ايلاف - طارق السعدي:
يصعب اقناع ناشط عربي في مجال الثقافة بولوج شبكة الانترنت فالأكثرية منهم لايرون من وراء النقرات طائلة تذكر والاشتغال من خلال القنوات الكلاسيكية يبقى في رأيهم عملا مقدسا.
الأستاذ زياد منى أحد الناشرين العرب الذين خلقوا الاستثناء الايجابي وذلك باختياره الويب كأذاة اشتغال رسمية. التقته "ايلاف"، فكان الحوار التالي:
&
س: ما قراءتكم للحديث الدائر منذ مدة عن العولمة بالمنطقة العربية؟

زياد منى: برأي أن العولمة هي سلاح القوي ضد الضعيف، هدفها المزيد من السيطرة الأحادية العقيدة على مقدرات الشعوب وثرواتها وعقولها. نحن العرب ما زلنا في حالة الدفاع عن النفس (وفي أحيان كثيرة لا نحاول حتى عمل ذلك)! لا يكفي أن نرفض هذا أو ذاك من التطورات، علينا محاولة الاستفادة من بعض الشظايا الإيجابية التي تتولد عن العولمة لتبوأ مكانة تليق بنا وبتراثنا الحضاري الإنساني العريق.

س: ماهي الاسباب اذن التي دعتكم كناشر الى اعتماد الانترنت كوسيلة عمل...لماذا الإنترنت بالذات؟
زياد منى:
لا شك أن هذا الوسيط الإلكتروني الحديث يوفر إمكانية على جانب كبير من الأهمية للتواصل مع العالم. فهو مفتوح لكل من يريد استخدامه لإيصال ما يريد (ضمن حدود القانون بالطبع) بسرعة، وبالطريقة التي يراها المستعمل الأفضل بالنسبة إليه. أعني بذلك استخدام الحرف والصورة والصوت. وعلى الرغم مما يرافق هذا الوسيط من سلبيات، هناك إيجابيات كثيرة سيكون من الغلط الكبير أن نفسح لها المجال لتقرر كيفية نظرنا إليه. ويضاف إلى ذلك بالطبع ضرورة مجاراة العالم الذي يسيطر عليه الغير، غريماً كان أم عدواً.

س: نريد أن نتعرف على بعض اوجه تجربتكم الشخصية مع التكنولوجيا الحديثة. . . كيف تعاملتم منذ بداياتكم الإبداعية الأولى مع الكمبيوتر؟
زياد منى:
لقد قضيت معظم عمري في أوروبا (ألمانيا)، ودرست قبلها (إدارة الأعمال) في بريطانيا. ما أعنيه أن "لقائي" الشخصي مع الحاسوب كان مبكراً، ولم أجد مشكلة في مجاراة تطوره المستمر.

س: هل تستعملون الإنترنت يومياً؟ المعدل؟ كيف تجدونه؟
زياد منى:
بالطبع. طبيعة عملي كناشر تتطلب مني استعماله لكتابة الرسائل الإلكترونية والبحث عن الجديد في عالم الكتب الواسع، ومتابعة الأخبار الثقافية في بعض الصحف العربية. هذا يعني استخدام يومي يصل أحياناً إلى ساعتين من الزمن. برأي أن (الإنترنت) ضروري وهام ومن غير الممكن تجاهله، كما من غير الممكن العمل الآن دون حاسوب.

س: ما القيمة المضافة التي يمكن لدار نشر عربية أن تجنيها من جراء ارتباطها بالويب؟
زياد منى:
لا شك أن (الإنترنت) تفسح المجال أمام الناشر الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس، أو لنقل: القرّاء، وبأسرع وقت، وتجاوز تعسفات السلطات التي لا شاغل لها سوى مراقبة الناس ومحاولة التحكم في طريقة تفكيرهم وقيادتها في اتجاه محدد.

"الشبكة" تفسح المجال أمام الناشر إمكانية تعريف القارئ بما يصدره من كتب، وتعريفه لغة الكتاب والمؤلف...إلخ بأسرع الطرق وأرخصها.
أقول هذا وأدعي بأن هدف الدار ثقافي في المجال الأول، ولا نرى في الربح، إلا ضمانة لاستمرار عملنا. أقول إننا لا نسعى للربح بأية طريقة، ولو كان ذلك هدفنا لاتبعنا طرق سلكها غيرنا ممن لا يتوقفون عن صم آذاننا بلغوهم الممل عن "الرسالة الثقافية" التي ينجزونها.
الآن أود التحدث كقارئ وباحث عن موضوع الاستفادة من (الشبكة). فخلال إقامتي الطويلة في أوروبا التي امتدت لربع قرن، والتي تركتها قبل عامين ليس إلا، كثيراً ما أطلب كتباً عربية بناء على ما أقرأ في الصحف من نقد لها، أو ما كتب عنها في (قوائم المنشورات). النتيجة كانت في معظم الأحيان مروعة حيث كنت أكتشف، متأخراً بالطبع، وجود مسافة هائلة بين ما قرأته عن الكتب التي طلبتها ومحتواها وشكلها . . . إلخ.

هذا جعلني أتوقف عن ابتياع الكتب دون أن أطَّلع على محتواها... أي دون أن "ألمسها" بأصابعي.
"الشبكة" تتيح لي، كناشر، أن أُمَكن القارئ من تعرف محتوى الكتاب وشكله دون أي تدخل "خارجي" الذي كثيراً ما يكون مزاجياً وخاضعاً لشروط معينة.
س: ما رأيكم حول تجربة بعض المثقفين العرب ودور نشر عربية على الإنترنت؟
زياد منى:
أعتقد أن من الأفضل توجيه السؤال هذا إلى أصحاب العلاقة لأنني لا أمتلك أية معلومات عن تجارب الآخرين.

