"أنا الرئيس فمن أنتم؟"... الفضائيات والقضائيات

ومن المسلسلات ما قتل!

سمعت وأنا في طريقي إلى السوق برنامجاً في إذاعة FM، بشأن مسلسل "الحور العين"! واسمه! ومساسه بالرموز الدينية! وتشويهه صورة السعوديين! على أي حال لست ناقدة فنية، لكنني ذهلت من آراء المتصلين، ومن عددهم، و "فضاوتهم". وحين عدت إلى الشبكة العنكبوتية وقرأت ما كُتب عن المسلسل في الصحافة السعودية، وعن سبب هذه "الزوبعة" الإعلامية، صككت وجهي متسائلة: كيف يقول هؤلاء ان المسلسل يمس السعوديين ويشوههم؟ أعود لأقول لست ناقدة فنية، لكنني متابعة جيدة للمسلسلات، وهذا المسلسل واحد منهم. لذا قررت على أي حال أن يكون مقال اليوم عن مسلسلات الشهر "الموسم" رمضان. وهذه قضية تهم عدداً كبيراً من أفراد المجتمع. بل إن كلام أمي "كلام مسلسلات". وأعني هنا أن كل كلامها مقتبس من كلام المسلسلات، فهي أمية، وتعلمت في العقد الأخير لغة المسلسلات وفكرها. ولا أعرف كم امرأة وطفلاً وفتاة يتكلمون كلام المسلسلات في السعودية!

وبما أنني سأكتب عن مسلسلات رمضان، أقول لمن يرى في "الحور العين" تشويهاً للسعوديين: "انشغلتوا بالجراد عن الحيتان". فربما كشف "الحور العين" عن مدى وعي صحافيينا السعوديين، وكتابنا الفنيين، الذين "قطعوا السمكة وذيلها"، واكتشفوا المؤامرة في مسلسل مليء برموز وشفرات تحتاج إلى مفكرين أمثال ادوارد سعيد لتحليلها! لذلك كتبوا ما كتبوا وتكلموا عن اكتشافاتهم، في حين أنهم لم يكتبوا أي شيء عن "مملكة اليمامة" الذي أنتجته قناة قطر الفضائية.

ومن وجهة نظر مُشاهدة فقط، فإن نقادنا لم يكتبوا عن "مملكة اليمامة"، لأنه مسلسل مباشر وسطحي، والرسالة فيه مكشوفة للأميين، ولأنه مسلسل يتحدث عن حقبة تاريخية مضت، وعن ثروات "مملكة اليمامة" المستهدفة، ولأنه أخيراً لا يربط أبداً بين تلك المملكة وثرواتها والسعودية! فلذلك لم يكتب سعودي واحد تحليلاً عن هذا المسلسل، وانبرى كل النقاد السعوديين العظام لتحليل "الحور العين" المركب.

ولا أستغرب أن أولئك لا يعرفون شيئاً عن المسلسلات التي سأكتب عنها هنا، فنحن "النسوان" السعوديات أخبر بالمسلسلات من الرجال، حتى لو كانوا كتاباً، كوننا نجلس أمام التلفزيونات أكثر منهم.

المسلسلات المهمة في رمضان الجاري، حتى الآن اثنان فقط، من وجهة نظري، هما "قضائيات" تُعرض في الفضائيات، من يوم الخميس الماضي. رجاء لا توقظوا النقاد ولا تخبروهم عنهما.

هذان المسلسلان ليسا خليجيين، بل عربيان مثل "الحور العين" و "مملكة اليمامة". المسلسل الأول "أنا الرئيس... فمن أنتم؟" - كوميدي - وهو عمل عراقي، من بطولة صدام حسين وأعوانه. وتكمن أهمية هذا المسلسل في أنه يقدم قصة حاكم عربي ديكتاتوري، سقط حكمه قبل 22 شهراً، ويحاكم اليوم على مرأى من كل ضحاياه الأحياء.

أما المسلسل الثاني فهو "حاولوا تعرفوا الحقيقة"، وهو عمل لبناني– بوليسي - يشارك فيه ممثلون أوروبيون، على رأسهم الألماني ديتليف ميليس. وما يميز هذا العمل قصته أيضاً، فالقاضي الألماني يحقق في جريمة اغتيال رئيس وزراء عربي! ويتهم وزراء عرباً بل ودولة عربية ورئيسها أيضاً! لكن مشكلة هذا المسلسل أن نهايته مفتوحة، وذلك يعني في عالم الفن أن كل مشاهد يقترح نهاية، بحسب استيعابه لتقرير القاضي.

بقي مسلسل واحد فاجأنا في رمضان أيضاً، ولم أتحدث عنه هو "أنفلونزا الطيور" - رعب وإثارة. وربما انطبق المثل الذي كتب في أول هذه السطور "ومن المسلسلات ما قتل" على هذا المسلسل! بل إن الأفظع أن مسلسل القتل هذا يشبه مسلسل رأفت الهجان، كونه من أجزاء - طبعاً لم يصل إلى 13 جزءاً كما حصل مع "طاش".

سأبدأ من الجزء الرابع الأخير وحلقاته. الحلقة الأولى في الجزء الرابع: سجلت في 1997 في هونغ كونغ، وكان البطل فيروس H5N1، وكان ضحايا هذه الحلقة 6 أشخاص و1،5 مليون دجاجة.

واختصاراً ووصولاً إلى الحلقة الأخيرة من الجزء الرابع، فحتى 10 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري سجلت منظمة الصحة العالمية نحو 116 حالة إصابة بأنفلونزا الطيور، و60 حالة وفاة في أربع دول: فيتنام وكمبوديا واندونيسيا وتايلاند.

أما الجزء الثالث فكان في 1968، وبطله أنفلونزا هونغ كونغ وفيروس H3N2، وضحية هذا الجزء مليون شخص. في حين سُجل الجزء الثاني في 1957 وبطله الأنفلونزا الآسيوية وفيروس H2N2، وضحاياه مليون شخص أيضاً. أما الجزء الأول فكان الأفظع، إذ ان ضحاياه بين 20 و40 مليوناً، وسجل في 1918، وكان بطله الأنفلونزا الإسبانية وفيروس H1N1.

ولأن الإنسان عدو ما يجهل، فلقد اتخذنا الحيطة عندنا في البيت، "وجبنا الذيب من ذيله"، فمُنع منعاً باتاً أكل الدجاج. وحملنا العصفور المسكين إلى "بيت الدرج"، فسجنّا قفصه - حيث سُجن - في سجن آخر. فيما أُجبر من يطعمه منا على أن يستخدم الكمامات والقفازات.

لكن السؤال المحيّر الذي "وقفنا أمامه" في البيت: هل نمنع أكل البيض؟! وهذا السؤال جرّ آخر: هل ينتقل المرض من الطيور إلى الإنسان فقط، أم إلى البيض أيضاً؟ وبعد مشاورات واستثناءات وتكسير "بيض"، وبما أن السمبوسة "ما تسوى" بلا بيض، و "رمضان ما يصير من دون سمبوسة"، قررنا إرجاء أمر البت في البيض إلى ما بعد العيد. علّ مسلسلات رمضان تكون انتهت. و "علّ" هنا، لأن بعض المسلسلات لا ينتهي ويمتد إلى 45 حلقة، وبعضها "يغثك" طول العمر.

[email protected]