعملنا على أحسن حال. ولكن هذا لا يتحقق في كل الظروف. لقد أنتجْنا بعض الأفلام الرديئة [لقد انتقد ميل غيبسون، حديثاً، وأمام الجمهور فيلم Million Dollar Hotel، للمخرج فيم فيندرز والذي يشارك فيه الممثل]، ولكننا أنتجْنا أفلاماً جيدة. إننا ندفع ثمن الأخطاء، وتتم مكافأتنا حين نحقق أشياء استثنائية، إنها قاعدة اللعبة. وخلال السنوات الإثنا عشر الأخيرة أنتجنا ما يناهز ثلاثين فيلما. وهو أمر جيد. أحيانا نشتغل على خمسة أفلام في نفس الوقت، وفي أوقات أخرى لا نقوم بأي شيء، وهو الوقت المناسب لتضميد جراحنا. إننا نريد أن ندوم، أن ننتج أفلاماً ذات قيمة ومواجهة المخاطر مع بعض الأفلام. توجد بعض الأفلام الصعبة التي تستحق أن تعطى لها بعض الفرص.
ما هو إشتغالك الآن؟
سوف نقوم بإنجاز Lost Patrol، والذي سيبدأ إنجازه في الربيع المقبل. إنه مقتبس من كتاب يحمل عنوان: "We Were Soldiers Once...and Young". يبدأ في سنة 1954 مع فرنسيي "ديان بيان فو"(فيتنام). في تمهيد الفيلم نقوم بتفسير لماذا غادر الفرنسيون الهند الصينية. ثم نتابع حول المواجهات الأولى لحرب فيتنام [التي تقع بين الأمريكيين والفيتناميين]. وكاتب السيناريو هو "راندال والاس" [لقد سبق له أن كتب سينايو "قلب شجاع"، وهو الذي سيقوم، أيضاً، بإنجازه. وسيكون ثاني فيلم يقوم باخراجه. الأول كان "الرجل ذو القناع الحديدي" ، بمشاركة ليوناردو دي كابريو.
وما هي مشاريعك في الإخراج؟
إنني أعشق أن أبدأ من جديد، ولكنه من الصعب العثور على المشاريع التي تستحق هذا الجهد. يمكنك أن تقرأ كثيراً من السيناريوهات، وحتى الجيدة منها، وأن تقرر، رغم كل شيء، بألا تكرس لها عدة سنواتٍ من عمرك. إنني أشتغل منذ عدة سنوات على مشروع مع كاتب إنجليزي. وربما سأبدأ في سنتين إنتاج هذا المشروع.
&لقد تخليت عن مشروع إعداد نسخة جديدة لفيلم "فهرنهايت 451"؟
لا، إنه موضوع بحث. لقد اكتشفنا، فقط، أنه فيلم صعب الإخراج. إن عناصر الفيلم لا تصل إلى أن توضع في أماكنها كما أريد. إن إنجاز فيلم في الحالة الراهنة للأشياء يناسب الذهاب إلى الحرب بقاذفة حجارة. أحببت كثيراً الرواية الأخيرة للسيناريو حين يدعوني فرانك دارابونت ليقول لي:"إن "فهرنهايت" هو كتابي المفضل، أريد أن أمتلك السيناريو لأرى ما يمكنني القيام به" وهو يشتغل على هذا المشروع حينما يمتلك الوقت الفارغ. يمكن أن يأخذ منه شهراً أو سنةً ولكن حين سينتهي منه، يمكن أن تأتيه الرغبة في إخراجه بنفسه. إنها قضية حديثة العهد. ففي لحظة ما تكون مستعداً للقفز. ثم يتكسر الإندفاع فجأةً.
ألا تخاف من التراخي؟
لا. أعتقد أنه شيء جيد قضاء وقت بين إنجازين لتجنب التعود على العادات المستهجنة والحركات الذاتية والتلقائية. يجب ألا نحس بالراحة حين نقوم بإخراج فيلم. يجب أن يظل الإخراج حدثاً مهماً.
أين وصل مشروعك في إخراج "هاملت" مسرحياً مع روبرت داوني جينيور؟
لا يوجد لدي الإنطباع بأنني أديت، حقيقةً، دور "هاملت" لأن الأمر كان في السينما. وطبيعة الفيلم ذاته تجعل أننا نمثل كل الفيلم خلال عدة أشهر وفي الفوضى، والأمر ينطبق حتى على المونولوغات. تقرأ نهاية المونولوغ شهراً قبل البداية. إن الأمر غريب ومخيب للآمال. إن هذا الدور فتنني منذ زمان. وتأدية هذا الدور مع شخص موهوبٍ مثل "داوني"...إنه ذكي جداً. إنه يقوم ببعض الأشياء الغبية، ولكنه عبقري. تنتابني، حقيقةً، الرغبة في معرفة ما يستطيع القيام به في هذا الدور. إنه يعاني من بعض المشاكل هذه الأيام [من المخدرات]، ولكن هذه المشاكل ستنتهي. أتمنى، لاحقاً، أنْ نؤدي معاً هذه الأدوار، لأنني أفضل أن أشتغل معه وليس مع أي شخص آخر.
لقد كنت أحد الممثلين الأوائل القادمين من أستراليا الذي فرض نفسه في هوليوود. يبدو أنه كل سنة يأتي ممثل جديد.
إن الأمر مهم. أليْس كذلك؟ لا أعرف لماذا لم تحدثْ هذه الظاهرة من قبل. إنني أحسني مثل كريستوف كولومبوس.
ماذا تفعل في أوقات فراغك؟
حسب الظروف. أشياء مختلفة في كل مرة. حديثاً ذهبت إلى أوربا وزرت مدينة فلورنسا.
لن يكون سهلاً السفر بالنسبة لشخص معروف مثلك؟
قمت بحلق رأسي. وكان حلا ممتازا.. إحلقْ رأسك وضعْ نظارات سوداء، ولا أحد ينتبه إليك. يجب القيام بهذه الأشياء لتكتشف أن شخصاً واحدا من بين إثنين في الشارع حليق الرأس ويضع نظارات. إن الأمر مثير للدهشة.
يقال انك أثناء تصوير الأفلام تتجول مع طاقم تصوير الفيلم، وتأكل مع التقنيين... فهل تقوم لهذا لتشيع جواً من الراحة؟
إني أحب التقنيين. وأحسني، حقيقةً، في وضعية مريحة معهم. إنني أتسلى. وحين تشتغل مع أناس كهؤلاء، فانك تقتسم معهم أشياء مهمة. وهذا مهم أيضاً لأنه هذا يغذي عملك. انك تحتاجهم بقدر ما يحْتاجون إليك.
هل يوجد اليوم رجال سينما تحس بنوع من الجاذبية نحوهم أو تحلم بالإلتقاء بهم؟
نعم. على العموم هم أناس رأيتهم في أفلام حينما كنت صغيراً. وحين تلتقيهم فكأنك تصبح طفلاً من جديد...أتذكر حينما ذهبت للتحدث مع كلينت إيستوود في مكاتب شركة الوورنر بروذرز. حينما سمعت صوته، فجأة، يقول: "أدخل"، وجدت نفسي أمامه. كان كبيرا، وكانت هيأته تفرض نفسها، فتلعثمت: "ها...طاب نهارك يا مستر "إيستوود".

ترجمة: محمد المزديوي
&