القاهرة - ضحى خالد: في هذا العام ، يكون قد مضى أكثر من نصف قرن على إنجاز يوسف شاهين لفيلمه الأول (بابا أمين) .. شاهين اليوم في الخامسة والسبعين، ومع هذا يبدو اكثر حيوية من معظم نجوم السينما العربية .. ويقول شاهين أن صناعة السينما في مصر كانت المورد الثاني للعملات الأجنبية بعد زراعة القطن والآن لم تعد تشكل وزناً ، بل صارت بالكاد مجرد حرفة ، وحمل مسؤولية تدهور صناعة السينما إلى السلطة التي لا تحمي هذا القطاع لا إلى الجمهور - المستهلك الذي يتوفر له البديل عبر الأفلام الأمريكية خصوصاً على حد تعبيره .
وقال شاهين إنه "في كل دول العالم باستثناء الولايات المتحدة قطاع السينما قطاع خاسر، مثلا في فرنسا وبريطانيا وإيطاليا لكن السلطة الفرنسية وضعت رغم ذلك خطوط دفاع متعددة للدفاع عن هذه الصناعة ، أما في مصر فإن قلة من النجوم - الأنماط تحقق أرباحا بينما هناك 17 الف عامل في قطاع السينما بالكاد يسددون نفقاتهم .
وعن الدعم الرسمي للسينما في مصر قال توقف ذلك منذ سنوات طويلة وباتت السلطة موجودة لتقول مسموح وممنوع وتقتصر مساندتها على تقديم الجوائز مشيرا إلى أن السلطة توقفت عن دعم أفلامه منذ فيلم "العصفور" الذي أنتج في العام 1973، وشدد شاهين الذي يشتغل بالإخراج السينمائي منذ أن كان في مطلع العشرينات من عمره ، على أهمية السينما في توعية المواطنين معتبرا أن دورها هو تنبيه وتربية في إطار فني جذاب وممتع .
ورفض شاهين التفسير القائل بان انتشار المحطات التلفزيونية الفضائية ساهم في تراجع الإقبال على دور السينما, وقال يشكل التلفزيون امتدادا للسينما التي تؤمن لفيلم عربي ناجح مليونا ونصف مليون مشاهد مثلا بينما تسمح محطات التلفزة لستين مليونا بمشاهدة الفيلم نفسه .
وجدير بالذكر أن شاهين قد حقق خلال مسيرته المهنية& 38 فيلما كان أولها "بابا أمين" عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره ، وأحدثها "سكوت ح نصور" الذي بدأت عروضه التجارية في القاهرة مؤخراً .. وهو كوميديا غنائية ذات خلفية سياسية تطرقت إلى الشيوعية والناصرية وسياسة الانفتاح التي انتهجها الرئيس الراحل أنور السادات، فضلاً عن الدعوة إلى عصرنة المجتمع، ضمن إطار من الدراما العاطفية الاستعراضية .
جمع شاهين في فيلمه ثلاثة أجيال نسائية من عائلة غنية قامت بدور الجدة فيها الفنانة ماجدة الخطيب، وقامت دور الابنة بطلة الفيلم المطربة التونسية لطيفة ودور الحفيدة رانيا حسين، متطرقاً من خلالهن لمراحل سياسية في تاريخ مصر المعاصر.
جدير بالذكر أن يوسف شاهين قد حصل على جوائز متعددة مصرية وعربية ودولية ، ونال عام 1997 لدى عرض فيلمه المصير جائزة اليوبيل الذهبي لمهرجان كان ، وفي العام التالي منحته جامعة السوربون الفرنسية درجة الدكتوراه الفخرية ، وقبل سفره لاستلام أحدث جوائزه في أوربا كانت لـ (إيلاف) هذه المقابلة معه التي تحدث فيها كعادته بكل صراحة وحرية :
وعن الدعم الرسمي للسينما في مصر قال توقف ذلك منذ سنوات طويلة وباتت السلطة موجودة لتقول مسموح وممنوع وتقتصر مساندتها على تقديم الجوائز مشيرا إلى أن السلطة توقفت عن دعم أفلامه منذ فيلم "العصفور" الذي أنتج في العام 1973، وشدد شاهين الذي يشتغل بالإخراج السينمائي منذ أن كان في مطلع العشرينات من عمره ، على أهمية السينما في توعية المواطنين معتبرا أن دورها هو تنبيه وتربية في إطار فني جذاب وممتع .