س: هل ترون للإنترنت العربي هوية أو غداً؟
زياد منى:
إن مشاركتنا الفعالة في هذا الوسيط، أي الشبكة ، يعني إيماننا بإمكانية وجود مستقبل لها. هناك العديد من الشروط التي توجب توافرها . . . لكن من لا يسير مع الزمن فإن الزمن سيتجاوزه.

س: ما هي التجارب التي أثارت اهتمامكم في الإنترنت العربي والعالمي؟
زياد منى:
بالنسبة إلى المواقع العربية، مواقع الصحف تهمني بسبب صفحاتها الثقافية. لكن هناك مواقع أخرى تضم معلومات عن البلاد العربية تقيم تواصل لي مع بقية البلاد العربية، والعرب أينما كانوا. كما أجد أن الصفحات المتخصصة (الجامعات والمكتبات والكتب) مهمة لي ولعملي. بالنسبة إلى المواقع العالمية، الجانب الإعلامي (الصحف والمجلات والدوريات المتخصصة) مهمة، لكن أيضا مواقع الجامعات والمعاهد الاستشراقية مهمة أيضاً. كما أجد أن مواقع دور النشر الأجنبية مهمة بالنسبة إلي كناشر حيث توافر لي إمكانية الاطلاع على أحدث ما صدر في عالم الإبداع.

س: ما هي الخلفية الثقافية التي تتعاملون بواسطتها مع التكنولوجيات الحديثة؟
زياد منى:
إن كنت تقصد الجانب التعليمي، فيمكن للمهتم بها الاطلاع على بعض تفاصيله في السيرة الذاتية الموضوعة على موقعنا.
وهناك نقطة أود الإشارة إليها وهي أننا أول دار نشر في العالم تضع مؤلفاتها على (الشبكة) مجاناً للقراءة. نحن نأمل أن تمكننا هذه الخطوة من إقامة تواصل مستمر مع القارئ الراغب في اقتناء الكتب، وعلى أسس الثقة المتبادلة. لكن هدف هذه الخطوة هو أبعد من مجرد كسب قراء جدد وزبائن جدد لكتبنا، على أهمية ذلك، ألا وهو تأسيس نشر عربي إلكتروني، وهو هدف نتفق فيه مع (شيخ النشر الإلكتروني العربي) الأخ والصديق العزيز محمد الشارخ الذي كان المبادر في اتجاه إنجاز هذا المشروع الثقافي الطليعي الهام. لقد وضعت شركة "صخر" بتصرف الموقع أدوات البحث (Search Tools) التي ابتدعها علمائها، وهي على جانب كبير من التقدم والتطور، بحيث يتمكن الباحث من استخدام الكتاب والشبكة وأفضليات البحث الإلكتروني سوية لإتمام بحثه بأفضل صورة ممكنة وبأسرع وقت ممكن.
قلت إننا أول من يخطو هذه الخطوة، لكننا نأمل ألا نكون الأخيرين وأن تتشجع المؤسسات العلمية العربية وغير العربية المعنية بالثقافة وتضع مؤلفاتها على "الشبكة" خدمة لمصلحة البحث العلمي.

&.....................................................................
&معلومات عن دار قَدْمُس للنشر والتوزيع&
  • تأسست في النصف الثاني من عام (1999).
    مالكها ومديرها العام رجل الأعمال السوري الدكتور المهندس زياد إسرب.
    مستشار الدار ومديرها التنفيذي د. زياد منى.
    برنامج الدار يتمحور حول إصدار ترجمات مؤلفات غير عربية متخصصة بالمشرق العربي وتاريخه وتقديمها إلى القارئ العربي في أفضل حلة ممكنة.
    في الوقت نفسه فإن الدار تنشر أية مؤلفات عربية قيمة عن موضوع تخصصها أو في أي مجال آخر من مجالات العلوم الإنسانية.
    ترحب قَدْمُس للنشر والتوزيع بأية مؤلفات تعرض عليها كَتَبَها بحاثة وعلماء عرب، بشرط أن ترتقي إلى المستوى العلمي الذي تلتزم به الدار.
    تؤكد قَدْمُس للنشر والتوزيع منطلق نشاطها في مجال النشر المرتكز إلى مبدأ أن أساس أي عمل عمل ثقافي جدي هو احترام الكاتب وحقوقه المادية والمعنوية. وبناءً على ذلك، وعلى الرغم من غياب أية قوانين وطنية ملزمة، فإن الدار التزمت منذ انطلاقها بالسعي إلى تحصيل موافقة أصحاب الحقوق قبل نشر أي كتاب مترجماً كان أم عربياً. وبناء على ذلك تسعى الدار إلى كسب دعم المؤلِّف للترجمة عبر الطلب إليه كتابة مقدمة خاصة بطبعتها.
    بالإضافة إلى ما سبق، فإن الدار تلتزم بدقة ترجمة ما تنشره من مؤلفات، كتباً كانت أم دراسات، وعدم إجراء أي تغيير كان في النصوص الأصلية، أو الانتقاص منها أو الزيادة إليها، إلا في حالات الضرورة القصوى وفقط بعد أخذ موافقة المؤلف المسبقة. وهذا الأمر ينطبق أيضاً على أية تعليقات قد ترى الدار ضرورة إضافتها بهدف تعميق المعرفة العلمية بموضوع الكتب، أو لشرح نقاط محددة ترى أن بعض القراء قد لا يكونون على دراية بأسسها وأبعادها.