ورفض شاهين التفسير القائل بان انتشار المحطات التلفزيونية الفضائية ساهم في تراجع الإقبال على دور السينما, وقال يشكل التلفزيون امتدادا للسينما التي تؤمن لفيلم عربي ناجح مليونا ونصف مليون مشاهد مثلا بينما تسمح محطات التلفزة لستين مليونا بمشاهدة الفيلم نفسه .
وجدير بالذكر أن شاهين قد حقق خلال مسيرته المهنية& 38 فيلما كان أولها "بابا أمين" عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره ، وأحدثها "سكوت ح نصور" الذي بدأت عروضه التجارية في القاهرة مؤخراً .. وهو كوميديا غنائية ذات خلفية سياسية تطرقت إلى الشيوعية والناصرية وسياسة الانفتاح التي انتهجها الرئيس الراحل أنور السادات، فضلاً عن الدعوة إلى عصرنة المجتمع، ضمن إطار من الدراما العاطفية الاستعراضية .
جمع شاهين في فيلمه ثلاثة أجيال نسائية من عائلة غنية قامت بدور الجدة فيها الفنانة ماجدة الخطيب، وقامت دور الابنة بطلة الفيلم المطربة التونسية لطيفة ودور الحفيدة رانيا حسين، متطرقاً من خلالهن لمراحل سياسية في تاريخ مصر المعاصر.
جدير بالذكر أن يوسف شاهين قد حصل على جوائز متعددة مصرية وعربية ودولية ، ونال عام 1997 لدى عرض فيلمه المصير جائزة اليوبيل الذهبي لمهرجان كان ، وفي العام التالي منحته جامعة السوربون الفرنسية درجة الدكتوراه الفخرية ، وقبل سفره لاستلام أحدث جوائزه في أوربا كانت لـ (إيلاف) هذه المقابلة معه التي تحدث فيها كعادته بكل صراحة وحرية :
* أفلامك بصورة عامة، والأخيرة منها على وجه التحديد، مسكونة بهاجس التنوير، وقد برز ذلك في "الآخر" بشكل لافت، هل تستعيد بذلك جهود المفكرين الاصلاحيين، وتنسج على منوالهم؟
- ينبغي أن تتضمن السينما عنصر التسلية، ولكن ليس على حساب تخدير الناس، وتغييب وعيهم، لأننا اذا فعلنا ذلك فإننا نخدم أهداف أعدائنا الذين يعملون على ابقاء العقل العربي نائما، بل إن هؤلاء الأعداء الملاصقين لنا ونظراءهم في الغرب لا يعترفون. أصلا بوجود فكر عربي، وربما يكون في أراء هؤلاء شيء من الصحة، فنحن أبدا، ساكتون، لا نتحرك، لا نقول نعم، ولا نقول لا، والشباب العرب لا يشاركون في اتخاذ القرار الذي ينزل على رؤوسنا كما لو كان آتيا من جهنم، فلماذا لا يسألون هؤلاء حين اتخاذ القرارات المصيرية المتصلة بحياتهم ومستقبلهم؟
من الضروري استثمار طاقات الشباب الإبداعية وتفعيلها، وساعدتها على التعبير، لأن صمت هؤلاء يشير إلى مصيبة مدمرة لابد أن تنفجر إذا بقي الإهمال والنسيان والإقصاء .
- ينبغي أن تتضمن السينما عنصر التسلية، ولكن ليس على حساب تخدير الناس، وتغييب وعيهم، لأننا اذا فعلنا ذلك فإننا نخدم أهداف أعدائنا الذين يعملون على ابقاء العقل العربي نائما، بل إن هؤلاء الأعداء الملاصقين لنا ونظراءهم في الغرب لا يعترفون. أصلا بوجود فكر عربي، وربما يكون في أراء هؤلاء شيء من الصحة، فنحن أبدا، ساكتون، لا نتحرك، لا نقول نعم، ولا نقول لا، والشباب العرب لا يشاركون في اتخاذ القرار الذي ينزل على رؤوسنا كما لو كان آتيا من جهنم، فلماذا لا يسألون هؤلاء حين اتخاذ القرارات المصيرية المتصلة بحياتهم ومستقبلهم؟
من الضروري استثمار طاقات الشباب الإبداعية وتفعيلها، وساعدتها على التعبير، لأن صمت هؤلاء يشير إلى مصيبة مدمرة لابد أن تنفجر إذا بقي الإهمال والنسيان والإقصاء .
* هذا الخطاب الذي تتحدث من خلاله يصطدم بقوى مضادة تعمل على اجهاضه. الا تعي هذا الأمر، أم أن دورك ينتضي أن تتول (لا) وتشرع راية العصيان وكفى؟
- ينبغي أن نميز بين قول (لا) وبين العصيان، فالأخير أمر مختلف عن قول الـ(لا) والجهر بها. المطلوب الا نصدق تلك القوى، ولا نخاف من أصحابها، لأنهم يكذبون كثيرا. لقد طالبوني أن تكون أفلامي سهلة وبسيطة فسألتهم كيف يمكن أن يتحقق ذلك مع احتفاظها بمضمون يستحق التعبير عنه ؟ ، فوجدت أن الثغرة في أنا، لأنني لم أكن أعرف كيف أبعد من ذلك فإن أعمالي تصطدم بقوى أجنبية تود لو تحرمني من نعمة التفكير، وتستكثر على سينمائي مثلي أن يخترق جدران محليته وقطريته، فهم لا يريدون الاعتراف بي، ولا بالفكر الذي أنتمي اليه، ولا بالحضارة التي أعطيناها لهم.
وأرد على أولئك بالقول: إما أن تكلموني ندا لند، أو أنني استنكف عن التواصل معكم، وكلانا في نهاية المطاف ، إذا بقينا على هذا الحال، خاسران ، والمطلوب أن نتمسك بعزة أنفسنا ، وألا نخاف أو نتخاذل حتى أمام أميركا، لأنها لا تملك إكراهنا على شيء لا نرغب فيه ، فهل ستلقي علينا بقنبلة ذرية مثلاً ؟ إنها لا تستطيع فعل ذلك ولن تستطيع ، فلماذا الخوف والرعب إذن .
- ينبغي أن نميز بين قول (لا) وبين العصيان، فالأخير أمر مختلف عن قول الـ(لا) والجهر بها. المطلوب الا نصدق تلك القوى، ولا نخاف من أصحابها، لأنهم يكذبون كثيرا. لقد طالبوني أن تكون أفلامي سهلة وبسيطة فسألتهم كيف يمكن أن يتحقق ذلك مع احتفاظها بمضمون يستحق التعبير عنه ؟ ، فوجدت أن الثغرة في أنا، لأنني لم أكن أعرف كيف أبعد من ذلك فإن أعمالي تصطدم بقوى أجنبية تود لو تحرمني من نعمة التفكير، وتستكثر على سينمائي مثلي أن يخترق جدران محليته وقطريته، فهم لا يريدون الاعتراف بي، ولا بالفكر الذي أنتمي اليه، ولا بالحضارة التي أعطيناها لهم.
وأرد على أولئك بالقول: إما أن تكلموني ندا لند، أو أنني استنكف عن التواصل معكم، وكلانا في نهاية المطاف ، إذا بقينا على هذا الحال، خاسران ، والمطلوب أن نتمسك بعزة أنفسنا ، وألا نخاف أو نتخاذل حتى أمام أميركا، لأنها لا تملك إكراهنا على شيء لا نرغب فيه ، فهل ستلقي علينا بقنبلة ذرية مثلاً ؟ إنها لا تستطيع فعل ذلك ولن تستطيع ، فلماذا الخوف والرعب إذن .
*هل تعتقد أنك حققت تقدما لدفع الآخر للاعتراف بك، أم أن الحال ما زال مراوحا "محلك سر" ؟
- هناك فرق كبير بين الماضي واللحظة الراهنة لجهة كيفية التعامل معنا، لقد كانوا في السابق يعاملوننا في المهرجانات كفلكلور، واحد من هذا البلد. واثنان من تلك واحد يلبس طربوشا والثاني يمشي حافيا، منذ أعوام قليلة تغيرت الصورة، فتكريمي في (كان) في يوبيله الذهبي كان أحد أكبر الأحداث السينمائية العالمية، والمكرم كان عربيا، فكيف كنتم تكلمونه من قبل؟ لقد كنتم ضد العرب، وكنتم تنظرون إلى عبد الناصر باعتباره وحشاً ودكتاتوراً .
يا سيدي نحن في مهنتنا نحترف الحرب دائماً ، وأثبتنا وجودا حقيقيا في المحافل السينمائية في العالم، وهذا الوجود جاء استحقاقه عن جدارة فهو ليس منة من أحد، لقد استحققته بعد رحلة خمسين عاما من الكد والتعب .
- هناك فرق كبير بين الماضي واللحظة الراهنة لجهة كيفية التعامل معنا، لقد كانوا في السابق يعاملوننا في المهرجانات كفلكلور، واحد من هذا البلد. واثنان من تلك واحد يلبس طربوشا والثاني يمشي حافيا، منذ أعوام قليلة تغيرت الصورة، فتكريمي في (كان) في يوبيله الذهبي كان أحد أكبر الأحداث السينمائية العالمية، والمكرم كان عربيا، فكيف كنتم تكلمونه من قبل؟ لقد كنتم ضد العرب، وكنتم تنظرون إلى عبد الناصر باعتباره وحشاً ودكتاتوراً .
يا سيدي نحن في مهنتنا نحترف الحرب دائماً ، وأثبتنا وجودا حقيقيا في المحافل السينمائية في العالم، وهذا الوجود جاء استحقاقه عن جدارة فهو ليس منة من أحد، لقد استحققته بعد رحلة خمسين عاما من الكد والتعب .
* لكن تجربتك السينمائية في فترة عبد الناصر، لم تقدم رؤية سياسية مهمة باستثناء لمحات في فيلمك فجر يوم جديد ؟
- كنت لا أزال سعيداً بما حولي، كان لا بد أن أحقق الناس والنيل وأفهم حقيقة الوضع بشكل شخصي، وأن هناك أشخاصاً يقولون للآخر: فكرّ مثلنا وتعال اشتغل خادماً لنا ، النازيون صنعوا ذلك عندما اشتروا ستديوهات لكي يحولوا الفن إلى دعاية ، عندما أحسست أن ذلك سيحدث في مصر تركت البلد في غضون ثلاثة أيام، وتركت كل ما كنت أملك.
- كنت لا أزال سعيداً بما حولي، كان لا بد أن أحقق الناس والنيل وأفهم حقيقة الوضع بشكل شخصي، وأن هناك أشخاصاً يقولون للآخر: فكرّ مثلنا وتعال اشتغل خادماً لنا ، النازيون صنعوا ذلك عندما اشتروا ستديوهات لكي يحولوا الفن إلى دعاية ، عندما أحسست أن ذلك سيحدث في مصر تركت البلد في غضون ثلاثة أيام، وتركت كل ما كنت أملك.
* بعد أن عرفت بسؤال عبد الناصر عنك هل شعرت بالفخر ؟
- شعرتُ بالفخر طبعاً، ولكن بعد ذلك بسنوات أدركتُ أنه كان مخطئاً أيضاً، فمساعدوه كانوا يبهدلون الناس الغلابة بموجب سلطات واسعة خولها هو لهم.
- شعرتُ بالفخر طبعاً، ولكن بعد ذلك بسنوات أدركتُ أنه كان مخطئاً أيضاً، فمساعدوه كانوا يبهدلون الناس الغلابة بموجب سلطات واسعة خولها هو لهم.
* كيف تلقيت هزيمة 1967؟
- كانت شديدة التأثير علي، كنت رجعت من بيروت وعشت في مصر لمدة عام ونصف العام. وعلي رغم أني كنت قبل ذلك بدأت بمراجعة نفسي، الا أن دماغي كان لا يزال مغسولاً، وكان يسيطر عليّ الوله، وعندما وقعت النكسة أحسست بأنه كانت هناك كذبة كبيرة، وأننا لم نكن نعيش في واقع العالم. لم أفهم ما حدث ولم يعجبني ما كان يقال حوله، أنا حتي الآن اتساءل حول حرب 1973، مع أنهم طلبوا مني كثيراً ان اصنع فيلماً عنها، قلت لهم البطولات الفورية تم عمل أفلام عنها، عملها أولادنا وكانت معقولة وكويسة، أنا شاكك في كل ما حصل ولا افهمه، يجب ان تقولوا لي ما الذي حصل حقاً، هل كان ضمن ترتيب مسبق أم غير ذلك، لأني قرأت مرة لكاتب كبير يقول: يا ريت نكسب معركة صغيرة ترد كرامتنا وبعد كده نتفاوض .
- كانت شديدة التأثير علي، كنت رجعت من بيروت وعشت في مصر لمدة عام ونصف العام. وعلي رغم أني كنت قبل ذلك بدأت بمراجعة نفسي، الا أن دماغي كان لا يزال مغسولاً، وكان يسيطر عليّ الوله، وعندما وقعت النكسة أحسست بأنه كانت هناك كذبة كبيرة، وأننا لم نكن نعيش في واقع العالم. لم أفهم ما حدث ولم يعجبني ما كان يقال حوله، أنا حتي الآن اتساءل حول حرب 1973، مع أنهم طلبوا مني كثيراً ان اصنع فيلماً عنها، قلت لهم البطولات الفورية تم عمل أفلام عنها، عملها أولادنا وكانت معقولة وكويسة، أنا شاكك في كل ما حصل ولا افهمه، يجب ان تقولوا لي ما الذي حصل حقاً، هل كان ضمن ترتيب مسبق أم غير ذلك، لأني قرأت مرة لكاتب كبير يقول: يا ريت نكسب معركة صغيرة ترد كرامتنا وبعد كده نتفاوض .
* إذن .. بدأ صوتك يعلو بعد هزيمة 1967 في انتقاد ما يحدث ؟
- طبعاً، في هذا الوقت بدأت التفكير في العصفور وكتابته، وكانت لدينا الجرأة للتأكيد علي أننا هزمنا، وبدأنا نعمل العصفور قبل موت عبد الناصر، وأنجزت فيلم الأرض خلال حياة عبد الناصر أيضاً، لقد مات عبد الناصر ونحن نصور فيلم الاختيار .
عندما مات عبد الناصر، منعت نفسي من البكاء، كانت هناك عاطفة شديدة جداً تربطني به، نزلت إلى الشارع وأنا الذي صورت الجنازة بنفسي من أولها حتى آخرها في الشارع. ولكني بعد ذلك لم استطع منع نفسي من البكاء عندما رأيت ابنه خالد وسط الجنازة بين بسطاء الناس.
- طبعاً، في هذا الوقت بدأت التفكير في العصفور وكتابته، وكانت لدينا الجرأة للتأكيد علي أننا هزمنا، وبدأنا نعمل العصفور قبل موت عبد الناصر، وأنجزت فيلم الأرض خلال حياة عبد الناصر أيضاً، لقد مات عبد الناصر ونحن نصور فيلم الاختيار .
عندما مات عبد الناصر، منعت نفسي من البكاء، كانت هناك عاطفة شديدة جداً تربطني به، نزلت إلى الشارع وأنا الذي صورت الجنازة بنفسي من أولها حتى آخرها في الشارع. ولكني بعد ذلك لم استطع منع نفسي من البكاء عندما رأيت ابنه خالد وسط الجنازة بين بسطاء الناس.
* كأنك في هذه الرحلة تتقاطع مع حكاية الفيلسوف العربي ابن رشد الذي رصدت له فيلمك "المصير" ملقيا الضوء علي الاكتشاف المتأخر له الذي أحدث تغييرات عميقة في الفكر العربي.
- نعم، وبلا أدنى شك، فطريق العذاب كان طويلاً جدا، والحمد لله الذي منحني من العمر كي أتلمس طعم النجاح ، لكن بالرغم من كل ذلك، فإن السلطات العربية تعاملنا بتعال شديد جدا، مما يشير الى أن عقلية أكثر هؤلاء متوقفة ومتحجرة عند الحقبة السوفيتية وأضيف إلى السياسيين بعض النقاد السينمائيين الذين تقتصر وظيفتهم على الشتائم إلا إذا دعوتهم إلى مأدبة عشاء!
- نعم، وبلا أدنى شك، فطريق العذاب كان طويلاً جدا، والحمد لله الذي منحني من العمر كي أتلمس طعم النجاح ، لكن بالرغم من كل ذلك، فإن السلطات العربية تعاملنا بتعال شديد جدا، مما يشير الى أن عقلية أكثر هؤلاء متوقفة ومتحجرة عند الحقبة السوفيتية وأضيف إلى السياسيين بعض النقاد السينمائيين الذين تقتصر وظيفتهم على الشتائم إلا إذا دعوتهم إلى مأدبة عشاء!
* تركز في أفلامك على الشباب كثيرا، فهل يشكل لك هذا الأمر دافعا معينا، وما هي أسبابه ؟
- باختصار شديد ينبغي علينا أن نتعلم من هؤلاء الشباب ، ونرى كيف يفهمون واقعهم ، وكيف ينظرون بأمل الى المستقبل. وكثيرا ما أسأل أبناء ابن أختي عن أحوالهم في المدارس، ماذا يتعلمون، وهل صحيح أن المخدرات منتشرة بينهم أم لا؟
باختصار هذا جيل خطير، ومعلوماتهم أكثر تطورا من المعلومات التي كانت تصلنا ونحن في مثل سنهم فكيف لا أحترمهم؟ وكيف لا أحبهم، ولا أعلمهم كيف يحبون، بدل التفكير في السياسة "النيلة" كما نفعل نحن حين نرهق أعمارنا في التفكير بالكيفية التي يمكن من خلالها الخروج من المأزق، رغم أننا لن نخرج أبداً
ينبغي تعليم شبابنا الحب، في ظل مناخ تكنولوجي قائم على تشيؤ المشاعر والقيم. خذ مثلا العولمة التي أول ما نادت به هو المنافسة القاسية والشرسة، وهذا ما تقوله أفلام كثيرة جدا.
- باختصار شديد ينبغي علينا أن نتعلم من هؤلاء الشباب ، ونرى كيف يفهمون واقعهم ، وكيف ينظرون بأمل الى المستقبل. وكثيرا ما أسأل أبناء ابن أختي عن أحوالهم في المدارس، ماذا يتعلمون، وهل صحيح أن المخدرات منتشرة بينهم أم لا؟
باختصار هذا جيل خطير، ومعلوماتهم أكثر تطورا من المعلومات التي كانت تصلنا ونحن في مثل سنهم فكيف لا أحترمهم؟ وكيف لا أحبهم، ولا أعلمهم كيف يحبون، بدل التفكير في السياسة "النيلة" كما نفعل نحن حين نرهق أعمارنا في التفكير بالكيفية التي يمكن من خلالها الخروج من المأزق، رغم أننا لن نخرج أبداً
ينبغي تعليم شبابنا الحب، في ظل مناخ تكنولوجي قائم على تشيؤ المشاعر والقيم. خذ مثلا العولمة التي أول ما نادت به هو المنافسة القاسية والشرسة، وهذا ما تقوله أفلام كثيرة جدا.
* تعرض فيلمك "سكوت ح نصور" إلى نقد شديد من قبل بعض نقاد السينما ؟
- مقاطعا من هم هؤلاء النقاد؟& .. أتحدى أنهم حتى شاهدوا الفيلم .. هؤلاء ناس غير موضوعيين بالمرة ، ولكل واحد منهم غرض في نفسه ..
- مقاطعا من هم هؤلاء النقاد؟& .. أتحدى أنهم حتى شاهدوا الفيلم .. هؤلاء ناس غير موضوعيين بالمرة ، ولكل واحد منهم غرض في نفسه ..
* إذن هل تعتقد أن من ينتقدونك يفعلون ذلك لأسباب شخصية ؟
- بلا شك ، دوافع الذين ينتقدونني شخصية بحتة فالفيلم الأخير حضره خلال اليومين الأولين أكثر من نصف مليون شخص. وهذا بالنسبة لي دليل على نجاحه، وليتني أستطيع أن أحقق أطماع نقاد أفلامي وأهدافهم غير الفنية كي استريح ، انهم يمارسون معي الابتزاز، وإذا اعتقد هؤلاء أن ابتزازهم لي يخيفني فإنهم واهمون ، فأنا لا أقيم اعتباراً إلا لصوت الحق .
- بلا شك ، دوافع الذين ينتقدونني شخصية بحتة فالفيلم الأخير حضره خلال اليومين الأولين أكثر من نصف مليون شخص. وهذا بالنسبة لي دليل على نجاحه، وليتني أستطيع أن أحقق أطماع نقاد أفلامي وأهدافهم غير الفنية كي استريح ، انهم يمارسون معي الابتزاز، وإذا اعتقد هؤلاء أن ابتزازهم لي يخيفني فإنهم واهمون ، فأنا لا أقيم اعتباراً إلا لصوت الحق .
* لكنك في أفلامك الأخيرة تقع في التصوير النمطي للأصوليين، فعلت ذلك في (المصير) من خلال شخصية الشيخ رياض، وكورتها في(الآخر) من خلال تسطيح شخصية الأصولي الذي يحلم بالتحليق في برج (ايفل).
- أنا وضعت هذه الشخصيات في حجمها الصحيح (برأيي) ، ولم أسمح لخيالي بمنحها حجماً أكبر مما هي عليه ، وقد اخترت شخصيات انتهازية من هذا الوسط. ووضعتها في سياق درامي. أنا أخوض معركتي مع هؤلاء باستراتيجية صحيحة. وأنا تحدثت عن الأصوليين في هذا الفيلم بوصفهم هامشا في العمل وليس مركزه. المركز كان التحذير من العولمة ومخاطرها .
- أنا وضعت هذه الشخصيات في حجمها الصحيح (برأيي) ، ولم أسمح لخيالي بمنحها حجماً أكبر مما هي عليه ، وقد اخترت شخصيات انتهازية من هذا الوسط. ووضعتها في سياق درامي. أنا أخوض معركتي مع هؤلاء باستراتيجية صحيحة. وأنا تحدثت عن الأصوليين في هذا الفيلم بوصفهم هامشا في العمل وليس مركزه. المركز كان التحذير من العولمة ومخاطرها .
* هل لجأت من قبل لممارسة الرقابة الذاتية علي أفلامك؟
- لم أفعل هذا أبداً، عندما خضعت لجراحة في القلب حدث لدي تغيير كيفي في فكري وجاءني خاطر بأن حياتي ليست ملكي، وحياة البني آدم فعلاً ليست ملكه، إنت فعلا ملك الآخرين، ولذلك لازم تقول للآخرين كل ما تقدر عليه، هناك خصائص وحوادث أتعبتني جداً منذ سن الرشد وحتى الآن، لكن من الصعب جداً أن أتكلم عنها. هناك أسئلة لا تستطيع الإجابة عنها، لكني قلت إنني سأبذل أقصى جهدي من دون ان أجرح الآخر، لأني أريد أن أتحدث عن عائلتي ووالدتي وشقيقي وزوجتي، وهذا ليس سهلا، رؤيتي قد تجرحهم، لكن الناس لا بد أن تعرف إلى أي حد يتعب الفنان، إلي أي حد أتعبني عبد الناصر وأنهكني انبهاري الشديد به وحبي الذي تواصل حتى اكتشافي ديكتاتوريته، لكنه تطور وتطور وعيي به ، ووصلت لقناعة أني لست ملكاً لنفسي، المشكلة هي قدر الحرية المتاح إذا لم استطع أن أعبر عنه بدقة سأبحث عن موضوع آخر.
- لم أفعل هذا أبداً، عندما خضعت لجراحة في القلب حدث لدي تغيير كيفي في فكري وجاءني خاطر بأن حياتي ليست ملكي، وحياة البني آدم فعلاً ليست ملكه، إنت فعلا ملك الآخرين، ولذلك لازم تقول للآخرين كل ما تقدر عليه، هناك خصائص وحوادث أتعبتني جداً منذ سن الرشد وحتى الآن، لكن من الصعب جداً أن أتكلم عنها. هناك أسئلة لا تستطيع الإجابة عنها، لكني قلت إنني سأبذل أقصى جهدي من دون ان أجرح الآخر، لأني أريد أن أتحدث عن عائلتي ووالدتي وشقيقي وزوجتي، وهذا ليس سهلا، رؤيتي قد تجرحهم، لكن الناس لا بد أن تعرف إلى أي حد يتعب الفنان، إلي أي حد أتعبني عبد الناصر وأنهكني انبهاري الشديد به وحبي الذي تواصل حتى اكتشافي ديكتاتوريته، لكنه تطور وتطور وعيي به ، ووصلت لقناعة أني لست ملكاً لنفسي، المشكلة هي قدر الحرية المتاح إذا لم استطع أن أعبر عنه بدقة سأبحث عن موضوع آخر.
* الصورة التي اظهرت بها والدتك واختك وزوجتك في فيلميك اسكندرية ليه و حدوتة مصرية هل تسببت لك في مشاكل اسرية؟
- طبعاً تسببت في مشاكل، لم احب أن اجعل والدتي تشاهد الفيلم الاول، برغم ان الممثلة التي ادت دورها غيّرت في الرؤية التي كنت اريدها، ومع أنها كانت ممثلة جيدة جداً ومجيدة لكن لم اجد ممثلة تعطيني تصوري لوالدتي بالضبط. الممثلة التي قامت بالدور اضافت بعض الاشياء من عندها ولم تحقق الاجادة المطلوبة، ولذلك لم اجعل والدتي تشاهد الفيلم إلا بعد سنوات، وعندما شاهدته قالت لي الفيلم حلو.. بس هي مش أنا .
- طبعاً تسببت في مشاكل، لم احب أن اجعل والدتي تشاهد الفيلم الاول، برغم ان الممثلة التي ادت دورها غيّرت في الرؤية التي كنت اريدها، ومع أنها كانت ممثلة جيدة جداً ومجيدة لكن لم اجد ممثلة تعطيني تصوري لوالدتي بالضبط. الممثلة التي قامت بالدور اضافت بعض الاشياء من عندها ولم تحقق الاجادة المطلوبة، ولذلك لم اجعل والدتي تشاهد الفيلم إلا بعد سنوات، وعندما شاهدته قالت لي الفيلم حلو.. بس هي مش أنا .
* وماذا عن زوجتك؟
- مراتي قالت لي أنا كده يا حمار؟ (يضحك بشدة) ، قالت لي جايب لي واحدة مش حلوه هي كانت جميلة جداً.
- مراتي قالت لي أنا كده يا حمار؟ (يضحك بشدة) ، قالت لي جايب لي واحدة مش حلوه هي كانت جميلة جداً.
* هل تعاملت مع الأمر بتسامح؟
- أيوه، ولما لعبت يسرا الدور في (حدوتة مصرية) فرحت زوجتي جداً. أنا وزوجتي اصدقاء وقد أكملنا& 47 سنة زواجاً، هناك صداقة حقيقية بيننا، وهي تدرك مدي الصعوبة التي اعيشها، أحيانا كثيرة أحكي لها ما سأفعله، وأحيانا لا تهتم مطلقا بما احكيه لها وتقول لي الموضوع ده باين عليه مش سليم ، وأفكر بيني وبين نفسي في سبب قرارها هذا .
- أيوه، ولما لعبت يسرا الدور في (حدوتة مصرية) فرحت زوجتي جداً. أنا وزوجتي اصدقاء وقد أكملنا& 47 سنة زواجاً، هناك صداقة حقيقية بيننا، وهي تدرك مدي الصعوبة التي اعيشها، أحيانا كثيرة أحكي لها ما سأفعله، وأحيانا لا تهتم مطلقا بما احكيه لها وتقول لي الموضوع ده باين عليه مش سليم ، وأفكر بيني وبين نفسي في سبب قرارها هذا .
التعليقات